!!::تبصرة المؤمنين في استحباب التلقين::!!

Admin عدد المساهمات : 439 تاريخ التسجيل : 01/01/2008

- تبصرة المؤمنين في استحباب التلقين
- ================
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد الله الذي اوجد لعلما ء هذه الامة حكمة التلقين * و الصلاة و السلام
على النبي الصادق الامين * و على آله و اصحابه اجمعين * اما بعد فيقول العبد الفقير
الى مولاه الغنى محمد بن محمد نور الجمالي السيامي الشافعي غفر الله له و لوالديه و
للمسلمين * لما طلب مني بعض المحبين ان اجمع رسالة عالية الشان، واضحة البرهان،
مؤيدة بالنصوص الشرعية، و النقول الفقهية اجبته لذلك اجابة نافعة، و بعد ارتقائي
الى اوج التحقق و اليقين بالبراهين الجلية و الحجج القطعية ﺑﻬذه القضية الفيتها من درر
الفوائد و غرر الفرائد، التي لا يرتاب في صحة مفهومها الا جاهل او مع اند، فالتقطت
تلك الدرر من اصدافها، و نظمتها في اسلاكها، و سميتها ب (تبصرة المؤمنين في
استحباب التلقين ) جعلها الله خالصة لوجهه الكريم، و سببا للفوز بجنات النعيم نفع
الله ﺑﻬا النفع العميم، كل من تلقاها بقلب سليم، و هذا اوان الشروع في المقصود بعون
الملك المع بود، فاقول ايها الاخوان اعلموا ان التلقين مندوب لا ينبغي تركه من غير
ضرورة و ان الادلة التي تدل على استحبابه كثيرة مشهورة فمنها قوله تعالى (وَ َ ذكِّرْ
َفاِنَّ الذِّ ْ كرَى تَنَْفعُ الْمُؤْمِنِ ين * الذاريات: ٥٥ ) و احوج ما يكون العبد الى التذكير
في هذه الحالة و منها حديث رواه الطبراني و استحسنه ابن الصلاح و تبعه النووي
بلفظ (اذا مات احد من اخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم احدكم على
رأس قبره ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فانه يسمعه ثم يقول يا فلان ابن فلانة فانه
يستوي قاعدا تم يقول يا فلان ابن فلانة فانه يقول ارش دنا يرحمك الله و لكن لا
تشعرون فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة ان لا اله الا الله و ان محمدا
رسول الله و ان الجنة حق و ان النار حق و ان البعث حق و ان الساعة آتية لاريب
فيها و ان الله يبعث من في القبور . و انك رضيت بالله ربا و بالاسلام دينا و بمحمد
صّلى الله عليه و سّلم نبيا و بالقرآن اماما و بالكعبة قبلة و بالمؤمنين اخوانا ) هذا
لفظ التلقين المأثور فزيد عليه الفاظ تدل على الموعظة و الثناء و الشفاعة بما يناسب
المقام فلا بأس به . و يفهم منه انه لا فائدة للتعريض على من اراد التطويل على لفظه
المأثور. و الح ديث و ان كان ضعيفا لكنه اعتضد بالشواهد من الاحاديث الصحيحة،
و لم يزل الناس على العمل به من العصر الاول في زمن من يقتدي به الى الآن و قد
استدل الحافظ الزيلعي رضي الله عنه و اصحابه بالاحاديث ما بين صحيح و حسن و
ضعيف. و احتج جمهور المحدثين بالحديث الضعيف اذا وجدت الشروط و الحقوه
بالصحيح تارة و بالحسن اخرى فليراجعها في مصطلح الحديث من اراد، و لا يخفى ان
هذا الضعيف مما احتج به جمهورهم و لهذا احتج جمهور الفقهاء على استحباب التلقين
ﺑﻬذا الحديث الضعيف في سائر كتبهم، و ينبغي ان يؤخر التلقين لما بعد اهالة التراب
لانه اقرب الى حالة السؤال، ولان المقصود منه تذكير الموتى بما يجيبون به السائل لهم،
و ان يقف الملقن عند رأس القبر و يتولاه اهل الدين و الصلاح من اقاربه و الا فمن
غيرهم، و من قال ببدعته اخذا بكلام الحافظ السيوطي او بما افتى به العز بن عبد
السلام او بما ثبت في الم نار او في سبل السلام او غير ذلك، فمردود قوله بما قد نص
عليه امامنا الشافعي و اتفق عليه بعض الاصحاب بقوله و يلقن بعد الدفن و مندفع
بقول ابن الصلاح و من تبعه و بما صرح به الرملي في ﻧﻬايته و بقول العلامة ابن حجر
في تحفته و في فتح الجواد و عبارته و يستحب تلقين مكلف بعد تمام الدفن بالمأثور و
هو مشهور كما دل عليه الحديث الذي استدلوا به لاصل سنة التلقين ردا على من
زعم انه بدعة و اكتفينا ﺑﻬم حجة فاﻧﻬم امناء الشريعة. و مع تصريح هؤلاء الفحول من
الفقهاء بسنيته كيف يتصور انه بدعة ضلالة . و هل من قال ببدعته اجتهدوا من ع ند
انفسهم و عملوا برأيهم و جهلوا اقاويل العلماء الثقات و قواعدهم و من ليس من
اهل الاجتهاد و لو من الزهاد و العباد فهو في حكم العوام لا يعتد بكلامه الا من
يكون فيه موافقا للاصول و للكتب المعتبرة كالتحفة و النهاية و المغني و شرح الروضة
و غير ذلك، فيا من تمسك بحبل الله المتين عليكم بالاقتداء بالعلماء العاملين و لا تغتروا
بكثرة الهالكين كالوهابيين المبتدعين فاﻧﻬم لا يفرقون بين الحسنة و السيئة فيظنون ان
كل ما استحسنته نفوسهم و مالت اليه طباعهم يكون حسنًا فيعدون الحسنة من السيئة
و عكسه و يخبطون خبط عشواء و لا يقت دون بسبل الاهتداء فالغلط في مثل هذا الامر
الجزئي يدل على قلة المعرفة و سوء الفهم ﺑﻬذا الشأن و كون التلقين ثلاثًا مستند قول
الامام الزركشي قال صاحب الاستقصاء و يسن اعادة التلقين ثلاثًا و هو قياس التلقين
عند الموت فان قيل ان التلقين يعارضه قوله تعالى (وَمَآ َانْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الُْقبُو ر *
الفاطر: ٢٢ ) و قوله تعالى (اِنَّكَ َ لا تُسْمِعُ اْلمَوْتَى * النمل: ٨٠ ) قلت قال القمولي
قال العلماء و لا يعارض التلقين قوله تعالى المذكور لانه صّلى الله عليه و سّلم نادى
اهل القليب و اسمعهم و قال (ما انتم باسمع منهم و لكنهم لا يستطيعون جوابا ) و
قال في الميت انه يسمع قرع نعالكم و هذا يكون في وقت دون وقت، و التحقيق ان
استحباب التلقين ثابت بادلة الكتاب و السنة و اجماع الامة هذا هو الصواب المختار
عند اولي الابصار و ان النهي عنه فتنة في الدين و تفريق بين المسلمين و اضلال ع ن
سبيل اليقين * و اما ما افتى به المتوهبون في بلد سيام بعدم سنية التلقين و ببدعته فلا
تغتروا به و لا تلتفتوا اليه لانه مخالف لما افتى به جمع من العلماء الثقات، و معلوم
بالضرورة ان الائمة و علماءهم اطول فكرا من فكرهم و اجمل عقلا من عقلهم و
اغزر علما من علمه م و ادق اجتهادا من اجتهادهم، و اﻧﻬم لا يجتمعون على الضلالة
لقوله صّلى الله عليه و سّلم (لا تجتمع امتى على ضلالة ) فان المراد بالامة في هذا
الحديث اهل الاجماع الذي يصدر من كل مجتهد ليس فيه فسق و لا بدعة اصلا و
المراد بالامة المطلقة هى اهل السنة و الجماعة، و لقوله صّلى الله عليه و سّلم (مارآه
المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ) فيكون المراد بالمسلمين الصحابة فقط ان قلت
اللام فيه للعهد الخارجي، و ان قلت اللام فيه لاستغراق خصائص الجنس فيكون المعنى
ما رآه الصحابة و اهل الاجتهاد حسنا فهو عند الله حسن و ما رأوه قبيحا ف هو عند
الله قبيح، و مما يؤيد ذلك ما اجمع عليه اهل الكشف الصحيح من ان اﻟﻤﺠتهدين هم
الذين ورثوا الانبياء حقيقة في علوم الوحى فكما ان النبي معصوم كذلك وارثه محفوظ
و كما يجب علينا الايمان و التصديق بكل ما جاءت به الرسل و ان لم نفهم حكمته
فكذلك يحبب علينا الايم ان و التصديق بكلام الائمة و ان لم نفهم علته و نقول آمنا
بكلام الائمة و علمائهم الموثوق ﺑﻬم من غير بحث فيه و لا جدال، و بما تقرر يفهم ان
المتوهبين المنكرين لاصل سنة التلقين ليسوا من اهل السنة و الجماعة لاﻧﻬم استهزؤا
بالعلماء الاعلام و اعتقدوا اﻧﻬم زائدون في الاحكام على صريح الكتاب و السنة و
يقولون ان العلماء كلهم متعصبون فيا ندامة من استهزأ ﺑﻬم و في الآخرة هم يعبسون
في وجهه لتجريحهم بالجهل و سوء الادب و فهمه السقيم، و لا يخفى ان المستهزئ
بالعلم و العلماء يخاف عليه امر عظيم الله الله الله، الهى اني ابرأ اليك من كل من
اعترض على اقوال الائمة و انكر عليهم في الدنيا و الآخرة، و اسألك ان تقذف في
قلبي حسن الظن ﺑﻬم اجمعين.
تنبيه: يجب على المقلدين تقديم كلام الائمة اﻟﻤﺠتهدين على كلام آحاد
الصحابة و لو اﻧﻬم من فروعهم، لان اﻟﻤﺠتهد لتأخره في الزمان احاط علماء بجميع اقوال
الصحابة و يجب عليهم العمل و الفتوى بالارجح في المذهب كما عليه عمل الناس في
كل مصر و يجب عليهم الاعتقاد في سائر الائمة رضي الله عنهم اﻧﻬم كانوا يفتون
الناس بما يناسب حالهم في سائر ابواب العبادات و المعاملات، و من قال بغير ذلك
فليأتنا بنقل صحيح السند عنهم ب اﻧﻬم كانوا يعممون في الحكم الذي كانوا يفتون به
الناس في حق كل قوي و ضعيف و نحن نوافقه على زعمه و يفهم منه ان مأخذ
المقلدين ليس ا ّ لا قول اﻟﻤﺠتهدين و لهذا قال شيخ الاسلام زكريا الانصاري رحمه الله
تعالى اياكم ان تبادروا الى الانكار على قول مجتهد او تخطئته الا بعد احاطتكم بادلة
الشريعة كلها و معرفتكم بجميع لغات العرب التي احتوت عليها الشريعة و معرفتكم
بمعانيها و طرقها فاذا احطتم ﺑﻬا كما ذكرنا و لم تجدوا ذلك الامر الذي انكرتموه
فحينئذ لكم الانكار و الخير لكم و انى لكم بذلك انتهى و كان عمر بن الخطاب
رضي الله عنه يقول سيأتي قوم يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فان
اصحاب السنن اعلم بكتاب الله قال الخطابي و اصحاب السنن هم الحفاظ للحديث و
المطلعون عليه كالأئمة اﻟﻤﺠتهدين و كمل اتباعهم فاﻧﻬم هم الذين يفهمون ما تضمنته
السنن من الاحكام لاﻧﻬم لولا علموا من قرائن الادل ة تحريمها او وجوﺑﻬا ما قالوا به و
القرائن اصدق الادلة و قد يعلمون ذلك بالكشف ايضا فتتأيد به القرائن انتهى و مما
لايسوغ للمقلد ان يخطئ الأئمة و يستهزئ ﺑﻬم صرح به محيى الدين فقال لا ينبغي
لأحد قط ان يخطئ مجتهدا او يطعن في كلامه لان الشرع الذي هو حكم الله تعا لى قد
قرر حكم اﻟﻤﺠتهد فصار شرعا لله تعالى بتقرير الله تعالى اياه انتهى و في هذا الكلام ما
يشعر بالحاق اقوال اﻟﻤﺠتهدين بنصوص الشارع فقام اجتهادهم مقام نصوص الشارع في
وجوب العمل به فانه صّلى الله عليه و سّلم اباح لهم الاجتهاد في الاحكام تبعا لقوله
تعالى (وََلوْ رَدُّوهُ اَِلى الرَّسُولِ وَاَِلى ُاولِي اْ َ لامْرِ مِنْهُمْ َلعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِ ُ طونَهُ مِنْهُمْ *
النساء: ٨٣ ) و معلوم ان الاستنباط من مقامات اﻟﻤﺠتهدين رضي الله عنهم فهو تشريع
عن امر الشارع.
فان قيل فما الدليل في زيادة اﻟﻤﺠتهدين الاحكام التي استنبطوها على صريح
الكتاب و السنة و ه ّ لا كانوا وقفوا على حد ما ورد صريحا فقط و لم يزيدوا على
ذلك لحديث (ما تركت شيئا يقربكم الى الله ألا و قد امرتكم به و لا شيئا يبعدكم
عن الله الا و قد ﻧﻬيتكم عنه).
قلت قال العلماء دليلهم في ذلك الاتباع لرسول الله صّلى الله عليه و سّلم
في تبنيه ما اجمل في القرآن مع قوله تعالى (مَا َفرَّ ْ طنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ * الانعام :
٣٨ ) فانه لولا بين لنا كيفية الطهارة و الصلاة و الحج و غير ذلك ما اهتدى احد من
الامة لمعرفة استخراج ذلك من القرآن فكما ان الشارع بين لنا بسنته ما ا جمل في
القرآن فكذلك الأئمة اﻟﻤﺠتهدون بينوا لنا ما اجمل في السنة و لولا بياﻧﻬم لنا ذلك لبقيت
الشريعة على اجمالها و هكذا القول في اهل كل دور بالنسبة للدور الذي قبلهم الى يوم
القيامة و لم يزل الاجمال ساريا في كلام علماء الامة الى يوم القيامة ما شرحت الكتب
و لا عمل على الشروح حواشي انتهى ما قاله العلماء و الله اعلم بالصواب و اليه
المرجع و المآب هذا آخر ما انتهيت اليه من الاختصار بعون الملك الجبار فالمرجو ممن
اطلع على ما هذبناه ان يعفو عما زل به البنان مما سطرناه و نسأل الله الكريم العفو عن
زلة الاقلام بجاه سيدن ا محمد خير الانام و آله و صحبه الكرام و كان الفراغ من هذه
الرسالة المختصرة في آخر ذي القعدة سنة الف و ثلاث مائة و خمس و اربعين من
الهجرة النبوية على صاحبها افضل الصلاة و السلام و على آله و صحبه و من تبعهم
في المبدأ و الختام و الحمد لله اولا و آخرا و باطنا و ظاهرا شعر:
قال محمد أبو سفيانا * نحمد مولانا الذي هدانا
لدينه و وضع الايمانا * في قلب من لم يعبد الاوثانا
و ينبغي لكل من رام الهدى * ان يعملوا و يقرؤا التلقينا
فابن الصلاح و النواوي قالا * بندبه و بينا تبيانا
رقمه محمد بن محمد بن عبد اﻟﻤﺠيد الجمالي
(تبصرة المؤمنين في استحباب التلقين)
للشاب النجيب محمد الجمالي السيامي الشافعي

------------------
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
--------------------------

» !!:: نور اليقين في مبحث التلقين ::!!
» السيده عائشه بنت ابى بكر ام المؤمنين
» أم المؤمنين: زينب بنت خزيمة رضي الله عنها
» أم المؤمنين: ميمونة بنت الحارث رضى الله عنها
» السيدة خديجة الكبرى أم المؤمنين رضي الله عنها