وأدم عزنا بوصلك نحيا
الحمد لله جامع الشتات ورافع من شاء في الحياة وبعد الممات وقابل توبة من أخلص ورجع عما اقترف من البليات فضل بعض خلقه على بعض في العلم والعمل وسائر الدرجات، وجعل لكل زمن رجالاً يرجع إليهم في النوازل والمهمات بحيث لا تزال الطائفة المؤمنة قائمة بالبرهان والنصر والعزة والقوة مؤيدة مصطفين على سائر البريات ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد إمام الكائنات وسيد السادات ونور الهدايات ومعدن السعادات وعلى آله سفن النجاة وصحبه نجوم الهدايات والتابعين لهم ما دامت الأرض والسموات.
وفي معية احتفال الصائم المتصدق القوام مولانا الامام فخرالدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه وخليفته الحبيب الذي لا يخيب رجائه مولانا الشيخ ابراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه يسوم الروح الى ملاء علا حيث أريج الراح الأزفر وأنوار محمود المقام سيد الأكوان أحمد من حمد صلى الله عليه وسلم حيث ظلال الانوار تتجلى على الكرام فيظهر الحسن فيهم فيناجي الحبيب بدوام الوصل بالتأييد والمنعة والقوة والنصرة والكرم وأدم عزنا بوصلك نحيا وهذا حال من كانت له عروة وثقى وحبال محبة متصلة بالحبيب صلى الله عليه وسلم
يرجو الشيخ من الحبيب صلى الله عليه وسلم أن يديم علينا العز الذى هو مرتبط بوصله صلى الله عليه وسلم والاتصال به صلى الله عليه وسلم الذى هو حياة الروح لأنه صلى الله عليه وسلم ماء الحياة الذى قال فيه الله عز وجل ﴿وخلقتا من الماء كل شيئ حى﴾ وقال فيه النبى صلى الله عليه وسلم حديث سيدنا جابر عن أولية خلق نور النبى صلى الله عليه وسلم وكيف خلق الله منه كل المخلوقات والأشياء فالاتصال به صل هو التأييد وروح القدس. والعز الذى يطلب الشيخ دوامه مرتبط بالآية الكريمة﴿قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيئ قدير﴾، بمعنى أن تؤتى الملك هى العز، فالعز هنا هو الملك، وهنا هى الإشارة إلى دولة سيدى ابراهيم الدسوقى وولده سيدى فخر الدين ونسله، (وفيتا يكون الاختلاف تعاقب) ويظهر الارتباط من قول الشيخ:
ولتنشروا رايات عزى بعدما طلع النهار وتنشروا أعلامى
وطلوع النهار هو نهار دولة أبى العينين، أدام علينا الله نهار دولة العز وأيدنا بتأييد النبى الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وكلمة أدم من الدوام لمعنى أن العز قد جاء وطلع نهاره فإنك لا تطلب الدوام لشيئ لم يأتى بعد، فاللهم أدم علينا دولة العز وتأييد الحبيب ووصله.
والعز والتأييد بالنبى صلى الله عليه وسلم ليس بغريب على المسلمين فردهم وجمعهم، سوف نسرد اليسير من الامثلة على عزة ونصرة المؤمنين برسول الله صلى الله عليه وسلم .
يقول الله تعالى " تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " (آل عمران : 26)
ورد في تفسير الاية عند الرازي - قال القاضي : الإعزاز المضاف إليه تعالى قد يكون في الدين ، وقد يكون في الدنيا أما الذي في الدين فهو أن الثواب لا بد وأن يكون مشتملاً على التعظيم والمدح والكرامة في الدنيا والآخرة ، وأيضاً فإنه تعالى يمدهم بمزيد الألطاف ويعليهم على الأعداء بحسب المصلحة ، وأما ما يتعلق بالدنيا فبإعطاء الأموال الكثيرة من الناطق والصامت وتكثير الحرث وتكثير النتاج في الدواب ، وإلقاء الهيبة في قلوب الخلق .
وأما قوله { وَتُذِلُّ مَن تَشَاء } فقال الجبائي في «تفسيره» : إنه تعالى إنما يذل أعداءه في الدنيا والآخرة ولا يذل أحداً من أوليائه وإن أفقرهم وأمرضهم وأحوجهم إلى غيرهم ، لأنه تعالى إنما يفعل هذه الأشياء ليعزهم في الآخرة ، إما بالثواب ، وإما بالعوض .
وورد في الحديث القدسي يقول الله تبارك وتعالى " أن لي عباداً من عبادي أحبهم ويحبوني وأشتاق إليهم ويشتاقون إلي وأذكرهم ويذكروني وأنظر إليهم وينظرون إلى من سلك طريقهم أحببته ومن عدل عنهم مقته - قيل يا ربنا وما علامتهم - قال يراعون الظلال بالنهار كما يراعى الراعي الشفيق غنمه ويحنون إلى غروب الشمس كما تحن الطير إلى أوكارها عند الغروب فإذا جنهم الليل واختلط الظلام وفرشت الفرش ونصبت الأسرة وخلا كل حبيب بحبيبه نصبوا إلى أقدامهم وافترشوا إلى وجوههم وناجوني بكلامي وتملقوا إلى بانعامى فمن صارخ وباك، ومن متأوه وشاك، ومن قائم وقاعد، ومن راكع وساجد، بعيني ما يتحملون من أجلي، وبسمعي ما يشكون من حبي أول ما أعطيهم ثلاثاً أقذف في قلوبهم من نوري فيخبرون عني كما أخبر عنهم والثانية لو كانت السموات والأرض وما فيهن من موازينهم لا ستقللتها لهم والثالثة أقبل عليهم بوجهي أترى من أقبلت عليه بوجهي يعلم أحد ما أريد أن أعطيه .
وعن المعنى يقول الامام فخرالدين رضي الله عنه :-
سبحانك اللهم قد آثرتهم :::: وجعلتهم للمتقين إماما
هموا بمغترف العناية ينهلوا :::: وجدوا لديه تحية وسلاما
وورد في زبور سيدنا داود عليه السلام " بلغ أهل رضائي أني حبيب لمن أحبني وجليس لمن جالسني وأنيس لمن أنس بذكرى وصاحب لمن صاحبنى ومختار لمن اختارني ومطيع لمن أطاعتي بعزتي ما أحبني عبد أعلم ذلك يقيناً من قلبه إلا قبلته لنفسي وأحببته أشد مما أحبني ومن طلبني وجدني ومن طلب غيري لم يجدني فارفضوا يا أهل الأرض ما أنتم عليه من غرورها وهلموا إلى كرامتي ومصاحبتي ومجالستي وأنسوا بذكري أؤنسكم بى أسرعوا إلى محبتي أسرع إلى محبتكم فإني خلقت طينة أحبتى من طينة إبراهيم خليلى وموسى كليمي وعيسى روحى ومحمد صفيى وخلقت قلوب المشتاقين من نورى ونعمتها بجلالي وجمالي .
وعن المعنى يقول سيدي فخرالدين رضي الله عنه :-
فمن الخلائق مؤمنون سليقة :::: جبلوا على توحيده إلطافا
هم عصبة قد أرقتهم نظرة :::: وعن المضاجع جمعهم يتجافى
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : « رحمة الله على خلفائي فقيل : يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال : الذين يحيون سنتي ويعلمونها عباد الله » رواه النيسبوري في تفسيره بسنده
قال الواقدي: قال عبد الله بن عوف المالكي عن أبيه: قال: لما هزم الله الروم في اليرموك وكان من أمرهم ما كان وفي خلافته رأى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة هزيمة الروم رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في الروضة ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وكان عمر يسلم عليهما ويقول: يا رسول الله إن قلبي مشغول على المسلمين وما يصنع الله بهم، وقد بلغني أن الروم في ألف ألف وستين ألفاً. فقال: يا عمر أبشر فقد فتح الله على المسلمين وقد انهزم عدوهم وقتل كذا وكذا، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فساداً " الإسراء: 4، الآية. قال: فلما كان من الغد صلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالناس صلاة الفجر وأعلم الناس بما رأى في منامه. قال: فاستبشر المسلمون وفرحوا وعلموا أن الشيطان لا يتمثل بالنبي صلى الله عليه وسلم وأرخوا تلك الليلة فكانت كما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم فسجد عمر لله شكراً ووصله الكتاب فقرأه عمر على الناس فارتفعت أصوات المسلمين بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير صلى الله عليه وسلم .
وعن المعني يقول سيدي فخرالدين رضي الله عنه :-
أرى من كريم المولدين إشارة :::: وإن إشارات الحبيب بشائر
ولما فتحت حلب كان أول من أسلم بطريقهم الاكبر وقائد جيشهم الذي حارب المؤمنين فقام يخاطب سيدنا ابو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه فيقول - أيها الأمير إن الله تبارك وتعالى قد أيدكم وأظفركم بعدوكم ونصركم وما ذاك إلا أن دينكم هو الدين القويم والصراط المستقيم وL´ام هو المشهور في الإنجيل وهو لا محالة الذي بشر به المسيح ولا شك فيه ولا مراء وهو الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل وهو النبي الكريم اليتيم الذي يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه فهل كان ذلك أم لا أيها الأمير. فقال أبو عبيدة: نعم هو نبينا صلى الله عليه وسلم وإني يا يوقنا قد حرت في أمرك وأنت بالأمس تقاتلنا ومرادك أن تكسر عسكرنا وتقطع الطريق على علوفتنا واليوم تقول مثل هذا القول، وقد بلغني أنك لا تفهم بالعربية شيئاً فمن أين لك حفظها. فقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله وإنك تعجب أيها الأمير من هذا الأمر؟ قال: نعم قال له: اعلم أيها الأمير إني كنت البارحة مفكراً في أمركم وقد وصلتم إلى قلعتنا ونصرتم علينا وإنه لم يكن عندنا أمة أضعف منكم وتوسوست في ذلك، فلما نمت رأيت شخصاً أبهى من القمر وأطيب رائحة من المسك الأذفر ومعه جماعة فسألت عنه فقيل لي: هذا محمد رسول الله فكأني أقول إن كان نبياً حقاً فليسأل ربه أن يعلمني العربي وكان يشير إلي وهو يقول: يا يوقنا أنا محمد الذي بشر بي المسيح وأنا لا نبي بعدي وإن أردت فقل لا إله إلا الله وإني محمد رسول الله فأخذت يده فقبلتها وأسلمت على يديه واستيقظت وفمي من تلك الليلة كالمسك الأذفر وأنا أتكلم بالعربية .
وعن المعنى يقول الامام البوصيري رضي الله عنه :-
ما سامنى الدهر ضيماً واستجرت به :::: إلا ونلت جواراً منه لم يضـــــــــــم
ولا التمست غنى الدارين من يــــده :::: إلا استلمت الندى من خير مســـتلم
صلى الله عليه وآله وسلم
وفي موقعة مرج القبائل أو وقعة الحطمة، وكان شعار الصحابة رضي الله عنهم في هذه الموقعة " يا محمد يا محمد " . ولما أسر القائد أبو الهول دامس رضي الله عنه ثم بعد فترة قليلة رأه القائد سيدنا ميسرة العبسي رضي الله عنه فضمه إلى صدره وقبله بين عينيه وقال له: كيف كان أمركم؟ قال: اعلم أيها الأمير أن الروم كانوا قد تكاثروا على فرسي فقتلوه ووقعت فأخذوني أسيراً وجعلوني في الحديد وفعلوا بأصحابي مثلي وقد أيسنا من أنفسنا، فلما جن الليل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " لا بأس عليك يا دامس اعلم أن منزلتي عند الله عظيمة ثم إنه أمر يده الكريمة على الحديد فسقط مني وفعل ذلك مع أصحابي وقال لنا: " أبشروا بنصر الله فأنا نبيكم محمد رسول الله " . وقال لي: " أقرئ عني ميسرة السلام وقل له جزاك الله خيراً " ، ثم غاب عني فانتبهت فوجدت الموكلين بنا نياماً مما لحقهم من التعب وقد رموا سلاحهم فأخذنا سيوفهم وطوارقهم وقتلناهم وحملنا فيهم ونصرنا الله عليهم ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلنا منهم من قتلنا وخرجنا من بينهم سالمين .
وعن المعني يقول الامام البوصيري رضي الله عنه
ومن تكن برسول الله نصرته ... إن تلقه الأسد في اجامها تجم
وأيضا قال الواقدي بسنده عن قصة اسلام زوجة امير بصرى الشام روماس رضي الله عنه ، فجاءت ذات يوم تخاصمه ولم تعلم باسلامه وتطلب فراقه. فقال لها المسلمون: ما الذي تريدين؟ - قالت: أريد أمير جيشكم يحكم بيننا - فجاءوا بها إلى سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه، - فقالت له: أنا أستغيث بك من روماس - فقال لها سيدنا خالد رضي الله عنه : وكيف ذلك؟ - فقالت: إني كنت البارحة نائمة إذ رأيت شخصاً ما رأيت منه أحسن منه وجهاً كأن البدر يطلع من بين عينيه، وكأنه يقول: إن المدينة فتحت على يد هؤلاء القوم والشام والعراق. فقلت له: ومن أنت يا سيدي؟. قال: محمد رسول الله، ثم دعاني إلى الإسلام فأسلمت، ثم علمني سورتين من القرآن. قال: فحدث الترجمان سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه بما كان منها. فقال: إن هذا لعجيب، ثم قال خالد رضي الله عنه للترجمان: قل لها أن تقرأ السورتين - فقرأت الفاتحة، وقل هو الله أحد، ثم جددت إسلامها على يد خالد بن الوليد رضي الله عنه - وقالت: يا أيها الأمير إما أن يسلم روماس وإلا يتركني أعيش بين المسلمين - قال: فضحك خالد رضي الله عنه من قولها، وقال: سبحان الله الذي وفقهما جميعاً ثم قال للترجمان: قل لها إن روماس أسلم قبلها ففرحت بذلك .
وأخرج البيهقي عن الحسن أن عمر أتي بسواري كسرى فألبسهما سراقة بن مالك فبلغا منكبيه فقال الحمد لله سواري كسرى بن هرمز في يدي سراقة بن مالك أعرابي من بني مدلج
قال الامام الشافعي رضي الله عنه وأنما ألبسهما سراقة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسراقة ونظر إلى ذراعيه كأني بك قد لبست سواري كسرى ومنطقته وتاجه .
ومسح صلى الله عليه و سلم على رأس الصحابي الجليل قيس بن زيد الجذامي ودعا له فهلك ابن مائة سنة ورأسه أبيض وموضع كف النبي صلى الله عليه و سلم أسود فكان يدعى الأغر 0
ومسح صلى الله عليه وسلم وجه الصحابي الجليل قتادة بن ملجان فكان لوجهه بريق حتى كان ينظر في وجهه كما ينظر في المرآة 0
ووضع صلى الله عليه و سلم يده على رأس الصحابي الجليل حنظلة بن خديم وبارك عليه فكان حنظلة يؤتى بالرجل قد ورم وجهه والشاة قد ورم ضرعها فيوضع على موضع كف النبي صلى الله عليه و سلم فيذهب الورم ببركة موضع يد المصطفى صلى الله عليه وسلم 0
ونضح صلى الله عليه وسلم في وجه زينب بنت أم سلمة رضي الله عنهما نضحة من ماء فما كان يعرف في وجه امرأة من الجمال ما كان بها 0
كم أبرأت وصباً باللمس راحتــــــــه :::: وأطلقت أرباً من ربقة اللمـــــــــــم
هذا والله حال من كانت له نفحة من نفحات الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم فكيف بالله من تخلل في شعاب قلوبهم أنواره من المحبين العاشقين لحضرته صلى الله عليه وسلم الوارثين شمائله فنالوا المنى وفوق المنى جعلنا الله واياكم من المقتفين أثرهم الشريف وكل حين وانتم فى كرم الكريم وحمى العزيز .
وحقا قال الامام فخرالدين رضي الله عنه
على باب عز الله كنت مناديا :::: فمن جاءني فهو العزيز بعزتي
وأسمع صوتي للمريد فيهتدي :::: إلى باب عز الله من بعد شقوة
وتكرما
وأدم عزنا بوصلك نحيا
ابراهيم جعفر
المصدر موقع المجلة :- http://newdesign.almagalla.info/ArtsInfo.aspx?id=827
=========