( سيدي الشيخ الصالح منصور الحلاج الذي ظلمه الكثيرين )
====================
قال الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس الله سره " لوكان الحلاج في زماني لما قتل "
ولد الشيخ الصالح منصور الحلاج في حوالي 828م في احدى القرى القريبة من اقليم فارس وترعرع في تستار أو واسط بالعراق ،و ما هو ثابت ايضا انه تتلمذ على يد المتصوف الكبير سهل التستري الذي توفي في العام 866م والذي يعتبر من المؤسسين الأوائل للتصوف الاسلامي، والذي أثر في الحلاج بشدة، بحيث ان الكثير من تعاليمه نجدها في كتاب الطواسين للحلاج•
وترعرع الشيخ الحلاج في بيت مملوء بتعاليم الدين الاسلامي الحنيف فحفظ كتاب الله في سن مبكرة وحفظ ايضا الكثير من الاحاديث النبوية الشريفة وغلبت محبة الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم على قلبه وروحه حيث كانت تغيبه عن وعيه وحسه وإدراكه وعقله .
وحينما كان الشيخ الصالح الحلاج في الثامنة عشرة انتقل الـى بغداد حيث تتلمذ على كبار المتصوفة ايضا، فشد رحاله الى الكعبة المكرمة لأداء مناسك الحج، وعند رجوعه الى بغداد زار المتصوف الكبير الجنيد لمناقشته في مسألة صوفية، وكان ذلك في العام 866 حينما كان للحلاج (38 عاما) وهو العام الذي مات فيه التستري بعدها ترك عائلته ورحل عن بغداد الى شمال شرق البلاد الاسلامية لعدة سنوات ثم الى الجنوب والهند، بعدها عاد الى فارس والاهواز وأخيرا البصرة، ومنها حج البيت الحرام ثانية بصحبة اربعمائة من اتباعه وأخيرا عاد الى بغداد لكنه اتهم هذه المرة بما اتهموا به الصالحون في كل عصر ، فغادرها متوجها الى الهند• ويبدو ان رحلته هذه مازالت موضع تحقيق، حيث يعتقد البعض انه بعدها مر بكشمير عابراً الى تركستان، وهذا الاعتقاد يستند على الانتشار الواسع جدا للاسلام على يديه ولبزوغ أسمه في أغاني وأشعار هذه البقاع باللغات السندية والبنجابية والكشميرية أكثر مما في أية بقعة أخرى من الأرض العربية والاسلامية•
وسواء انتشر اسمه هناك لاحقا فإن الأمر لايعفي من ان للحلاج حضوراً مبهراً ورزين وتأثيراً عظيماً على متصوفة هذه البلدان الاسلامية•
بغض السلطة الحاكمة للحلاج :
غير ان السلطة المركزية في بغداد آنذاك نظرت اليه بريبة وتخوفت كثيرا من رحلته الى وادي الهند وخمنت انه يقيم علاقات سرية مع الحركات الدينية المعارضة للسلطة المركزية، والتي كانت منتشرة في ارجاء البلاد الاسلامية آنذاك، وان الحلاج يغطي أهدافه السياسية بتعاليم دينية قلبية وروحية •
وحينما عاد الى بغداد بعد رحلته هذه بدأت الرسائل تصله من كل البلدان التي زارها، ومن الطبيعي ان هذه الحفاوة والتقدير للولي الصالح، وهذه المكانة الروحية تركت ردود فعل سلبية لدى السلطة المركزية ، كما بدأ البصاصون يتبعون كل شاردة أو واردة تخصه، وخلال هذه الفترة رحل الحلاج متوجها الى بيت الله الحرام للمرة الثالثة، وبقى هناك لمدة سنتين داعيا الى الله ، بعدها عاد لبغداد مستقرا فيها، متخذا من أسواقها مكانا للوعظ والخطب الدينية•
وتتوارد الأخبار عن تصرفاته الشخصية ، عن نسكه وبكائه الطويل توجدا وتعبدا ثم ضحكه المفاجىء أحيانا، وحديثه الغامض عن الحب الإلهي الذي صدم الكثيرين من رجالات الدين آنذاك• لكن المشكلة كانت في الأصل مع السلطة الحاكمة ، حيث كانت بغداد تعيش حالة من التوتر والاضطراب مما دفعها للفزع من رجل صالح كالحلاج، فزجت به في السجن، ويقال انه هرب من سجنه لكنه اعتقل ثانية، وعند المحاكمة الأولى عومل برفق، لتدخل من أم الخليفة، فنقل من سجن الى سجن، لكن بعد سبع سنوات من السجن 0
وفي عام 919 م واذ تدهورت الأوضاع في بغداد وتناهى الى اسماع السلطة ان الحلاج أمسى رغم سجنه أشد قوة حيث أخذ الناس يتحدثون عن مكارمه الجليلة ومناقبه الفاضلة وكراماته الباهرة ويتناقلون حكايات عجيبة عن علاقاته بالمحبة الالهية والنبوية ، فاقتحمت السلطة بيته رغم انه كان سجينا، فوجدت هناك الكثير من الرسائل والمخطوطات التي كتبت على ورق صيني فاخر، بعضها كتب بماء الذهب، وبعضها وشي بالحرير، ورسائل منه تتضمن تعليماته للوصول الى المحبة و التفاني ، ، فأمر قاضي القضاة باعادة محاكمته واصدر حكما باقامة الحد عليه، وقد وقع 84 شاهدا على قرار الحكم فصلب في 23 ذي الحجة عام 309 هـ والموافق 26 مارس عام 922م ودخل الحلاج رحمه الله تعالى ضمن موسوعة شهداء المحبة والفناء في سبيل الله 0
تفسير القرآن للحلاج
لأول مرة، وبعد بحث طويل.. يكشف الباحث الفنان محمود الهندي عن وجود تفسير كامل للقرآن منسوباً للولي الصالح الحسين بن منصور الحلاج وهو الكتاب الذي صدر مؤخراً ضمن سلسلة الأعمال الكاملة التي خطها المتصوف الأشهر قدم وحقق الكاتب الفنان محمود الهندي، الجزء الأول من هذه السلسلة يقدم خلاله التفسير الذي وصفه الحلاج للقرآن الكريم تحت عنوان «حقائق التفسير ».
وقد صدر محمود هندي التفسير الذي قدمه هو تحت عنوان «التفسير الصوفي العرفاني» بمقدمة ذكر فيها كيف بدأ تعرفه على الولي الصالح الحلاج واقترابه من عالمه واستعرض الكاتب تاريخ هذا التفسير وكيف واجه تجاهلاً من الباحثين ولم يرد ذكره في الكتب والدراسات المهمة التي ضمت كل ما صدر في الأدب العربي كالفهرست للقلقشندي.
وتناول الباحث كذلك قضية اغتيال الشيخ الصالح الحلاج على يد الساسة من خلال المحاكمة الصورية التي جرت له مؤكداً أن هذا التفسير الذي خطه الحلاج ينفي عنه كل من ادعي في هذه المحاكمة من سعي لإقصاء الدين وفصله عن الدولة.
كما انتقد عدم سعي الباحثين العرب لوضع أسس لدراسة فكر الشيخ الحلاج دون الخروج من ملف الاستشراق الذي حاول مراراً قولبة الحلاج ورد تصوفه وعلمه إلي أصول سابقة على الإسلام.
وتناول الكاتب في فصل لاحق حياة الحلاج حتى اغتياله ثم أورد تفسير الحلاج للقرآن الكريم الذي يعد هو الجزء الأول من أحد عشر مجلداً ستصدر تباعاً ينتوي الكاتب خلالها وضع منهج جديد في دراسة أعمال الحلاج والمتصوفين.
من اقول الحلاج
قال الشيخ الحلاج بلسان الشوق ((من يقتلني وأضمن له الجنه)) ولم تفهم العقول الخاويه من الحب و الفهم والذوق مقولته فتهموه بما هو بريء منه لان الانوار والفيوضات الإلهية كانت تملاء قلبه وروحه وهو لا يستطيع تحمل هذه الانوار نظرا لوجوده قبل زمن الاقطاب الذي وضعوا الاسس والتحصينات والاوراد للمحبين المشتاقين يسيرون بها في حصن وآمان 0
الجدير بالذكر ان الله تبارك وتعالى لا يؤاخذ باللفظ الذي يتلفظه الانسان اثناء خروجه عن حسه ووعيه من شدة الفرح او شدة الوجد وقد ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: « لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة, فانفلتت منه, وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها -قد أيس من راحلته- فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح » فهذا الرجل قد اخطأ خطأ جسيما من شدة الفرح ومع ذلك فقد فرح به الله تبارك وتعالى .. وهذا حال الشيخ الصالح الحلاج 0
عن إبراهيم بن عمران النيلي أنه قال:
« سمعت الحلاج يقول: النقطة أصل كل خط، والخط كله نقط مجتمعة. فلا غنى للخط عن النقطة، ولا للنقطة عن الخط. وكل خط مستقيم أو منحرف فهو متحرك عن النقطة بعينها، وكل ما يقع عليه بصر أحد فهو نقطة بين نقطتين. وهذا دليل على تجلّي الحق من كل ما يشاهد وترائيه عن كل ما يعاين. ومن هذا ُقلت: ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت الله فيه.»
قالوا عن الشيخ الحلاج
قال سيدي احمد الرفاعي رضي الله عنه عن الحلاج " لا أراه في الحضرة ولا أراه واقفا إنما هو رجل طاف حول الحمى فسمع صوت طنين "
قال الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس الله سره " لوكان الحلاج في زماني لما قتل "
وقال بعضهم عنه
رحم الله الحلاج فانه اظهر مالايطاق
فاوقع الغيرفى النفاق
ترجم فى الصحو عن مارأى فى السكر
أفشى سر الربوبية كذا دماء البائحين تباح
الشيخ الحلاج ومحبته للرسول الكريم
كتاب (الطواسين)
في كتاب (الطواسين) حيث يفتتح (طس السراج) متحدثا عن محبته للنبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم
سراج من نور الغيب بدا
وعاد وجاوز السرج وساد
قمر تجلى من بين الأقمار
كوكب برجه في فلك الأسرار
سماه الحق (أميِّا) لجمع همّته
وحرميِّا لعظم نعمته
ومكيا لتمكينه عند قربته
شرح صدره، ورفع قدره، وأوجب أمره، وأظهر بدره• طلع بدره من غمامة اليمامة، وأشرقت شمسه من ناحية تهامة، وأضاء سراجه من معدن الكرامة •
رفع الغمام، وأشار الى البيت الحرام، هو التمام، هو الهمام، هو الذي أمر بكسر الأصنام، هو الذي كشف الغمام، هو الذي أرسل الى الأنام، هو الذي ميّز الإكرام والإحرام •
اللهم صلي وسلم وبارك عليه
الشيخ الحلاج وتأثيره في الغرب
المفكره الهندية ماري شيمل :
تناولت ماري شيمل حياة الشيخ الصالح الحلاج من جوانب متميزة عن جميع الذين تناولوه من زوايا أخرى، أدبيا وفنيا وشعريا من قبل المثقفين والمفكرين العرب، لاسيما عبدالصبور، والبياتي•• وغيرهما• وقد ساعدها في ذلك تخصصها في مجال الثقافة الاسلامية الهندية - الباكستانية ومعرفتها اللغة التركية والعربية الى جانب اللغات الأوروبية، والتي أتاحت لها فرصة الاطلاع على الكثير من المصادر العلمية والمخطوطات القيمة والفريدة الموضوعة بهذه اللغات التي لم يتوجه المثقفون العرب اليها، لاسيما اللغات الشرقية•
وتتوقف شيمل عند دور ماسينيون الذي أبرز الشخصية الصوفية في الاسلام ودرس نصوصها وخلفياتها، كما
و تعترف ماري شيمل أيضا بأن الشيخ الصالح الحلاج هز أعماق كل الذين حاولوا ان يكتبوا عنه وملأهم بالقلق،
الشاعر الالماني الشهير جوته :
تذهب ماري شيمل أبعد في رصد تأثير الحلاج وكتاب (الطواسين) على الشاعر الألماني جوته، وذلك من خلال تأثير الحلاج وتجسيد أفكاره في الشعر الفارسي الذي وصل جوته عبر الترجمات، هذا التأثير الذي نستنشق عطره في أشعار (الديوان الشرقي) للمؤلف الغربي الشاعر العظيم جوته،
مؤسس باكستان محمد إقبال
وكذلك ترصد ماري شيمل تأثيرالشيخ الحلاج الكبير على المفكر الاسلامي الكبير والأب الروحي لباكستان المعاصرة وبلدان الهند الاسلامية الشاعر محمد اقبال، لاسيما في اشعار كتابه " جناح جبريل" •
كما تضم شيمل أدعية وحكايات ونصوص صوفية ليست عربية الأصل فقط، وانما ترجمت من اللغات الشرقية الأخرى التي تجيدها•
المصادر :
التصوف الاسلامي ... http://www.islamic-sufism.com/search.php
الموسوعة العالمية ويكيبيديا ... http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%86%D8%B5%D9%88%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84%D8%A7%D8%AC
موقع مجلة الموقف العربي
http://www.elmawkefalarabi.com/shownews.asp?ArchiveDegree=9&NewsID=6996
جريدة الاتحاد
http://www.alittihad.co.ae/search.details.asp?M=1&ArticleID=22632