!¨°o:[[ منتديات القـصـــــــــــــواء]]: o°¨!
أول ما تبدء أي عمل قول بسم الله الرحمن الرحيم وتقول اللهم صل على سيدنا محمد واله وسلم ومرحبا بك في منتديات القصواء لو انت زائر شرفنا مروركم الكريم وتشرفنا بالتسجيل واذا كنت من الاعضاء نرجوا سرعة الدخول ومسموح بالنقل او الاقتباس من المنتدى
!¨°o:[[ منتديات القـصـــــــــــــواء]]: o°¨!
أول ما تبدء أي عمل قول بسم الله الرحمن الرحيم وتقول اللهم صل على سيدنا محمد واله وسلم ومرحبا بك في منتديات القصواء لو انت زائر شرفنا مروركم الكريم وتشرفنا بالتسجيل واذا كنت من الاعضاء نرجوا سرعة الدخول ومسموح بالنقل او الاقتباس من المنتدى
!¨°o:[[ منتديات القـصـــــــــــــواء]]: o°¨!
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


رَفَعَ اللَّهُ لِلْمُتَيَّمِ قَدْراً
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولالطريقة البرهانية الدسوقية الشاذليةموقع رايات العز اول جريدة اسلامية على النتالمجلة البرهانية لنشر فضائل خير البريةشاهد قناة القصواء عالنت قناة البرهانية على اليوتيوبحمل كتب التراث من موقع التراث

==== ========= عن سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله عز وجل وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله إلا بمعرفة حقنا". رواه الطبراني في الأوسط ========= ==== ==== عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي". رواه الطبراني ورجاله ثقات. ========= ==== عن سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل جعل ذرية كل نبي في صلبه، وإن الله تعالى جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب رضي الله عنه". رواه الطبراني ========= ==== عن سيدنا جابر رضي الله عنه أنه سمع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول للناس حين تزوج بنت سيدنا علي رضي الله عنه : ألا تهنئوني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ينقطع يوم القيامة كل سبب ونسب إلا سببي ونسبي". رواه الطبراني في الأوسط والكبير ========= ==== ==== عن سيددنا ابن عمر رضي الله عنهما عن سيدنا أبي بكر - هو الصديق - رضي الله عنه قال ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته. رواه البخارى ==== وفي الصحيح أن الصديق رضي الله عنه قال لعلي رضي الله عنه: والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي . ========= ==== عن سيدنا جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول "يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن اخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي " . رواه الترمذي ========= ==== عن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس عن أبيه عن جده عبدالله بن عباس رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أحبوا الله تعالى لما يغذوكم من نعمه وأحبوني بحب الله وأحبوا أهل بيتي بحبي" . رواه الترمذي ========= ==== عن أبي إسحاق عن حنش قال سمعت أبا ذر رضي الله عنه وهو آخذ بحلقة الباب يقول: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح عليه الصلاة والسلام من دخلها نجا. ومن تخلف عنها هلك". رواه أبويعلى ==== عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا وعلي وفاطمة وحسن وحسين مجتمعون ومن أحبنا يوم القيامة نأكل ونشرب حتى يفرق بين العباد". فبلغ ذلك رجلاً من الناس فسأل عنه فأخبره به فقال: كيف بالعرض والحساب؟ فقلت له: كيف لصاحب ياسين بذلك حين أدخل الجنة من ساعته. رواه الطبراني ========== ==== وعن سلمة بن الأكوىه,±رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"النجوم جعلت أماناً لأهل السماء وإن أهل بيتي أمان لأمتي". رواه الطبراني ======== وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهلي من بعدي". رواه أبو يعلى ورجاله ثقات. ========= ==== ==== الله الله الله الله ====
..
..
..

 

 المجلة عدد يونيو 2014

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد يونيو 2014 Empty
مُساهمةموضوع: المجلة عدد يونيو 2014   المجلة عدد يونيو 2014 Icon_minitimeالخميس أغسطس 14, 2014 5:52 pm

تدارس

ينابيع الحكمة

فَهَا أَنَا ذَا أَرْعَى الضَّعِيفَ وأَسْتَقِى مِنَ الْمُصْطَفَى جَدِّى يَنَابِيعَ حِكْمَتِى (1/11)

قبل البحث فى تفاصيل هذا البيت للإمام العارف بالله السيد محمد عثمان نوجه نصيحة للإخوة الدارسين فأقول أبدأ دائماً بالسهل فستحصل على معلومات تجعل لك من الصعب سهلاً وأقصد بالسهل البيت الذى يسهل عليك نسبه إلى آية أو حديث وليس معنى هذا أنك عندما تستصعب بيت تهمله وتتركه ولكن اشغل ذهنك به واقرأ الفواتح للشيخ صاحب النظم فإن الله تعالى يقيمه رضي الله عنه على خدمة كلامه أو يرسل لك طائفاً من فنون هذا العلم "ملكاً من عند الله تعالى يلهمك باذنه" مستعيناً بصفائك وحبك ورحمتك وصبرك وتجلدك وتخلقك بما تعلم فلابد أن تكون محباً لله ولرسوله وللمؤمنين صافياً رحيماً مع إخوانك وأحبابك فى الله تعالى وربنا يوفقنا جميعاً ويسقينا من سلسبيل عطاياه وخمر معانيه العالية التى تصلح القلوب والأرواح آمين.

والآن نبدأ فى تدارس هذه الدرة التى أمامنا.
فَهَا أَنَا ذَا أَرْعَى الضَّعِيفَ:
ينبه الشيخ فى أول كلامه بهاء التنبيه على أنه يرعى الضعيف فمن هذا الضعيف؟
فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شئ فلا تقل لو أنى فعلت كذا وكذا قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم فى الصحيح.
ففى شرح النووى على مسلم يقول: وَالْمُرَاد بِالْقُوَّةِ هُنَا عَزِيمَة النَّفْس وَالْقَرِيحَة فِى أُمُور الآخِرَة، فَيَكُون صَاحِب هَذَا الْوَصْف أَكْثَر إِقْدَاماً عَلَى الْعَدُوّ فِى الْجِهَاد، وَأَسْرَع خُرُوجاً إِلَيْهِ، وَذَهَاباً فِى طَلَبه، وَأَشَدُّ عَزِيمَة فِى الأَمْر بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْى عَنْ الْمُنْكَر، وَالصَّبْر عَلَى الأَذَى فِى كُلّ ذَلِكَ، وَاحْتِمَال الْمَشَاقّ فِى ذَات الله تَعَالَى، وَأَرْغَب فِى الصَّلاة وَالصَّوْم وَالأَذْكَار وَسَائِر الْعِبَادَات، وَأَنْشَط طَلَباً لَهَا، وَمُحَافَظَة عَلَيْهَا، وَنَحْو ذَلِكَ.أ.هـ.
فمراعاة الشيخ للضعيف هو تقوية إيمانه على نحو ما شرحه الإمام النووى سابقاً ونزيد على ذلك كل وصف وصفه الصالحون للمؤمن القوى ولم يذكره الإمام النووى فكل عمل يقوى من إيمانك يعينك عليه الشيخ رضي الله عنه فى إرشاده لك فى نظمه.

وأَسْتَقِى مِنَ الْمُصْطَفَى جَدِّى يَنَابِيعَ حِكْمَتِى:
السؤال هل يوجد الآن من يستقى الحكمة مباشرة من المصطفى صلى الله عليه وسلم؟
يقول الحق تبارك وتعالى فى محكم كتابه ﴿هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِى ضَلالٍ مُبِينٍ • وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ • ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ الجمعة: 2-4، الآيات التى تذكر الحكمة كثيرة ولكن الآيات المذكورة أمامنا هى التى تجيب على السؤال المطروح.
التفسير الشرعى للسيد ابن عجيبه رضي الله عنه: ﴿هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ﴾، أى: بعث رجلاً أُميّاً فى قوم أميين، وقيل: ﴿مِنْهُمْ﴾، من أنفسهم، يعلمون نَسَبه وأحواله وصِدْقَه. والأُمى: منسوب إلى أميّة العرب؛ لأنهم لايقرؤون ولا يكتبون من بين الأمم. قيل: بُدئت الكتابة فى العرب بالطائف وهم أخذوها من أهل الحيرة، وأهل الحيرة من أهل الأنبار. ﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ﴾؛ القرآن ﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾؛ يطهرهم من الشرك وخبائث الجاهلية، ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ﴾؛ القرآن ﴿وَالْحِكْمَةَ﴾؛ السُنَّة، أو الفقه فى الدين، أو إتقان العلم والعمل، ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِى ضَلالٍ مُبِينٍ﴾؛ كفر وجهالة. و «إن» مخففة، أى: وإن الشأن كانوا فى ضلال فظيع، وهو بيان لشدة افتقارهم لمَن يرشدهم، وإزاحة لِمَا عسى أن يتوهم مِن تعلُّمه صل مِن الغير؛ إذ كلهم كانوا مغروقين فى الجهل والضلال، ليس فيهم مَن يعلم شيئاً.
﴿وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ﴾: عطف على «الأميين» أى: بعث فى الأميين، الذين فى عصره، وفى آخرين من الأميين ﴿لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾؛ أى: لم يلحقوا بهم بعدُ، وسيلحقون، وهم الذين يأتون بعد الصحابة إلى يوم القيامة، وقيل: هم العجم، أى: وآخرين من جنسهم، وقيل: عطف على «يُعلّمهم» أى: يُعلّم أخرين منهم، وعلى كلِّ فدعوته صلى الله عليه وسلم عامة. ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾؛ المبالغ فى العزة والحكمة، ولذلك مكَّن رجلاً أميّاً من ذلك الأمر العظيم، واصطفاه من بين كافة البشر.
﴿ذَلِكَ﴾؛ الذى امتاز به محمد صلى الله عليه وسلم من بين سائر البشر ﴿فَضْلُ اللهِ﴾؛ وإحسانه، أو: ذلك التوفيق حتى يؤمنوا من فضل الله، لا باستحقاق، أو الاعتناء بالبعث وعدم الإهمال، مع ما حصل منه من النتائج المذكورة، فضل من الله، وقطع الأسباب فى الجملة فى استحقاق الفضل؛ إذ علقه بالمشيئة فى قوله ﴿يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾؛ تفضُّلاً وعطية، ﴿وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾؛ الذى يُستحقر دونه نِعم الدنيا والآخرة.
الإشارة للسيد ابن عجيبه: كل مَن لم يعرف الله معرفةَ العيان، فهو من الأميين، فكما مَنَّ الله تعالى على عباده ببعثه الرسول، بعد أن كانوا فى ضلالٍ مبين، كذلك مَنَّ على أمته بعده، فبَعَثَ مشايخَ التربية يتلو عليهم آياته الدالة على شهوده وظهوره، ويزكيهم من الرذائل التى تحجبهم عن الله، ويُعلّمهم أسرارَ الكتاب، وأسرارَ الحكمة، وهى الشريعة، إذ لا يوقف على أسرارهما إلاّ بعد تطهير القلوب، وتزكية النفوس، وإن كانوا من قبل ملاقاة المشايخ لفى ضلال مبين، حائدين عن طريق الشهود، وبعث أيضاً فى آخرين منهم من يُذكِّرهم ويُعرفهم بالله، وهكذا لا ينقطع الداعى إلى يوم القيامة، لكن لا يصل إليه إلاّ مَن أراد الله أن يوصله إليه، ولذلك قال ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾. كل مَن لم يعرف الله معرفةَ العيان، فهو من الأميين، فكما مَنَّ الله تعالى على عباده ببعثه الرسول، بعد أن كانوا فى ضلالٍ مبين، كذلك مَنَّ على أمته بعده، فبَعَثَ مشايخَ التربية يتلو عليهم آياته الدالة على شهوده وظهوره، ويزكيهم من الرذائل التى تحجبهم عن الله، ويُعلّمهم أسرارَ الكتاب، وأسرارَ الحكمة، وهى الشريعة، إذ لا يوقف على أسرارهما إلاّ بعد تطهير القلوب، وتزكية النفوس، وإن كانوا من قبل ملاقاة المشايخ لفى ضلال مبين، حائدين عن طريق الشهود، وبعث أيضاً فى آخرين منهم من يُذكِّرهم ويُعرفهم بالله، وهكذا لا ينقطع الداعى إلى يوم القيامة، لكن لا يصل إليه إلاّ مَن أراد الله أن يوصله إليه، ولذلك قال ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ...﴾الآية. أ.هـ.
أما الحكمة فهى عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم كما جاء بلسان العرب ولكن الحكمة فى الإصطلاح الصوفى كما جاء فى كتاب الكاشانى هى العلم بحقائق الأشياء وأوصافها وخواصها وأحكامها على ما هى عليه، وارتباط الأسباب بالمسببات وأسرار انضباط نظام الموجودات والعمل بمقتضاه، ﴿يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ﴾ البقرة: 269، ومن الحكمة المنطوق بها: علوم الشريعة والطريقة، ومن الحكمة المسكوت عنها: أسرار الحقيقة التى لا يفهمها علماء الرسوم والعوام فتضرهم أو تهلكهم، ومنها الحكمة المجهولة: كموت الأطفال وإيلام العباد والخلود فى النار. فيجب علينا التسليم والرضا والاعتقاد فى عدل الله، ومن الحكمة أيضاً الجامعة معرفة الحق والعمل به ومعرفة الباطل والاجتناب عنه كما قال صلى الله عليه وسلم (اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه)، فالشيخ رضي الله عنه يأتى لنا بالحكمة من نبعها الذى أصفاه المولى تعالى لتربية أكابر الأولياء، وسقايتهم من نبع حكمتى أدام الله علينا نفحاتهم ومددهم وحكمتهم آمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محمد مقبول


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=865
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد يونيو 2014 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد يونيو 2014   المجلة عدد يونيو 2014 Icon_minitimeالخميس أغسطس 14, 2014 8:02 pm

تدارس

أصحاب الأعراف

وَعَلَى الأَعْرَافِ قَوْمٌ عَرَفُوا لِوَلِىِّ اللهِ أَصْلا فِى الْخَبَرْ (13/4)

يقول تعالى فى سورة الأعراف ﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ﴾ الأعراف: 46، فما المقصود بالأعراف؟ ومن هم رجال الأعراف؟ وما هى مكانتهم؟ وما علاقتهم بأصحاب الجنة وأصحاب النار؟
والمعنى: أن بين الجنة والنار، سُور يحجب أَثر كلتيهما عن الأُخرى. وعلى أَعالى هذا السور، رجال يعرفون كلاً من أَهل الجنة والنار فى المحشر بسيماهم أى بعلاماتهم المميزة لهم.
فقيل: هم من الموحدين: (قصرت بهم سيئاتُهم عن الجنة، ومنعتهم حسناتُهم من النار: فجعلوا هناك، حتى يقضى بين الناس. فبينما هم كذلك، إِذ اطلع عليهم ربُّهم، فقال لهم: قُومُوا فادْخُلُوا الجنة فَإنِّى غَفَرْتُ لَكُمْ) أَخرجه أَبوَ الشيْخ والبَيْهَقِىّ من حُذَيْفة. وإلى هذا. ذهب جمع من الصحابة والتابعين.
ذكرت بعض التفاسير أن الأعراف حاجز أو حجاب أو مكان مرتفع يفصل بين أهل الجنة وأهل النار، وهو السور الذى ذكره تعالى بقوله ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ﴾ الحديد: 13، يمنع من وصول أهل النار للجنة، وعلى هذا السور، رجال يعرفون كلاً من أهل الجنة وأهل النار، بسيماهم أى بعلامتهم التى ميزهم الله بها.
وَعَلَى الأَعْرَافِ مجازها: على بناء سورٍ لأن كل مرتفع من الأرض عند العرب أعراف، واختُلف فى هؤُلاءِ الرجال الذين يعتلون الأَعراف، وذكر البعض الآخر أن رجال الأعراف هم أفضل الناس وأعلاهم قدراً، وهم العدول الذين يشهدون على الناس بأعمالهم، ويقول البعض أنهم أنبياء، والبعض الآخر يرى أنهم من الشهداء، والبعض يرى أنهم من الملائكة.
كما يرى البعض ومنهم ما ذكره الثعلبى بإسناده عن ابن عباس: أنهم أهل بيت النبوة وأنهم يوم القيامة يعرفون محبيهم، ومبغضيهم، وسنتكلم فى هذه الأقوال بشئ من التفصيل:
فقد تكلم العلماء فى أصحاب الأعراف على عدة أقوال:
فقال عبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وابن عباس والشعبى والضحاك وابن جبير:أن رجال الأعراف هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم.
وقال الإمام الغزالى فى الإحياء: يشبه أن يكونوا من لم تبلغهم الدعوة فى أطراف البلاد، فلم تكن لهم معرفة ولا جحود ولا طاعة ولا معصية، فلا وسيلة تقربهم، ولا جناية تبعدهم، ولهم السلامة فقط، لا تقريب ولا تبعيد.
قلت: لكن سيأتى أنهم يدخلون الجنة.
وقال شرحبيل بن سعد: هم المستشهدون فى سبيل الله الذين خرجوا عصاة لآبائهم.
وذكر الطبرى فى ذلك حديثاً عن النبى صلى الله عليه وسلم، وأنه تعادل عقوقهم واستشهادهم.
وكان السدى يقول: إنما سمى الأعراف أعرافًا، لأن أصحابه يعرفون الناس.
ومن الناس من استظهر القول: بأن أصحاب الأعراف قوم علت درجاتهم، يعرفون كلاً من أهل الجنة والنار بسيماهم بعلاماتهم التى أعلمهم الله تعالى بها كبياض الوجوه بالنسبة إلى أهل الجنة وسوادها بالنسبة إلى أهل النار، ثم التفت أصحاب الاعراف إلى أولئك المشار إليهم من أهل الجنة وقالوا لهم: دوموا فى الجنة غير خائفين ولا محزونين على أكمل سرور وأتم كرامة.
وقال الزجاج: هم الأَنبياءُ عليهم السلام: أجلسهم اللهُ على أَعالى ذلك السور، تمييزًا لهم عن سائر أَهل القيامة، وإظهارًا لشرفهم وعُلُوِّ مرتبتهم.
وقيل: هم ملائكة، يُرَوْنَ فى صورة رجال وقيل غير ذلك، حكاه الزُّهْرِىُّ.
وفى التفسير الوسيط لمجمع البحوث الإسلامية ورد: أن الظاهر أَن رجال الأعراف هم قوم علت درجاتُهم؛ لأَن المقالاتِ الآتيةَ لا تليق بغيرهم. سواء أَكانوا أنبياءَ أَم سواهم.
والسيما التى يَعرفون بها كلا الفريقين من أَهل الجنة والنار: هى العلامة التى جعلها الله مميّزة لكل منهم.
والقول بأَنها بياض الوجوه لأَهل الجنة، وسوادها لأَهل النار تضييق للواسع، فينبغى عدم تحديد العلامة، وتفويض ذلك إِلى الله.
ومعرفتهم كلا الفريقين بسيماهم، تكون قبل دخول أَهل الجنةِ الجنةَ وأَهل النارِ النارَ. إِذ لا حاجة بعد دخول كليهما كلٌّ إلى مصيره المحتوم.
وقال التسترى: أصحاب الأعراف هم أهل المعرفة.
وقال مجاهد: هم قوم صالحون فقهاء علماء.
كما حكى الزهراوى: أن رجال الأعراف هم عدول الناس من كلِّ أمة. جعلهم الله شهداءَ على أَعمال أَقوامهم.
وقال القشيرى: هم فضلاء المؤمنين والشهداء، فرغوا من شغل أنفسهم، وتفرغوا لمطالعة حال الناس، فإذا رأوا أصحاب النار تعوذوا بالله أن يردوا إلى النار، فإن فى قدرة الله كل شئ، وخلاف المعلوم مقدور، فإذا رأوا أهل الجنة وهم لم يدخلوها بعد يرجون لهم دخولها. ويقال: يعرفونهم غداً بسيماهم التى وجدوهم عليها فى دنياهم؛ فأقوامٌ موسومون بأنوار القرب، وآخرون موسومون بأنوار الرد والحجب.
أما عن الحجاب الذى بين الجنة والنار، فإن أهل النار كانوا قد حَجبوا أنفسم عن أنوار الحق فى الدنيا لعمى قلوبهم وصدهم عن سبيل الله فحُجبوا فى الآخرة بسور بين الجنة والنار وحُجبوا عن رؤية الحق عز وجل.
يقول الإمام القشيرى: وذلك الحجاب الذى بينهما حصل من الحجاب السابق؛ لمَّا حُجِبُوا فى الابتداء فى سابق القسمة عما خُصَّ به المؤمنون من القربة والزلفة، حُجِبوا فى الانتهاء عما خَصَّ به السعداء من المغفرة والرحمة.
ويقال: حجاب وأى حجاب! لا يُرفَع بحيلة ولا تنفع معه وسيلة، حجابٌ سبق به الحكم قبل الطاعة والجُرْم.
وذكر الثعلبى بإسناده عن ابن عباس فى قول عز وجل ﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ﴾ قال: الأعراف موضع عال على الصراط، عليه العباس وحمزة وعلى بن أبى طالب وجعفر ذو الجناحين رضي الله عنهم، يعرفون محبيهم ببياض الوجوه، ومبغضيهم بسواد الوجوه.
ويقول ابن عربى: أن أهل الأعراف هم العرفاء أهل الله وخاصته يعرفون كلاًّ من أهل الجنة وأهل النار بسيماهم، لِما أُعطوا من نور الفراسة ونادوا أصحاب الجنة: أى جنة ثواب الأعمال، فالجنات درجات: أن سلام عليكم بما مَنَّ الله تعالى عليكم به من الخلاص من النار.
وقيل: وهم يطمعون فى كل وقت بما هو أعلى وأغلى وقيل: هم أى أهل الجنة يطمعون فى دخول أولئك الرجال ليقتبسوا من نورهم ويستضيئوا بأشعة وجوههم ويستأنسوا بحضورهم، وذلك كما ذكره الألوسى.
وقال صاحب الكشاف: جملة ﴿لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ﴾: إستئناف كأَن سائلا سأَل عن أَصحاب الأَعراف، فقيل: لم يدخلوها، وهم يطمعون.
ولكن هذا الرأْى، مبنى على أن أصحاب الأعراف قوم موحّدون: قصرت بهم حسناتُهم عن دخول الجنة. ولكنَّها منعتهم من دخول النَّار.
والرأْى الراجح كما جاء فى التفسير الوسيط لمجمع البحوث الإسلامية: هو أَنهم قوم ممتازون: إمَّا من الأَنبياءِ، أَو من الملائكة أَو هم كما سبق ذكره عدول الأُمم.
يقول تعالى ﴿وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ﴾: أَى ونادى أَصحاب الأعراف أصحاب الجنة بعد أن عرفوهم بسيماهم فى المحشر، داعين ومُحَيِّين لهم بقولهم: سلام عليكم. أَو مخبرين لهم بسلامتهم ونجاتهم من المكاره، لم يدخلوا الجنة حين تحيتهم لهم، لأَنهم لا يزالون فى المحشر، وهم يطمعون فى دخولهم إيَّاها. فلذا أَخبروهم بالسَّلامة والنجاة.
وعلى هذا ينبغى أَن تكون جملة: ﴿لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ﴾: فى حق المؤْمنين الذى سلّموا عليهم وهم فى المحشر، بعد أَن عرفوهم بسيماهم، كما سبق ذكره.
لا يزال الكلام موصولاً فى قصة أصحاب الأعراف ﴿وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ﴾ الأعراف: 47، ولم يقل: وإذا رأَوْهم للإيذان بأنهم لم يكونوا راغبين فى رؤْية أهل النار لسوءِ حالهم.
والمعنى: وإذا حُوِّلت أبصار أَهل الأَعراف، جهة أصحاب النار، فرأوا سوءَ حالهم قالوا متعوذين منه: ربنا لا تجعلنا فى النار صحبة هؤُلاءِ القوم الظالمين لأَنفسهم بالكفر والطغيان.
﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ﴾ الأعراف: 48. والمعنى هنا توبيخى، بمعنى أىُّ شىءٍ أفادكم جمعُكم واستكباركم؟!
﴿أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾ الأعراف: 49.
والإشارة فى هَؤلاءِ: راجعة إلى ضعفاء المؤْمنين فى كل ملَّة سماوية. وهذه الآية حكاية لتوبيخ آخر، صادر من أصحاب الأعراف لرؤَساءِ الكفر، بعد ما وبَّخُوهم على كفرهم واستكبارهم، واعتزازهم بجمعهم وكثرتهم، ونَعَوا عليهم: أن ذلك كلَّه لم يغنِ عنهم من الله شيئًا.
والمعنى: وقال أصحاب الأَعراف أيضًا موبّخين لرؤُساءِ الكفر أهؤُلاءِ الضعفاءُ المؤْمنون، هم الذين أقسمتم أَن الله لا ينعم عليهم برحمته، احتقارا منكم لهم؟! ثم أشَاحوا أى أهل الأعراف معرضين عن أهل النار متجهين إلى هؤُلاء المؤْمنين محتفين بهم، قائلين لهم: ادخلوا الجنة. لا خوف عليكم من مكروه، ولا أنتم تحزنون على فوت مطلوب. فأنتم فى كرامة ومسرّة، ويظهر أن أَصحاب الأعراف قالوا للمؤْمنين: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾، حين رأوْهُم يَشرَعُون فى دخول الجنة، بعد أن أذِن اللهُ لهم بدخولها. قالوه فرحاً بدخولهم، وكيداً لأَعدائهم، وهذا على القول بأَن أَصحاب الأَعراف من البشر.
وقد دلّت الآية على أَن دخول الجنة تابع للعمل، ربطًا للمسببات بالأَسباب.
وفى ذلك حثُّ للناس على العمل الصالح، لكى يكونوا أَهلاً لدخول الجنة، ونيل الدرجات العلية فيها.
كما دلّت على أن كلاًّ من أهل الشرّ والخير: يُعرَف فى المحشر بسيماه.
نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما نستحق به ثوابه، وننجو به من عقابه.
عزيزى القارئ بعد أن عرضت عليك أغلب الأقوال فى أهل الأعراف ومن هم و مكانتهم، فهل تعرفت مما ذكرناه، من هم رجال الأعراف؟
إنهم العدول الذين يشهدون على أعمال أممهم، وذلك كما جاء فى التفسير الوسيط لمجمع البحوث الإسلامية، ومن الأنبياء والأولياء وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالون على الله، أى أنهم كبار القوم وأئمتهم.
وهنا نذكر قول الإمام فخر الدين رضي الله عنه مرة أخرى، وذلك من باب التذكرة.
يقول الإمام فخر الدين:

وَعَلَى الأَعْرَافِ قَوْمٌ عَرَفُوا لِوَلِىِّ اللهِ أَصْلا فِى الْخَبَرْ (13/4)

ويقول:

وَقَفُوا عَلَى شَمَمِ الْكَثِيبِ وَعَايَنُوا وَفَنَوْا إِذَا مَا عَايَنُوهُ إِذَا مَا (68/10)
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ قَدْ آثَرْتَهُمْ وَجَعَلْتَهُمْ لِلْمُتَّقِينَ إِمَامَا (68/11)

عبد الستار الفقي


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=866
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد يونيو 2014 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد يونيو 2014   المجلة عدد يونيو 2014 Icon_minitimeالأحد أغسطس 17, 2014 6:54 pm

المرأة

ألأميرة خولة بنت الأزور رضي الله عنها 2

لاشك انه عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة وها نحن نتعرض للرحمات فى ذكر إحدى الصحابيات الجليلات رضوان الله تعالى عليهن اجمعين وهى الاميرة خولة بنت الازور رضي الله عنها ومقامها عامر بالانوار فى مدينة البهنسا بصعيد مصر وقد أسردنا بعضا من اليسير عن سيرتها العطرة فى العدد السابق وها نحن بعون الله وتوفيقه نتكلم عن اليسير من بعض سيرتها.
استطاعت الاميرة خولة بنت الازور رضي الله عنها تحرير أخوها الامير ضرار بن الازور رضي الله عنه فى موقعة حمص فى فتوحات مدن الشام ثم كانت الموقعة حول فتح دمشق.
استطاع الروم فى المعركة حول دمشق ان يأسرن النساء من الصحابيات رضي الله عنهن أجمعين وكانت معهن الاميرة خولة بنت الازور رضي الله عنها فنظر اليهن البطريق بطرس فلم يعجبه منهن إلا الاميرة خولة بنت الأزور رضي الله عنها أخت الامير ضرار بن الازور.
فقال البطريق بطرس: هذه لى وأنا لها لا يعارضنى فيها أحد.
فقال له أصحابه من قادة الروم: هى لك وأنت لها.
وكان كل من سبق من جنود الروم إلى واحدة من الأسيرات يقول هى لى حتى قسموا الغنيمة على ذلك، ووقفوا ينتظرون ما يكون من أمر البطريق بولس قائدهم الرومى وأصحابه فى المعركة مع المسلمين.
وكان فى النساء الاسيرات عجائز من قبيلتى حمير وتبع من نسل العمالقة والتتابعة وكن قد اعتدن ركوب الخيل والقتال.
فقالت لهن الاميرة خولة بنت الأزور رضي الله عنها: يا بنات حمير بقية تبع، أترضين بأنفسكن علوج الروم ويكون أولادكن عبيداً لأهل الشرك، فأين شجاعتكن وبراعتكن التى نتحدث بها عنكن فى أحياء العرب ومحاضر الحضر ولا أراكن إلا بمعزل عن ذلك، وإنى أرى القتل عليكن أهون من هذه المصائب وما نزل بكن من خدمة الروم الكلاب.
فقالت السيدة عفرة بنت غفار الحميرية رضي الله عنها: صدقت، ووالله يا بنت الأزور؛ نحن فى الشجاعة كما ذكرت، وفى البراعة كما وصفت، لنا المشاهد العظام، والمواقف الجسام، ووالله لقد اعتدنا ركوب الخيل وهجوم الليل غير أن السيف يحسن فعله فى مثل هذا الوقت، وإنما دهمنا العدو على حين غفلة، وما نحن إلا كالغنم.
فقالت الاميرة خولة بنت الازور رضي الله عنها: يا بنات التبابعة والعمالقة؛ خذوا أعمدة الخيام، وأوتاد الأطناب ونحمل بها على هؤلاء اللئام، فلعل الله ينصرنا عليهم أو نستريح من معرة العرب.
فقالت السيدة عفرة بنت غفار رضي الله عنها والله ما دعوت إلا ما هو أحب إلينا مما ذكرت، ثم تناولت كل واحدة عموداً من أعمدة الخيام وصحن صيحة واحدة وألقت الاميرة خولة بنت الازور على عاتقها عمود الخيمة وسعت من ورائها السيدة عفرة والسيدة أم أبان بنت عتبة والسيدة سلمة بنت زارع والسيدة لبنى بنت حازم والسيدة مزروعة بنت عملوق والسيدة سلمة بنت النعمان، ومثل هؤلاء رضي الله عنهن أجمعين.
فقالت لهن الاميرة خولة بنت الازور رضي الله عنها: لا ينفك بعضكن عن بعض، وكن كالحلقة الدائرة ولا تتفرقن فتملكن فيقع بكن التشتيت وحطمن رماح القوم واكسرن سيوفهم.
فهجمت خولة أمامهن، فأول ما ضربت رجلاً من القوم على هامته بالعمود فتجندل صريعاً والتفت الروم ينظرون ما الخبر، فإذا هم بالنسوة، وقد أقبلن والعمد بأيديهن فصاح جنود الروم: يا ويلكن ما هذا. فقالت السيدة عفرة: هذه فعالنا فلنضربن القوم بهذه الأعمدة ولا بد من قطع أعماركم وانصرام آجالكم يا أهل الكفر.
فجاء البطريق بطرس وقال: تفرقوا عن النسوة ولا تبذلوا فيهن السيوف ولا أحد منكم يقتل واحدة منهن وخذوهن أسارى ومن وقع منكم بصاحبتى -يقصد الاميرة خولة بنت الازور- فلا ينالها بمكروه، فتفرق القوم عليهن وحدقوا بهن من كل جانب وراموا الوصول إليهن فلم يجدوا إلى ذلك سبيلاً ولم تزل النساء لا يدنو إليهن أحد من الروم إلا ضربن قوائم فرسه فإذا تنكس عن جواده بادرت النساء بالأعمدة فيقتلنه ويأخذن سلاحه.
وروى الواقدى فقال: ولقد بلغنى أن النسوة قتلن ثلاثين فارساً من الروم فى أثناء اسرهن.
فلما نظر البطريق بطرس إلى ذلك القتال من الاميرة خولة بنت الازور ومن معها من النساء غضب غضباً شديداً وترتجل وترجلت أصحابه نحو النساء، والنساء يحرض بعضهن بعضاً ويقلن متن كراماً ولا تمتن لئاماً.
وأظهر البطريق بطرس رأسه وتلهفه عندما نظر إلى فعلهن، ونظر إلى الاميرة خولة بنت الأزور، وهى تجول كالأسد وتقول:

نحن بنات تبع وحمير وضربنا فى القوم ليس ينكر
لأننا فى الحرب نار تسعر اليوم تسقون العذاب الأكبر

فلما سمع البطريق بطرس ذلك من قولها، ورأى حسنها وجمالها، قال لها: يا عربية أقصرى عن فعالك، فإنى مكرمك بكل ما يسرك، أما ترضين أن أكون أنا مولاك، وأنا الذى تهابنى أهل النصرانية، ولى ضياع ورساتيق وأموال ومواش ومنزلة عند الملك هرقل -ملك الروم الاعظم- وجميع ما أنا فيه مردود إليك، أما ترضين أن تكونى سيدة أهل دمشق، فلا تقتلى نفسك.
فقالت الاميرة خولة له: يا ملعون؛ ويا ابن ألف ملعون، والله لئن ظفرت بك لأقطعن رأسك، والله ما أرضى بك أن ترعى لى الإبل، فكيف أرضاك أن تكون لى كفؤا.
فلما سمع البطريق بطرس كلامها حرض أصحابه على القتال، وقال: أترون عاراً أكبر من هذا فى بلاد الشام أن النسوة غلبنكم فاتقوا غضب الملك هرقل، قال فافترق القوم وحملوا حملة عظيمة وصبر النساء لهم صبر الكرام.
فبينما هم على ذلك القتال إذ أقبل سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه ومن معه من المسلمين، ونظروا إلى الغبار وبريق السيوف، فقال لأصحابه: من يأتينى بخبر القوم فقال سيدنا رافع بن عميرة الطائى رضي الله عنه: أنا آتيك به. ثم أطلق جواده حتى أشرف على النسوة وهن يقاتلن قتال الموت. فرجع القائد رافع رضي الله عنه وأخبر سيدنا خالداً بما رأى.
فقال سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه: لا أعجب من ذلك إنهن من بنات العمالقة ونسل التبابعة، وما بينهن وبين تبع إلا قرن واحد، وتبع بن بكر بن حسان الذى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ظهوره، وشهد له بالرسالة قبل أن يبعث، وقال:

شهدت بأحمد أنه رسول من الله بارئ كل النسم
وأمته سميت فى الزبور بأمة أحمد خير الأمم
فلو مد عمرى إلى عصره لكنت وزيراً له وابن عم

قال سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه: لا تعجب يا رافع واعلم أن هؤلاء النسوة لهن الحروب المذكورات والمواقف المشهورات، وإن يكن فعلهن ما ذكرت، فلقد سدن على نساء العرب إلى آخر الأبد وأزلن عنهن العار فتهللت وجوه الناس فرحاً. ووثب الامير ضرار بن الأزور عندما سمع كلام سيدنا رافع رضي الله عنه.
فقال سيدنا خالد بن الوليد: مهلاً يا ضرار ولا تعجل فإنه من تأنى نال ما تمنى. فقال سيدنا ضرار بن الازور: أيها الأمير لا صبر لى عن نصرة بنت أبى وأمى. فقال سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه: قد قرب الفرج إن شاء الله تعالى.
ثم إن سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه وثب للقتال ووثب أصحابه، وقال: معاشر الناس إذا وصلتم إلى القوم فتفرقوا عليهم وأحدقوا بهم فعسى أن يخلص حريمنا. فقالوا: حباً وكرامة. ثم تقدم خالد بن الوليد للقتال فبينما جنود الروم فى قتال شديد مع النسوة المسلمات إذ أشرفت عليهم المواكب والكتائب والأعلام والرايات. فصاحت الاميرة خولة بنت الازور رضي الله عنها وقالت: يا بنات التبابعة، قد جاءكم الفرج ورب الكعبة.
ونظر البطريق بطرس إلى الكتائب المحمدية، وقد أشرفت فخفق فؤاده وارتعدت فرائصه وأقبل القوم ينظر بعضهم بعضاً.
فصاح البطريق بطرس وقال: يا معاشر النسوة إن الشفقة والرحمة قد دخلت فى قلبى، لأن لنا أخوات وبنات وأمهات، وقد وهبتكن للصليب. فإذا قدم رجالكن فأخبرنهم بذلك. ثم عطف يريد الهرب إذ هو نظر إلى فارسين عظيمين قد خرجا من قلب العسكر أحدهما قد تكمى فى سلاحه والآخر عارى الجسد، وقد أطلقا عنانهما كأنهما أسدان. وكانا سيدنا خالد بن الوليد وسيدنا ضرار بن الازور رضي الله عنه.
فلما رأت الاميرة خولة بنت الازور رضي الله عنها أخاها قالت له: إلى أين يا ابن أمى أقبل. فصاح بها البطريق بطرس: انطلقى إلى أخيك، فقد وهبتك له. ثم ولى يطلب الهرب. فقالت له الاميرة خولة بنت الازور، وهى تهزأ به: ليس هذا من شيم الكرام تظهر لنا المحبة والقرب. ثم تظهر الساعة الجفاء والتباعد وخطت نحوه مسرعة لقتله. فقال البطريق بطرس: قد زال عنى ما كنت أجد من محبتك. فقالت له الاميرة خولة بنت الازور: لا بد لى منك على كل حال. ثم أسرعت إليه، وقد قصده الامير ضرار بن الازور. فقال له البطريق بطرس: خذ أختك عنى فهى مباركة عليك، وهى هدية منى إليك. فقال له الأمير ضرار رضي الله عنه: قد قبلت هديتك وشكرتها وإنى لا أجد لك على ذلك إلا سنان رمحى فخذ هذه منى إليك. ثم حمل عليه ضرار، وهو يقول ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ النساء: 86، ثم همهم إليه بالطعنة.
ووصلت إليه الاميرة خولة بنت الازور فضربت قوائم فرسه فكبا به الجواد ووقع عدو الله إلى الأرض فأدركه سيدنا ضرار قبل سقوطه وطعنه فى خاصرته فأطلع السنان من الجانب الآخر فتجندل صريعاً إلى الأرض.
فصاح به سيدنا خالد بن الوليد وقال: لله درك يا ضرار هذه طعنة لا يخيب طاعنها، ثم حملوا فى أعراض الروم وجميع المسلمين معهم فما كانت إلا جولة جائل حتى قتل من الروم ثلاثة آلاف رجل.
قال حامد بن عامر اليربوعى رضي الله عنه: لقد عددت لضرار بن الأزور فى ذلك اليوم ثلاثين قتيلاً وقتلت خولة بنت الازور رضي الله عنها خمس وعفراء بنت غفار الحميرية رضي الله عنها أربعة.
وتم تحرير الاسيرات من الصحابيات الجليلات ببركة شجاعة وبطولة الاميرة خولة بنت الازور رضي الله عنها وعنهم أجمعين وأثنى القادة والجنود على شجاعتها وبطولتها فى هذه المعركة حول فتح دمشق.
وعن المعنى يقول سيدى فخرالدين:

لم يذكروا إلا بطيب فعالهم وملائك البشرى تقول سلاما

وعلى الرحمة نلتقى عند ذكرها فى عدد قادم مع بطولة جديدة من بطولاتها فى فتح المدن المصرية.
ابراهيم جعفر


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=867
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد يونيو 2014 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد يونيو 2014   المجلة عدد يونيو 2014 Icon_minitimeالإثنين أغسطس 18, 2014 6:29 pm

التراث

أماجد العلماء

الحمد لله الذى اختص العلماء بوراثه الانبياء والتخلق باخلاقهم وجعلهم القدوة للكافة، فقد ضل كثير من الناس وابتعدوا عن هدى الحبيب صلى الله عليه وسلم عندما تركوا الاخذ عن اكابر علماء هذه الامة وادمنوا الاخذ من الأصاغر ففارقوا ما كان عليه سلفهم الصالح وما استقرت عليه أمة المسلمين عقودا وقرونا.
قال صلى الله عليه وسلم (لازال الناس بخير ما اخذوا العلم عن أكابرهم، فاذا اخذوا العلم عن أصاغرهم هلكوا)، وقال صلى الله عليه وسلم (إن هذا الدين علم، فانظروا عمن تاخذون)، وقال صلى الله عليه وسلم (إذا قبض العلماء اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسُئلوا فافتوا بغير علم فضلوا واضلوا، ولا حول ولا قوه الا بالله).
ويقول الإمام فخر الدين محمد عثمان عبده البرهانى رضي الله عنه:

ولإن سُئلتم ما الكتاب فانه مما رواه أماجد الأعلام

والمجمع عليه عند السادة العلماء ان الواحد منهم لا ينتقص كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يحكم بوضعه ولا يضعفه ولايقدح فيه الا اذا كان فى يده سند من آيات كتاب الله او سنة نبيه عليه افضل الصلاة وأزكى السلام, ومنذ بداية القرن الأول الهجرى والثانى والثالث والرابع وحتى يومنا هذا تولى ساداتنا من اماجد العلماء رضوان الله عليهم الحفاظ على تراث ديننا الحنيف كما احب واراد صلى الله عليه وسلم فكانت الاحاديث الصحيحة والتفاسير الصادقة واحداث التاريخ من بداية الرسالة المحمدية مع تسلسلها التاريخى إلى يومنا هذا محفوظة ومسندة بكل أمانة وصدق، ومن هؤلاء السادة العلماء الأجلاء ومع سيرته الطيبة كان:

الإمام أحمد زروق رضي الله عنه

مولده ونشأته:
هو السيد أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسى الفاسى الشهير بزروق، العالم الفقيه المحدث الصوفى المتبحر الولى الصالح العارف بالله، بحر العلوم والمعارف القطب الربانى ذو التصانيف العديدة والمناقب الحميدة وقد ولد أبو الفضل شهاب الدين أبو العباس أحمد فى صبيحة يوم الخميس 22 محرم سنة 846 هـ، وهو من قبيلة البرانس البربرية التى تعيش فى منطقة جبل البرانس ما بين فاس وتازا، وولد رضي الله عنه فى قرية تليوان بتلك المنطقة، لوالد كان من أهل الولاية والصلاح، حيث شيد على مدفنه فى القرية بناية أنيقة تشتمل على مسجد جامع ومكان لسكن الإمام وتعرف بزاوية سيد أحمد زروق ولها أوقاف، ويحظى ضريح والده بتعظيم واحترام أهل القبيلة، وتشير السيرة التى كتبها الإمام إلى أنه ولد وشب فى مدينة فاس، وقد ورث زروق هذا اللقب عن جده الذى كان أزرق العينيين زرقة معروفة فى العرق البربرى، وحين ولد زروق أسماه أبوه محمداً، لكن ما لبث أن عرف باسم أبيه "أحمد" حين توفى الأب واحتفظ باسمه، وكان أحمد وحيد أبويه، وتوفى كلاهما فى الأسبوع نفسه الذى تلا ميلاده نتيجة للطاعون الذى ضرب فاس فى عام ولادته.
وتولى تربيته جدته بعد وفاة والده وتربى فى حجر جدته لأمه فاطمة والتى كانت تكنى بأم البنين أسوة بفاطمة بنت عبد الله الفهرى وهى التى أنشأت جامع القرويين سنة 245هـ، وكانت جدته سيدة فقيهة صالحة، وكانت الأسرة ذات عوز، وكانت الجدة ورعة صابرة، وحرصت الجدة على أن يشب حفيدها على خير وجه، فعلمته الصلاة وأمرته بها وهو ابن خمس، وأدخلته الكتاب فى ذلك السن وعلمته التوحيد والتوكل والإيمان بطريقة ذكية، وكان تأثيرها على حفيدها عظيماً فى صغره، وصارت تربيته بالدلال والكمال حتى نشأ محباً للعبادة ملازماً للأذكار، ولما ناهز الاحتلام كانت تعينه بمالها على الاستقامة وتمنعه من الفساد، وتدربه على نضد الكتب ليتخذها وسيلة لتعلم القراءة للدين وحرفة لمعاشه، وكانت جدته أول من لقنه أصول السلوك وطرق التصرف فى الحياة والمجتمع وساعدها فى ذلك أفراد العائلة جميعهم.
كما كان رضي الله عنه تلميذاً مواظباً هادئاً فى الكُتَّاب، فأتم حفظ القرآن الكريم وهو ابن عشرة، كما تعلم الخرازة فى تلك السن، وتوفيت جدته وهو فى تلك السن، وتولى أحد أقاربه تربيته، وصار يكسب قوته بعد وفاة جدته كصبى خراز، حتى بلغ السادسة عشرة من عمره. وانتظم وهو ابن ستة عشر فى سلك طلبة جامع القرويين والمدرسة العمانية معاً، وصار يتردد عليهما لدراسة أمهات كتب المذهب المالكى والحديث والأصول وقواعد العربية، كما درس بعضاً من كتب التصوف، وتتلمذ على أشهر علماء فاس وفقهائها آنذاك، وعددهم يزيد على ثلاثين فقيهاً ومحدثاً وفقيراً، كما درس أمهات الكتب، ومنها كتاب التنوير لابن عطاء الله السكندرى.
لما اشتد عود الشيخ اشتغل بالخرازة ثم تركها واشتغل بالعلم بإرشاد بعض الأكابر وقرأ العلوم على عدد من علماء عصره، فقد قرأ بحرف نافع على الإمام القورى والزرهوتى والمجاصى وغيرهم وقرأ على الشيخ عبد الله الفخار والشيخ على السبط وعبد الرحمن الثعالبى وإبراهيم التازى والسنوسى صاحب العقيدة وآخرين وقرأ البخارى على القورى وتفقه عليه حتى صار منارة فى العلم فقصده العلماء من أكابر أهل عصره كالقسطلانى والقطب الشعرانى والعارف بالله ابن الحسن البكرى وكان معاصراً للحافظ السيوطى ولا يدرى هل التقى به أم لا ولما هاجر إلى مصر وفد إليه العلماء حتى صار يحضر درسه بالأزهر زهاء ستة آلاف نفس.

بداية طريق التصوف:
بدأ صلته بمشايخ الطريقة الشاذلية وهو فى العشرينات من عمره، فلزم مريداً للشيخ محمد الزيتونى بزاوية الشاذلية فى فاس، وكتب تعليقه الأول على حكم ابن عطاء الله وهو فى الرابعة والعشرين من عمره وفى هذه السنة انطلق أحمد فى سياحة أربعين يوماً كاملةً بأمر شيخه، زار خلالها ضريح الشيخ شعيب أبو مدين بن الحسين فى تلمسان. ولم يكن الشيخ زروق مع كل ما ناله من العلم بغنىً عن سلوك طريق التصوف وطلب الحق ومعالجة أمراض النفس ولقد نقل المترجمون عنه قصة بدء تصوفه فقد قال: طفت مشارق الأرض ومغاربها فى طلب الحق، واستعملت جميع الأسباب المذكورة فى معالجة النفس؛ فما طلبت قرب الحق بشىءٍ إلا كان مبعدنى، ولا عملت فى معالجة النفس بشىءٍ إلا كان معيناً لها، ولا توجهت لإرضاء الخلق إلا كان غير موفٍ بالمقصود، ففزعت إليه عز وجل فخرجت بفضل ذلك علة رؤية الأسباب، ففزعت إلى الإستسلام فخرج لى منه رؤية وجودى وهو رأس العلل، فطرحت نفسى بين يدى الحق سبحانه طرحاً لا يصحبه حول ولا قوة، فصح عندى كل شىء بالتبرى من كل شىء، والغنية من كل شىء بالرجوع إلى الله فى كل شىء، إعتباراً بالحكمة والقدرة وقياماً مع الطباع بشواهد الانطباع، ولما يرد منه تعالى أمراً ونهياً وخيراً وقهراً، وعبودية لا تصحبها رؤية، ورؤية لا يصحبها إعماد، واتساعاً لا يصحبه ضيق، وضيقاً لا يصحبه اتساع.
ولما حبب للشيخ زروق رضي الله عنه التصوف إنتظم على يد السيد عبد الله المكى فلازمه وخدمه زماناً، ثم سلك على يد العارف أبى عبد الله محمد الزيتونى، ثم هاجر من مدينة فاس ودخل مصر وهناك تم له اللقاء مع العارف بالله السيد أحمد بن عقبة الحضرمى وهو شيخه الذى لا معول له فى الطريق إلا إليه .وكان الشيخ الحضرمى رضي الله عنه قد بشر بقدومه أصحابه قبل مجيئه فقال لهم: قوموا تلتقوا أخاكم. ولازم الشيخ الزروق السيد الحضرمى حتى أخر عمره ثم توجه إلى طرابلس الغرب فأشهر بها الطريقة الشاذلية وانقاد إليه المريدون وهابته الملوك ونسبت إليه الطريقة حتى سميت "بالزروقية". وكان رضي الله عنه صاحب حال وبهاء وجمال، أطلعه الله على المغيبات ونطق بسائر اللغات.

رحلاته وسفرياته المتعددة:
عزم الشيخ زروق على أداء فريضة الحج، واستشار شيخه أحمد بن الحسن الغمارى فأشار عليه بأن يفعل وأذن له، فتحرك إلى القاهرة ومكث فيها فترة قصيرة، ثم غادرها إلى مكة والمدينة، وبعد أداء مناسك الحج لبث فى المدينة مجاوراً مدة عام، حيث التقى ببعض مشايخ الصوفية، ثم عاد من الحج إلى القاهرة واستقر فيها، واتصل فيه بشيوخ التصوف وطرقه، وحضر الدروس فى الأزهر، وكان من أهم من اتصل بهم من العلماء والمشايخ: محمد السخاوى، وأحمد بن حجر، وأبو اسحق التنوخى، ونور الدين السنهورى، وأحمد بن عقبة الحضرمى والذى أصبح مريداً فى زاويته، وقرأ خلال تلك السنة من أمهات الكتاب فى الفقه والحديث والتصوف، وبذلك اجتمع له فى المغرب والمشرق شيوخ من الفقهاء والفقراء، وهو أمر أثر فى مستقبل حياته وأفكاره، حيث رأى أن الفقه والتصوف موضوعان مترابطان، ومن هنا أطلق عليه لقب "الجامع بين الشريعة والحقيقة" وعاد إلى فاس بعد مخاطر عديدة قابلته فى رحلته، ومكث فى فاس بعدها ثلاث سنين مشتغلاً بالدرس والتأليف.
وقد كان للشيخ أحمد بن عقبة الحضرمى القادرى اليمنى والذى استوطن مصر تأثيرا كبيرا على الشيخ أحمد زروق، فصحبه يستهدى بنصحه ثمانية شهور سلكه خلالها فى طريقته القادرية وصار أحد مريديه المخلصين، ثم قفل عائداً إلى بلده. وظل يتبادل الرسائل مع شيخه فى طريق عودته إلى طرابلس الغرب فتونس وبجاية "الجزائر" وفاس التى وصلها وخرج فقهاؤها لاستقباله على أطرافها، وعاش رضي الله عنه فى فاس أربع سنوات كان خلالها دائم الهجوم على الفقهاء الجاهلين، والقراء المداهنين، والصوفية المنافقين فى كثير من مؤلفاته ورسائله، وقد قوبل بصعوبة وسوء فهم، إلا أنه رغم كل الصعوبات تجمع لديه بعض الأتباع الذين شكلوا فيما بعد نواة الطريقة الزروقية فى المغرب، وقرر أن يهجر موطنه الأول الذى تنكر له إلى مستقر جديد، فقصد بجاية. حيث كان له رفاق وأتباع، ثم غادرها إلى القاهرة للاجتماع بشيخه الحضرمى، وقضى فى القاهرة بقية العام والعام الذى يليه، وجدد علاقته مع العلماء، وصار شيخاً علماً له مكانته ويتحلق من حوله طلبة العلم والأتباع، وفى السنة التالية قرر الشيخ السفر إلى مصراتة بليبيا. وقبل رحيله عن القاهرة ذهب لشيخه الحضرمى يودعه، فأخذ الحضرمى رقعة وكتب عليها هذين البيتين ورفعها إليه:

عش خامل الذكر بين الناس وارض به فذاك أسلم للدنيا وللدين
من خالط الناس لم تسلم ديانته ولم يزل بين تحريك وتسكين


وقد أقام الشيخ قبل استقراره بمصراتة فى طرابلس لفترة من الزمان ولم يغادر مصراتة بعد استقراره بها سوى مرتين، الأولى إلى الجزائر ليرعى بعض شؤونه هناك ويحضر أسرته، والثانية حيث أدى فريضة الحج للمرة الثالثة الأخيرة، وقضى بعدها السنوات الأربع الباقية من حياته وعرف مشاهير رجالها، ويُعدّ بعضهم ضمن شيوخ زروق كأحمد بن عبد الرحمن اليزليتنى المعروف بحلولو، وعلى الخروبى الطرابلسى وكان صديقاً حميماً للشيخ زروق وصار ابنه محمد أحد أتباع الشيخ المخلصين.
ولعل ما ذكره المؤرخ الصوفى محمد بن ناصر الدرعى بعد مرور قرن من ذلك الزمان يصف مصراتة ويقول وحسب مصراتة أن زروقاً اختارها مسكناً وأن الله اختارها له مدفناً، ذلك لما طبع عليه غالب أهلها من الحياء والتقشف ومحبة الصالحين والاعتناء بالمنتسب إلى طريقتهم، ولما طبعوا عليه من الكلام من عدم الفحش، ولما فيهم من السخاء ولين الجانب للغريب. وقد كان من أقران الشيخ ولى مسلاته الشيخ عبد الواحد الدكالى وهو شيخ ولى زليتن الشهير عبد السلام الأسمر حيث كان يأتى إليه الشيخ زروق من مصراتة إلى بلد مسلاته على فرس حمراء وبيده رمح كما ذكر ذلك الشيخ عبد السلام الأسمر، وقد أصاب الشيخ زروق الصدارة فى مجالس مصراتة وتجمع الطلبة والمريدون من حوله، فى المسجد الذى كان يؤدى فيه صلاته قرب منزله، وتزوج أمة الجليل بنت أحمد بن زكريا المصراتى وحملت له ولدين وبنتاً، فضلاً عن زوجته الفاسية فاطمة الزلاعية النى لحقت به من المغرب.

من أقواله:
قال فى بعض شروحه: من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل، الاعتماد على الشىء هو الاستناد عليه والركون إليه، والعمل حركة الجسم أو القلب فإن تحرك بما يوافق الشريعة سمى طاعة وإن تحرك بما يخالف الشريعة الشريعة سمى معصية والأعمال عند أهل الفن على ثلاثة أقسام: عمل الشريعة، وعمل الطريقة، وعمل الحقيقة، أو تقول: عمل الإسلام، وعمل الإيمان، وعمل الإحسان، أو تقول: عمل العبادة، وعمل العبوديه، وعمل العبودة، أى الحرية أو تقول: عمل أهل البداية، وعمل أهل الوسط، وعمل أهل النهاية، فالشريعة أن تعبده والطريقة أن تقصده والحقيقة أن تشهده أو تقول: الشريعة لإصلاح الظواهر والطريقة لإصلاح الضمائر والحقيقة لإصلاح السرائر. وإصلاح الجوارح بثلاثة أمور: بالتوبة والتقوى والاستقامة، وإصلاح القلوب بثلاثة أمور: بالإخلاص والصدق والطمأنينة، وإصلاح السرائر بثلاثة أمور: بالمراقبة والمشاهدة والمعرفة أو تقول: إصلاح الظواهر باجتناب النواهى وامتثال الأوامر، وإصلاح الضمائر بالتخلية من الرذائل والتحلية بأنواع الفضائل، وإصلاح السرائر وهى هنا الأرواح بذلها وانكسارها حتى تتهذب وترتاض الأدب والتواضع وحسن الخلق، وأما العلوم والمعارف فأنما هى ثمرات التصفية والتطهير فإذا تطهرت الأسرار ملئت بالعلوم والمعارف والأنوار. ولا يصح الانتقال إلى مقام حتى يحقق ما قبله فمن أشرقت بدايته أشرقت نهايته فلا ينتقل إلى عمل الطريقة حتى يحقق عمل الشريعة وترتاض جوارحه معها بأن يحقق التوبة بشروطها ويحقق التقوى بأركانها ويحقق الاستقامة بأقسامها وهى متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فى أقواله وأفعاله وأحواله فإذا تزكى الظاهر وتنور بالشريعة انتقل من عمل الشريعة الظاهرة إلى عمل الطريقة الباطنة وهى التصفية من أوصاف البشرية، فإذا تطهر من أوصاف البشرية تحلى بأوصاف الروحانية وهى الأدب مع الله فى تجلياته التى هى مظاهره فحينئذ ترتاح الجوارح من التعب، وما بقى إلا حسن الأدب.
قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَرُّوقٌ:
يَقُولُ الرَّاكِبُ أَى وَيَقُولُ رَاكِبُ السَّفِينَةِ ﴿بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّى لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ هود: 118-119، قَوْلُهُ ﴿سَخَّرَ لَنَا هَذَا﴾ الزخرف: 13، أَى ذَلِّلْ، هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِرَاكِبِ الدَّابَّةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَاشِى فَيَقْصِدُ سُبْحَانَ الَّذِى أَقَدْرَنَا عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: مُقْرِنِينَ تَفْسِيرٌ لِمُطِيقِينَ. أَى رَاجِعُونَ بِالْمَوْتِ وَحِكْمَةُ ذِكْرِ ذَلِكَ هُنَا أَنَّ الإِنْسَانَ بِرُكُوبِهِ مَظِنَّةَ الْمَوْتِ بِطَرْحِهَا إيَّاهُ. وَتُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ التِّجَارَةُ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ لأَنَّ فِى ذَلِكَ تَغْرِيراً لِلإِنْسَانِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَإِذْلالاً لِلدِّينِ، وَقَالَ النَّبِى عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلام فِى الْمُوَطَّأِ (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) الْحَدِيثُ، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: لَوْلا أَنَّ النَّبِى صلى الله عليه وسلم قَالَ (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ)، لَقُلْت: الْعَذَابُ قِطْعَةٌ مِنْ السَّفَرِ.
أَحْمَدَ زَرُّوقٍ جَمَعَ بَيْنَ الشَّرِيعَةِ وَالْحَقِيقَةِ، وَلِذَا وَصَفَهُ الشَّارِحُ بِالشَّيْخِ، أَخَذَ عَنْ الْعَلامَةِ شَيْخِ عَصْرِهِ الشَّيْخِ عَلِى السَّنْهُورِى. نقل أحمد زروق عن أبى حامد أنه قال: لا خلاف فى وجوب التأويل عند تعين شبهة لا ترتفع إلا به وأنت تعلم أن طريقة كثير من العلماء الأعلام وأساطين الإسلام الإمساك عن التأويل مطلقاً مع نفى التشبيه والتجسيم منهم الإمام أبو حنيفة والإمام مالك والإمام أحمد والإمام الشافعى ومحمد بن الحسن وسعد بن معاذ المروزى وعبد الله بن المبارك وأبو معاذ خالد بن سليمان صاحب سيفان الثورى واسحاق بن راهويه ومحمد بن اسماعيل البخارى والترمذى وأبو داود السجستانى.
من أوراد سيدى أحمد زروق: أستغفر الله العظيم لى ولوالدى ولأصحاب الحقوق علىّ وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، خمس مرات بعد كل فريضة، ملخصاً من شرح المصنف بزيادة.
قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَرُّوقٌ الْكَلامُ فِى الأَرْوَاحِ مُنْدَرِجٌ فِى الْكَلامِ عَلَى الشُّهَدَاءِ أَى: فَالتَّكَلُّمُ عَلَى وُجُوبِ اعْتِقَادِ حَيَاةِ أَرْوَاحِ الشُّهَدَاءِ تَكَلُّمٌ عَلَى حَيَاةِ بَقِيَّةِ أَرْوَاحِ غَيْرِهِمْ، أَى فَلَيْسَ ذَلِكَ عَقِيدَةً مُسْتَقِلَّةً، فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ وَمِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ أَى اسْتِقْلالاً قَوْلُهُ: وَأَرْوَاحٌ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّنْعِيمَ وَالْعَذَابَ لِلرُّوحِ فَقَطْ وَهُوَ غَيْرُ مَرْضِى، تَبِعَ فِيهِ ابْنُ حَزْمٍ وَابْنُ هُبَيْرَةَ الْقَائِلِينَ: أَنَّ التَّنْعِيمَ وَالْعَذَابَ لِلرُّوحِ فَقَطْ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا لِلرُّوحِ وَالْبَدَنِ جَمِيعاً بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ كَمَا قَالَ الْجَلالُ تَبَعاً لِشَيْخِهِ ابْنِ حَجَرٍ: وَالتَّنْعِيمُ وَالْعَذَابُ، إمَّا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ أَوْ لِجُزْئِهِ إمَّا بَعْدَ إعَادَةِ الرُّوحِ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَإِمَّا؛ لأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَخْلُقَ اللهُ فِى جَمِيعِ الأَجْزَاءِ أَوْ بَعْضِهَا نَوْعاً مِنْ الْحَيَاةِ قَدْرَ مَا تُدْرِكُ بِهِ أَلَمَ الْعَذَابِ أَوْ لَذَّةَ التَّنْعِيمِ. وَهَذَا لا يَسْتَلْزِمُ إعَادَةَ الرُّوحِ فِى بَدَنِهِ، وَلا أَنْ يَتَحَرَّكَ وَيَضْطَرِبَ أَوْ يُرَى أَثَرُ الْعَذَابِ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ آخَرُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ: بِأَنَّهُ إنَّمَا أَسْنَدَ التَّنْعِيمَ وَالْعَذَابَ لِلرُّوحِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِالأَجْسَامِ، فَيَلْزَمُ مِنْ تَنْعِيمِ أَوْ تَعْذِيبِ الأَرْوَاحِ تَنْعِيمُ أَوْ تَعْذِيبُ الأَجْسَادِ وَلا يَخْتَصُّ تَنْعِيمُ الْقَبْرِ بِمُؤْمِنِى هَذِهِ الأُمَّةِ كَمَا قَالَ الْقُرْطُبِى، كَمَا لا يَخْتَصُّ بِالْمُكَلَّفِينَ كَمَا أَفَادَهُ اللَّقَانِى.
وقد نسبت إليه هذه الأبيات وهو يخبر عن نفسه:

قد هجرت الخلق طرَّاً بأسرهم على أرى محبوب قلبى بمقلتى
ووجهت وجهى للذى فطر السما وأعرضت عن أفلاكها المستنيرة

وهذه قصيدة تدل على أنه كان على قِدَمٍ عظيم فى التمكين والتصريف وهى تدل على أنه كان من أكابر أهل الدوائر وقد نقل عن شيخه الأول الزيتونى أنه قال فيه: إنه رأس السبعة الأبدال نفعنا الله به.
شرح الأبيات الشبشترية وهى التى نقلها سيدى أحمد زروق فى شرح الحكم العطائية من قوله:

فلا يلتفت فى الشىء غيراً فكلما سوى الله غير فاتخذ ذكره حصنا
وكل مقام لا يقم فيه إنه حجاب فجد السير فاستنجد العونا
ومهما ترى كل المراتب تحتلى عليك فحل عنها فعن مثلها حلنا
وقل ليس لى إلا مرادك مطلب ولا صورة تجلى ولا طرفة تجنى

وهى رسالة لطيفة جمعها بين نظم ونثر التمسها منه ملتمس، فألفها، وقال فى آخرها مخاطباً لذلك الملتمس:

لقد حركت أشجان المشوق بما أرسلت تسأل ياصديقى
فهاك جواب نظم ضمن نظم ونثر فاق فى علم الطريق


مؤلفاته:
لقد كان لسيدى زروق تآليف كثيرة من كافة فنون العلوم وعلى رأسها علم التصوف، ولقد أحصوا مؤلفاته فوجدوا أنه قد ألف كَّراساً فى النصف من كل يوم، ولقد كانت مؤلفاته متعددة يميل فيها إلى الإختصار مع التحقيق والإفادة فيها:تفسير القرآن العظيم، شرح رسالة أبى زيد القيروانى، ثلاثة شروح على متن القرطبية، ستة وثلاثون شرحاً على الحكم العطائية، شرح على أسماء الله الحسنى، شرح على دلائل الخيرات، كتاب النصائح، قواعد الصوفية، العقائد الخمس، وله أيضا شَرْحِ الإِرْشَادِ، وَشَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَقِطْعَةٌ عَلَى مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ.

من كراماته:
أن قبيلة من قبائل عرب طرابلس كانوا قطاع طريق لا تمرُّ بهم قافلة إلا نهبوها فمر بهم الشيخ فنهبوه هو وتلاميذه حتى تركوهم مستورى العورة فنظر بعضهم إلى الشيخ فقال: أنظروا إلى هذا الأستاذ عنده ذهب فى سرواله فأمروه بنزع السروال فقال: سبحان الله العورة يحرم علينا كشفها، فقال له ثانيةً والأستاذ ينصحُهُ، فتقدم بعضهم إلى الشيخ، فقال للأرض: ابلعيهم فأخذتهم الأرض جميعاً، فصاروا يتضرعون إلى الشيخ ويقولون: تبنا إلى الله فقال للأرض: أطلقيهم فتابوا جميعاً وصاروا مع الشيخ ولم يتخلَّف منهم أحد وصاروا خدَّام الزاوية، وإلى الأن من نسلهم من يخدم الزاوية ويقال لهم: خدام الزاوية الزروقية.

وفاته:
توفى رضي الله عنه ونفع به عام ثمانمئة وتسعة وتسعين عن عمرٍ يناهز الثالثة والستين ودفن بسملاطة فى طرابلس الغرب وله مسجد كبير تقام فيه الشعائر ومقام وضريح يزار.
اللهم أرحمهم رحمة خاصة وأرضهم أجمعين وأحشرنا معهم بحسن الختام أمين.
سمير جمال


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=868
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد يونيو 2014 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد يونيو 2014   المجلة عدد يونيو 2014 Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 19, 2014 1:11 am

هل تعلم

قصة عبادتهم للعجل

فى غيب كليم الله عنهم قال الله تعالى ﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ • وَلَمَّا سُقِطَ فِى أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ • وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِى مِنْ بَعْدِى أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِى وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِى فَلا تُشْمِتْ بِى الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ • قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَلأَخِى وَأَدْخِلْنَا فِى رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ • إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُفْتَرِينَ • وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ • وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِى نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ الاعراف 148-154، وقال تعالى ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى • قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِى وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى • قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِى • فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِى • قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِىُّ • فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِى • أَفَلا يَرَوْنَ أَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا • وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِى وَأَطِيعُوا أَمْرِى • قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى • قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا • أَلا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى • قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِى وَلا بِرَأْسِى إِنِّى خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِى إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِى • قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِى • قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِى نَفْسِى • قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِى الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِى ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِى الْيَمِّ نَسْفًا • إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللهُ الَّذِى لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَىْءٍ عِلْمًا﴾ طه 83-98، يذكر تعالى ماكان من أمر بنى إسرائيل، حين ذهب موسى عليه السلام إلى ميقات ربه فمكث على الطور يناجيه ربه ويسأله موسى عليه السلام عن أشياء كثيرة وهو تعالى يجيبه عنها.
فعمد رجل منهم يقال له هارون السامرى، فأخذ ما كانوا استعاروه من الحلى، فصاغ منه عجلا وألقى فيه قبضة من التراب، كان أخذها من أثر فرس جبريل، حين رآه يوم أغرق الله فرعون على يديه. فلما ألقاها فيه خاركما يخور العجل الحقيقى. ويقال إنه استحال عجلا جسدا أى لحما ودما حيا يخور، قاله قتادة وغيره.
وقيل بل كانت الريح إذا دخلت من دبره خرجت من فمه فيخور كما تخور البقرة، فيرقصون حوله ويفرحون.
﴿فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِى﴾ أى فنسى موسى ربه عندنا، وذهب يتطلبه وهو هاهنا! تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، وتقدست أسماؤه وصفاته، وتضاعفت آلاؤه وهباته.
قال الله تعالى مبينا بطلان ما ذهبوا إليه، وما عولوا عليه من إلهية هذا الذى قصاراه أن يكون حيوانا بهيما أو شيطانا رجيما ﴿أَفَلا يَرَوْنَ أَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا؟﴾ وقال ﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ﴾.
فذكر أن هذا الحيوان لا يتكلم ولا يرد جوابا، ولا يملك ضرا ولا نفعا، ولا يهدى إلى رشد، اتخذوه وهم ظالمون لانفسهم، عالمون فى أنفسهم بطلان ما هم عليه من الجهل والضلال.
﴿وَلَمَّا سُقِطَ فِى أَيْدِيهِمْ﴾ أى ندموا على ما صنعوا ﴿وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾. فلما رجع موسى عليه السلام إليهم، ورأى ما هم عليه من عبادة العجل، ومعه الالواح المتضمنة التوراة، ألقاها، فيقال إنه كسرها. وهكذا هو عند أهل الكتاب، وإن الله أبدله غيرها، وليس فى اللفظ القرآنى ما يدل على ذلك، إلا أنه ألقاها حين عاين ما عاين. وعند أهل الكتاب: أنهما كانا لوحين، وظاهر القرآن أنها ألواح متعددة. ولم يتأثر بمجرد الخبر من الله تعالى عن عبادة العجل، فأمره بمعاينة ذلك.
ولهذا جاء فى الحديث الذى رواه الامام أحمد وابن حبان عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس الخبر كالمعاينة) ثم أقبل عليهم فعنفهم ووبخهم فى صنيعهم هذا القبيح فاعتذروا إليه، بما ليس بصحيح، قالوا إنا ﴿حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِىُّ﴾ تحرجوا من تملك حلى آل فرعون وهم أهل حرب، وقد أمرهم الله بأخذه وأباحه لهم، ولم يتحرجوا بجهلهم وقلة علمهم وعقلهم من عبادة العجل الجسد الذى له خوار، مع الواحد الاحد الفرد الصمد القهار! ثم أقبل على أخيه هارون عليه السلام قائلا له ﴿يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلا تَتَّبِعَنِ﴾ أى هلا لما رأيت ما صنعوا اتبعتنى فاعلمتنى بما فعلوا. فقال ﴿إِنِّى خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِى إِسْرَائِيلَ﴾ أى تركتهم وجئتنى وأنت قد استخلفتنى فيهم.
﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَلأَخِى وَأَدْخِلْنَا فِى رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ وقد كان هارون عليه السلام نهاهم عن هذا الصنيع الفظيع أشد النهى، وزجرهم عنه أتم الزجر.
قال الله تعالى ﴿وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ﴾ أى إنما قدر الله أمر هذا العجل وجعله يخور فتنة واختبارا لكم، ﴿وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ ﴾ أى لا هذا ﴿فَاتَّبِعُونِى﴾ أى فيما أقول لكم ﴿وَأَطِيعُوا أَمْرِى • قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى﴾ فشهد الله لهارون عليه السلام ﴿وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا﴾ أنه نهاهم وزجرهم عن ذلك فلم يطيعوه ولم يتبعوه.
ثم أقبل موسى على السامرى ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِى؟﴾ " أى أى ما حملك على ما صنعت؟ ﴿بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ أى رأيت جبرائيل وهو راكب فرسا ﴿فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ﴾ أى من أثر فرس جبريل.
وقد ذكر بعضهم أنه رآه، وكلما وطئت بحوافرها على موضع اخضر وأعشب، فأخذ من أثر حافرها، فلما ألقاه فى هذا العجل المصنوع من الذهب كان من أمره ما كان.
ولهذا قال ﴿فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِى نَفْسِى قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِى الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ﴾ وهذا دعاء عليه بأن لا يمس أحدا، معاقبة له على مسه ما لم يكن له مسه، هذا معاقبة له فى الدنيا، ثم توعده فى الاخرى فقال ﴿وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ﴾ وقرئ ﴿لَنْ نُخْلَفَهُ﴾ ﴿وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِى ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِى الْيَمِّ نَسْفًا﴾ قال: فعمد موسى عليه السلام إلى هذا العجل، فحرقه قيل: بالنار، كما قاله قتادة وغيره. وقيل: بالمبارد، كما قاله على وابن عباس وغيرهما، وهو نص أهل الكتاب، ثم ذراه فى البحر، وأمر بنى إسرائيل فشربوا، فمن كان من عابديه علق على شفاههم من ذلك الرماد ما يدل عليه، وقيل بل اصفرت ألوانهم. ثم قال تعالى إخبارا عن موسى أنه قال لهم ﴿إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللهُ الَّذِى لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَىْءٍ عِلْمًا﴾.
وقال تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُفْتَرِينَ﴾ وهكذا وقع.
وقد قال بعض السلف ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُفْتَرِينَ﴾ مسجلة لكل صاحب بدعة إلى يوم القيامة! ثم أخبر تعالى عن حلمه ورحمته بخلقه، وإحسانه على عبيده فى قبوله توبة من تاب إليه، بتوبته عليه، فقال ﴿َالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
لكن لم يقبل الله توبة عابدى العجل إلا بالقتل، كما قال تعالى ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾البقرة 54، فيقال إنهم أصبحوا يوما وقد أخذ من لم يعبد العجل فى أيديهم السيوف، وألقى الله عليهم ضبابا حتى لا يعرف القريب قريبه ولا النسيب نسيبه، ثم مالوا على عابديه فقتلوهم وحصدوهم فيقال إنهم قتلوا فى صبيحة واحدة سبعين ألفا! ثم قال تعالى ﴿وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِى نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ استدل بعضهم بقوله ﴿وَفِى نُسْخَتِهَا﴾ على أنها تكسرت، وفى هذا الاستدلال نظر، وليس فى اللفظ ما يدل على أنها تكسرت. وقد ذكر ابن عباس فى حديث الفتون: أن عبادتهم العجل كانت على أثر خروجهم من البحر. وما هو ببعيد، لانهم حين خرجوا ﴿قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾. وهكذا عند أهل الكتاب، فإن عبادتهم العجل كانت قبل مجيئهم بلاد بيت المقدس.
وذلك أنهم لما أمروا بقتل من عبد العجل، قتلوا فى أول يوم ثلاثة آلاف، ثم ذهب موسى يستغفر لهم، فغفر لهم بشرط أن يدخلوا الارض المقدسة.
الراوى


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=869
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد يونيو 2014 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد يونيو 2014   المجلة عدد يونيو 2014 Icon_minitimeالسبت أغسطس 23, 2014 7:36 pm

صحابة

سيدنا الحسين بن على رضي الله عنه 1

نسبه وكنيته رضي الله عنه:
الحسين بن على بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، القرشى الهاشمى، أبو عبد الله ريحانة النبى صلى الله عليه وسلم، وشبهه من الصدر إلى ما أسفل منه، ولما ولد أذن النبى صلى الله عليه وسلم فى أذنه، وتفل فى فمه، ودعا له وسماه حسينا، يوم السابع، وعق عنه، وهو سيد شباب أهل الجنة، وخامس أهل الكساء، الشهيد الإمام الشريف الكامل، أمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيدة نساء العالمين. وعن على بن أبى طالب رضي الله عنه قال: لما ولد الحسن سميته حرباً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (أرونى ابنى ما سميتموه؟)، قلنا: حرباً، قال (بل حسن)، فلما ولد الحسين سميته حرباً، فجاء النبى صلى الله عليه وسلم فقال (أرونى ابنى ما سميتموه؟)، قلنا: حرباً، قال (بل حسين)، فلما ولد الثالث سميته حرباً، فجاء النبى صلى الله عليه وسلم فقال (أرونى ابنى ما سميتموه؟)، قلنا: حرباً، قال (بل محسن)، ثم قال (سميتهم بأسماء ولد هارون: شبر وشبير ومشبر).
قال: وأخبرنا الدولابى قال: الحسن والحسين من أسماء أهل الجنة لم يكونا فى الجاهلية قال: وأخبرنا الدولابى، قال: قال الليث بن سعد: ولدته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، وقال جعفر بن محمد: لم يكن بين الحمل بالحسين بعد ولادة الحسن إلا طهر واحد، وقال قتادة: ولد الحسين بعد الحسن بسنة وعشرة أشهر، فولدته لست سنين، وخمسة أشهر ونصف شهر من الهجرة. وقيل أنه ولد لخمس خلون من شعبان سنة أربع وقيل سنة ثلاث هذا قول الواقدى وطائفة معه. وعق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما عق عن أخيه وكان الحسين فاضلاً ديناً كثير الصيام والصلاة والحج.
قال جعفر الصادق: بين الحسن والحسين فى الحمل طهر واحد. ومولده فى شعبان سنة أربع من الهجرة.

أولاده رضي الله عنهم:
فأولاد الحسين هم، علي الأكبر الذى قتل مع أبيه، وعلي زين العابدين،وذريته عدد كثير، وجعفر، وعبد الله ولم يعقبا. وفاطمة، وسكينة المدفونة بالمراغة بقرب نفيسة رضي الله عنهم أجمعين. فولد لزين العابدين الحسن والحسين ماتا صغيرين، ومحمد الباقر، وعبد الله، وزيد، وعمر، وعلى، ومحمد الأوسط ولم يعقب، وعبد الرحمن، وحسين الصغير، والقاسم ولم يعقب.

أوصافه رضي الله عنه:
قال: وأخبرنا الترمذى قال: الحسن أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك.
عن أنس بن مالك قال: أتى عبيد الله بن زياد لرأس الحسين بن على رضي الله عنه، فجعل فى طست، فجعل ينكت عليه، وقال فى حسنه شيئاً. قال أنس: كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مخضوباً بالوسمة. هذا حديث صحيح متفق عليه.
روى هانئ بن هانئ، عن على، قال: الحسين أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من صدره إلى قدميه. وعن أنس، قال: شهدت ابن زياد حيث أتى برأس الحسين، فجعل ينكت بقضيب معه، فقلت: أما إنه كان أشبههما بالنبى صلى الله عليه وسلم.
وعن عبيد الله بن أبى يزيد، قال: رأيت الحسين بن على أسود الرأس واللحية إلا شعرات فى مقدم لحيته. وعن عمر بن عطاء: رأيت الحسين يصبغ بالوسمة -الوسمة: نبت يختضب به يميل إلى سواد- كان رأسه ولحيته شديدى السواد. وعن السدى، قال: رأيت الحسين وله جمة خارجة من تحت عمامته. أخرجه الطبرانى. وقال العيزار بن حريث: رأيت على الحسين مطرفاً من خز.

أهم ملامح شخصيته رضي الله عنه:
قال الزبير بن بكار: حدثنى مصعب قال: حج الحسين خمساً وعشرين حجة ماشياً. فإذا يكون قد حج وهو بالمدينة قبل دخولهم العراق منها ماشياً فإنه لم يحج من العراق، وجميع ما عاش بعد مفارقة العراق تسع عشرة سنة وشهوراً، فإنه عاد إلى المدينة من العراق سنة إحدى وأربعين.
وكان الحسين رضي الله عنه كارهاً لما فعله أخوه الحسن من تسليم الأمر إلى معاوية، وقال: أنشدك الله أتصدق أحدوثة معاوية وتكذب أحدوثة أبيك، فقال له الحسن: اسكت، أنا أعلم بهذا الأمر منك. وقد كظم الحسين رضي الله عنه، وأطاع أخاه، وبايع.
وكان الحسين رضي الله عنه فاضل العمل، كثير الصوم، والصلاة، والحج، والصدقة، وأفعال الخير جميعها.
حدث عن جده، وأبويه، وصهره عمر، وطائفة. حدث عنه: ولداه على وفاطمة، وعبيد بن حنين، وهمام الفرزدق، وعكرمة، والشعبى، وطلحة العقيلى، وابن أخيه زيد بن الحسن، وحفيده محمد بن على الباقر، ولم يدركه، وبنته سكينة، وآخرون.
وعن الشعبى، قال: رأيت الحسين يتختم فى شهر رمضان.
وكان يقبل جوائز معاوية، ومعاوية يرى له، ويحترمه، ويجله، فلما أن فعل معاوية ما فعل بعد وفاة السيد الحسن من العهد بالخلافة إلى ولده يزيد، تألم الحسين، وحق له، وامتنع هو وابن أبى بكر وابن الزبير من المبايعة، حتى قهرهم معاوية، وأخذ بيعتهم مكرهين، وغلبوا، وعجزوا عن سلطان الوقت.
فلما مات معاوية، تسلم الخلافة يزيد، وبايعه أكثر الناس، ولم يبايع له ابن الزبير ولا الحسين، وأنفوا من ذلك. ورأى كل واحد منهما نفسه أولى بالدفاع عن الأمر، والاضطلاع بهذه المسئولية فى سبيل نصرة الحق، فسارا فى الليل من المدينة.
وعن ابن عباس، قال: استشارنى الحسين فى الخروج. فقلت: لولا أن يزرى بى وبك، لنشبت يدى فى رأسك. فقال: لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلى من أن أستحل حرمتها، يعنى مكة. وكان ذلك الذى سلى نفسى عنه. رجاله ثقات وأخرجه الطبرانى، وقال الهيثمى: ورجاله رجال الصحيح. قلت: فعلم أنه مقتول لا محال لأنه لن يقبل هذا الباطل، ولم يحب أن يقتل فى مكة فتستباح حرمتها.
وحدثنا الشعبى قال: كان ابن عمر قدم المدينة، فأخبر أن الحسين قد توجه إلى العراق، فلحقه على مسيرة ليلتين، فقال: أين تريد؟ قال: العراق، ومعه طوامير وكتب، فقال: لا تأتهم. قال: هذه كتبهم وبيعتهم. فقال: إن الله خير نبيه بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، وإنكم بضعة منه، لايليها أحد منكم أبدًا، وما صرفها الله عنكم إلا للذى هو خير لكم، فارجعوا. فأبى، فاعتنقه ابن عمر، وقال: أستودعك الله من قتيل. ابن عساكر. وفى رواية: ناشده، وقال: إن أهل العراق قوم مناكير، قتلوا أباك، وضربوا أخاك، وفعلوا وفعلوا.
وعن بشر بن غالب، أن ابن الزبير قال للحسين: إلى أين تذهب؟ إلى قوم قتلوا أباك، وطعنوا أخاك. فقال: لأن أقتل أحب إلى من أن تستحل، يعنى مكة. قال: كان أهل الكوفة يكتبون إلى الحسين يدعونه إلى الخروج إليهم زمن معاوية، كل ذلك يأبى، فقدم منهم قوم إلى محمد بن الحنفية، وطلبوا إليه المسير معهم، فأبى، وجاء إلى الحسين، فأخبره، وقال: إن القوم يريدون أن يأكلوا بنا، ويشيطوا دماءنا، فأقام حسين على ما هو عليه منتظرا، فجاءه أبو سعيد الخدرى، فقال: يا أبا عبد الله، إنى لك ناصح ومشفق، وقد بلغنى أنه كاتبك قوم من شيعتك، فلا تخرج إليهم، فإنى سمعت أباك يقول بالكوفة: والله لقد مللتهم وملونى وأبغضتهم وأبغضونى، وما بلوت منهم وفاء، ولا لهم ثبات ولا عزم ولا صبر على السيف ابن عساكر.
وكتب مروان إلى معاوية: إنى لست آمن أن يكون الحسين مرصداً للفتنة، وأظن يومكم منه طويلاً. فكتب معاوية إلى الحسين: إن من أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير أن يفى، وقد أنبئت بأن قوماً من الكوفة دعوك إلى الشقاق، وهم من قد جربت، قد أفسدوا على أبيك وأخيك، فاتق الله، واذكر الميثاق، فإنك متى تكدنى، أكدك. فكتب إليه الحسين: أتانى كتابك، وأنا بغير الذى بلغك جدير، وما أردت لك محاربة ولا خلافاً، وما أظن لى عذراً عند الله فى ترك جهادك، وما أعلم فتنة أعظم من ولايتك. فقال معاوية: إن أثرنا بأبى عبد الله إلا أسداً. تاريخ الاسلام وابن عساكر. قلت: وهكذا نرى أن ما حركهم للجهاد وما أقعدهم عنه لم يكن غير نصرة الدين.
قالوا: ولما حضر معاوية الموت، دعا يزيد، فأوصاه، وقال: انظر حسيناً، فإنه أحب الناس إلى الناس، فصل رحمه، وارفق به. ومات معاوية فى نصف رجب، وبايع الناس يزيد، فكتب إلى والى المدينة الوليد بن عتبة بن أبى سفيان: أن ادع الناس وبايعهم، وابدأ بالوجوه، وارفق بالحسين، فبعث إلى الحسين وابن الزبير فى الليل، ودعاهما إلى بيعة يزيد، فقالا: نصبح وننظر فيما يعمل الناس. ووثبا، فخرجا. وقد كان الوليد أغلظ للحسين، فشتمه حسين، وأخذ بعمامته، فنزعها، فقال الوليد: إن هجنا بهذا إلا أسداً. فقال له مروان أو غيره: اقتله. قال: إن ذاك لدم مصون. ابن عساكر. وخرج الحسين وابن الزبير لوقتهما إلى مكة، ونزل الحسين بمكة دار العباس، ولزم عبد الله الحجر، ولبس المعافرى -المعافرى: برود باليمن منسوبة إلى قبيلة معافر- وجعل يحرض على بنى أمية، وكان يغدو ويروح إلى الحسين، ويشير عليه، وكان ابن عباس ينهاه. ابن عساكر.وقال له عبد الله بن مطيع: فداك أبى وأمى، متعنا بنفسك ولا تسر، فوالله لئن قتلت ليتخذونا خولاً وعبيداً. ابن سعد، ابن عساكر. ولقيهما عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عياش بن أبى ربيعة منصرفين من العمرة، فقال لهما: أذكركما الله إلا رجعتما، فدخلتما فى صالح ما يدخل فيه الناس وتنظران، فإن اجتمع عليه الناس لم تشذا، وإن افترق عليه كان الذى تريدان. تهذيب ابن عساكر. فكان ابن عمر يقول: غلبنا بخروجه، ولعمرى لقد رأى فى أبيه وأخيه عبرة، ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغى له أن لا يتحرك. ابن عساكر. قلت: ولكنه كان يعلم قدره ويسعى إليه من النبى صلى الله عليه وسلم وأبيه رضي الله عنه.
قال: وكتبت إليه عمرة تعظم ما يريد أن يصنع، وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه، وتقول: حدثتنى عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (يقتل حسين بأرض بابل)، فلما قرأ كتابها، قال: فلابد إذا من مصرعى. تهذيب ابن عساكر. وكتب إليه عبد الله بن جعفر يحذره ويناشده الله. فكتب إليه: إنى رأيت رؤيا، رأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرنى بأمر أنا ماض له. تاريخ الطبرانى. وأبى الحسين على كل من أشار عليه إلا المسير إلى العراق. تهذيب ابن عساكر. وقال له ابن عباس: إنى لأظنك ستُقتل غداً بين نسائك وبناتك كما قُتل عثمان، وإنى لأخاف أن تكون الذى يقاد به عثمان، فإنا لله وإنا إليه راجعون. قال: أبا العباس! إنك شيخ قد كبرت. فقال: لولا أن يزرى بى وبك، لنشبت يدى فى رأسك، ولو أعلم أنك تقيم، إذا لفعلت، ثم بكى، وقال: أقررت عين ابن الزبير. ثم قال بعد لابن الزبير: قد أتى ما أحببت أبو عبد الله، يخرج إلى العراق، ويتركك والحجاز.

أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم فيه:
وروى ابن حبان وابن سعد وأبو يعلى وابن عساكر عن جابر بن عبد الله فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من سره أن ينظر الى رجل من أهل الجنة -وفى لفظ: سيد شباب الجنة- فلينظر الى الحسين بن على). وروى خيثمة بن سليمان عن أبى هريرة، ان النبى صلى الله عليه وسلم جلس فى المسجد، فقال (أين لكع)، فجاء الحسين يمشى حتى سقط فى حجره، فجعل أصابعه فى لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففتح صلى الله عليه وسلم فمه أى الحسين فأدخل فاه فى فيه، ثم قال (اللهم انى أحبه فأحبه وأحب من يحبه).
وروى الحسن بن الضحاك عن أبى هريرة، قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتص لعاب الحسين كما يمتص الرجل الثمرة، وكان ابن عمر جالسا فى ظل الكعبة، اذ رأى الحسين مقبلا فقال: هذا أحب أهل الارض الى أهل السماء اليوم. وجاء رجل الى الحسن يستعين به فى حاجة فوجده معتكفا فى خلوة فاعتذر اليه، فذهب الى أخيه الحسين فاستعان به فقضى حاجته، وقال: قضاء حاجة فى الله عز وجل أحب الى من اعتكافى شهرا.
عن أبى هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: كان الحسن والحسين يصطرعان بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله يقول (هى حسن)، قالت فاطمة: لمَ تقول: هى حسن؟ قال (إن جبريل يقول: هى حسين).
عن عبد الرحمن بن أبى نعيم أن رجلاً من أهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب، فقال ابن عمر: انظروا إلى هذا يسأل عن دم البعوض وقد قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (الحسن والحسين ريحانتاى من الدنيا).
أخرج الحاكم وصححه عن يحى العامرى وعن يعلى بن مرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (حسين منى، وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً. حسين سبط من الأسباط).
وروى الأوزاعى، عن شداد بن عبد الله قال: سمعت واثلة بن الأسقع، وقد جىء برأس الحسين، فلعنه رجل من أهل الشام ولعن أباه، فقام واثلة وقال: والله لا أزال أحب علياً والحسن والحسين وفاطمة بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهم ما قال، لقد رأيتنى ذات يوم، وقد جئت النبى صلى الله عليه وسلم فى بيت أم سلمة، فجاء الحسن فأجلسه على فخذه اليمنى وقبله، ثم جاء الحسين فأجلسه على فخذه اليسرى وقبله، ثم جاءت فاطمة فأجلسها بين يديه، ثم دعا بعلى ثم قال ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ الأحزاب: 33، قلت لواثلة: ما الرجس؟ قال: الشك فى الله عز وجل.
وعن معاوية بن أبى مزرد عن أبيه قال: سمعت أبا هريرة يقول: أبصرت عيناى هاتان وسمعت أذناى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بكفى حسين وقدماه على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول (ترق عين بقة). قال فرقى الغلام حتى وضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (افتح فاك). ثم قبله ثم قال (اللهم أحبه فإنى أحبه). هكذا حدث به العمرى عن الزهرى عن على بن الحسين عن أبيه عن النبى صلى الله عليه وسلم.
وعن أبى أيوب الانصارى، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحسن والحسين يلعبان على صدره، فقلت: يارسول الله! أتحبهما؟! قال (كيف لاأحبهما وهما ريحانتاى من الدنيا). رواه الطبرانى فى المعجم. وعن الحارث، عن على مرفوعاً (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)، أخرجه الطبرانى.
وعن جابر، أنه قال وقد دخل الحسين المسجد: من أحب أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة، فلينظر إلى هذا، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره الهيثمى فى المجمع، أخرجه أحمد فى مسنده.
وقال شهر: عن أم سلمة: إن النبى صلى الله عليه وسلم جلل علياً وفاطمة وابنيهما بكساء، ثم قال (اللهم هؤلاء أهل بيت بنتى وحامتى)، حامة الانسان: خاصته وما يقرب منه، وهو الحميم أيضاً، (اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)، فقلت: يارسول الله! أنا منهم؟ قال (إنك إلى خير)، إسناده جيد، روى من وجوه عن شهر.
وعن يعلى العامرى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (حسين سبط من الأسباط، من أحبنى فليحب حسيناً)، وفى لفظ (أحب الله من أحب حسيناً). وأخرجه ابن ماجه، والترمذى، وحسنه، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبى.
أبو بكر بن عياش: عن عاصم، عن زر، عن عبد الله: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد الحسن والحسين، ويقول (هذان ابناى، فمن أحبهما فقد أحبنى، ومن أبغضهما فقد أبغضنى).
ويروى عن أبى هريرة مرفوعاً نحوه وفى مراسيل يزيد بن أبى زياد: أن النبى صلى الله عليه وسلم سمع حسيناً يبكى، فقال لأمه (ألم تعلمى أن بكاءه يؤذينى). أخرجه الطبرانى، والهيثمى فى المجمع.
وعن الازرق بن قيس، قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أسقف نجران والعاقب -هو أمير القوم، وذو رأيهم، وصاحب مشورتهم، والذين لا يصدرون إلا عن رأيه وأمره، واسمه عبد المسيح- فعرض عليهما الإسلام، فقالا: كنا مسلمين قبلك. قال (كذبتما! إنه منع الاسلام منكما ثلاث، قولكما: اتخذ الله ولداً، وأكلكما الخنزير، وسجودكما للصنم). قالا: فمن أبو عيسى؟ فما عرف حتى أنزل الله عليه ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آَدَمَ﴾ إلى قوله ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ﴾ آل عمران: 59-63، فدعاهما إلى الملاعنة -الملاعنة: تفسيرها كما جاء فى الآية الكريمة: ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ آل عمران: 59-63- وأخذ بيد فاطمة والحسن والحسين، وقال (هؤلاء بنى). قال: فخلا أحدهما بالآخر، فقال: لا تلاعنه، فإن كان نبياً، فلا بقية، فقالا: لا حاجة لنا فى الإسلام ولا فى ملاعنتك، فهل من ثالثة؟ قال (نعم، الجزية)، فأقرا بها، ورجعا. أورده السيوطى فى الدر المنثور، ونسبه لابن سعد وعبد بن حميد،
وعن قتادة، قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباهل -المباهلة: الملاعنة، يقال فى الكلام: ماله بهله الله، أى: لعنه الله، وماله؟ عليه بهلة الله، يريد: اللعن- أهل نجران، أخذ بيد الحسن والحسين، وقال لفاطمة: اتبعينا، فلما رأى ذلك أعداء الله، رجعوا.

أثر الرسول صلى الله عليه وسلم فى تربيته:
عن فاطمة بنت الحسين رضي الله عنها: أنها سمعت أباها الحسين بن على يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ما من مسلم ولا مسلمة تصيبه مصيبة، وإن قدم عهدها، فيحدث لها استرجاعاً إلا أحدث الله له عند ذلك، وأعطاه ثواب ما وعده بها يوم أصيب بها).
عن الحسين بن على قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمان أمتى من الغرق إذا ركبوا البحر أن يقرؤوا ﴿بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّى لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ هود: 41. وقال أبو عمر روى الحسين بن على عن النبى صلى الله عليه وسلم قوله (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).
وروى إبراهيم بن سعد عن الحسين بن على عن النبى صلى الله عليه وسلم حديثاً فى ابن صائد (اختلفتم وأنا بين أظهركم فأنتم بعدى أشد اختلافا).

بعض مواقفه مع الصحابة رضي الله عنهم:
عن أبى المهزم، قال: كنا فى جنازة، فأقبل أبو هريرة ينفض بثوبه التراب عن قدم الحسين.
وعن الحسين، قال: صعدت المنبر إلى عمر، فقلت: انزل عن منبر أبى، واذهب إلى منبر أبيك. فقال: إن أبى لم يكن له منبر! فأقعدنى معه، فلما نزل، قال: أى بنى! من علمك هذا؟ قلت: ما علمنيه أحد. قال: أى بنى! وهل أنبت على رؤوسنا الشعر إلا الله ثم أنتم! ووضع يده على رأسه، وقال: أى بنى! لو جعلت تأتينا وتغشانا. أخرجه الخطيب فى تاريخه، وذكره الحافظ فى الاصابة، وصحح إسناده. إسناده صحيح.
روى جعفر بن محمد، عن أبيه: أن عمر جعل للحسين مثل عطاء على، خمسة آلاف.
حماد بن زيد: عن معمر، عن الزهرى: أن عمر كسا أبناء الصحابة، ولم يكن فى ذلك ما يصلح للحسن والحسين، فبعث إلى اليمن، فأتى بكسوة لهما، فقال: الآن طابت نفسى.
الواقدى: حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم التيمى، عن أبيه، أن عمر ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما لقرابتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكل واحد خمسة آلاف.
وقال أبو بكر بن عياش: كتب الأحنف إلى الحسين: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ﴾ الروم: 60. وعن لبطة بن الفرزدق، عن أبيه قال: لقيت الحسين، فقلت: القلوب معك، والسيوف مع بنى أمية.

أقوال الصحابة عنه رضي الله عنهم:
حدثنى سلمى قال: دخلت على أم سلمة، وهى تبكى، فقلت: ما يبكيك؟ قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام، وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت: ما لك يا رسول الله؟ قال (شهدت قتل الحسين آنفاً).
وعن العيزار بن حريث، قال: بينا عمرو بن العاص فى ظل الكعبة، إذ رأى الحسين، فقال: هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم. فقال أبو إسحاق: بلغنى أن رجلاً جاء إلى عمرو، فقال: علىّ رقبة من ولد إسماعيل. فقال: ما أعلمها إلا الحسن والحسين.وعن عمرو بن دينار، قال: كان الرجل إذا أتى ابن عمر، فقال: إن علىّ رقبة من بنى إسماعيل، قال: عليك بالحسن والحسين. وقال أبو عبيدة بن المثنى: كان على الميسرة يوم الجمل الحسين.
وعن ابن سيرين: لم تبك السماء على أحد بعد يحيى عليه السلام إلا على الحسين. تهذيب ابن عساكر.
وعن عيسى بن الحارث الكندى، قال: لما قُتل الحسين، مكثنا أياماً سبعة، إذا صلينا العصر، فنظرنا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة، ونظرنا إلى الكواكب يضرب بعضها بعضاً. الطبرانى وابن عساكر.
وعن على بن مدرك، عن جده الأسود بن قيس، قال: احمرت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستة أشهر تُرى كالدم. قال هشام بن حسان، عن محمد، قال: تعلم هذه الحمرة فى الأفق مم؟ هو من يوم قتل الحسين. وحدثتنا نضرة الازدية، قالت: لما أن قُتل الحسين، مطرت السماء ماء، فأصبحت وكل شئ لنا ملآن دماً. قال جعفر بن سليمان الضبعى: حدثتنى خالتى قالت: لما قُتل الحسين، مطرنا مطراً كالدم. وعن يزيد بن أبى زياد، قال: قُتل الحسين ولى أربع عشرة سنة، وصار الورس الذى كان فى عسكرهم رماداً، واحمرت آفاق السماء، ونحروا ناقة فى عسكرهم، فكانوا يرون فى لحمها النيران تهذيب ابن عساكر. قال ابن عيينة: حدثتنى جدتى قالت: لقد رأيت الورس عاد رماداً، ولقد رأيت اللحم كأن فيه النار حين قُتل الحسين. الطبرانى.
وقال قرة بن خالد: سمعت أبا رجاء العطاردى قال: كان لنا جار من بلهجيم، فقدم الكوفة، فقال: ما ترون هذا الفاسق ابن الفاسق قتله الله -يعنى الحسين رضي الله عنه- فرماه الله بكوكبين من السماء، فطمس بصره الطبرانى قال الهيثمى ورجاله رجال الصحيح.
قال عطاء بن مسلم الحلبى: قال السدى: أتيت كربلاء تاجراً، فعمل لنا شيخ من طى طعاماً، فتعشينا عنده، فذكرنا قتل الحسين، فقلت: ما شارك أحد فى قتله إلا مات ميتة سوء. فقال: ما أكذبكم، أنا ممن شرك فى ذلك. فلم نبرح حتى دنا من السراج وهو يتقد بنفط، فذهب يخرج الفتيلة بأصبعه، فأخذت النار فيها، فذهب يطفئها بريقه، فعلقت النار فى لحيته، فعدا، فألقى نفسه فى الماء، فرأيته كأنه حممة. تهذيب ابن عساكر.
وقال ابن عيينة، حدثتنى جدتى أم أبى قالت: أدركت رجلين ممن شهد قتل الحسين، فأما أحدهما، فطال ذكره حتى كان يلفه. وأما الآخر، فكان يستقبل الرواية، فيشربها كلها الطبرانى ومجمع الزوائد.
وقال حماد بن زيد، عن معمر، قال: أول ما عرف الزهرى أنه تكلم فى مجلس الوليد، فقال الوليد: أيكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين؟ فقال الزهرى: بلغنى أنه لم يقلب حجر إلا وجد تحته دم عبيط. معجم الطبرانى والمجمع.
وعن أنس، قال: لما قُتل الحسين، جئ برأسه إلى ابن زياد، فجعل ينكت بقضيب على ثناياه، وقال: إن كان لحسن الثغر، فقلت: أما والله لاسوءنك، فقلت: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل موضع قضيبك من فيه. معجم الطبرانى.
وعن زيد بن أرقم، قال: كنت عند عبيد الله، فأتى برأس الحسين، فأخذ قضيباً، فجعل يفتر به عن شفتيه، فلم أر ثغراً كان أحسن منه كأنه الدر، فلم أملك أن رفعت صوتى بالبكاء. فقال: ما يبكيك أيها الشيخ؟ قلت: يبكينى ما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيته يمص موضع هذا القضيب، ويلثمه، ويقول (اللهم إنى أحبه فأحبه).
وعن ابن عباس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى النوم نصف النهار، أشعث أغبر، وبيده قارورة فيها دم. قلت: يارسول الله، ماهذا؟ قال (هذا دم الحسين وأصحابه، لم أزل منذ اليوم التقطه). فأحصى ذلك اليوم، فوجدوه قُتل يومئذ. أخرجه أحمد، والطبرانى وسنده قوى كما قال الحافظ ابن كثير فى البداية. وهو فى تهذيب ابن عساكر.
قال أبا كرب: كنت فيمن توثب على الوليد بن يزيد بدمشق، فأخذت سفطاً، وقلت: فيه غنائى، فركبت فرسى، وخرجت به من باب توما، قال: ففتحته، فإذا فيه رأس مكتوب عليه. هذا رأس الحسين بن على، فحفرت له بسيفى، فدفنته. وعن عمار بن أبى عمار، سمعت أم سلمة تقول: سمعت الجن يبكين على حسين، وتنوح عليه. معجم الطبرانى ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمى.
قال هشام بن الكلبى: لما أجرى الماء على قبر الحسين، انمحى أثر القبر، فجاء أعرابى، فتتبعه، حتى وقع على أثر القبر، فبكى، وقال:
أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه فطيب تراب القبر دل على القبر
وحدثنا جعفر بن محمد عن أبيه، قال: قُتل على وهو ابن ثمان وخمسين. ومات لها حسن، وقتل لها حسين. الطبرانى.
وعن شهر بن حوشب، قال: كنت عند أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم حين أتاها قتل الحسين، فقالت: قد فعلوها؟! ملا الله بيوتهم وقبورهم ناراً، ووقعت مغشية عليها، فقمنا.
وعن على، قال: ليُقتلن الحسين قتلاً، وإنى لأعرف تراب الأرض التى يقتل بها. أخرجه الطبرانى، وقال الهيثمى فى المجمع: ورجاله ثقات. وعن عمار الدهنى: أن كعباً مر على على، فقال: يقتل من ولد هذا رجل فى عصابة لا يجف عرق خيلهم حتى يردوا على محمد صلى الله عليه وسلم، فمر حسن، فقيل: هذا؟ قال: لا. فمر حسين، فقيل: هذا؟ قال: نعم. أخرجه الطبرانى ورجاله ثقات. وعن العلاء بن أبى عائشة، عن أبيه، عن رأس الجالوت، قال: كنا نسمع أنه يقتل بكربلاء ابن نبى. أخرجه الطبرانى. وقد صح عن إبراهيم النخعى رحمه الله أنه كان يقول: لو كنت ممن قاتل الحسين رضي الله عنه، ثم أُدخلت الجنة لاستحييت أن أنظر إلى وجه المصطفى .
ونكمل فى العدد القادم إن شاء الله...
مدحت عمر


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=870
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد يونيو 2014 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد يونيو 2014   المجلة عدد يونيو 2014 Icon_minitimeالسبت أغسطس 23, 2014 7:55 pm

أهل الله

النصيحة

النصيحة: كلمة جامعة مشتقة من مادة ن ص ح الموضوعة لمعنيين: أَحدهما الخلوصُ والبَقاءُ، والثانى: الالتئام والرفاءُ. يقال: نصح الشىء: إِذا خَلَص، ويمكن أَن يكونَ النُّصْح والنَّصِيحة من هذا المعنى، لأَنَّ الناصح يَخْلُص للمَنْصوح له عن الغش؛ والمعنى الثانى: نَصَحَ الثوبَ نَصْحاً: خاطَهُ وكذلك تَنْصَّحه، والنَّصَّاح والناصِح والناصِحىّ: الخَيّاط. والنِّصاح ككتاب: الخَيْطُ. والمِنْصَحَةُ: المِخْيَطَةُ. والمِنْصَحُ: المِخْيَطَ. وفيه مَتَنَصَّح لم يُصْلِحْه، أَى موضع خِياطَة ومُتَرَقَّعَ؛ ويمكن أَن تكون النصيحة من هذا المعنى: لأَن الناصح يرفَأُ ويُصْلح حالَ المَنْصوح له، كما يفعل الخَياط بالثوب المحروق، تقول منه: نَصَحَه ونَصَحَ له نُصْحاً ونَصِيحَةً وَنصاحَةً ونَصاحِيَةً، وفى التنزيل ﴿وَأَنصَحُ لَكُمْ﴾ الأعراف 62، وقال تعالى ﴿إِذَا نَصَحُواْ للهِ وَرَسُولِهِ﴾ التوبة 91.
يقول الإمام فخر الدين رضي الله عنه:

نَصَحْتُ لِوَجْهِ اللهِ أَبْغِى رِضَاءَهُ وَحُبَّ ذَوِى الْقُرْبَى وَبَرَّأْتُ ذِمَّتِى (1/129)

وقال الشاعر:
نصَحْتُ بنى عَوْف فلم يَتَقَبَّلُوا رَسُولى ولم تَنْجَح لَدَيْهم وَسائِلى

وقد قال صلى الله عليه وسلم (الدِّينُ النَّصِيحةُ لله ولرسوله ولأَئمَّة المُسْلمين وعامّتهم).
قال أَبو سليمان الخطَّابى: النَّصيحةُ كلمةٌ جامعة معناها حِيازَةُ الحظِّ للمَنْصوحِ له، ويقالُ: هو من وَجِيزِ الأَسماءِ ومختصَر الكلام، فإِنَّه ليس فى كلام العرب كلمةٌ مفردة تُسْتوفَى بها العِبارات عن معنى هذه الكلمة حتى يضمَّ إِليها شى آخر، كما قالوا فى الفلاح إِنَّه ليس فى كلام العرب كلمة أَجمعُ لخير الدنيا والآخرة منه، حتَّى صار لا يَعْدِلُهُ شىءٌ من الكلام فى معناه. قيل: الكلمة مأخوذةٌ من نَصَح: خاطَ، وقيل: من نَصَح العَسَل: صَفَّاه، شَبَّهوا تخليصَ القولِ والعَمل من شَوْب الغِشِّ والخِيانة بتخليص العَسَل من الخَلْط انتهى ملخَّص كلامه. وأَقولُ: النُّصْحُ: الخُلوصُ مطلقاً ولا تَقْيِيد له بالعسَل ولا بغيره كما قدّمته آنفاً. وإِعادة معنى الكلمة على معنى الخُلوص أَوْضَح.
وأَمّا بيانُ أَنواع النَّصيحة فقد قال الشيخ أَبو زكريا: قالوا: مَدارُ الدّين على أَربعةِ أَحاديث، وأَنا أَقول بل مدارُه على هذا الحديث وَحْدَه.
ثمَّ اعلم أَنَّ النَّصيحة أَقسامٌ كما بيّنه صلى الله عليه وسلم؛ فأَمّا النصيحة لله عز وجل فمعناها منصرفٌ إلى اعتقاد وَحْدانيّته، ووَصْفِه بما هو أَهلُه، وتَنْزِيهِه عَمّا لا يجوز عليه، والرّغبةِ فى مَحابّهِ والبعد عن مَساخِطه، والإِخلاص فى عبادته، والحبّ فيه والبغض، ومُوالاة مَنْ أَطاعَه، ومُعاداة من عَصاه، وجهاد من كَفَر به، والاعتراف بنعمه والشكر عليها بالقول والفِعْل، والدّعاءِ إِلى جميع هذه الأَوصاف المذكورة، والحثَّ عليها، والتلطُّف فى جَمْع جميع الناس أَوْ مَنْ أَمكن منهم عليها. وحقيقة هذه الإِضافة راجعةٌ إِلى العَبْد فى نُصْحِه نفسه لله، ودَعْوة غيره من الخلق إِلى هذه الخصال. والله سبحانه غنىٌّ عن نُصْح كلّ ناصح.
يقول الإمام فخر الدين رضي الله عنه:

فَإِنْ نَصَحْنَا فَوَجْهُ اللهِ مَأْمَلُنَا وَقَدْ حُبِينَا بِهَا بُرْءاً لِسَاحَتِنَا (35/42)
وَيَغْفِرُ اللهُ ذَنْبِى إِنَّنِى وَجِلٌ فَذِى عَطَايَاهُ وَفَّتْ فَوْقَ حَاجَتِنَا (35/43)

وأَمّا نصيحةُ كِتابِه فالإِيمان بأَنَّه كلامُ الله تعالى وتَنْزيلُه، لا يُشْبهُه شىءٌ من كلامِ الخَلْق، ولا يَقْدِرُ على مِثْله أَحدٌ من المخلوقين. ثم من نُصْحِه تِلاوتُه، وحَقُّ تِلاوَتِه إِقامةُ حُروفه وتحسينُها، والخُشوع عند الاستماع لها وعند قراءَتها، والذَبُّ عنه من تأَويل الغالِين وتحريفِ المُبْطِلين وطَعْن المُلْحِدين، والتصديقُ بجميع ما فيه، والوُقوفُ عند أَحكامه، والتَفقُّه فيه، والاعتبار بمواعظه، والتفكُّر فى عجائبه، والعلم بفرائضه وسُنَنه، ونشر عُلومه، والدّعاءِ إِليه، وتعظيم أَهله.
ينصح الإمام فخر الدين رضي الله عنه أبناءه بالرجوع إلى القرآن الكريم فى كل قول فيقول:

إِلَى الْقُرْآنِ رُدُّوا كُلَّ قَوْلٍ فَفِى الْقُرْآنِ تَخْلِيصُ الرِّقَابِ (74/13)

ويقول:
وَمَنْ يَنْسِبْ إِلَى الْقُرْآنِ عِلْمِى وَأَقْوَالِى يُفِيدُ وَيَسْتَفِيدُ (42/21)

ويقول:
لاَ تُسَامِرْ يَا مُرِيدِى أَهْلَ خَوْضٍ إِنَّ فِى الْقُرْآنِ زَادُ السَّالِكِينَ (62/18)

كما ينصح مريديه بترتيل القرآن الكريم لأن فيه الملجأ والحماية وذلك بقوله:

وَرَتِّلِ الآى فَالْقُرْآنُ مَلْجَأُنَا وَكُنْ عَنِ الزَّاعِمِينَ الدَّهْرَ مُشْتَغِلاَ (92/25)

وأَمّا النَّصيحةُ لرسولِه صلى الله عليه وسلم فإِنَّما هى فى تصديقهِ على الرّسالة، والإِيمان بجميع ما جاءَ به، وبذلِ الطَّاعة له فيما أَمر به ونَهَى عنه، ومؤَازَرَتِه ونُصْرَتِهِ وحِمايته حَيّاً ومنتقلاً، وإِحياءِ سنَّته بالطَلَب لها والذبّ عنها، ونَشْرها وإِثارة علومها والتَّفَقُّه فى معانيها، والدّعاءِ إِليها والتلطُّف فى تعَلُّمها وتعليمها. وإِجلال أَهلها، والإِمساك عن الكلام فيها بغير فَهْم، والتأَدُّب عند قراءَتها.
يقول الإمام فخر الدين رضي الله عنه ناصحاً مريديه:

صِدْقُ الرَّسُولِ مُبَلِّغاً عَنْ رَبِّهِ كَانَ الْقِرَى وَالدَّارَ وَالدَّيَّارَا (64/10)
وَأَنَّ كِتَابَ اللهِ لَفْظاً وَغَايَةً بِصَدْرِى مَكْنُونٌ وَتِبْيَانُ سُنَّةِ (1/171)

ويقول منبهاً على احترامه لمكانة السنة النبوية الشريفة:

الأَصْلُ عِنْدِى سُنَّةٌ مِنْ سُنَّةٍ هُوَ ذَا لِسَانِى قَدْ أَفَادَ وَأَخْبَرَ (34/10)

كما يقول:
فَاللهُ حَسْبِى لَيْتَهُ مِنْ حَسْبِكُمْ وَإِلَى رَسُولِ اللهِ شَدُّ رِحَالِى (50/12)

ويقول:
وَإِلَى رَسُولِ اللهِ شَدُّ رِحَالِنَا نَهْفُو إِلَيْهِ وَفِى الصُّدُورِ حَنِينُ (67/16)

وأمّا النَّصيحة لأَئمة المسلمين. فإِنَّ الأَئمة هُمُ الوُلاة من الخُلَفاء الرّاشدِين ومَنْ بعدهم ممّن يلى أَمَر الأُمّة ويقوم به. ومن نصيحتهم مُعاوَنَتُهم على الحقّ وطاعتُهم فيه، وأَمرُهُم به، وتنبيهُهم وتذكيرهم برِفْق، وإِعلامُهم بما غَفَلُوا عنه، وتركُ الخروج عليهم، وتأَلُّف النَّاس لطاعتهم، والصّلاةُ خَلْفَهم، والجهادُ معهم، وأَداء الصّدقات إِليهم وأَلاَّ يغُرُّوهم بالثَّناءِ الكاذب عليهم، وأَن يُدْعَى لهم بالصّلاح. وهذا على أَنَّ المراد بأَئمة المسلمين الوُلاة عليهم، وهو الَّذى فهمه جُمهور العلماءِ من الحديث.
ويحتمل أَن يكون المرادُ به الأَئمة الذين هم عُلماءُ الدين كما قال جماعةٌ من المفسّرين فى قوله تعالى ﴿أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ النساء 59، إِنَّ المراد بأُولى الأَمر منكم العُلماء، فتكون نصيحتهم فى قبول ما رَوَوْهُ، وتقليدِهم فى الأَحكام لمن ليست له أَهليّة، وإِحسان الظنَّ بِهِمْ. ويُمكن حمل أَئمة المسلمين على المجموع من الأُمراءِ والعلماءِ، بناءً على القول بحمل المشترك على معنيَيْه.
وأَما النَّصيحة لعامَّة المسلمين، وهم من عَدَا وُلاة الأَمْر الأُمراء والعُلماء على هذا الاحتمال، فإِرْشادُهم لمَصالحهم فى آخرتهم ودنياهم، وكفُّ الأَذَى عنهم، وسَتْرُ عَوْراتهم وسدُّ خَلاَّتهم، ودفعُ المضارّ عنهم، ورفع المسارّ إِليهم، وأَمْرُهم بالمعروف ونَهْيُهم عن المنكر برفق وإِخلاص، والشفقةُ عليهم، وتنبيهُ غافِلِهم وتبصيرُ جاهلهم، ورَفْدُ مُحتاجهم، وتوقيرُ كبيرهم، ورحمةُ صغيرهم، وتَحَوُّلهم بالمَوْعظة الحسنة، وتركُ غشِّهم وحَسَدِهم، وأَنْ يُحِبَّ لهم ما يحبّ لنفسه، ويكرَه لهم ما يكرهُ لها، فبهذا التفصيل ظهر أَنْ حَصْر الدّين فى النَّصيحة على ظاهره، وإِنْ كان بعضُ ذلك فرض عين، وبعضُه فَرْضَ كفاية، وبعضه سُنَّةً، كما هو الدّين أَيضاً، يشتمل على جميع ذلك.
وفى هذا الحديث أَنَّ النصيحة تُسَمَّى دينا وإِسلاماً، وأَنَّ الدّين يقع على العمل كما يقع على القول. والنَّصيحة فرضٌ يُجْزى فيها مَنْ قام به ويسقُط عن الباقين. والنصيحة لازمةٌ على قَدْر الطَّاقة إِذا عَلِم النَّاصحُ أَنَّه يُقبَل نُصْحُه ويُطاعُ أَمرُه، وأَمِنَ على نفسه المكروهَ، فإِن خشى أَذَى فهو فى سَعَة.
وأمّا نصيحة المُلوك فهو على قَدْرِ الجاه والمنزلة عندهم، فإِذا أَمِنَ من ضَرّهِم فعليه نُصحهم، فإِن خشى على نفسه غَيَّر بقَلْبه، وإِنْ علم أَنَّه لا يَقْدِر على نُصحِهم فلا يدخلُ عليهم لأَنَّه يَفْتِنهم ويزيدهم فِتْنةً ويَذْهَبُ دينهُ معهم.
قال الفُضَيْل: رُبّما يدخلُ العالِمُ على المَلِكِ ومعه شىء من دِينِه فيخرجُ وليس معه شىء. قيل له: وكَيْفَ ذلك؟ قال: يصدّقه فى كَذِبه، ويمدَحُه فى وَجْهه.
والنَّصيحة واجبة لجميع الخَلْق مسلمين وغيرهم، وهو معنى قولِه وعامَّتهم، فيقال للكافر اتَّقِ الله تعالَى ويُدْعَى إِلى الإِسلام، ويُنْهَى عن ظُلْمه، ومنه قوله تعالى ﴿وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ الأعراف 68.
قال الآجُرِّى: ولا يكون ناصحاً لله تعالى ولِرَسُوله، ولأَئمة المسلمين وعامَّتِهم إِلاَّ من بدأَ بالنَّصِيحة لنَفْسه، واجتهد فى طلب العِلْم والفِقْه لِيَعْرِف به ما يجب عليه، ويعلم عداوَةَ الشيطان له وكيف الحذر منه، ويعلم قبيح ما تميل إِليه النفس حتى يخالِفَها بعِلْم.
وقال الحَسنُ: مازال للهِ تعالى نُصحاء ينصحون للهِ فى عِباده، وينصحون لِعبادِ الله فى حقَّ الله، ويعلمون لله تعالى فى الأَرض بالنَّصيحة، أُولئك خلفاءُ اللهِ فى الأَرْض.
وحاصل الأَمر أَنَّ السّلامة من جِهَة النُّطِق بالنصّيحة فى أَحد أَمْرَيْن:
الأَوّل: أَنْ تتكلم إِذا اشتهيت أَن تَسْكُت، وتَسْكُتَ إِذا اشتهيتَ أَن تتكلَّم.
والثانى: أَلاَّ تتكلَّم إِلاَّ فيما إِنْ سكتَّ عنه كنتَ عاصِياً، وإِنْ لم فلا. وإِياك الكلام عندما يُستحسَنُ كلامُك، فإِنّ الكلام فى ذلك الوقت من أَكبر الأَمراضِ، وماله دواءٌ إِلاَّ الصّمت.
وللإمام أحمد الرفاعى العديد من النصائح فى كتابه البرهان المؤيد منها قوله:
أى سادة؛ أطلبوا الله بقلوبكم هو أقرب إليكم من حبل الوريد أحاط بكل شىء علماً.
الدين النصيحة إذا قلتم لا إله إلا الله فقولوها بالإخلاص الخالص من الغيرية ومن خطورات التشبيه.
أى أخى لو سمعت نصحى لتبعتنى، لا تقل لو أخذتنى تبعتك أنا على النصيحة، وأنت على كل حال عليك أن تسمع وتتبع، اعمل بطاعة الله وارض بقضاء الله واستأنس بذكر الله تكن من أصفياء الله.
من عرف الله زال همه، العارف من هاجر وتجرد من الخلق.
أى سادة؛ المغبون من أنفق عمره فى غير طاعة الله، والزاهد من ترك كل شىء يشغل عن الله، والمقبل من أقبل إلى الله، وذو المروءة من لم ينزل بدون الله، والقوى من استقوى بالله.
ومن النصائح الهامة للإمام فخر الدين يقول الإمام فخر الدين رضي الله عنه ناصحاً لمريديه فى توجههم إلى الله عز وجل:

لِذَاكَ مُرِيدِى كُنْ إِلَى اللهِ قَاصِداً نَصَحْتُكَ فَانْهَلْ شَاكِراً بِنَصِيحَتِى (1/389)
فَكُنْ يَا مُرِيدِى لِلْكِرَامِ مُقَلِّداً فَلَيْسَ أَمَانٌ فِى جَنَاحِ الْبَعُوضَةِ (1/390)
فَإِنْ جَنَحَتْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لِسَلْمِهَا وَإِنْ جَمَحَتْ فَالذِّكْرُ عَيْنُ الْحِمَايَةِ (1/391)
وَلاَ تَكُ مَهْمُوماً فَمَا اللهُ غَافِلٌ وَلاَ تَكُ عَبْداً ذَا قَضَاءِ الْفَوَائِتِ (1/392)
وَلاَ تَكُ ذَا خَوْفٍ وَأَنْتَ بِأَمْنِنَا وَلاَ تَكُ ذَا أَمْنٍ قُبَيْلَ الأَمَانَةِ (1/393)
وَلاَ تَكُ فِى جَنْبِ الإِلَهِ مُفَرِّطا وَلاَ تَكُ ذَا عَوْنٍ لأَهْلِ الْجَهَالَةِ (1/394)


عبدالستار الفقي


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=871
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد يونيو 2014 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد يونيو 2014   المجلة عدد يونيو 2014 Icon_minitimeالسبت أغسطس 23, 2014 8:11 pm

القواطع

اتباع الهوى

إن الهوى من أكبر علل النفوس، ومخالفته من أعظم أدويتها، ولا يسلم من اتباع الهوى ويحظى بمخالفته إلا من استمسك بالعروة الوثقى بسلوك جميع ما يقتضيه الذكر والفكر والمحبة فكان له القرآن هادياً والرسول صلى الله عليه وسلم قائداً، فلم يتبع نفسه هواها، ولم يستجب لشىء من همسات شياطين الجن والإنس أو نداءاتهم، بل يحصر استجابته فى كل شىء لدعوة الله وندائه، متيقناً أنه لا يدعوه أو يناديه إلا لما يحييه الحياة الطيبة، قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ الأنفال 25.
كما يجب أن يكون عارفاً أن الله أقامه فى الدنيا مقام جهاد متواصل بجميع أنواع الجهاد، جهاد النفس والهوى، وجهاد شياطين الجن والإنس الذين يغزونه بالباطل، ويوحون زخرف القول ويزينون له ما يخالف وحى مولاه مما يفسد قلبه ويفسد حياته.
جازماً أن من أقام نفسه هذه المقام وأشغلها فى ذلك يحصل على الحياة الطيبة النافعة فى الدارين، ويكون من جند الرحمن المنصورين وحزبه المفلحين، وأن من انعكس فلم يستعمل نفسه فى طاعة الله والجهاد فى سبيله فتح على نفسه أبواب الشر فغلبه هواه واستهوته الشياطين وانقضت عليه شياطين الإنس والجن من كل جانب فغلبوه على أمره وأعانتهم عليه نفسه وكان من حزب الشيطان ﴿أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ المجادلة 19. فهكذا يصير الإنسان فى حياته لا محالة ومن خسر حياته فلا سبيل له فى الآخرة ﴿وَمَنْ كَانَ فِى هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِى الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً﴾ الإسراء 72.
والنفس إن لم يشغلها صاحبها بالحق، ويصنها بالعمل بالذكر و التنزيل، شغلته بالباطل، وسلكت به خطوات كل شيطان رجيم، لهذا كان الإنسان لا بد له من أن يقوى إيمانه بالغيب وإستشعاره عظمة الله والخوف الشديد من هجوم الموت وانقطاع العمل الذى ما بعده إلا دقة الساعة الكبرى يوم الفزع الأكبر، ﴿يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الأِنْسَانُ مَا سَعَى، وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى، فَأَمَّا مَنْ طَغَى، وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِى الْمَأْوَى، وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِى الْمَأْوَى﴾ النازعات 35-41.
فالإيمان بالغيب هو مصدر الهداية والرشد والسعادة، لأنه يقوى المراقبة ويجعل من ضمير الإنسان رقيباً باطنياً يراقبه فى كل عمل ويخوفه من فوات الوقت وضياع الأمل ومن الموقف العظيم أمام الله، فيكون على خوف ووجل من سوء المصير ومغبة التقصير فيراقب الله تماماً، مسارعاً لمرضاته، يبذل النفس والنفيس لتنفيذ أوامره فى كلماته الحسنى التى تضمنها القرآن، فينشغل جسمه وقلبه بأعمال الطاعة والهداية عن أعمال الهوى والغواية، فتنفتح له أبواب الخير والتوفيق بحسن القصد وطيب العمل، وتنغلق عنه أبواب الهوى باستدامة ذكر الله ومراقبته والاستحياء منه حق الحياء ومواصلة التوبة والاستغفار.
قال ثابت بن قره: راحة الجسم فى قلة الطعام، وراحة الروح فى قلة الأنام، وراحة اللسان فى قلة الكلام، والذنوب للقلب بمنزلة السموم إن لم تهلكه أضعفته ولا بد. والضعيف لا يقوى على مقاومة العوارض.
وقال عبد الله بن المبارك: رأيت الذنوب تميت القلوب - وقد يورث الذل إدمانها
ومن أعظم أمراض القلوب فتنة الشبهات التى يقوم بها شياطين الجن والإنس فى كل زمان ومكان ليلبسوا بها على الناس دينهم ويشككوهم فى خالقهم، بل فى جميع أمور الغيب، ويولعونهم بحب الجنس والعصبية والمادة، فيحلوا المذاهب المادية والمبادئ العصبية والجدلية محل الروحانيات التى بها سلامة الصدور وشفاء القلوب، ويشغلونهم بالملهيات الشيطانية ولهو الحديث عن ذكر الله وما نزل من الحق، لتكون قلوبهم متأهلة للافتتان بالشهوات. ويعين هذه الفتنة عليك ما يثير فيك الأنا والإعجاب بالنفس وحجب عيون القلب بعيون النفس التى تسعى دائما إلى شغل الإنسان بما يسره ويهواه عما ينفعه ويسمو به وتجعله يتبع هواه ولا يخالفه.
وإذا جثمت على الإنسان فتنة الشبهات مع فتنة الشهوات فقد شقى وضل عن سواء السبيل، وهم يمهدون بالأولى للأخرى ليحدثوا الفراغ. عن جميع أنواع الحق الذى تقتضيه عبادة الله، فيشغلوه بالباطل كل على حسبه من ذلك الفراغ والعياذ بالله.
فالإنسان كلما ضعفت فى قلبه محبة الله ومراقبته، وضعفت فيه الغيرة على اتباع نص دين الله والبعد عن الشبهات ومالت نفسه إلى ما تألفها وتشتهيها من ملذات الحياة الدنيا، دون مبالاة بحكم الله فيها، أو بسوء نتائجها، لأنه بحصول ذلك يندفع إليها اندفاعاً لا شعورياً يقضى به وطره، ويشغل به فراغه، الذى حدث له. بل إنه يحرف النص عن مواضعه ويفسره على هواه ليسكن داعى الضمير فيه، ويستمر على هواه، فإن حصل له شىء من التوفيق أناب إلى الله، وانجبر الصدع الذى نابه من طائف الشيطان، وإن لم يحصل له ذلك استمر فى طريق الغى والهوى الذى ينسيه الله، فينسيه الله نفسه فيكون منهوماً بإشباع شهواته التى لا تنقضى، واتباع هواه الذى لا يقبل معذرة ولا تسويفاً، فيجعل فى قلبه الجشع والتلهف على ما يهواه، ثم الحسرة والغيظ على عدم نيله، مما يجره إلى أعمال ملهية لها عمل المسكر والمخدر الذى يغطى عقله ويريح شعوره المتبلبل، وقد يندفع إلى أنواع الملهيات يقصد بها التقوى على نهمته وهى فى واقع الأمر استنزاف يطيح بقوته ويلتهم وقته، وقد يشرب القبيح المكروه عنده من أنواع التسلية التى تكون فى ظاهرها التقرب إلى الله، يتسلى بها عن وساوس خاطره ووهج صدره، ويعاود أنواع المعاصى الخفية باتباع الهوى للاستشفاء بها عما قبلها، أو عن آثار ما قبلها وهكذا.
وكل ما حصل ويحصل للناس من التمادى فى الإثم والفساد، إنما هو ناتج من ضعف القيام بعبودية الله وتحقيق محبته وتعظيمه، وضعف إستقبال القلب لذكر الله وما نزل من الحق، وعدم الائتناس بطاعة الله والالتزام بنصوص الدين الصحيحة التى هى شفاءً للقلوب المؤمنة، والتى تنبع من محبة الله التى ميزنا بها بين الأمم بما هيأنا للخيرية واصطفانا لحمل الرسالة وأداء الأمانة وإصلاح الأرض بنور الله.
فمن انشغل عن نفسه، بالقيام بواجبه، ورعى أمانته حق رعايتها، وحمل رسالته الإلهية الثقيلة، تواضعت نفسه وانكسرت حدتها وخالف هواه وترفع عن الدنايا والسفاسف، وربأ بنفسه وأهاب بها من النزول إلى المستوى الأدنى والتشبه بالبهائم في نيل الشهوات.
إذ كيف يتدنى بنفسه إلى فعل ما ينهى الله عنه وإقتراف خيانة دينه أو ترك ما يأمر الله بفعله. إذاً لا يكون خادما لدينه، ولا صادقاً مع الله، ولا مخالفا لهواه، بل يكون كاذباً دنيئاً متلاعباً، ولذا قال الله تعالى ﴿كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ الصف 3.
فمن يعرف ما اختاره الله له؛ واصطفاه وخوله وحباه من جميع النعم والكرامات، يكون مشغولاً بطاعته ومخالفة نفسه وهواه ولا ينتصح منهما أبدا، فإن استحسنت نفسه عملا فليعمل ما يخالفه، يقول الإمام البوصيرى:

كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةٍ لِلْمَرءِ قاتِلَةً من حيثُ لم يدرِ أنَّ السُّمَّ فى الدَّسَمِ
وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصهما وإنْ هُما مَحَّضاكَ النُّصحَ فاتهم

عبد النبى


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=872
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد يونيو 2014 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد يونيو 2014   المجلة عدد يونيو 2014 Icon_minitimeالسبت أغسطس 23, 2014 9:07 pm

النبي

المعصوم صلى الله عليه وسلم

يخطأ الجهلاء ممن يظنون باطلا ان الحبيب صلى الله عليه وسلم قد عصمه الله تعالى فقط فى تبيلغ الرسالة والحق والبرهان ان الحبيب صلى الله عليه وسلم معصوم فى كل أحيانه منذ ولادته الشريفة بأرض مكة حتى لقاء الرفيق الاعلى بلا اختلاف بين الآل الأطهار والصحب الأخيار والائمة والعلماء الأحبار أن الله تبارك وتعالى عصمه فى سائر احيانه عصمة مطلقة بلا قيد فلقد قال الله تعالى ﴿وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾.
فقد روى إن قريشا اجتمعت فى دار الندوة وكان فيهم النضر بن الحارث بن كنانة وكان زعيم القوم وساعده عبد الله بن الزبعرى وكان شاعر القوم فحضهم على قتل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال لهم: الموت خير لكم من الحياة فقال بعضهم: كيف نصنع؟ فقال أبو جهل: هل محمد إلا رجل واحد وهل بنو هاشم إلا قبيلة من قبائل قريش فليس منكم من يزهد فى الحياة فيقتل محمدا ويريح قومه وأطرق مليا. فقالوا: من فعل هذا ساد. فقال أبو جهل: ما محمد بأقوى من رجل منا وإنى أقوم إليه فأشدخ رأسه بحجر فإن قتلته أرحت قومى وإن بقيت فذاك الذى أوثره - وعلى ذلك خرجوا. فلما اجتمعوا فى الحطيم خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: قد جاء. فتقدم صلى الله عليه وسلم من الركن فقام يصلى فنظروا إليه يطيل الركوع والسجود. فقال أبو جهل: فإنى أقوم فأريحكم منه فأخذ مهراشا عظيما ودنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد لا يلتفت ولا يهابه وهو يراه فلما دنا منه ارتعد وأرسل الحجر على رجله فرجع وقد شدخت أصابعه وهو يرتعد وقد دوخت أوداجه ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد. فقال أبو جهل لأصحابه: خذونى إليكم. فالتزموه وقد غشى عليه ساعة فلما أفاق قال له أصحابه ما الذى أصابك؟ قال: لما دنوت منه أقبل على من رأسه فحل فاغر فاه فحمل على أسنانه فلم أتمالك نفسى من الرعب والهيبة وإنى أرى محمدا محجوبا. فقال له بعض أصحابه: يا أبا الحكم رغبت وأحببت الحياة ورجعت. قال: ما تغرونى عن نفسى. قال النضر بن الحارث: فإن رجع غدا فأنا له. قالوا له: يا أبا سهم لئن فعلت هذا لتسودن. فلما كان من الغد اجتمعوا فى الحطيم منتظرين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أشرف عليهم قاموا بأجمعهم فواثبوه فأخذ صلى الله عليه وسلم حفنة من تراب وقال (شاهت الوجوه) وقال (حم لا يبصرون) فتفرقوا عنه.
وروى ايضا أن معمر بن يزيد وكان أشجع قومه استغاثت به قريش وشكوا إليه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانت بنو كنانة تصدر عن رأيه وتطيع أمره فلما شكوا إليه قال لهم: إنى قادم إلى ثلاث وأريحكم منه وعندى عشرون ألف مدجج فلا أرى هذا الحى من بنى هاشم يقدر على حربى وإن سألونى الدية أعطيتهم عشر ديات ففى مالى سعة. وكان يتقلد بسيف طوله سبعة أشبار فى عرض شبر وقصته فى العرب مشهورة بالشجاعة والبأس. فلبس يوم وعده قريشا سلاحه وظاهر بين درعين فوافقهم بالحطيم ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحجر يصلى وقد عرف ذلك فما التفت ولا تزعزع ولا قصر فى صلاة. فقيل له: هذا محمد ساجد فأهوى إليه وقد سل سيفه وأقبل نحوه فلما دنا منه رمى بسيفه وعاد فلما صار إلى باب الصفا عثر فى درعه فسقط فقام وقد أدمى وجهه بالحجارة يعدو كأشد العدو حتى بلغ البطحاء ما يلتفت إلى خلفه فاجتمعوا وغسلوا عن وجهه الدم، وقالوا: ماذا أصابك؟ قال: ويحكم المغرور من غررتموه. قالوا: ما شأنك؟ قال: ما رأيت كاليوم دعونى ترجع إلى نفسى فتركوه ساعة. وقالوا: ما أصابك يا أبا الليث؟ قال: إنى لما دنوت من محمد فأردت أن أهوى بسيفى إليه أهوى إلى من عند رأسه شجاعان أقرعان ينفخان بالنيران وتلمع فى أبصارهما فعدوت فما كنت لأعود فى شىء من مساءة محمد.
وروى أيضا أن كلدة بن أسد أبا الأشد وكان من القوة بمكان خاطر قريشا يوما فى قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعظموا له الخطر إن هو كفاهم فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الطريق يريد المسجد ما بين دار عقيل وعقال فجاء كلدة ومعه المزراق فرجع المزراق فى صدره فرجع فزعا. فقالت له قريش: ما لك يا أبا الأشد؟ فقال: ويحكم فإنى أراه خلفى فلم يزل يعدو ويجرى حتى بلغ الطائف فاستهزأت به ثقيف. فقال: أنا أعذركم لو رأيتم ما رأيت لهلكتم.
وروى أيضا أن أبا لهب خرج يوما وقد اجتمعت قريش. فقالوا له: يا أبا عتبة إنك سيدنا وأنت أولى بمحمد منا وإن أبا طالب هو الحائل بيننا وبينه ولو قتلته لم ينكر أبو طالب ولا حمزة منك شيئا وأنت برىء من دمه فنؤدى نحن الدية وتسود قومك. فقال: فإنى أكفيكم. ففرحوا بذلك ومدحته خطباؤهم. فلما كان فى تلك الليلة وكان مشرفا عليه نزل أبو لهب وهو صلى الله عليه وسلم يصلى وتسلقت أم جميل الحائط حتى وقفت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فصاح أبو لهب فلم يلتفت إليه وهما كانا لا ينقلان قدما -تسمرت قدمهما- ولا يقدران على شىء حتى تفجر الصبح وفرغ صلى الله عليه وسلم. فقال أبو لهب: يا محمد أطلق عنا. فقال صلى الله عليه وسلم (ما كنت لأطلق عنكما أو تضمنا لى أنكما لا تؤذيانى). قالا: قد فعلنا فدعا ربه فرجعت قدمهما.
وروى أيضا أن قريشا اجتمعوا فى الحطيم فخطبهم عتبة بن ربيعة، فقال: إن هذا ابن عبد المطلب قد نغص علينا عيشنا وفرق جماعتنا وبدد شملنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل آباءنا. وكان فى القوم الوليد بن المغيرة و أبو جهل بن هشام وشيبة بن ربيعة والنضر بن الحرث ومنبه ونبيه ابنا الحجاج وأمية وأبى ابنا خلف فى جماعة من صناديد قريش، فقال له: قل ما شئت فإنا نطيعك. قال: سأقوم فأكلمه فإن هو رجع عن كلامه وعما يدعو إليه وإلا رأينا فيه رأينا. فقالوا له: شأنك يا أبا عبد شمس. فقام فتقدم إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو جالس وحده. فقال: أنعم صباحا يا محمد. فقال صلى الله عليه وسلم (يا عبد شمس إن الله قد أبدلنا بهذا السلام تحية أهل الجنة). قال: يا ابن أخى إنى جئتك من عند صناديد قريش لأعرض عليك أمورهم إن أنت قبلتها فلك الحظ فيها ولنا فيها الفسحة. ثم قال: يا ابن عبد المطلب إنك دعوت العرب إلى أمر ما يعرفونه فأقبل منى ما أقول لك. قال صلى الله عليه وسلم (قل). قال: إن كان ما تدعو إليه تطلب به ملكا فإنا نملكك علينا من غير تعب ونتوجك فارجع عن ذلك. فسكت ثم قال له: وإن كان ما تدعو إليه أمرا تريد به امرأة حسناء فنحن نزوجك. فقال صلى الله عليه وسلم (لا قوة إلا بالله). ثم قال له: وإن كان ما تتكلم به تريد مالا أعطيناك من الأموال حتى تكون أغنى رجل فى قريش، فإن ذلك أهون علينا من أن تشتت كلمتنا وتفرق جماعتنا وإن كان ما تدعو إليه جنونا داويناك كما تداوى قيس بنى ثعلبة مجنونهم. فسكت النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد ما تقول؟ وبم ارجع إلى قريش؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم ﴿حم • تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ • كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ • بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ﴾ فصلت 1-4، حتى بلغ إلى قوله ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ فصلت 13. قال عتبة: فلما تكلم بهذا الكلام فكأن الكعبة مالت حتى خفت أن تمس رأسى من إعجازها وقام فزعا يجر رداءه فرجع إلى قريش وهو ينتفض انتفاض العصفور وقام النبى صلى الله عليه وسلم يصلى، فقالت قريش لعتبة لقد ذهبت من عندنا نشيطا ورجعت فزعا مرعوبا فما وراءك؟ قال عتبة: ويحكم دعونى إنه كلمنى بكلام لا أدرى منه شيئا ولقد رعدت على الرعدة حتى خفت على نفسى وقلت الصاعقة قد أخذتنى فقدموا عنى ذلك.
وروى أيضا أنه لما أراد الهجرة خرج من مكة ومعه أبو بكر فدخل غارا فى جبل ثور ليستخفى من قريش وقد طلبته وبذلت لمن جاء به مائة ناقة حمراء فأعانه الله تعالى إخفاء أثره وأنبت على باب الغار ثمامة وهى شجرة صغيرة وألهمت العنكبوت فنسجت على باب الغار نسج سنين فى طرفه عين ولدغ سيدنا أبو بكر الصديق هذه الليلة غير لدغة فخرق ثيابه وجعلها فى الشقوق وسد بعضها بقدمه اتقاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وأقام فيه ثلاثة أيام ثم خرج منه فلقيه سراقة بن مالك بن جعشم وهو من جملة من توجه لطلبه، فقال له سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه: هذا سراقة قد قرب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم اكفنا سراقة). فأخذت الأرض قوائم فرسه إلى إبطها، فقال سراقة: يا محمد ادع الله أن يطلقنى ولك على أن أرد من جاء يطلبك ولا أعين عليك أبدا. فقال صلى الله عليه وسلم (اللهم إن كان صادقا فأطلق عن فرسه) فأطلق الله عنه ثم أسلم سراقة وحسن إسلامه.
وروى أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انفرد فى غزوة ذى أمر عن أصحابه واضطجع وحده فوقف عليه دعثور فسل سيفه وقال: يا محمد من يمنعك منى؟ فقال (الله) فسقط السيف من يده فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له (من يمنعك منى؟) قال: لا أحد أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وعاد إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام وفيه نزل قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ﴾ المائدة 11.
وروى أيضا أن شيبة بن عثمان كان يحدث عن إسلامه وما أراد الله به من الخير، ويقول ما رأيت أعجب مما كنا فيه من لزوم ما مضى عليه آباؤنا من الضلالات. ثم يقول لما كان عام الفتح ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قلت أسير مع قريش إلى هوازن بحنين، فعسى إن اختلطوا أن أصيب من محمد غرة فأثأر منه، فأكون أنا الذى قمت بثأر قريش كلها، وأقول لو لم يبق من العرب والعجم أحد إلا اتبع محمدا ما تبعته أبدا، وكنت مرصدا لما خرجت له، لا يزداد الامر فى نفسى إلا قوة، فلما اختلط الناس اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بغلته، وأصلت السيف فدنوت أريد ما أريد منه، ورفعت سيفى حتى كدت أسوره، فرفع لى شواظ من نار كالبرق كاد يمحشنى، فوضعت يدى على بصرى خوفا عليه، والتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنادانى (يا شيب ادن) فدنوت فمسح صدرى ثم قال (اللهم أعذه من الشيطان). قال فوالله لهو كان ساعتئذ أحب إلى من سمعى وبصرى ونفسى وأذهب الله ما كان فى، ثم قال (ادن فقاتل) فتقدمت أمامه أضرب بسيفى الله يعلم أنى أحب أن أقيه بنفسى كل شئ، ولو لقيت تلك الساعة أبى لو كان حيا لاوقعت به السيف، فجعلت ألزمه فيمن لزمه حتى تراجع المسلمون، وكروا كرة رجل واحد، وقربت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستوى عليها، فخرج فى أثرهم حتى تفرقوا فى كل وجه، ورجع إلى معسكره فدخل خباءه، فدخلت عليه ما دخل عليه غيرى حبا لرؤية وجهه وسرورا به، فقال صلى الله عليه وسلم (يا شيب الذى أراد الله بك خير مما أردت بنفسك) ثم حدثنى بكل ما اضمرت فى نفسى مما لم أكن أذكره لاحد قط، قال: فقلت: فأنى أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. ثم قلت: استغفر لى. فقال (غفر الله لك).
وروى أيضا أن عامر بن الطفيل وأربد بن قيس وهو أخو لبيد بن ربيعة الشاعر لأمه وفدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قومهما من بنى عامر. فقال عامر لأربد: إذا قدمنا على محمد فإنى شاغل عنك وجهه فأعله أنت بالسيف حتى تقتله. قال أربد: أفعل. ثم أقبل عامر يمشى وكان رجلا جميلا حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال يا محمد: مالى إن أسلمت؟ فقال صلى الله عليه وسلم (لك ما للإسلام وعليك ما على الإسلام) قال: ألا تجعلنى الوالى من بعدك؟ قال صلى الله عليه وسلم (ليس ذلك لك ولا لقومك ولكن لك أعنة الخيل تغزو بها). قال: أو ليست لى اليوم؟ ولكن اجعل لى ولك المدد. قال صلى الله عليه وسلم (ليس ذلك لك). فقال: قم يا محمد إلى ههنا. فقام إليه صلى الله عليه وسلم فوضع عامر يده بين منكبيه ثم أومأ إلى أربد أن اضرب. فسل أربد سيفه قريبا من ذراع ثم أمسك الله يده فلم يستطيع أن يسله ولا يغمده.
فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أربد فرآه على ما هو عليه فقال (اللهم اكفنيهما بما شئت اللهم اهد بنى عامر وأغن الدين عن عامر). فانطلقا وعامر يقول: والله لأملأنها عليك خيلا دهما ووردا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يأبى الله ذاك وأبناء قيلة يعنى الأنصار).
ثم قال عامر لأربد: ويلك لم أمسكت عنه؟ فقال والله ما هممت به مرة إلا رأيتك ولا أرى غيرك أفأضربك بالسيف؟ وسارا فأما عامر فطرح الله عليه الطاعون فى عنقه فقتله وأما أربد فخرج ومعه جمال له تتبعه فأرسل الله عليه وعلى جماله صاعقة أحرقتهم.
وحقا قال الامام فخرالدين رضي الله عنه:

هو الناصر المنصور بالرعب دينه هو المنزل الأعلى بكفيه عامر

ابراهيم جعفر


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=873
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد يونيو 2014 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد يونيو 2014   المجلة عدد يونيو 2014 Icon_minitimeالأحد أغسطس 24, 2014 3:11 pm

خُدعوا

يحاول بعض الناس إما عمداً أو جهلاً أن يخدعوا أنظار المسلمين عما كان عليه السلف الصالح، ويَدّعون معرفتهم، ويتسببون فى حيرة الناس، حتى أنهم ليتسائلون:

امتثال الأمر خير من الأدب؟

والصحيح هو العكس كما صرح المالكية وقالوا أن رعاية الأدب خير من الامتثال للأمر. حيث انتشر قول بين عامة الناس بعدم سيادة الحبيب المحبوب صلوات ربى وسلامه عليه واستدلوا على صحة كلامهم بأنه صلى الله عليه وسلم قال (لا تسيدونى فى الصلاة).
ويا سبحان الله عندما يستشهدون بحديث يفضح تكذيبهم وإفكهم من حيث اللغة لا من حيث نقل الحديث، حيث أن كلمة (تسيدونى) خطأ لغوى فادح والكلمة الصحيحة لغويا هى (تسودونى) حيث أن الأصل فى الكلمة (ساد) وهو فعل أجوف معتل الوسط تقلب ألفه واوا فى المضارع .. فبدأ بعضهم ينتبه وبدأ يصحح القول بأن يقول (لا تسودونى فى الصلاة).
ونتعرض سويا لساداتنا أهل هذا الفن وهم (أهل الفقه) فنجد هؤلاء السادة يقولون عن حكم تسويده فى الصلاة والأذان وسائر العبادات أقوال:
فمن السادة الحنفية (الحصفكى) صاحب (الدر المختار) قال:
ندب السيادة؛ لأن زيادة الإخبار بالواقع عين سلوك الأدب فهو أفضل من تركه، ذكره الرملى الشافعى وغيره، وما نقل (لا تسودونى فى الصلاة) فكذب، وقولهم (لا تسيدونى) بالياء لحن أيضا والصواب بالواو. (انظر الدر المختار للحصفكى الجزء الأول).
كما صرح باستحبابه (النفراوى) من المالكية وقالوا: إن ذلك من قبيل الأدب، و(رعاية الأدب خير من الامتثال) يقول الشيخ الحطاب المالكى:
ذكر عن ابن مفلح الحنبلى نحو ذلك، وذكر عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام أن الإتيان بها فى الصلاة ينبنى على الخلاف: هل الأولى امتثال الأمر أو سلوك الأدب؟ (قلت والحديث للشيخ الحطاب المالكى) والذى يظهر لى وأفعله فى الصلاة وغيرها الإتيان بلفظ السيد. (انظر مواهب الجليل شرح مختصر الخليل، محمد بن عبد الرحمن الحطاب الجزء الأول).
ومن السادة الشافعية قال العلامة شمس الدين الرملى الملقب بـ (الشافعى الصغير):
الأفضل الإتيان بلفظ السيادة، كما قاله ابن ظهيرة وصرح به جمع، وبه أفتى الشارح، لأن فيه الإتيان بما أمرنا به وزيادة الإخبار بالواقع الذى هو أدب، فهو أضل من تركه، وأما حديث (لا تسيدونى فى الصلاة) فباطل لا أصل له، كما قاله بعض متأخرى الحفاظ. (انظر تحفة المحتاج للرملى الجزء الثانى).
وقال (الشافعى الصغير) فى حاشيته على أسنى المطالب:
وبه أفتى الجلال المحلى جازما به، قال: لأن فيه الإتيان بما أمرنا به وزيادة الإخبار بالواقع، الذى هو أدب فهو أفضل من تركه. (انظر حاشية الرملى على أسنى المطالب الجزء الأول).
والقاعدة الأصولية تقول (التزام الأدب معه صلى الله عليه وسلم مقدم على امتثال الأوامر) ولذلك قال الإمام الشوكانى:
قد روى عن ابن عبد السلام أن جعله من باب سلوك الأدب، وهو مبنى على أن سلوك طريق الأدب أحب من الامتثال، ويؤيده حديث سيدنا أبى بكر حين أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يثبت مكانه فلم يمتثل، وذلك حين جاء النبى صلى الله عليه وسلم والصديق يؤم الناس فتأخر الصديق، فقدمه صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثا ولم يتقدم (أى لم ينفذ أمر النبى صلى الله عليه وسلم) فتقدم النبى صلى الله عليه وسلم وأتم الصلاة، فلما فرغوا سأله عن ذلك فقال الصديق رضي الله عنه: ما كان لابن أبى قحافة أن يتقدم بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم ينكر النبى صلى الله عليه وسلم عليه ذلك.
وكذلك امتناع الإمام على رضي الله عنه عن محو اسم حضرة النبى صلى الله عليه وسلم من الصحيفة فى صلح الحديبية بعد أن أمره بذلك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فعندما كان الإمام على يكتب صلح الحديبية وكان فيه لفظ (رسول الله) فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب (محمد بن عبد الله) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنى رسول الله وإن كذبتمونى، امحه يا على) فقال الإمام على رضي الله عنه: والله لا أمحه. والذى محاه النبى صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة. ولم ينكر على الإمام على هذا التصرف، ولم يكن الإمام على ليفعل ذلك إذا كان من سوء العقيدة أو من النقص فى الدين وهو باب مدينة علم المصطفى.
وكلا الحديثين فى الصحيح فتقريره صلى الله عليه وسلم لهما على الامتناع من امتثال الأمر تأدبا مشعر بأولويته. (انظر نيل الأوطار للشوكانى الجزء الثانى).
ومن جميل أدب الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبهم له وتعظيمهم التزام أدب سيدنا عثمان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أخر الطواف عند دخوله مكة فى صلح الحديبية مع علمه بوجوبه على من دخلها، وذلك أدبا معه صلى الله عليه وسلم أن يطوف قبل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وقال رضي الله عنه: ما كنت أفعل حتى يطوف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه النبى صلى الله عليه وسلم ذلك.
ولمن قال إنه لا ينبغى تسويده فى المسجد فقد روى الحاكم فى المستدرك بسند صحيح عن جابر بن عبد الله قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال (من أنا؟) قلنا: رسول الله، قال (نعم، ولكن من أنا؟) قلنا: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. قال (أنا سيد ولد آدم ولا فخر).
وإن كان هناك حجج عقلية على إثبات السيادة له صلى الله عليه وسلم منها:
• قوله تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ الأنبياء 107، فلما كان رحمة للعالمين لزم أن يكون أفضل من كل العالمين.
• قوله تعالى ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ الشرح 4، قيل لأنه سبحانه وتعالى قرن ذكره صلى الله عليه وسلم بذكره فى الشهادة والأذان دون سائر الأنبياء.
• معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم "القرآن" أفضل من معجزات سائر الأنبياء فوجب أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل من سائر الأنبياء، وهم أفضل البشر فمعنى ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من سائر البشر.
• أمته صلى الله عليه وسلم أفضل الأمم فوجب أن يكون رسولها صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل لقوله تعالى ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ آل عمران 110.
• أنه صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل وقد جمع الله له كل ما تفرق فى الأنبياء من قبله صلى الله عليه وسلم فقال له تعالى ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾ الأنعام 90.
فالسيادة لا مانع من إطلاقها على أحد من البشر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدين له الناس بل وسائر العالمين فهو سيدهم، وكل صاحب فضل على قوم فهو سيدهم، وانظروا إلى هذا الحديث العجيب (سيد القوم خادمهم) أورده ابن ماجه فى السنن والسيوطى فى جمع الجوامع وصاحب كنز العمال.
ومما سبق نعلم أنه ذهب إلى استحباب تقديم لفظة (سيدنا) قبل اسمه الشريف فى الصلاة والأذان، وغيرهما من العبادات كثير من فقهاء المذاهب الفقهية مثل:
العز بن عبد السلام والرملى والقليوبى والشرقاوى من الشافعية، والحصكفى وابن عابدين من الحنفية والشوكانى وغيرهم من الشافعية.
أما بتقديم لفظة "سيدنا" قبل اسمه الشريف فى غير العبادات، فلا خلاف على جوازه بين أحد من العلماء، فهو إجماع ولا عبرة لمن شذ ممن عجز عن الجمع بين الأدلة، وهو ما نختاره ونرجحه فى مقام سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فالأدب مقدم دائما معه صلى الله عليه وسلم.
والتشريف بلفظ السيادة فى حقه صلى الله عليه وسلم شئ بسيط يتواضع أمام عظمته صلى الله عليه وسلم بل السيادة لصحابته وعلماء أمته وأهل بيته الأخيار، أما هو إن أردت أن تعرف كيفية تشريفه فلتعلم أن أعلى التشريف عنده هو وصفه بلفظة "العبد" لأنه المستحق الأوحد لهذه الكلمة وقد قال جل شأنه ﴿سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ الإسراء 1، لأنه الأوحد الذى تحقق بلفظ العبودية لله.
ونختم بقوله سبحانه فى أعظم مشهد من المشاهد القرآنية إذا جاز لنا التعبير عن "السيادة" فى حق أحد أنبياء بنى إسرائيل وهو سيدنا يحيى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم فقال جل شأنه فى الآية 39 من سورة آل عمران ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾!!!
فسيادته صلوات ربى وسلامه عليه سيادة محمودة .. وهناك سيادة مذمومة حيث قال صلى الله عليه وسلم (لا تقولوا للمنافق سيد فإنه إن يك سيدا فقد أسخطتم ربكم عز وجل) انظر سنن أبو داود والأدب المفرد للإمام البخارى.
كما أن النهى عن إطلاق لفظ السيادة للمنافق معناه "جوازه للمؤمن"!! إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وفى الخاتمة نقول يا أهل العقول:
إذا كان تسويده فى الصلاة بزعمكم بدعة، وعليه فمن يفعله فهو فى النار، فهل يصح الفهم ويستقيم للعقل أن من يتأدب مع النبى صلى الله عليه وسلم يدخل النار بأدبه؟!! وهل يدخل الجنة من أساء معه الأدب؟!!!
وصدق الإمام فخر الدين حين قال:

هو ذا سيد وأول عبد وبه بـدء غاية العباد

محمد سيد


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=874
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد يونيو 2014 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد يونيو 2014   المجلة عدد يونيو 2014 Icon_minitimeالأحد أغسطس 24, 2014 4:53 pm

شريعة

مذهب الإمام مالك
كتاب الصلاة
كِتَابُ الصَّلاةِ الثانى (ملخص من المدونة)
(كتاب المدونة يعتبر شرح مفصل للمذهب المالكى)

54- باب جَمْعِ الْمَرِيضِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ:
410- قَالَ مَالِكٌ فِى الْمَرِيضِ الَّذِى يَخَافُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ: إنَّهُ يُصَلِّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَلاَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَيُصَلِّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ إذَا غَابَتْ الشَّمْسُ وَيُصَلِّى الْعِشَاءَ مَعَ الْمَغْرِبِ.
411- وَرَأَى مَالِكٌ لَهُ فِى ذَلِكَ سَعَةً إذَا كَانَ يَخَافُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ.
412- وَقَالَ مَالِكٌ فِى الْمَرِيضِ إذَا كَانَ أَرْفَقَ بِهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ: جَمَعَ بَيْنِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِى وَسَطِ وَقْتِ الظُّهْرِ إلاَ أَنْ يَخَافَ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ فَيَجْمَعَ قَبْلَ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَيَجْمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ إلاَ أَنْ يَخَافَ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ فَيَجْمَعَ قَبْلَ ذَلِكَ عِنْدَمَا تَغِيبُ الشَّمْسُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبَطْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْمَرَضِ أَوْ صَاحِبِ الْعِلَّةِ الشَّدِيدَةِ الَّتِى تَضُرُّ بِهِ أَنْ يُصَلِّى فِى وَقْتِ كُلِّ صَلاَةٍ، وَيَكُونُ هَذَا أَرْفَقَ بِهِ أَنْ يَجْمَعَهُمَا لِشِدَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
413- قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَمْعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِى غَيْرِ سَفَرٍ وَلاَ خَوْفٍ، وَقَدْ جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صل بَيْنَهُمَا فِى السَّفَرِ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، فَالْمَرِيضُ أَوْلَى بِالْجَمْعِ لِشِدَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلِخِفَّتِهِ عَلَى الْمُسَافِرِ، وَإِنَّمَا الْجَمْعُ رُخْصَةٌ لِتَعَبِ السَّفَرِ وَمُؤْنَتِهِ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ، فَالْمَرِيضُ أَتْعَبُ مِنْ الْمُسَافِرِ وَأَشَدُّ مُؤْنَةً لِشِدَّةِ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ فِى الْبَرْدِ، وَلِمَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ لِمَا يُصِيبُهُ مِنْ بَطْنٍ مُنْخَرِقٍ أَوْ عِلَّةٍ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ بِهَا التَّحَرُّكُ وَالتَّحْوِيلُ، وَلِقِلَّةِ مَنْ يَكُونُ لَهُ عَوْناً عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ أَوْلَى بِالرُّخْصَةِ وَهِى بِهِ أَشْبَهُ مِنْهَا بِالْمُسَافِرِ، وَقَدْ جَمَعَ النَّبِى صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِى الْمَطَرِ لِلرِّفْقِ بِالنَّاسِ سُنَّةً مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالْخُلَفَاءِ، فَالْمَرِيضُ أَوْلَى بِالرِّفْقِ لِمَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ.

55- فِى جَمْعِ الْمُسَافِرِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ:
414- قَالَ مَالِكٌ: لاَ يَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ فِى السَّفَرِ إلاَ أَنْ يَجِدَّ بِهِ السَّيْرُ، فَإِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَيُؤَخِّرُ الظُّهْرَ حَتَّى يَكُونَ فِى آخِرِ وَقْتِهَا، ثُمَّ يُصَلِّيهَا، ثُمَّ يُصَلِّى الْعَصْرَ فِى أَوَّلِ وَقْتِهَا وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى تَكُونَ فِى آخِرِ وَقْتِهَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، ثُمَّ يُصَلِّيهَا فِى آخِرِ وَقْتِهَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، ثُمَّ يُصَلِّى الْعِشَاءَ فِى أَوَّلِ وَقْتِهَا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ.
415- وَقَالَ مَالِكٌ فِى الْمُسَافِرِ فِى الْحَجِّ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الأَسْفَارِ: إنَّهُ لاَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ إلاَ أَنْ يُجِدَّ بِهِ السَّيْرُ، فَإِنْ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ فِى السَّفَرِ وَأَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ إذَا خَافَ فَوَاتَ أَمْرِهِ، قَالَ مَالِكٌ: فَأَحَبُّ مَا فِيهِ إلَى أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِى آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ يَجْعَلُ الظُّهْرَ فِى آخِرِ وَقْتِهَا وَالْعَصْرَ فِى أَوَّلِ وَقْتِهَا إلاَ أَنْ يَرْتَحِلَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلاَ أَرَى بَأْساً أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا تِلْكَ السَّاعَةَ فِى الْمَنْهَلِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِل، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِى آخِرِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ يُصَلِّيهِمَا، فَإِذَا غَابَ الشَّفَقُ صَلَّى الْعِشَاءَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِى الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِثْلَ مَا ذَكَرَ فِى الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ عِنْدَ الرَّحِيلِ مِنْ الْمَنْهَلِ.
416- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَلِى بْنِ حُسَيْنٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ يَوْماً جَمَعَ بَيْنَ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَإِذَا أَرَادَ السَّفَرَ لَيْلاً جَمَعَ بَيْنِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
417- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ إذَا عَجَّلَ بِهِ السَّيْرُ، وَقَالَ: يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ.
418- قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ عَلِى بْنِ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِى عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِى قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وَافِدِينَ إلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُؤَخِّرُ مِنْ الظُّهْرِ وَيُعَجِّلُ مِنْ الْعَصْرِ، وَيُؤَخِّرُ مِنْ الْمَغْرِبِ وَيُعَجِّلُ مِنْ الْعِشَاءِ وَيُصَلِّيهِمَا.
419- قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِى عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِى أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَسَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ جَمَعَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِى السَّفَرِ.
420- قَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا عَجَّلَ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
421- وقَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى ذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا فِى الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ لِمَنْ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ.
422- قَالَ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ إنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ هَلْ يُجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِى السَّفَرِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ، أَلَمْ تَرَ إلَى صَلاَةِ النَّاسِ بِعَرَفَةَ؟ قَالَ مَالِكٌ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ: إنَّ الأَعْرَجَ أَخْبَرَهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِى سَفَرِهِ إلَى تَبُوكِ.
423- وقَالَ مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ: إنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكِ فَكَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمِيعاً، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمِيعاً، حَتَّى إذَا كَانَ يَوْماً أَخَّرَ الصَّلاَةَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعاً، ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعاً.

عبدالستار الفقي


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=875
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المجلة عدد يونيو 2014
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المجلة عدد يونيو 2013
» المجلة عدد أغسطس 2014
» المجلة عدد يناير 2014
» المجلة عدد فبراير 2014
» المجلة عدد مارس 2014

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
!¨°o:[[ منتديات القـصـــــــــــــواء]]: o°¨! :: ! الدين الاسلامي القويم ! :: المجلة الاعداد الشهرية - almagalla issue-
انتقل الى: