المجلة عدد ابريل 2012
http://almagalla.info/2012/apr.htm
==========
حال مريدى
يُنْكِرُ الْجَاهِلُونَ حَالَ مُرِيدِى مُنْكِرُ السَّلسَبِيلِ غِرٌ سَقِيمُ (12/11)
نهدى إليكم أيها الأحباب بيتاً من نظم الدر للإمام فخر الدين رضي الله عنه وأرضاه ونفعنا بِدُرَرِه وحكمه التى تقيم منهج الدين المضمون آمين.
يقول رضي الله عنه :
ينكر الجاهلون: والانكار ضد المعرفة والجهل ضد العلم هذا ما علمناه من كتب اللغة وذا عجبٌ! جاهلٌ وينكر ما يراه من علم. فمتى يتعلم؟ وماذا بعدُ إذا عُرِض عليه الحق فأنكره؟ ونحن مأمورون بنص القرآن الكريم أن نسمع ونتدبر بقلوبنا لا نتسرع فى الحكم بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير. ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ محمد 24، ﴿إِنَّ فِى ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ ق 37، أيقبل أن يعيش فى الضلال؟ أغرّه جلبابٌ أم لحية؟ وفى الصحيح (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)، وبمعنى آخر: جاهل لا يعلم شيئاً فى الدين وينكر ويرفض كل ما يسمعه؟ واللهِ هذا ليس إنصافاً ولا عدلاً بل ظلم للنفس.
حال مريدى: الحال: اصطلاح صوفى يحتاج إلى شرح، يقول المتحقق العارف بالله أى الذى يعرف بواسطة الله سيدى محيى الدين بن عربى رضي الله عنه ولا عجب أن يقول فالذى علمه الله ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ﴾ البقرة 282، وتدبر قوله تعالى ﴿وَاللهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ﴾ أى أن الذى يُعَلِمّه الله لا يخفى عليه شىء لأنه اتقى الله فأحبه الله وعلمه كل شىء ولا تستغرب يا أخى فالمولى تبارك وتعالى يقول ﴿وَكُلَّ شَىْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِى إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ يس 12، فإن قلت الإمام المبين كتاب مبين قلنا لك الكتب كثيرة ومختلفة ولما لم يقل الحق كتاب مبين؟ ومما يصدق على ما قلناه قوله تعالى ﴿بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِى صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ﴾ العنكبوت 49، فهل تهيأت بعد هذا السرد اليسير لتتلقى معنى الحال من كلام سيدى ابن عربى رضي الله عنه : الحال ... مايرد على القلب من غير تعمل ولا اجتلاب فتتغير صفات صاحبه له ... الأحوال مواهب. والحال أيضاً: هو ظهور العبد بصفة الحق وهو التشبه بصفات الله المعبر عنه بالتخلق بالاسماء، وهو الذى يريده أهل زماننا اليوم بالحال. ونحن نقول به ولكن لا نقول بأثره لكن نقول أن يكون العبد متمكناً منه بحيث لو شاء ظهوره لظهر به، لكن الأدب مع الله يمنعه ... وأن الله تعالى لا يعطى العلم إلا لمن يحب وقد يعطى الحال من لا يحب، فانتبه، فإن العلم ثابت والحال زائل لأن صاحبه ينتقل من حال إلى حال والحال تكُونُ منها كل صفة فى وقت دون وقت، كالسُكْر والغيبة مثلاً فالسُكْر لا يدوم والغيبة أيضاً ونقصد بالسُكْر هنا السُكْر الحلال الناشىء عن وارد قوى وهو ما يرد من نفحات الله على قلب المريد المجتهد فى تقرّبه بالأوراد والعبادة والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم على يد شيخ عارف بالله فيحدث له ما يحدث للسكران من غيبة عن الوعى ولكن هذا المحب يغيّبه الله تعالى عن ما حرم الله وعن ما نهى الله. وعكسه المقام وهو فى كل صفة يجب الرسوخ فيها ولا يصح التنقل عنها كالتوبه مثلاً. وحال مريدى -مريد الشيخ- ليس أى مريد وإنما وصفه لنا شيخنا فقال:
سَقَيْتُ مُرِيدِى مِنْ شَرَابٍ مُعَتَّقٍ وَكَفِّىَ كَأْسٌ وَالْخَفَاءُ مَزِيَّتِى (1/
أى: شرّبهُ العلم فى خفاء.
وَلَسْتُ بِنَاءٍ عَنْ مُرِيدِىَ لَحْظَةً وَإِنَّ مُرِيدِى مَنْ أَرَادَ إِرَادَتِى (1/266)
أى: عندما تتوافق إرادة المريد مع إرادة شيخه يكون مريد الشيخ فعلاً وإلا فلا.
وَلَيْسَ مُرِيدِى مَنْ عَشَى عَنْ كَلَامِنَا وَلَا قَائِلٌ لِلنَّفْسِ يَانَفْسُ مَالَكِ (10/6)
أى لا يكون مريدى وينتسب إلىّ الذى يعرض عن كلامى والمقصود منهجى ولا يخالف هوى نفسه، فالمريد هو الذى يتكلم بكلام ومنهج وعلم شيخه ويكون حاله وإرادته إرادة شيخه، هذا المريد إذا أنكر حاله جاهل من الجُهّال يكون هذا الجاهل غرٌّ أى خدّاع مفسد سقيم مريض وقد وصف الشيخ رضي الله عنه مريده بأنه سلسبيل والسلسبيل هنا المراد به علم الشيخ وشرابه المعنوى الذى تحصل عليه المريد بفضل الله من شيخه فقال رضي الله عنه :
مُنْكِرُ السَّلسَبِيلِ غِرٌ سَقِيمُ
لأن من أنكر حال هذا المريد الذى هو ترجمة فعلية لمنهج وعلم شيخه والذى هو الحق الذى أراده المولى تبارك وتعالى منا لا يكون إلا خدّاعاً مُفسداً يصرف الناس عن دين الحق بغير علم ولا هدى، نجانا الله منه وهدانا بهدى شيخنا إلى شرابه السلسبيل العذب الذى هو ملىء حانته رضي الله عنه وللاستزاده راجع موضوع شرابى عذب - بأرشيف التدارس.
رابط ارشيف التدارس :- http://almagalla.info/archives_ar/group_study.htm
وإلى العدد القادم بإذن الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محمد مقبول
===========
رابط الموضوع :- http://almagalla.info/2012/apr1.htm
===========
السيدة أم كلثوم رضي الله عنها
كوكب الاسلام
ميلادها رضي الله عنها
ولدت أم كلثوم فى مكة قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم ، وتربّت على الفضائل ومكارم الأخلاق، فأبوها الصادق الأمين؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمها الطاهرة خديجة، أم المؤمنين رضي الله عنها خير النساء صاحبة الفضل العظيم والمقام الرفيع، ولدت أم كلثوم بعد رقية، وأسلمت مع أمها خديجة وأخواتها فهذه هى السيدة أم كلثوم التى يسميها بعض الخطباء: كوكب الإسلام.
اسلامها رضي الله عنها
أسلمت أم كلثوم رضي الله عنها مع ال بيت النبى صلى الله عليه وسلم مع أمها خديجة رضي الله عنها واخواتها جميعا.
زواجها رضي الله عنها
لما بلغت أم كلثوم رضي الله عنها وأختها رقية رضي الله عنها مبلغ الزواج خطبهما أبو طالب لابنى أخيه عبد العزى (أبى لهب): عتيبة وعتبة، فوافق رسول الله لما لأبو طالب من مكانة عنده صلى الله عليه وسلم ولأن الخاطبين ابنا عمه، وقد خطبت أم كلثوم لعتيبة.
طلاقها
ما كاد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقى رسالة ربه تعالى ويدعو الى دين الحق حتى بدأت قريش حربها ضده صلى الله عليه وسلم فاجتمع سادة قريش وقالوا: انكم قد فرغتم محمدا من همه فردوا عليه بناته فاشغلوه بهن.
وذهب سادة قريش الى اصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم الثلاثة وقالوا لهم واحدا بعد الاخر: فارق صاحبتك ونحن نزوجك أى امرأة من قريش شئت فأبى أبو العاص رضي الله عنه زوج زينب رضي الله عنها اما ابنا ابى لهب فاستجابا على الفور وكان ابو لهب قد قال لابنيه: رأسى من رأسيكما حرام ان لم تطلقا ابنتى محمد، ولم يكتف عتيبة بل تمادى فاذى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تمنعه حمية القرابة فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا (اللهم سلط عليه كلبا من كلابك). فعدا عليه السبع فى تجارة له وأكل رأسه من بين الناس واستجاب الله تعالى لدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم .
جهادها رضي الله عنها
بعد ان طلقها عتيبة عاشت السيدة أم كلثوم رضي الله عنها مع والديها ثم تزوجت اختها السيدة رقية وهاجرت الى الحبشة وبقيت السيدة ام كلثوم مع اختها الصغرى فاطمة وهكذا عاشت رضي الله عنها فى صميم معركة الاضطهاد الاولى ثم أسلم حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم فطار صواب قريش وقاطعوا بنى هاشم وحاصروهم فى شعب ابى طالب، وعاش المسلمون وقد بلغ بهم الجوع مبلغه، وكانت أم كلثوم رضي الله عنها صابرة محتسبة تراعى امها السيدة خديجة رضي الله عنها وارضاها التى كانت قد انهكتها الاحداث وأحست دنو أجلها، ثم توفيت المجاهدة العظيمة خديجة وصبرت ابنتيها المجاهدتان أم كلثوم وفاطمة ووقف الاب الحزين والزوج المكلوم صلى الله عليه وسلم يواسى بناته.
ويتمادى كفار قريش فى ايذاء النبى صلى الله عليه وسلم وذات يوم يعترض طريقه احد الاوغاد فنثر على رأسه الشريف ترابا فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بيته فأقبلت عليه أم كلثوم لتغسل عنه التراب وهى تبكى فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبكى يا بنية ان الله مانع اباك.
ثم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة وترك ابنتيه ام كلثوم وفاطمة عند زوجته السيدة سودة رضي الله عنها حتى وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة ثم ما لبث زيد بن حارثة ان أقبل ليصحب أم كلثوم وفاطمة وال ابى بكر الى دار الهجرة، فكانت من المهاجرات إلى الله ورسوله.
زواجها رضي الله عنها من عثمان رضي الله عنه
شهدت أم كلثوم رضي الله عنها عودة ابيها منتصرا من بدر ثم وفاة اختها رقية يوم النصر وفى أحد الايام رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبه عثمان مهموما فقال له صلى الله عليه وسلم (مالى اراك مهموما؟)
فقال: يا رسول الله وهل دخل على أحد ما دخل على؟ ماتت ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التى كانت عندى وانقطع ظهرى وانقطع الصهر بينى وبينك.
فبينما هو يحاوره اذ قال النبى صلى الله عليه وسلم (يا عثمان هذا جبريل يأمرنى عن الله عز وجل أن أزوجك أختها أم كلثوم، على مثل صداقها، وعلى مثل عشرته) فزوجه اياها فكانت النور الثانى لعثمان –ذى النورين- وبقيت عنده ست سنوات ولم تنجب له.
وفى رواية الطبرانى (ما زوّجت عثمان أم كلثوم إلا بوحى من السماء ).
دخلت أم عياش -خادمة النبى صلى الله عليه وسلم - إلى السيدة أم كلثوم تدعوها للقاء النبى صلى الله عليه وسلم لأخذ رأيها فى أمر الزواج من عثمان؛ فلما أطرقت صامتة حياءً من النبى صلى الله عليه وسلم ، عرف أنها ترى ما يراه؛ فقال النبى صلى الله عليه وسلم لعثمان (أزوجك أم كلثوم أُخت رقية، ولو كُنّ عشرًا لزوجتكهن). فنال عثمان بن عفان بذلك الشرف لقب ذى النورين؛ لزواجه من ابنتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلتاهما نور بحق، وظلت أم كلثوم فى بيت عثمان زوجة له لمدة ست سنوات لا يفارقها طيف أختها رقية.
كان الصبر على أمر الله من أبرز مواقف أم كلثوم رضي الله عنها فصبرت على الحرمان من الولد، فلم تنجب من زوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه رغم أنها عاشت معه ست سنوات، فكان صبرها صبرًا جميلا.
وفاتها رضي الله عنها
ثم داهم المرض بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلزمت الفراش حينا، ثم ماتت فى شهر شعبان سنة تسع من الهجرة، وتألم الاب صلى الله عليه وسلم وحزن حزنا شديدا، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أم عطية ان تغسلها وترا، واعطاها ازاره لتكفنها به، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اراد انزالها قبرها (لا ينزل قبرها أحد قارف أهله الليلة أفيكم أحد لم يقارف أهله الليلة؟) فقال أبو طلحة رضي الله عنه : أنا يا رسول الله. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (انزل). البخارى- الفتح.
وبعد ان دفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لذى النورين الحزين لموت زوجته الحبيبة ولانقطاع نسبه من رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو كانت عندنا ثالثة لزوجناكها يا عثمان).
رحم الله السيدة أم كلثوم رضي الله عنها نعم الزوجة والمجاهدة وجمعنا واياها فى الجنة ان شاء الله تعالى، ورزقنا جميعا حب ال بيت النبى صلى الله عليه وسلم .
راوية رمضان
==========
رابط الموضوع :- http://almagalla.info/2012/apr2.htm
==========
الإمام الطبرانى
هو أبى القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبرانى رحمه الله المولود سنة 260هـ، يقول أبا بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن رضي الله عنه : سليمان بن أحمد بن أيوب أشهر من أن يدل على فضله وعلمه، وحدث بأصبهان 60 سنة فسمع منه الآباء ثم الأبناء والأسباط حتى لحقوا بالاجداد وكان رضي الله عنه واسع العلم كثير التصانيف وقيل ذهبت عيناه فى آخر أيامه فكان يقول: الزنادقة سحرونى. وقال له يوما الحسن العطار تلميذه يمتحن بصره كم عدد الجذوع التى فى هذا السقف فقال: أما عدد الجذوع فلا أدرى ولكن نقش خاتمى سليمان بن أحمد. وقال أيضا يعنى العطار: من هذا الآتى؟ قال؟ أبو ذر. يعنى ابنه فقال: وليس بالغفارى. يقول أبا بكر أحمد بن موسى بن مردويه سمعت أبا القاسم الطبرانى يقول: أول ما قدمت أصبهان قدمة أولى سنة 290هـ وقدم قدمه ثانية 310هـ ورحل من طبرية الشام الى أصبهان قصدها وسمع بها ممن أدركه من شيوخها مثل إبراهيم بن محمد المعروف بنائلة، ومحمود بن أحمد بن الفرج المعروف بالودنكاباذى، وإبراهيم بن متويه الإمام أبو إسحاق، وجالس المزنى والربيع بن سليمان وكان امام الجامع العتيق ومحمد بن العباس الأخرم وهو من الحفاظ الكبار، ومحمد بن يحيى بن منده أبو عبد الله، وغيرهم من الكبار ما لا يعد ويحصى وروى عن النجوم والاعلام والاكابر ما لا يعد كثرتهم.
ثم لما قدم قدمه الثانية قبله أبو على أحمد بن محمد بن رستم العامل وضمه إليه وانزله المدينة وأحسن معونته وجعل له معلوما من دار الخراج لم يحذف له بعد أبى على فى الدولة الديلمية وكان يقبضة الى ان مات. قال أبا بكر بن أبى على العدل رحمه الله سأل والدى الطبرانى رحمه الله عن كثرة حديثه فقال: كنت أنام على البوارى ثلاثين سنة.
ومن فضل الله ونعمه على الإمام أبى القاسم الطبرانى اراءته فى النوم ما قد تحير فيه أحاديث وغيرها، قال أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدى ولا نبي) فشق ذلك على الناس قال فقال (ولكن المبشرات) قالوا: يا رسول الله وما المبشرات؟ قال (رؤيا المسلم هى جزء من أجزاء النبوة). وعن حميد بن عبد الرحمن أن رجلا سأل عبادة عن قوله ﴿لهم البشرى فى الحياة الدنيا﴾ فقال عبادة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال (هى الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو ترى له وهو كلام يكلم به ربك عبده فى المنام).
قال أبو القاسم الطبرانى رحمة الله رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام فى شوال سنة 323هـ بيزيمودية أصبهان ومهرنيتها فى صحراء من صحاريها وكان مضارب النبى مضروبة مربعة غير مضبية مغشاة بأغشية بيض حسنة البياض وكان أزواجه فى المضارب ورأيت عائشة بارزة عن مضرب من المضارب مولية وجهها نحو المضرب مرتدية برد أبيض شديد البياض فمر بها طفل فدعت له فسمعت فصاحتها ولم أنظر الى وجهها فانتهيت الى النبى صلى الله عليه سلم وهو جالس على كرسى وهو بارز على المضارب فقبلت ما بين عينيه وعاتقيه ثم جلست بين يديه فرفعت يدى فدعوت لنفسى وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات دعاء كثيرا ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل على بوجهه مبتسم لم يفتر عن أنيابه فقلت يا رسول الله أخبرنى عن حديث أبى حازم عن سهل بن سعد عنك أنك قلت (المؤمن مألف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف) فأوما بيده كأنه ضعفه فقلت: يا رسول الله أخبرنى عن حديث الشعبى عن النعمان بن بشير انك قلت (مثل المؤمنين فى تراحمهم وتوادهم وتواصلهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) فقال صلى الله عليه وسلم بيده صحيح صحيح صحيح. ثم قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم (اذكر التشهد) فذكرت تشهد بن مسعود الى آخره فقال (أذكر التشهد) فذكرت حديث بن عباس: التحيات الطيبات المباركات الصلوات لله سلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله الا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذا هو التشهد هذا هو التشهد هذا هو التشهد) ثم مر به رجل فقال: يا رسول الله أخبرنى عن معاوية فقال (لم يكن بالواهن فى دينه).
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى شيء منها اشتكى سائر الجسد بالحمى والسهر) قال الطبرانى رحمه الله رأيت النبى فى المنام بين أصبهان ومدينتها فقلت يا رسول الله حدث النعمان بن بشير عنك بهذا الحديث. فقال (هو صحيح) ثلاث مرات.
عن أحمد بن جعفر الفقيه قال سمعت أبا القاسم الطبرانى رحمه الله يقول لما قدم أبو على بن رستم من فارس دخلت عليه، فدخل عليه بعض الكتاب فصب على رجله خمسمائة درهم فلما خرج، قال: ارفع يا أبا القاسم هذا. فرفعته فجعلت أحدث الى أن دخلت أم عدنان ابنته، فصبت على رجله خمسمائة درهم فقمت، فقال: الى أين يا أبا القاسم. فقلت: قمت لانك تقول إنما جلست لهذا. فقال: ارفع هذا أيضا. فلما كان آخر أمره تكلم فى أبى بكر وعمر رضي الله عنهم ببعض شيء، فخرجت من عنده ولم أعد إليه بعد. وكان عبدان لا يقرأ شيئا فى مجلسه ويقول حتى يحضر الشامى يعنى الطبرانى فقال كنا ننتظر يوما وهو يأبى أن يقرأ علينا وقال حتى يحضر الشامى قال وبينا نحن كذلك إذ اقبل الطبرانى مع نفر يسير من الغرباء معه حزمة من الكتب وعليه جل من الدواب. ومن خصائصه وفضائله رحمة الله عليه ترك التكبر فى طلب العلم مع جلال قدره ووفور علمه وتوقير مشائخه له وتبجيلهم إياه واحترامهم له فى كل المحافل والمجالس.
ويقولون ان أبا أحمد العسال قال إذا سمعت أنا من الطبرانى عشرين ألف حديث وسمع منه إبراهيم بن محمد بن حمزة ثلاثين ألف حديث وأبو الشيخ أربعين ألف حديث. الأستاذ بن العميد يقول: ما كنت أظن ان فى الدنيا حلاوة ألذ من الرئاسة والوزارة التى أنا فيها حتى شهدت مذاكرة سليمان بن أحمد الطبرانى وأبى بكر الجعابى بحضرتى فكان الطبرانى يغلب الجعابى بكثرة حفظه وكان الجعابى يغلب الطبرانى بفطنته وذكاء أهل بغداد، حتى ارتفعت اصواتهما ولا يكاد أحدهما يغلب صاحبه فقال الجعابى: عندى حديث ليس فى الدنيا الا عندى. فقال: هاته فقال حدثنا أبو خليفة ثنا سليمان بن أيوب وحدث بالحديث، فقال الطبرانى: أنا سليمان بن أيوب ومتى سمع أبو خليفة فاسمع منى حتى يعلو اسنادك فإنك تروى عن أبى خليفة عنى. فخجل الجعابى وغلبه الطبرانى، قال بن العميد فوددت فى مكانى أن الوزارة والرئاسة ليتها لم تكن لى وكنت الطبرانى، وفرحت مثل الفرح الذى فرحه الطبرانى لأجل الحديث.
من أشهر رواياته:
عن بن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من اذن ثنتى عشرة مرة وجبت له الجنة) قال الصاحب فى آخر هذا الحديث رواه أبو خليفة الجمحى عن الطبرانى رحمه الله. وروى عنه أيضا عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال لما توفى أبو طالب خرج النبى صلى الله عليه وسلم الى الطائف ماشيا على قدميه فدعاهم الى الإسلام فلم يجيبوه فانصرف فاتى ظل شجرة فصلى ركعتين ثم قال (اللهم إليك أشكو ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس يا أرحم الراحمين، الى من تكلنى الى عدو يتجهمنى أم الى قريب ملكته أمرى، ان لم تكن غضبان على فلا أبالى، غير ان عافيتك أوسع لى، أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخره؛ أن تنزل بى غضبك أو يحل على سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا قوة الا بك) وتوفى أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحى سنة 305هـ وعاش الطبرانى رحمه الله بعد موته 55 سنة وقيل ان عبدان حدث عنه أيضا -يعنى الطبرانى- رحمه الله ومات عبدان سنة 306هـ. وكذلك حدث عنه من المشهورين المعروفين من المحدثين المقدمين كابن عقدة وأبى على الصحاف وأبى عبد الله بن خفيف وغيرهم ومن المتأخرين ما لا يعد ولا يحصى.
قال ابن أبى السرى: سمعت أبا العباس بن عقدة سنة 323هـ وأنا أسمع منه فضائل أهل البيت فسالنى عن أبى القاسم الطبرانى فقال: تعرفه؟ قلت: لا. قال: يا سبحان الله يكون مثل ذلك الرجل ببلدكم ولا تسمعون منه، وتؤذينى هذا الأذى بالكوفة، فى الفائت سمعت أنا وإياه من مشائخ جلة، وسمع منى وسمعت منه، ولا أعلمنى رأيت أحدا أعرف بالحديث ولا أحفظ للاسانيد منه.
روى أبو على الصحاف فى سنة 333هـ عن أبو القاسم الطبرانى حديثين: الحديث الأول عن جريررضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ترون ربكم عز وجل كما ترون القمر، لا تضامون فى رؤيته) والحديث الثانى عن أبى مسعود الأنصارى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله إذا رأيتموهما فصلوا حتى تنجليا)
وروى عن سلمان الفارسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة أحد الا بجواز بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله تعالى لفلان بن فلان ادخلوه جنة عالية قطوفها دانية). وروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حديث الضب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى محفل من اصحابه، إذ جاء أعرابى من بنى سليم قد صاد ضبا وجعله فى كمه، يذهب به الى رحله، فرأى جماعة فقال: على من هذه الجماعة؟ قالوا: على هذا الذى يزعم أنه نبى. فشق الناس ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد ما اشتملت النساء على ذى لهجة أكذب منك وأبغض، ولولا ان يسمونى قومى عجولا لعجلت عليك فقتلتك، فسررت بقتلك الناس أجمعين. فقال عمر: يا رسول الله دعنى أقتله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما علمت ان الحليم كاد أن يكون نبيا) ثم اقبل على رسول الله ، فقال: واللات والعزى لا آمنت بك. وقد قال له رسول الله (يا أعرابى ما حملك على أن قلت ما قلت، قلت غير الحق ولم تكرم مجلسى) قال: وتكلمنى أيضا. استخفافا برسول الله صلى الله عليه وسلم: واللات والعزى لا آمنت بك أو يؤمن هذا الضب. فأخرج الضب من كمه وطرحه بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن آمن بك هذا الضب آمنت بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا ضب) فتكلم الضب بلسان عربى مبين يفهمه القوم جميعا: لبيك وسعديك يا رسول رب العالمين. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (من تعبد)؟ قال: الذى فى السماء عرشه وفى الأرض سلطانه وفى البحر سبيله وفى الجنة رحمته وفى النار عذابه. قال (فمن أنا يا ضب)؟ قال: أنت رسول رب العالمين وخاتم النبيين قد أفلح من صدقك وقد خاب من كذبك. فقال الأعرابى: أشهد أن لا إله الا الله وأشهد أنك رسول الله حقا، والله لقد أتيتك وما على وجه الأرض أحد هو أبغض إلى منك ووالله لأنت الساعة أحب إلى من نفسى ومن والدى وقد آمنت بك شعرى وبشرى وداخلى وخارجى وسرى وعلانيتى. فقال رسول الله (الحمد لله الذى هداك الى هذا الدين الذى يعلو ولا يعلى لا يقبله الله تعالى الا بصلاة ولا يقبل الصلاة الا بقرآن) فعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد وقل هو الله أحد فقال: يا رسول الله والله ما سمعت فى البسيط ولا فى الرجز أحسن من هذا. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان هذا كلام رب العالمين وليس بشعر وإذا قرأت قل هو الله أحد مرتين فكأنما قرأت ثلثى القرآن وإذا قرأت قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنما قرأت القرآن كله) فقال الأعرابى: نعم الإله الهنا يقبل اليسير ويعطى الجزيل. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اعطوا الأعرابى فأعطوه حتى أبطروه) فقام عبد الرحمن بن عوف فقال: يا رسول الله انى أريد ان أعطيه ناقة أتقرب بها الى الله عز وجل دون البختى وفوق الأعرابى وهى عشراء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قد وصفت ما تعطى وأصف لك ما يعطيك الله تعالى جزاء) قال: نعم. قال (لك ناقة من درة جوفاء قوائهما من زبرجد أخضر وعنقها من زبرجد أصفر عليها هودج وعلى الهودج السندس والاستبرق تمر بك على الصراط كالبرق الخاطف) فخرج الأعرابى من عند رسول الله فلقيه ألف أعرابى على ألف دابة بألف رمح وألف سيف، فقال لهم: أين تريدون؟ فقالوا: نقاتل هذا الذى يكذب ويزعم انه نبى. فقال الأعرابى: أشهد أن لا إله الا الله وأن محمدا رسول الله. فقالوا له: صبوت. فقال: ما صبوت. وحدثهم هذا الحديث فقالوا بأجمعهم: لا إله الا الله محمد رسول الله. فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم ، فتلقاهم فى رداء، فنزلوا عن ركبهم يقبلون ما ولوا منه، وهم يقولون: لا إله الا الله محمد رسول الله. وقالوا: مرنا بأمرك يا رسول الله. فقال (تدخلون تحت راية خالد بن الوليد) قال فليس أحد من العرب آمن منهم ألف جميعا الا بنو سليم. قال الطبرانى رحمة الله لم يروه عن داود بن أبى هند بهذا التمام الا كهمس ولا عنه الا معتمر تفرد به محمد بن عبد الأعلى.
قال الصاحب إسماعيل بن عباد: قد وجدنا فى معجم الطبرانى ما فقدنا فى سائر البلدان بأسانيد ليس فيها سناد ومتون إذا وردن متان.
ذكر ما وجد من تصانيفه رحمه الله:
وقد حصروا له 106 مصنف على الأقل، منها: كتاب المعجم الكبير مائتا جزء - كتاب معجم الأوسط أربعة وعشرون جزءا - كتاب معجم الصغير سبعة أجزاء - مسند العشرة ثلاثون جزءا - مسند الشامين عشرة أجزاء - كتاب النوادر عشرة أجزاء - كتاب معرفة الصحابة - الفوائد عشرة أجزاء - كتاب التفسير - كتاب مسانيد تفسير بكر بن سهل - كتاب دلائل النبوة عشرة أجزاء - كتاب الدعاء عشرة أجزاء - كتاب السنة عشرة أجزاء - كتاب بيان كفر من قال بخلق القرآن جزء - كتاب الرد على المعتزلة جزء - كتاب الرد على الجهمية -كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جزء - غرائب حديث مالك بن أنس جزء - وصية النبي لأبي هريرة جزء - كتاب ذكر الخلافة لأبي بكر وعمر - كتاب فضائل العرب وعثمان وعلي رضي الله عنهم - كتاب جامع صفات النبي صلى الله عليه وسلم ... وغيرهم.
وفاته وعقبه:
يقول أبا بكر أحمد بن موسى الحافظ توفى سليمان بن أحمد بن أيوب الطبرانى فى ذى القعدة يوم السبت ودفن يوم الأحد لليلتين بقيتا منه سنة 360هـ، ودفن بباب مدينة جى المعروف بتيره بجنب حممة بن أبى حممة رضي الله عنه ، وقبره مشهور معروف يزار وله ابن يسمى محمدا ويكنى أبا ذر، وله بنت تسمى فاطمة أمها أسماء بنت أحمد بن محمد بن شدرة الخطيب، وذكر أنها كانت تصوم يوما وتفطر يوما وكانت لا تنام من الليل الا قليلا رحمها الله، ولها عقب، وأما محمد ابنه فمات فى رجب سنة 399هـ، وقبره بجنب قبر والده رحمهما الله، روى عنه جماعة من كبار المحدثين كأبى على الرستاقى وأبى طاهر بن عروة وأبى أحمد العطار وعلى بن أحمد بن مهران وأبى سعد بن قمجه وعلى بن الحسين الإسكاف وعلى بن سعيد البقال وغيرهم ومن المتأخرين جماعة.
ع صلاح
===========
رابط الموضوع :- http://almagalla.info/2012/apr4.htm
رابط تحميل الكتب من اقسام التراث :- http://alturath.info/home.htm
===========