!¨°o:[[ منتديات القـصـــــــــــــواء]]: o°¨!
أول ما تبدء أي عمل قول بسم الله الرحمن الرحيم وتقول اللهم صل على سيدنا محمد واله وسلم ومرحبا بك في منتديات القصواء لو انت زائر شرفنا مروركم الكريم وتشرفنا بالتسجيل واذا كنت من الاعضاء نرجوا سرعة الدخول ومسموح بالنقل او الاقتباس من المنتدى
!¨°o:[[ منتديات القـصـــــــــــــواء]]: o°¨!
أول ما تبدء أي عمل قول بسم الله الرحمن الرحيم وتقول اللهم صل على سيدنا محمد واله وسلم ومرحبا بك في منتديات القصواء لو انت زائر شرفنا مروركم الكريم وتشرفنا بالتسجيل واذا كنت من الاعضاء نرجوا سرعة الدخول ومسموح بالنقل او الاقتباس من المنتدى
!¨°o:[[ منتديات القـصـــــــــــــواء]]: o°¨!
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


رَفَعَ اللَّهُ لِلْمُتَيَّمِ قَدْراً
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولالطريقة البرهانية الدسوقية الشاذليةموقع رايات العز اول جريدة اسلامية على النتالمجلة البرهانية لنشر فضائل خير البريةشاهد قناة القصواء عالنت قناة البرهانية على اليوتيوبحمل كتب التراث من موقع التراث

==== ========= عن سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله عز وجل وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله إلا بمعرفة حقنا". رواه الطبراني في الأوسط ========= ==== ==== عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي". رواه الطبراني ورجاله ثقات. ========= ==== عن سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل جعل ذرية كل نبي في صلبه، وإن الله تعالى جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب رضي الله عنه". رواه الطبراني ========= ==== عن سيدنا جابر رضي الله عنه أنه سمع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول للناس حين تزوج بنت سيدنا علي رضي الله عنه : ألا تهنئوني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ينقطع يوم القيامة كل سبب ونسب إلا سببي ونسبي". رواه الطبراني في الأوسط والكبير ========= ==== ==== عن سيددنا ابن عمر رضي الله عنهما عن سيدنا أبي بكر - هو الصديق - رضي الله عنه قال ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته. رواه البخارى ==== وفي الصحيح أن الصديق رضي الله عنه قال لعلي رضي الله عنه: والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي . ========= ==== عن سيدنا جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول "يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن اخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي " . رواه الترمذي ========= ==== عن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس عن أبيه عن جده عبدالله بن عباس رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أحبوا الله تعالى لما يغذوكم من نعمه وأحبوني بحب الله وأحبوا أهل بيتي بحبي" . رواه الترمذي ========= ==== عن أبي إسحاق عن حنش قال سمعت أبا ذر رضي الله عنه وهو آخذ بحلقة الباب يقول: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح عليه الصلاة والسلام من دخلها نجا. ومن تخلف عنها هلك". رواه أبويعلى ==== عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا وعلي وفاطمة وحسن وحسين مجتمعون ومن أحبنا يوم القيامة نأكل ونشرب حتى يفرق بين العباد". فبلغ ذلك رجلاً من الناس فسأل عنه فأخبره به فقال: كيف بالعرض والحساب؟ فقلت له: كيف لصاحب ياسين بذلك حين أدخل الجنة من ساعته. رواه الطبراني ========== ==== وعن سلمة بن الأكوىه,±رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"النجوم جعلت أماناً لأهل السماء وإن أهل بيتي أمان لأمتي". رواه الطبراني ======== وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهلي من بعدي". رواه أبو يعلى ورجاله ثقات. ========= ==== ==== الله الله الله الله ====
..
..
..

 

 المجلة عدد شهر نوفمبر2012

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم جعفر
Admin
ابراهيم جعفر


عدد المساهمات : 439
تاريخ التسجيل : 01/01/2008

المجلة عدد شهر  نوفمبر2012  Empty
مُساهمةموضوع: المجلة عدد شهر نوفمبر2012    المجلة عدد شهر  نوفمبر2012  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 19, 2012 6:53 am

المجلة عدد شهر نوفمبر 2012
http://almagalla.info/2012/nov.htm
============

ريح رخائى

فى رحاب البيت التاسع والسبعين من القصيدة الأولى المُعَنْوَنَة بالتائية من درر الإمام فخر الدين رضي الله عنه بديوانه شراب الوصل:

وَرِيحُ رُخَائِى تَحْمِلُ الْخَيْرَ لِلْدُّنَا ... أصِيبُ بِهَا مَنْ تَرْتَضِيهِ إِصَابَتِى 1/79

اللغة:

الريح الرُّخاء بالضم الريح اللينة السريعة التى لا تزعزع شيئا، قاله الليث بلسان العرب، وقال الجوهرى: وفى التنزيل العزيز ﴿تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ﴾ ص36 أى قصد, وقال الأخفش: أى جعلناها رخاء. والخير: الذى هو ضد الشر. والدُّنا: جمع دنيا. وأصيب بها: أى أقصد بها وأريد بها.

وإصابتى: إرادتى, والإصابة الإتيان بالصواب, وأصاب أى جاء بالصواب, وأصاب فى قوله إذا لم يخطئ, وفى حديث أبى وائل كان يُسأل عن التفسير فيقول: أصاب الله الذى أراد: أى أراد الله الذى أراد, وأصله من الصواب, ومن المجاز أصاب الشئ: وجده, وأصابه: أراده.

هذا من ناحية الاستناد إلى المعانى اللغوية من معجم تاج العروس للزبيدى.

الآية التى يُنْسب إليها البيت: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ﴾ ص 36

جاء بتفسير ابن كثير أن الريح التى تجرى بأمره رخاء حيث أصاب غدوها شهر ورواحها شهر فهذا أسرع وخير من الخيل.

وربما سأل سائل أن الآية التى تسبق هذه الآية تقول:

﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكًا لَا يَنْبَغِى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ ص 35 فما معنى؟ ﴿لا يَنْبَغِى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى﴾ فقد جاء بتفسير ابن كثير ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكًا لَا يَنْبَغِى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾.

قال بعضهم: معناه لا ينبغى لأحد من بعدى أى: لا يصلح لأحد أن يسلبنيه كما كان من قضية الجسد الذى ألقى على كرسيه، لا أنه يحجر على من بعده من الناس، والصحيح أنه سأل من الله تعالى ملكا لا يكون لأحد من بعده من البشر مثله، وهذا هو ظاهر السياق من الآية وبه وردت الأحاديث الصحيحة من طرق عديدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقد أخرج البخارى عند تفسير هذه الآية حديثا عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (إن عفريتا من الجن تَفَلَّت على البارحة -أو كلمة نحوها- ليقطع على الصلاة فأمكننى الله منه وأردت أن أربطه إلى سارية من سوارى المسجد حتى تُصبحوا وتنظروا إليه كلكم، فتذكرت قول أخى سليمان ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكًا لَا يَنْبَغِى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى﴾.

نفهم من سياق الحديث أن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قد أمكنه الله من العفريت وهمّ أن يربطه فى سوارى المسجد, فكيف لا ينبغى لأحد وكيف مكن الله الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من ذلك؟

وجاء بتفسير الماوردى: ﴿لَا يَنْبَغِى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى﴾ أى فى حياتى، وذلك لأنه قد فقد منه الخاتم قبل ذلك.

وجاء فى تفسير البيضاوى: ﴿لَا يَنْبَغِى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى﴾ لا يتسهل له ولا يكون, ليكون معجزة لى مناسبة لحالى أو لا ينبغى لأحد أن يسلبه منى بعد هذه السلبة.

وجاء بتفسيرالقشيرى: أى مُلْكاً لا يسلبه أحدٌ منى هذا كما سُلِبَ منى فى هذه المرة.

وقيل أراد انفراده به ليكونَ معجزةً له على قومه. وقيل أراد أنه لا ينبغى لأحدٍ من بعدى أن يسأل المُلْكَ، بل يجب أن يَكِلَ أمرَه إلى الله فى اختياره له. وقيل لم يقصد الأنبياء، ولكن قال لا ينبغى من بعدى لأحدٍ من الملوك.

وإنما سأل المُلْكَ لسياسة الناس، وإنصافِ بعضهم من بعض، والقيام بحقِّ الله، ولم يسأله لأَجْلِ مَيْلِه إلى الدنيا .. وهو كقول سيدنا يوسف عليه السلام ﴿اجْعَلْنِى عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ يوسف 55.

ويقال لم يطلب المُلْكَ الظاهرَ وإنما أراد به أن يَمْلِكَ نَفْسَه، فإن المَلِكَ على الحقيقة مَنْ يَمْلِكَ نَفْسَه، ومَنْ مَلَكَ نَفْسَه لم يَتَّبعْ هواه. ويقال أراد به كمالَ حالهِ فى شهود ربِّه حتى لا يَرَى معه غيرَه. ويقال سأل القناعة َالتى لا يبقى معها اختيار. ويقال علم أن سِرّ َنبيِّنا صلى الله عليه وسلم ألا يلاحِظَ الدنيا ولا ملكَها فقال ﴿لا يَنْبَغِى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى﴾ ص 35 لا لأنه بَخِلَ به على نبيِّنا صلى الله عليه وسلم ولكن لِعِلْمِه أنه لا ينظر إلى ذلك.

وجاء بتفسير الكشاف للزمخشرى:

﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكًا لَا يَنْبَغِى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ ص 35 قدم الاستغفار على استيهاب الملك جريا على عادة الأنبياء والصالحين فى تقديمهم أمر دينهم على أمور دنياهم ]لا ينبغى[ لا يتسهل ولا يكون، ومعنى ﴿من بعدى﴾ من دونى، فإن قلت: أما يشبه الحسد والحرص على الاستبداد بالنعمة أن يستعطى الله مالا يعطيه غيره؟ قلت: كان سليمان عليه السلام ناشئا فى بيت الملك والنبوة ووارثا لهما فأراد أن يطلب من ربه معجزة، فطلب على حسب إلفه ملكا زائدا على الممالك زيادة خارقة للعادة بالغة حد الإعجاز ليكون ذلك دليلا على نبوته قاهرا للمبعوث إليهم وأن يكون معجزة حتى يخرق العادات فذلك معنى قوله ﴿لَا يَنْبَغِى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى﴾ وقيل: كان ملكا عظيما فخاف أن يعطى مثله أحد فلا يحافظ على حدود الله فيه كما قالت الملائكة ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ البقرة 30 وقيل: ملكا لا أسلبه ولا يقوم غيرى فيه مقامى كما سلبته مرة.

ويجوز أن يقال: علم الله فيما اختصه به من ذلك الملك العظيم مصالح فى الدين، وعلم أنه لا يضطلع بأعبائه غيره وأوجبت الحكمة استيهابه، فأمره أن يستوهبه إياه فاستوهبه بأمر من الله على الصفة الذى علم الله أنه لا يضبطه عليها إلا هو وحده دون سائر عباده.

أو أراد أن يقول ملكا عظيما فقال ﴿لَا يَنْبَغِى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى﴾ ولم يقصد بذلك إلا عظم الملك وسعته كما تقول: لفلان ما ليس لأحد من الفضل والمال، وربما كان للناس أمثال ذلك ولكنك تريد تعظيم ما عنده.

وجاء بتفسير ابن عجيبة:

﴿وَهَبْ لِى مُلْكًا لَا يَنْبَغِى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى﴾ ليكون معجزةً لى، مناسبة لحالى، فإنه عليه السلام لما نشأ فى بيت الملك والنبوة وورثهما معاً، استدعى من ربه معجزة جامعة لحكمهما، أو لا ينبغى لأحد يسلبه منى بعد هذه السلبة، أو لا يصح لأحد من بعدى لعظمته وشدته.

الإشارة:

أما الإشارة فقد قال ابن عجيبة:

ما أعطى اللهُ عبداً مُكنةً إلا بعد محنة، ولا رفع مقاماً إلا بعد ابتلاء، وإما فى البدن والمال، إما فى الدين، إنْ صَحِبه رجوع وانكسار، كأنّ الله تعالى إذا أراد أن يرفع عبداً أهبطه إلى الأرض قهرية العبودية، ثم يرفعه إلى مشاهدة عظمة الربوبية، ثم يملكه الوجود بأسره يتصرف فيه بهمّته كيف شاء، ولذلك قيل فى معصية آدم: نعمت المعصية أورثت الخلافة، وشاهده حديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم (أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلى) ومَن كان الله عنده، ماذا يفوته؟

وقوله تعالى: ﴿وهَبْ لى مُلكاً... ﴾ قال القشيرى:

لم يطلب المُلكَ الظَاهر وإنما أراد به أن يَمْلِكَ نَفْسَه، فإن المَلِكَ على الحقيقة مَن ملَك نفسَه، فمَن مَلِكَها لم يَتَّبعْ هواه، أى: فيكون حرّاً، فيُملّكه الله التصرُّف فى الوجود.

ثم قال: ويُقال أراد به كمالَ حاله فى شهود ربه، حتى لا يَرى معه غيرَه، ويقال: سأل القناعة َالتى لا يبقى معها اختيار.

فتسخير الريح من جملة المُلك ويقول فيها من ناحية التأويل الشيخ ابن عربى رضي الله عنه:

﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ﴾ ريح الهوى ﴿تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَاءً﴾ لينة طيعة منقادة لا تتزعزع بالاستيلاء والاستعصاء ﴿حَيْثُ﴾ قصد وأراد.

ولكل "خليفة زمن" نصيب من هذا العطاء ليصلح به شأن من اصطفاهم لهذا العطاء فى هذا الزمان، حتى أن الآية التى تليها بعد آيتين تقول ﴿هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ ص 39 وفى هذه الآية يقول ابن عجيبة:

هو عند الأولياء ليس خاصاً بسيدنا سليمان عليه السلام، فكل مَن تمكَّن مع الله التمكُّن الكبير يُفوض إليه الأمر، ويقال: افعل ما شئت، وشاهده: حديث أهل بدر الذى قال صلى الله عليه وسلم (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ).

وبخصوص هذه الريح التى قال عنها الشيخ ابن عربى رضي الله عنه أنها ريح الهوى نذكر الآية الكريمة:

﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ الكهف 28

والحديث الحادى والأربعون من الأربعين النووية عن أبى محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) وكأن الشيخ رضي الله عنه يقول:

أن ريح هواى اللينة الطائعة المنقادة التابعة لِمَا جاء به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تحمل من المعانى والعلوم الدينية الحقة التى تصلح من شأن كل من أردت أن أصيبه بها فيهتدى وتَصْلح دنياه ودينه وآخرته, وتجعل هواه هينا لينا منقادا تابعا لما جاء به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

اللهم اجعل هذه الريح من نصيبنا فيكون هوانا تبعا لما جاء به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم والى لقاء آخر.

محمد مقبول
=======
كمال الدين

كما تعودنا دوما أن نغترف من بحار القرآن والسنة المطهرة وعلوم أهل الله مع كلام وحكم الإمام فخر الدين رضي الله عنه فى نظمه الفريد نطرق بعضا من كلماته نسأل الإمدادات ونبتغى الإرفاد من المشرب الصفى العذب بسخاء الكف والجود ننهل من نفحات أيام الحج .. فافهم تغنم.

يقول الإمام فخر الدين رضي الله عنه :

كَمَالُ الدِّينِ فِى الأَرْكَانِ حَجٌّ.... لِبَيْتِ اللهِ فِى الْبَلَدِ الْحَرَامِ 49/1

على قلب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فى حجه المبارك يوم الجمعة نزل قوله تعالى ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ المائدة 3 فعن الشعبى قال: نَزَلَتْ عليه صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة، والمعنى أكملت لكم أيها المؤمنون فرائضى عليكم وحدودى، وأمرى إياكم ونهيى، وحلالى وحرامى، وتنزيلى من ذلك ما أنزلت منه فى كتابى، وتبيانى ما بيَّنت لكم منه بوحيى على لسان رسولى، فأتممت لكم جميع ذلك، فلا زيادة فيه بعد هذا اليوم.

وقالوا:

وكان ذلك فى يوم عرفة، عام حجَّ النبى صلى الله عليه وسلم حجة الوَدَاع، ولم ينزل على النبى صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شئ من الفرائض، ولا تحليل شئ ولا تحريمه، وأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يعش بعد نزول هذه الآية إلا إحدى وثمانين ليلة.

وفيما أخرج الإمام مسلم أنه لما نزل قوله تعالى ﴿وَأَذِّنْ فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ الحج 27 خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: كل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم، ثم قال: ذرونى ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لمكة ما أطيبك من بلد وأحبك إلى، ولولا أن قومى أخرجونى منك ما سكنت غيرك). وجاء عن رسول صلى الله عليه وسلم حين أخرجوه من مكة أنه وقف على الحزورة فقال (إنى لأعلم أنك خير أرض الله، ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت).

ويقال: خير بلدة على وجه الأرض وأحبها إلى الله تعالى، يعنى مكة.

وروى أن الأرض دحيت منها، وأنه أول من طاف بالبيت الملائكة قبل آدم بألفى عام، وأنه لم يكن يهرب نبى من قومه إلا هرب إلى الكعبة فعبد الله تعالى فيها حتى يموت.

وقيل أن حول الكعبة قبور ثلاثمائة نبى، وأن قبور نوح وهود وشعيب وصالح عليهم السلام فيما بين الملتزم والمقام، وأن ما بين الركن الأسود إلى الركن اليمانى قبور سبعين نبيا.

ثم ما أعلم من بلدة ضرب إليها جميع الأنبياء والمرسلين خاصة ما ضرب إلى مكة، وفى شعب الإيمان للبيهقى عن كعب قال: اختار الله البلدان فأحب البلدان إلى الله البلد الحرام واختار الله الزمان فأحب الزمان إلى الله الأشهر الحرم وأحب الأشهر إلى الله ذو الحجة وأحب ذو الحجة إلى الله العشر الأول منه واختار الله الأيام فأحب الأيام إلى الله يوم الجمعة.

وأخرج ابن أبى شيبة عن سعيد بن جبير قال: ما أتى هذا البيت طالب حاجة لدين أو دنيا إلا رجع بحاجته، وأخرج أبو يعلى والدارقطنى والبيهقى عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من خرج فى هذا الوجه لحج أو عمرة فمات فيه لم يعرض ولم يحاسب وقيل له ادخل الجنة) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خذوا عنى مناسككم لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا) رواه مسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحج عرفة من أدركها قبل أن يطلع الفجر من ليلة جمعٍ فقد تم حجه) رواه النسائى.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول (يا أيها الناس إنى تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتى أهل بيتى) رواه الترمذى.

وقال صلى الله عليه وسلم (اسعوا فإن الله كتب عليكم السعى) رواه الإمام أحمد وفيما روى الديلمى عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت ثم وضع يده عليه ودعا قائلا:

اللهم البيت بيتك ونحن عبيدك ونواصينا بيدك وتقلبنا فى قبضتك فإن تعذبنا فبذنوبنا وإن تغفر لنا فبرحمتك فرضت حجك لمن استطاع إليه سبيلا فلك الحمد على ما جعلت لنا من السبيل اللهم ارزقنا ثواب الشاكرين.

ويقول الإمام فخر الدين رضي الله عنه:

وَالْحَجُّ بَعْدُ إِنِ اسْتَطَعْتَ سَبِيلَهُ .... فَافْهَمْ فَفِيهِ تَتِمَّةُ الأَرْكَانِ 60/11

وفيما روى البيهقى عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (النفقة فى الحج كالنفقة فى سبيل الله سبعمائة ضعف) وفى رواية أخرى عن أنس بن مالك قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم (الحج سبيل الله عز وجل تضاعف نفقته سبعمائة ضعف).

وعن الإنفاق فى سبيل الله يشير الإمام فخر الدين رضي الله عنه بقوله:

فَتَخَيَّرُوا مَا تُنْفِقُونَ مِنَ الَّذِى .... طِبْتُمْ بِهِ نَفْساً فَذَاكَ النَّامِى 15/19

وقال صلى الله عليه وسلم (من حج فلم يرفث -وفى لفظ من حج البيت- وفى آخر من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وفى لفظ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)، رواه أحمد والنسائى وابن ماجه والشيخان وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفى الكِيرُ خَبَثَ الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثوابُ دون الجنة) رواه الإمام أحمد والنسائى والترمذى وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (دعوت الله يوم عرفة أن يغفر لأمتى ذنوبها، فأجابنى أن قد غُفرت، إلا ذنوبها بينها وبين خلقى، فأعدت الدعاء يومئذ، فلم أجب بشئ، فلما كان غداة المزدلفة قلت: يا رب إنك قادر أن تعوض هذا المظلوم من ظلامته وتغفر لهذا الظالم! فأجابنى أن قد غفرت)، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلنا: يا رسول الله رأيناك تضحك فى يوم لم تكن تضحك فيه؟ قال (ضحكت من عدو الله إبليس لما سمع بما سمع إذ هو يدعو بالويل والثبور، ويضع التراب على رأسه). رواه البيهقى وابو داود.

وعن أنس بن مالك قال وقف النبى صلى الله عليه وسلم بعرفات وكادت الشمس أن تؤوب، فقال (يا بلال انصت لى الناس)، فقام بلال فقال أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنصت الناس فقال صلى الله عليه وسلم (معاشر الناس أتانى جبريل آنفا فأقرأنى من ربى السلام وقال إن الله غفر لأهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات)، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله هذا لنا خاص؟ فقال صلى الله عليه وسلم هذا لكم ولمن أتى بعدكم إلى يوم القيامة، فقال عمر رضي الله عنه : كثر خير الله وطاب.

وحكى أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أشرف على أهل عرفات فقال: لو يعلم الجمع هنا بفناء من نزلوا لاستبشروا بالفضل بعد المغفرة.

وخطب سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بعرفات فقال: إنكم وفد غير واحد وإنكم قد شخصتم من القريب والبعيد وأنضيتم الظهر وأرملتم وليس السابق اليوم من سبق بعيره ولا فرسه ولكن السابق اليوم من غفر الله له، وزاد حماد فى حديثه فقال له رجل: أين أصلى المغرب؟ فقال: حيث أدركتك من واديك هذا.

وفيما أخرج ابن ماجه عن سيدنا عبد الله بن عمررضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة وهو يقول (ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذى نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وإن نظن به إلا خيرا).

ما أخرج البيهقى وابن أبى شيبة عن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم نظر إلى الكعبة فقال (ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة منك: قد حرم الله دمه وماله وعرضه، وأن يظن به ظن السوء).

وعن أبا عثمان النهدى قال: سمعت عمر بن الخطاب وهو يطوف بالكعبة وهو يقول: اللهم إن كنت كتبتنى فى أهل السعادة فأثبتنى فيها، وإن كنت كتبت على الذنب والغضب فى الشقاء، فامحنى وأثبتنى فى أهل السعادة، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب.

وفيما روى ابن الجوزى فى "سيرة ومناقب أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب " عن أبى سعيد الخدرى قال: حججنا مع عمر رضي الله عنه أول حجة حجها من إمارته فلما دخل المسجد الحرام دنا من الحجر فقبله واستلمه وقال: أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أنى رأيته قبلك واستلمك ما أقبلك ولا أستلمك فقال له على رضي الله عنه : بلى يا أمير المؤمنين إنه يضر وينفع، ولو علمت تأويل ذلك من كتاب الله لعلمت أن الذى أقول لك كما أقول، قال الله عز وجل ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا﴾ الأعراف 172 فلما أقروا له بأنه الرب عز وجل وأنهم العبيد كتب ميثاقهم ثم ألقمه الحجر، وأنه يبعث له عينان ولسان وشفتان يشهد لمن وافاه بالموافاة، فهو أمين الله فى هذا المكان، فقال عمر رضي الله عنه لا أبقانى الله بأرض لست بها يا أبا الحسن.

وأخرج الإمام البخارى عن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال النبى صلى الله عليه وسلم (يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ - لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْناً مَعِيناً).

وروى الدارقطنى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ماء زمزم لما شرب له إن شربته تشتفى به شفاك الله وإن شربته لشبعك أشبعك الله به وإن شربته لقطع ظمئك قطعه وهى هزمة -ضربها برجله- جبريل وسقيا الله إسماعيل).

ومن بركات زمزم أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم وضع فيها بقية شربته فدخل فيها بركته فعن طاوس قال: أن النبى عام حجة الوداع جاء زمزم فقال (ناولونى) فنول دلوا، فشرب منها ثم تمضمض فمج فى الدلو، ثم أمر بما فى الدلو فأفرغ فى البئر، يعنى زمزم. رواه ابن سعد فى الطبقات.

وعن مقاتل قال: فى المسجد الحرام بين زمزم والركن قبر سبعين نبيا منهم هود وصالح وإسماعيل وقبر آدم، وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف فى بيت المقدس. وفيما أخرج البزار عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فى مسجد الخيف قبر سبعين نبيا). وفى أخبار مكة للفاكهى عن سيدنا عبد الله بن عباس قال (قبر آدم بمكة أو فى مسجد الخيف وقبر حواء بجدة).

وعن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال (من حج فزار قبرى -وفى رواية- فزارنى بعد وفاتى عند قبرى كان كمن زارنى فى حياتى) رواه الطبرانى والبيهقى والدارقطنى وابن عساكر وأبى يعلى. وقال صلى الله عليه وسلم ﴿من حج البيت ولم يزرنى فقد جفانى﴾ رواه ابن عدى.

ويقول الإمام فخر الدين رضي الله عنه:

وَإِلَى رَسُولِ اللهِ شَدُّ رِحَالِنَا .... نَهْفُو إِلَيْهِ وَفِى الصُّدُورِ حَنِينُ 67/16

ويحكى عن رجل أنه قال: قلت للشبلى رضي الله عنه: إنى حججت. فقال: كيف فعلت؟

فقلت: اغتسلت وأحرمت وصليت ركعتين ولبيت. فقال لى: عقدت به الحج؟ فقلت: نعم. قال: فسخت بعقدك كل عقد عقدت منذ خلقت مما يضاد هذا العقد، قلت: لا. قال: فما عقدت.

ثم قال نزعت ثيابك؟ قلت: نعم. قال: تجردت عن كل فعل فعلت؟ قلت: لا. قال: ما نزعت.

فقال: تطهرت؟ قلت: نعم. قال: أزلت عنك كل علة؟ فقلت: لا. قال: فما تطهرت.

قال لبيت؟ قلت: نعم. قال: وجدت جواب التلبية مثلا بمثل؟ قلت: لا. قال: ما لبيت.

قال دخلت الحرم؟ قلت: نعم. قال: اعتقدت بدخولك ترك كل محرم؟ قلت: لا. قال: ما دخلت.

قال: أشرفت على مكة؟ قلت: نعم. قال: أشرف عليك حال من الله تعالى؟ قلت: لا. قال: ما أشرفت.

قال: دخلت المسجد الحرام؟ قلت: نعم. قال: دخلت الحضرة؟ قلت: لا. قال: ما دخلت المسجد الحرام.

قال: رأيت الكعبة؟ قلت: نعم. قال: رأيت ما قصدت له؟ قلت: لا. قال ما رأيت الكعبة.

قال رميت وسعيت؟ قلت: نعم. قال: هربت من الدنيا ووجدت أمنا مما هربت؟ قلت: لا. قال: ما فعلت شيئا.

قال: صافحت الحجر؟ قلت: نعم. قال: من صافح الحجر فقد صافح الحق ومن صافح الحق ظهر عليه أثر الأمن، أفظهر عليك ذلك؟ قلت: لا. قال: ما صافحت.

قال: أصليت ركعتين بعد؟ قلت: نعم. قال: أوجدت نفسك بين يدى الله تعالى؟ قلت: لا. قال: ما صليت.

قال: خرجت إلى الصفا؟ قلت: نعم. قال: أكبرت؟ قلت: نعم، فقال: أصفا سرك وصغرت فى عينك الأكوان؟ قلت: لا. قال ما خرجت ولا كبرت.

قال: هرولت فى سعيك؟ قلت: نعم. قال: هربت منه إليه؟ قلت: لا. قال: ما هرولت.

قال: وقفت على المروة؟ قلت: نعم. قال: رأيت نزول السكينة عليك وأنت عليها؟ قلت: لا. قال: ما وقفت على المروة.

قال: خرجت إلى منى؟ قلت: نعم. قال أعطيت ما تمنيت؟ قلت: لا. قال: ما خرجت.

قال: دخلت مسجد الخيف؟ قلت: نعم. قال: تجدد لك خوف؟ قلت: لا. قال: ما دخلت.

قال: مضيت إلى عرفات؟ قلت: نعم. قال: عرفت الحال الذى خلقت له والحال الذى تصير إليه؟ وهل عرفت من ربك ما كنت منكرا له؟ وهل تعرف الحق إليك بشئ؟ قلت: لا. قال: ما مضيت.

قال: نفرت إلى المشعر الحرام؟ قلت: نعم. قال: ذكرت الله تعالى فيه ذكرا أنساك ذكر ما سواه؟ قلت: لا. قال: ما نفرت.

قال: ذبحت؟ قلت: نعم. قال: أفنيت شهواتك وإراداتك فى رضاء الحق؟ قلت: لا. قال: ما ذبحت.

قال: رميت؟ قلت: نعم. قال: رميت جهلك منك بزيادة علم ظهر عليك؟ قلت: لا. قال: ما رميت.

قال: زرت؟ قلت: نعم، قال: كوشفت عن الحقائق؟ قلت: لا. قال: ما زرت.

قال: أحللت؟ قلت: نعم، قال: عزمت على الأكل من الحلال قدر ما تحفظ به نفسك؟ قلت: لا. قال: ما أحللت.

قال: ودعت؟ قلت: نعم، قال: خرجت من نفسك وروحك بالكلية؟ قلت: لا. قال: ما ودعت ولا حججت وعليك العود إن أحببت وإذا حججت فاجتهد أن تكون كما وصفت لك. انتهى

ويقول الإمام فخر الدين رضي الله عنه:

فَمَا كُلُّ مَنْ يَسْعَى إِلَى اللهِ وَاصِلٌ إِلَى وَجْهِ مَنْ أَهْوَى صَفَاى وَمَرْوَتِى 1/259

وَلاَ كُلُّ مَنْ لَبَّى وَهَرْوَلَ مُحْرِماً كَمَا أَنَّ أَرْوَاحَ الأَمَاجِدِ لَبَّتِ 1/260

وَلاَ كُلُّ مَنْ يَرْمِى الْجِمَارَ عَلَى مِنىً بِقَاتِلِ نَفْسٍ أَوْ مُبَلَّغِ بُغْيَتِى 1/261

إبراهيم جعفر

========
رابط الموضوعان :- http://almagalla.info/2012/nov1.htm
=======

أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها
الفتاة المهاجرة

إنها فتاة صَدَقتْ الله عز وجل وهاجرتْ فى سبيله ابتغاء مرضاته، متوكلة عليه، وكانت بمفردها، ليس معها سواه، وخرجتْ رغم أنف الكافرين راغبة فى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحقق الله لها رغبتها.

نسبها رضي الله عنها:

إنها الصحابية الفاضلة أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط وهى أخت أحد المبشرين بالجنة لأمه، وصهر النبى صلى الله عليه وسلم ألا وهو سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه، فقد تزوجت أمها أروى بنت كُريز من عفان بن أبى العاص، فولدت له عثمان وآمنة، ثم تزوجها من بعده عقبة بن أبى معيط فولدت له الوليد وعمارة وخالدًا وأم كلثوم وأم حكيم وهندًا كما جاء فى "الإصابة".

وتزوج أم كلثوم رضي الله عنها زيد ابن حارثة رضي الله عنها، ثم ما لبث أن استشهد فى غزوة مؤتة، فتزوجها الزبير بن العوام فولدت له زينب، ثم طلقها فتزوجها عبد الرحمن بن عوف ، وكانت معه مثالاً للزوجة الصالحة الوفية، وأنجبتْ له إبراهيم وحميداً، ولما توفى عبد الرحمن ابن عوف تزوجها عمرو بن العاص فعاشتْ معه شهراً ثم توفيت.

من مواقفها مع الرسول صلى الله عليه وسلم:

اشترط كفار قريش لأنفسهم فى صلح الحديبية الذى عقدوه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا شرط "لا يأتيك منا أحد، وإن كان على دينك، إلا رددته إلينا" فكان شرطاً قاسياً وابتلاءً عظيماً لكل من آمن من أهل مكة ولم يهاجر بعد.

وكانت هناك فتاة قرشية أسلمت قبل هذا الصلح بكثير، أسلمت قبل أن يُهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، لكنها لضعفها ورقتها لم تحتمل ما تعرض له مسلموا مكة بعد ذلك الصلح من فتنة وعذاب، وضاقت ذرعاً بما يصنع المشركون، فقررت بالرغم من علمها بذلك الشرط أن تُهاجر إلى المدينة حيث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ليقضِ الله بعد ذلك فى أمرها ما يشاء.

وخرجت دون أن تُعْلِمَ أحداً بخروجها، قاصدة يثرب، مهاجرة إلى الله ورسوله، فيسر الله لها قافلة لرجل من خزاعة، فاستبشرت خيراً وأمِنت الرجل وقافلته على نفسها، إذ قد علمت أن خزاعة قد دخلت فى حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ضد قريش، فصحبتهم إلى المدينة، فأحسنوا صحبتها حتى بلغت مأمنها، وخرج أهلها يبحثون عنها، فعلموا أنها هاجرت إلى المدينة، فقالوا: لا ضير، بيننا وبين محمد عهد وصلح، وليس أحد من الناس بأوفى من محمد، نذهب إليه، ونسأله أن يفى لنا بعهدنا.

وقدم أخواها "عمارة" و "الوليد" المدينة فى طلب أختهما، وعلمت الفتاة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفى لهما بما وعد، فأقبلت نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ثقة فقالت: يا رسول الله أنا امرأة، وحَالُ النساء إلى ما قد علمت (من الضعف) فأخشى إن رددتنى إليهم أن يفتنونى فى دينى ولا صبر لى، وإذا برحمات الله تنزل لتلغى ذلك الشرط الجائر فى حق النساء، فأنزل الله تعالى فى ذلك قرآناً يُتْلَى ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ألله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار﴾ وتمثل هذا الامتحان فى سؤال المرأة عن سبب هجرتها؛ ليتأكد من صدق إسلامها وحسن إقبالها على الله ورسوله، فقالت: بالله ما خرجت من بغض زوج، وبالله ما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض، وبالله ما خرجت إلتماس دنيا، وبالله ما خرجت إلا حباً لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

وعلم الله ما فى قلب هذه الفتاة المؤمنة من خير، فإنه ما أخرجها من أرضها وديارها إلا حب الله وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل السكينة عليها، وألقى فى قلوب المسلمين تصديقها، ورد أخويها والذين ظلموا على أعقابهم وخَيَّب مسعاهم .. وهكذا مَنْ تَصْدُقِ الله يصدقْها، ومن تتوكل على الله يَكْفِها، ومن تستنصر الله ينصرها، قال تعالى ﴿الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾.

أم النجباء رضي الله عنها:

كانت أم كلثوم من أوفر النساء عقلاً، وأقواهنّ إيمانًا، فاحتلت مكانة لائقة بين نساء الصحابة المهاجرين والأنصار، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكرمها لصدق إيمانها، وقد أخرجها معه فى بعض غزواته تداوى الجرحى، وضرب لها بسهم.

وكان يهتم بأمرها، فقد ورد أنه خطبها الزبير بن العوام وزيد بن حارثة وعبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص رضى الله عنهم، فاستشارت فى هذا أخاها لأمها عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فأشار عليها أن تأتى النبى صلى الله عليه وسلم ، فأتته فاشار صلى الله عليه وسلم عليها بزيد، وقال: تزوجى زيد بن حارثة فإنه خير لك، فتزوجته فولدت له زيدًا ورقية.

وروى النووى رحمه الله فى "تهذيب الأسماء واللغات" وابن حجر فى "تهذيب التهذيب" أن الزبير بن العوام رضي الله عنهتزوجها لما استُشهد زيد بن حارثة رضي الله عنه فى موقعة مؤتة، فولدت له زينب، وكان الزبير رضي الله عنه شديدًا على النساء، فسألته الطلاق فطلقها، ثم تزوجها عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فولدت له إبراهيم وحميدًا، فلما توفى عنها تزوجها عمرو بن العاص رضي الله عنه فماتت عنده.

وكان أولاد أم كلثوم رضي الله عنها من نجباء العلماء الذين تركوا آثارًا كريمة فى دنيا العلم والعلماء فى تاريخ الإسلام.

فابنها حُميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهرى التابعى المشهور، كان فقيهًا نبيلاً عالمًا، له روايات كثيرة، سمع من خاله عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو صغير، قال عنه ابن العماد فى "شذرات الذهب": كان عالمًا فاضلاً مشهورًا توفى سنة 95هـ رحمه الله تعالى.

مناقبها رضي الله عنها:

روت أم كلثوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أحاديث، أخرج لها منها فى الصحيحين حديث واحد متفق عليه، وروى لها الجماعة سوى ابن ماجه، وروى عنها ابناها حميد وإبراهيم ابنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.

ومما يعزز علمها ووعيها ومقدرتها على الحفظ والرواية أنها كانت احدى نساء قريش القلائل اللواتى كنّ يعرفن القراءة والكتابة، وهذه ميزة عظيمة آنذاك.

ومن مروياتها ما أخرجه الإمام مسلم بسنده عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن أمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط رضي الله عنها، أخبرته أنها سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول (ليس الكذاب الذى يُصلح بين الناس ويقول خيرًا ويُنمى خيرًا).

وفاتها رضي الله عنها :

من الجدير بالذكر أن وفاة الصحابية الجليلة أم كلثوم كانت فى خلافة أمير المؤمنين على بن أبى طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه، رحم الله السيدة الجليلة أم كلثوم الصحابية المؤمنة المهاجرة التى كانت قدوة فى التضحية والصبر والثبات ومثالاً صادقًا على الإخلاص لله عز وجل ولرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.

راوية رمضان

=======
رابط الموضوع :- http://almagalla.info/2012/nov2.htm
=======


الإمام أبو محمد سهل التُسْتَرى

أحد علماء أهل السنة والجماعة ومن أعلام التصوف فى القرن الثالث الهجرى، وقد وصف بأنه أحد أئمة الصوفية وعلمائهم والمتكلمين فى علوم الإخلاص والرياضيات وعيوب الأفعال.

نشأته ومولده رضي الله عنه :

هو رضي الله عنه أبو محمد سهل بن عبد الله بن يونس بن عيسى بن عبد الله بن رفيع التسترى الصالح المشهور؛ أحد أئمة القوم لم يكن له فى وقته نظير فى المعاملات والورع؛ وكان صاحب كرامات، شيخ العارفين الصوفى الزاهد له كلمات نافعة ومواعظ حسنة وقدم راسخ فى الطريق.

ولد رضي الله عنه فى عام مائتين، وقيل إحدى ومائتين أى فى القرون الخيرة الأولى، ومسقط رأسه بـ(تُستر) وإليها نُسِبَ وهى بلدة من كور الأهواز من خوزستان، احدى مدن إيران حاليا، ويقول لها الناس (ششتر).

وقد إلتقى رضي الله عنه بالشيخ ذا النون المصرى رحمه الله بمكة، وكان سبب سلوكه هذا الطريق خاله محمد بن سوار، فقد قال له يوماً: ألا تذكر الله الذى خلقك؟ فقلت: كيف أذكره؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك فى ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك الله معى، الله ناظر إلى، الله شاهدى. قال: فقلت ذلك ليالى، ثم أعلمته، فقال: قلها فى كل ليلة سبع مرات. فقلت ذلك، ثم أعلمته، فقال: قلها فى كل ليلة إحدى عشرة مرة، فقلتها فوقع فى قلبى حلاوة. وبعد عام قال لى خالى: احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك فى الدنيا والآخرة، فلم أزل على ذلك سنين، فوجدت لها حلاوة فى سرى، ثم قال لى يوماً: يا سهل، من كان الله معه وهو ناظر إليه وشاهده أيعصيه؟ إياك والمعصية، فكان ذلك أول أمره.

وقال سهل: كنت ابن ثلاث سنين أقوم بالليل أنظر إلى صلاة خالى محمد بن سوار، فكان يقول لى: يا سهل اذهب فنمْ فقد شغلتَ قلبى. فبعثونى إلى الكتَّاب، وحفظتُ القرآن وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين، وكنت أصوم الدهر، وقُوتى خبز الشعير. وأنا ابن ثلاث عشرة سنة وقعت لى مسألة، فسألت أهلى أن يبعثونى إلى البصرة أسأل عنها، فجئت البصرة وسألت علماءها فلم أخرج بشى منهم، فخرجت إلى عبادان وقابلت أبى حبيب حمزة بن عبد الله العبادانى، فسألته عنها فأجابنى، وأقمت عنده مدَّة أنتفع بكلامه وأتأدب بآدابه، ثم رجعت تُستر، ثم خرجتُ أسيح فى الأرض سنين ثم رجعت إلى تُستر.

تفسيره للقرآن الكريم:

له كتاب مشهور فى تفسير القرآن وكتاب رقائق المحبين، وقال رضي الله عنه فى تفسير قوله تعالى:

﴿لقد رأى من آيات ربه الكبرى﴾ لم يرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاهد نفسه وإلى مشاهدتها وإنما كان مشاهدا لربه تعالى يشاهد ما يظهر عليه من الصفات التى أوجبت الثبوت فى ذلك المحل، وأرجع بعضهم الضمير فى قوله ﴿وهو بالأفق الأعلى﴾ إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو منتهى وصول اللطائف، وفسر سدرة المنتهى بما يكون منتهى سير السالكين إليه، ولا يمكن لهم مجاوزته إلا بجذبه من جذبات الحق، وقالوا فى قاب قوسين ما قالوا وأنا أقول برؤيته صلى الله عليه وسلم ربه سبحانه وبدنوه منه سبحانه على الوجه اللائق؛ ذهبت فيما اقتضاه ظاهر النظم الجليل إلى ما قاله صاحب الكشف، أم ذهبت فيه إلى ما قاله الطيبى فتأمل والله تعالى الموفق.

وقوله ﴿وبشر الصابرين﴾ الصبر صبران: صبر عن معصية الله، فهذا مجاهد، وصبر على طاعة الله، فهذا عابد، فإذا صبر عن معصية الله وصبر على طاعة الله أورثه الله الرضا بقضائه، وعلامة الرضا سكون القلب بما ورد على النفس من المكروهات والمحبوبات.

وقوله ﴿فلنحيينه حياة طيبة﴾ هى أن ينزع عن العبد تدبير نفسه ويرد تدبيره إلى الحق، وقيل هى الاستغناء عن الخلق والافتقار إلى الحق، وأكثر المفسرين على أن هذه الحياة الطيبة هى فى الدنيا لا فى الآخرة، لأن حياة الآخرة قد ذكرت بقوله ﴿ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون﴾.

أما عن الحديث النبوى الشريف:

عندما رأى أصحاب الحديث قال: اجتهدوا أن لا تلقوا الله إلا ومعكم المحابر، وسئل رضي الله عنه: إلى متى يكتب الرجل الحديث؟ فقال: حتى يموت، ويصب باقى حبره فى قبره. ويقول: من أراد الدنيا والآخرة فليكتب الحديث، فإن فيه منفعة الدنيا والآخرة. من لم ير ولاية الرسول صلى الله عليه وسلم فى جميع أحواله ويرى نفسه فى ملكه لا يذوق حلاوة سنته، لأنه قال (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه).

من درره :

«آية الفقير ثلاثة أشياء: حفظ سره وأداء فرضه وصيانة فقره»

«لا معين إلا الله، ولا دليل إلا رسول الله، ولا زاد إلا التقوى، ولا عمل إلا الصبر عليه»

«الجاهل ميت، والناسى نائم، والعاصى سكران، والمـُصر هالك»

«الناس كلهم سكارى إلا العلماء، والعلماء كلهم حيارى إلا من عمل بعلمه»

«الجوع سر الله فى أرضه، لا يودعه عند من يذيعه»

«التوكل أن يكون العبد بين يدى الله عز وجل كالميت بين يدى الغاسل يقلبه كيف يريد»

«قيل له: متى يجوز للعالم أن يعلم الناس؟ فقال: إذا عرف المحكمات من المتشابهات»

«كل فعل يفعله العبد بغير اقتداء، طاعة كانت أو معصية، فهو عيش النفس، وكلُّ فعل يفعله بالاقتداء فهو عذابُّ على النفس»

«لا يتمنى الموت إلا ثلاث: رجل جاهل بما بعد الموت، أو رجل يفر من أقدار الله تعالى عليه، أو مشتاق محب للقاء الله عز وجل»

«سئل عن الهوى؛ فقال للسائل: هواك يأمرك فإن خالفته فرّط بك» «وقال: إذا عرض لك أمران شككت خيرها فانظر أبعدهما من هواك» «هواك داؤك فإن خالفته فدواؤك»

«الصوفى من صفا من الكدر وامتلأ من الفكر وانقطع إلى الله من البشر واستوى عنده الذهب والمدر»

«مذهبنا مبنى على ثلاثة أصول: الاقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم فى الأخلاق والأفعال، والأكل من الحلال، وإخلاص النية فى جميع الأعمال»

«الدنيا كلها جهل موات إلا العلم منها، والعلم كله حجة على الخلق إلا العمل به، والعمل كله هباء إلا الإخلاص منه، والإخلاص خطب عظيم لا يعرفه إلا الله عز وجل حتى يصل الإخلاص بالموت»

«لما بعث الله النبى صلى الله عليه وسلم كان فى الدنيا سبعة أصناف من الناس: الملوك، والمزارعون، وأصحاب المواشى، والتجار، والصناع، والأجراء، والضعفاء الفقراء لم يؤمر أحد منهم أن ينتقل مما هو فيه، ولكن أمرهم بالعلم واليقين والتوكل فى جميع ما كانوا فيه»

وقال : أن سيدنا موسى عليه السلام سأل ربه أن يريه بعض درجات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته؟ فقال سبحانه: إنك لن تطيق ذلك، ولكن أريك منزلة من منازله، جليلة عظيمة، فضلته بها عليك وعلى جميع خلقى، فكشف له عن ملكوت السموات فنظر إلى منزلة كادت تتلف نفسه من أنوارها وقربها من الله تعالى، فقال يارب بماذا بلغت به إلى هذه الكرامة؟ قال بخُلق اختصصته به من بينهم وهو الإيثار يا موسى، لا يأتينى أحد منهم قد عمل به وقتا من عمره إلا استحييت من محاسبته وبوأته من جنتى حيث يشاء.

وقد سئل عن قوت المؤمن فقال: قوته الله تعالى، قال: سألت عن قوامه، فقال: الذكر فقال: إنما سألت عن غذائه، فقال: غذاؤه العلم، قلت: سألت عن طعمة الجسم، فقال: ما لك والجسم، دع الجسم على من تولاه قديماً يتولاه الآن، ثم قال: الجسد صنعة إذا عابت ردّها إلى صانعها.

وسئل أيضًا عن الحلال، فقال: ما لم يعص الله فى أوله ولم ينس فى آخره، وذكر عند تناوله، وشكر بعد فراغه.

وقال رضي الله عنه: ما صار الأبدال أبدالا إلا بأربع خصال: إخماص البطون، والسهر، والصمت، والاعتزال عن الناس.

فهذه الأربعة جنة وحصن بها تدفع عنه القواطع وتمنع العوارض القاطعة للطريق، فإذا فعل ذلك اشتغل بعده بسلوك الطريق، وإنما سلوكه بقطع العقبات ولا عقبة على طريق الله تعالى إلا صفات القلب التى سببها الالتفات إلى الدنيا، وبعض تلك العقبات أعظم من بعض، والترتيب فى قطعها أن يشتغل بالأسهل فالأسهل، وهى تلك الصفات، أعنى أسرار العلائق التى قطعها فى أول الإرادة وآثارها، أعنى المال والجاه وحب الدنيا والالتفات إلى الخلق والتشوف إلى المعاصى، فلابد أن يخلى الباطن عن آثارها، كما أخلى الظاهر عن أسبابها الظاهرة، وفيه تطول المجاهدة ويختلف ذلك باختلاف الأحوال، فرب شخص قد كفى أكثر الصفات فلا تطول عليه المجاهدة، وقد ذكرنا أن طريق المجاهدة مضادة الشهوات، ومخالفة الهوى فى كل صفة غالبة على نفس المريد، فإذا كفى ذلك أو ضعف بالمجاهدة ولم يبق فى قلبه علاقة، شغله بعد ذلك بذكر يلزم قلبه على الدوام، ويمنعه من تكثير الأوراد الظاهرة، بل يقتصر على الفرائض والرواتب، ويكون ورده وردا واحدا وهو لباب الأوراد وثمرتها، أعنى ملازمة القلب لذكر الله تعالى بعد الخلو من ذكر غيره، ولا يشغله به مادام قلبه ملتفتا إلى علائقه.

قال الشبلى للحصرى: إن كان يخطر بقلبك من الجمعة التى تأتينى فيها إلى الجمعة الأخرى شىء غير الله تعالى فحرام عليك أن تأتينى، وهذا التجرد لا يحصل إلا مع صدق الإرادة واستيلاء حب الله تعالى على القلب.

وفى موطن آخر يقول يلقنه الشيخ ذكرا من الأذكار حتى يشغل به لسانه وقلبه، فيجلس ويقول مثلا الله الله ... حتى قال: ثم لا يزال يواظب عليها حتى يسقط الأثر عن اللسان وتبقى صورة اللفظ فى القلب ثم لا يزال كذلك حتى يمحى عن القلب حروف اللفظ وصورته وتبقى حقيقة معناه لازمة للقلب حاضرة معه غالبة عليه قد فرغ عن كل ما سواه لأن القلب إذا شغل بشئ خلا عن غيره أى شئ كان، فإذا اشتغل بذكر الله تعالى وهو المقصود خلا لا محالة عن غيره وعند ذلك يلزمه أن يراقب وساوس القلب والخواطر التى تتعلق بالدنيا.

وقال رضي الله عنه: خرج العلماء والعباد والزهاد من الدنيا وقلوبهم مقفلة ولم تفتح إلا قلوب الصديقين والشهداء، ثم تلا قوله تعالى ﴿وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو﴾ ولولا أن إدراك قلب من له قلب بالنور الباطن حاكم على علم الظاهر لما قال صلى الله عليه وسلم (استفت قلبك وإن أفتوك وأفتوك وأفتوك) وقال فيما يرويه عن ربه تعالى (لا يزال العبد يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به...) وحديث (لا يزال العبد يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا...) فكم من معان دقيقة من أسرار القرآن تخطر على قلب المتجردين للذكر والفكر، تخلو عنها كتب التفاسير ولا يطلع عليها أفاضل المفسرين وإذا انكشف ذلك للمريد المراقب وعرض على المفسرين استحسنوه وعلموا أن ذلك من تنبيهات القلوب الزكية وألطاف الله تعالى بالهمم العالية المتوجهة إليه.

سئل رضي الله عنه عن شرائع الإسلام فقال:

قال العلماء فى ذلك وأكثروا ولكن نجمعه كله بكلمتين: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾ ثم نجمعه كله فى كلمة واحدة ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ النساء 80 فمن يطع الرسول فى سنته فقد أطاع الله فى فريضته.

وسئل رضي الله عنه عن الإيمان ما هو؟ فقال: هو قول ونية وعمل وسنة، لأن الإيمان إذا كان قولا بلا عمل فهو كفر، وإذا كان قولا وعملا بلا نية فهو نفاق، وإذا كان قولا وعملا ونية بلا سنة فهو بدعة.

وعن مفهومه عن البدعة قال رضي الله عنه:

عليكم بالاقتداء بالأثر والسنة، فإنى أخاف أنه سيأتى عن قليل زمان إذا ذكر إنسان النبى صلى الله عليه وسلم والاقتداء به فى جميع أحواله ذموه ونفروا عنه وتبرءوا منه وأذلوه وأهانوه.

إنما ظهرت البدعة على أيدى أهل السنة لأنهم ظاهروهم وقاولوهم، فظهرت أقاويلهم وفشت فى العامة فسمعه من لم يكن يسمعه، فلو تركوهم ولم يكلموهم لمات كل واحد منهم على ما فى صدره ولم يظهر منه شئ وحمله معه إلى قبره.

لا يحدث أحدكم بدعة حتى يحدث له إبليس عبادة فيتعبد بها ثم يحدث له بدعة، فإذا نطق بالبدعة ودعا الناس إليها نزع منه تلك الخدمة.

وقال لا أعلم حديثا جاء فى المبتدعة أشد من هذا الحديث (حجب الله الجنة عن صاحب البدعة) وقال: فاليهودى والنصرانى أرجى منهم، وقال أيضا: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم, وقال: هى التوبة لأهل السنة والجماعة، لأن المبتدع لا توبة له، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم (حجب الله على كل صاحب بدعة أن يتوب) وثبت فى الصحيح عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لابد متمنيا فليقل اللهم أحينى ما كانت الحياة خيرا لى وتوفنى إذا كانت الوفاة خيرا لى) وبرواية أبى هريرة (لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا).

مفهومه رضي الله عنه عن التوبة:

يقول رضي الله عنه: التوبة الانتقال من الأحوال المذمومة إلى الأحوال المحمودة، فعن أبى هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (والله إنى لأستغفر الله وأتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة) وقال صلى الله عليه وسلم (يا أيها الناس توبوا إلى الله فإنى أتوب إليه فى اليوم مائة مرة) وعن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله يقول (لله أفرح بتوبة عبده المؤمن من رجل نزل فى أرض دوية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته فطلبها حتى إذا اشتد الحر والعطش أو ما شاء الله قال أرجع إلى مكانى الذى كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ فإذا راحلته عنده عليها طعامه وشرابه فالله أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته).

وعن مفهومه رضي الله عنه لقضية الخلع قال:

من أفتى الناس بالحيلة فيما لا يجوز، يتأول الرأى والهوى بلا كتاب ولا سنة، فهذا من علماء السوء، وبمثل هذا هلك الأولون والآخرون، ولهذا ثلاث عقوبات يعاقب بها فى عاجل الدنيا: يبعد علم الورع من قلبه ويضيع منه، وتزين له الدنيا ويرغب فيها ويفتن بها، ويطلب الدنيا تضيعا فلو أعطى جميع الدنيا فى هلاك دينه لأخذه ولا يبالى.

فهذه الحيلة المذكورة المخلوع عليها اسم (الخلع) لا يعرف لها مخرج ولا تأويل فى كتاب ولا سنة، ولا أفتى بها أحد من الصحابة والتابعين، لأن (الخلع) أص
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alkaswaa.ahlamontada.com
ابراهيم جعفر
Admin
ابراهيم جعفر


عدد المساهمات : 439
تاريخ التسجيل : 01/01/2008

المجلة عدد شهر  نوفمبر2012  Empty
مُساهمةموضوع: المجلة عدد شهر نوفمبر 2012   المجلة عدد شهر  نوفمبر2012  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 19, 2012 8:35 am


الصحابى الجليل:

سعد بن معاذ الانصارى رضي الله عنه


عن فضائل الأنصار قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم (فوالذى نفسى بيده، لو أن الناس سلكوا شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار) رواه الإمام أحمد، ومن الأنصار سيدا من سادات الصحابة بل سيد الأنصار وسيد الأوس ألا وهو سيدنا سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصارى رضي الله عنه وأرضاه .

وعن محبتهم يروى لنا ابن ماجه فى سننه وأبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا صلاة لمن لم يصل على النبى، ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار).

ولما أراد الله سبحانه وتعالى أن يدخل محبة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى قلب سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه وتعم أركانه نور الإيمان وكان ذلك قبل الهجرة النبوية سمع أهل مكة هاتفا يطوف فى أرجائها وهو يقول:

فإن يسلم السعدان يصبح محمد بمكة لا يخشى خلاف المخالف

فظن أهل مكة أن الهاتف يريد القبيلتين سعد هزيم من قضاعة وسعد بن زيد مناة بن تميم.

فسمعوا الهاتف يقول مرة أخرى:

فيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف

أجيبا إلى داعى الهدى وتمنيا على الله فى الفردوس منية عارف

فعرف أهل مكة أن المراد هما سيد الخزرج (سعد بن عبادة) وسيد الأوس (سعد بن معاذ).

وفى هذه الأثناء كان سيدنا سعد بن معاذ يجلس بين قومه حينما سمعوا أن سيدنا مصعب بن عمير ومعه سيدنا أسعد بن زرارة الخزرجى وهو ابن خالة سيدنا سعد بن معاذ قد دخلوا إلى حى من أحياء الأوس وهم قوم بنى عبد الأشهل، فأرسلوا صاحبهم سيدنا أسيد بن حضير إليهم ليمنعهم من الجلوس عندهم، فلما أن وصل إليهم وأشرق نور المحبة إلى قلبه سمع كلام سيدنا مصعب بن عمير رضي الله عنه وتلى عليه القرآن فأسلم وقال لهما: إن ورائى رجل إن اتبعكم لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرسله إليكما الآن وهو سعد بن معاذ، ثم انصرف إلى سعد فرجع إلى قومه فقالوا والله لقد جاءنا بوجه غير الذى ذهب به.

وهنا أراد سيدنا أسيد بن حضير أن يذهب سيدنا سعد بن معاذ إليهم لكى يسمع منهم، فماذا يفعل؟ فاحتال حيلة ذكية، فعندما وقف على النادى قال له سعد: ما فعلت؟ قال: كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا نفعل ما أحببت، وإن بنى حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه لأنهم عرفوا أنه ابن خالتك.

فقام سعد مغضبا فأخذ الحربة من يده وقال: والله ما أراك أغنيت عنا شيئا، ثم خرج إليهما، فلما رآهما سعد مطمئنين، عرف أن أسيدا إنما أراد منه أن يسمع منهما، فوقف عليهما ثم قال لأسعد بن زرارة: يا أبا أمامة أما والله لولا ما بينى وبينك من القرابة ما رمت منى هذا، أتغشانا فى ديارنا بما نكره، فقال له مصعب بن عمير رضي الله عنه أو تقعد فتسمع، فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره، فقال سعد بن معاذ: أنصفت، ثم ركز الحربة وجلس، فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن، فأسلم من فوره.

ثم أخذ حربته فأقبل عامدا إلى نادى قومه ومعهم أسيد بن حضير، فلما رآه قومه مقبلا قالوا: لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذى ذهب به، فلما وقف عليهم قال: يا بنى عبد الأشهل كيف تعلمون أمرى فيكم؟ قالوا سيدنا وأفضلنا رأيا وأيمننا نقيبة "أى مبارك النفس ناجح الأمر" قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم على حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله، فما أمسى فى دار بنى عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما أو مسلمة.

ومن هنا بدأت خدمة سيدنا سعد بن معاذ لدين الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فكان إسلامه خير وبركة على المسلمين فهو أسلم على يد سيدنا مصعب بن عمير رضي الله عنه وجعل جميع أهله يدخلون الإسلام وكسر الأصنام التى كانت حولهم ثم جعل سيدنا مصعب بن عمير ضيفا عليه وهيأه وسانده لنشر الدعوة.

وعندما هاجر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واستقبله سيدنا سعد بن معاذ مع باقى الأنصار أحسن استقبال فرحين مهللين مستبشرين بهجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، ولما أخى بين المهاجرين والأنصار آخى النبى صلى الله عليه وسلم بين سيدنا سعد بن معاذ وسيدنا سعد بن أبى وقاص رضى الله عنهم وعن سائر المهاجرين والأنصار.

وقد ذكر ابن ماجه أن سيدنا عبد الله بن الزبير قال: أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سعد بن معاذ فقال: (أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة).

ولما كانت غزوة بدر حمل سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه لواء الأنصار فى هذه الغزوة المباركة، ولما استشار النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه ويخص منهم الأنصار ليعرف رأيهم ومناصرتهم إياه، فلما قام سيدنا المقداد بن عمرو رضي الله عنه وهو من المهاجرين فقال: يا رسول الله امض لما أمر الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب انت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فو الذى بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى نبلغه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير، ثم قال صلى الله عليه وسلم أشيروا على، وإنما قصد الأنصار، فقام سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه وقال: لعلك تريدنا يا رسول الله، فقال: أجل، فقال: فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، والذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، إنا لصبر فى الحرب، صدق فى اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله تعالى، فسَر النبى صلى الله عليه وسلم بقوله سرور شديدا.

ثم أن سيدنا سعد بن معاذ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما التقى الناس يوم بدر: يا رسول الله، ألا نبنى لك عريشًا تكون فيه، ونُنِيخ إليك ركائبك، ونلقى عدونا، فإن أظفرنا الله عليهم وأعزنا فذاك ما نحب، وإن تكن الأخرى فتَجلس على ركائبك، وتلحق بمن وراءنا من قومنا، فقد والله تخلف عنك أقوام ما نحن بأشد لك حبا منهم، لو علموا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك، ويوادونك وينصرونك.

فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا، ودعا له به، فبُنِى له عريش، فكان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم والصديق أبو بكر رضي الله عنه .

وفى غزوة أحد قاتل سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه قتالا شديدا وثبت مع النبى صلى الله عليه وسلم فيمن ثبت من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

وفى غزوة الخندق "الأحزاب" كانت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها تجلس مع أم سيدنا سعد فى حصن قوم سيدنا سعد رضي الله عنه، وهو من أشد حصون المدينة.

وقد أصيب رضي الله عنه فى هذه الغزوة وكان جرحه شديد، ومن شدة محبة المصطفى صلى الله عليه وسلم له، فقد جعل له خيمة فى مسجده الشريف كى يتداوى فيها، وحتى يعوده المصطفى صلى الله عليه وسلم ويكون محلا لقربه وجعل على الخيمة السيدة رفيدة كى تمرضه وترعاه، وكانت تداوى الجرحى، وقال صلى الله عليه وسلم (اجعلوه فى خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب).

ولما أصيب رضي الله عنه قال:

اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقنى لها، فإنه لا قوم أحب إلى أن أجاهد من قوم آذوا رسولك وأخرجوه وكذبوه، اللهم إن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لى شهادة ولا تمتنى حتى تقر عينى من بنى قريظة، فكان كما طلب وأراد، وقد استجاب الله دعاءه.

فحينما فرغ صلى الله عليه وسلم من غزوة الأحزاب أتاه سيدنا جبريل عليه السلام وأمره بالمسير إلى بنى قريظة لأنهم حاربوه وتحزبوا عليه وخانوا العهد والميثاق المبرم بينهم فى عدم الاعتداء أو الاشتراك فى الاعتداء على المسلمين، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا، فأذّن فى الناس (إن من كان سامعا مطيعا فلا يصلينّ العصر إلا فى بنى قريظة) وقدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا على بن أبى طالب كرم الله وجهه برايته إلى بنى قريظة، ففتح الله لهم بنى قريظة وتمكنوا منهم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُحَكَّم فيهم سيدنا سعد بن معاذ بما يراه.

فحملوا سيدنا سعد بن معاذ على دابته وهو مصاب إلى بنى قريظة كى يحكم فيهم بحكم الله، فلما انتهى رضي الله عنه إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم (قوموا إلى سيدكم).

وهنا حدثه بعض الناس أن يلين فى الحكم فيهم وأكثروا إليه الكلام، فقال رضي الله عنه : لقد آن لسعد أن لا يأخذه فى الله لومة لائم، وحكم فيهم بحكمه، وبعد حكمه قال له الرسول صلى الله عليه وسلم (لقد حكمت فيهم بحكم الله ورسوله).

واستجاب الله دعائه فى اهل مكة وقريش حيث انه لما انصرف أهل الخندق عن الخندق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا ولكنكم تغزونهم. رواه الامام أحمد عن محمد بن أسحاق فكان كذلك.

وعن عبد الله بن شداد يقول: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على سعد بن معاذ رضي الله عنه وهو يكيد بنفسه فقال: جزاك الله خيرا من سيد قوم فقد أنجزت الله ما وعدته ولينجزنك الله ما وعدك.

ومما ذكر صاحب الطبقات الكبرى أنه لما أصيب أكحل سعد يوم الخندق فثقل، حولوه عند امرأة يقال لها رفيدة، وكانت تداوى الجرحى، فكان النبى صلى الله عليه وسلم ، إذا مر به يقول: كيف أمسيت؟ وإذا أصبح قال: كيف أصبحت؟ فيخبره، حتى كانت الليلة التى نقله قومه فيها، فثقل فاحتملوه إلى بنى عبد الأشهل إلى منازلهم، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما كان يسأل عنه، وقالوا قد انطلقوا به، فخرج رسول الله ، وخرجنا معه فأسرع المشى حتى تقطعت شسوع نعالنا وسقطت أرديتنا عن أعناقنا، فشكا ذلك إليه أصحابه: يا رسول أتعبتنا فى المشى، فقال صلى الله عليه وسلم : إنى أخاف أن تسبقنا الملائكة إليه فتغسله كما غسلت حنظلة.

وفى رواية فلما انقضى شأن بنى قريظة انفجر لسعد ابن معاذ جرحه فمات منه وأتى جبريل النبى صلى الله عليه وسلم من الليل معتجرا بعمامة "يلفها على رأسه" من استبرق فقال يا محمد من هذا الذى فتحت له ابواب السماء واهتز له العرش؟ قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا يجر ثوبه إلى سعد بن معاذ فوجده قد مات.

وفى رواية للإمام أحمد قال: عن رجل من الأنصار قال: لما قضى سعد بن معاذ فى بنى قريظة رجع فانفجرت يده دما، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فأقبل فى نفر معه، فدخل عليه، فجعل رأسه فى حجره، فقال (اللهم إن سعدا قد جاهد فى سبيلك وصدق رسولك وقضى الذى عليه، فاقبل روحه بخير ما تقبلت به الأرواح).

وذكر ابن سعد فى الطبقات عن أبى سفيان بن أسلم بن حريس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن على الباب نريد أن ندخل على أثره فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فى البيت أحد إلا سعد مسجى. قال فرأيته يتخطى فلما رأيته وقفت، وأومأ إلى: قف، فوقفت ورددت من ورائى، وجلس ساعة ثم خرج فقلت: يا رسول الله ما رأيت أحدا وقد رأيتك تتخطى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما قدرت على مجلس حتى قبض لى ملك من الملائكة أحد جناحيه فجلست)، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (هنيئا لك أبا عمرو، هنيئا لك أبا عمرو، هنيئا لك أبا عمرو).

وفيما ورد فى الصحيحين عن سيدنا جابر رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم (اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر ابن عائذ لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا سعدا ما وطئوا الأرض إلا يومهم هذا، وفى رواية الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم مات سعد (لقد نزل سبعون ألف ملك، شهدوا جنازة سعد بن معاذ ما وطئوا الأرض قبل يومئذ). وفى رواية الديلمى عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا جنازة سعد ما وطئوا الأرض قبل اليوم).

وأورد صاحب كنز العمال عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما كان أحد أشد فقدا على المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه من سعد ابن معاذ. وكانت أمه تبكى عليه وهى تقول:

ويل أم سعد سعدا ... براعة ونجدا ... بعد أياد يا له ومجدا ... مقدما سد به مسدا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل البواكى يكذبن إلا أم سعد). وقد أخرج الإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد بن سكن قالت: لَمَّا تُوُفِّىَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ صَاحَتْ أُمُّهُ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَلَا يَرْفَأُ دَمْعُكِ وَيَذْهَبُ حُزْنُكِ فَإِنَّ ابْنَكِ أَوَّلُ مَنْ ضَحِكَ اللهُ لَهُ وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ.

ويحدثنا سيدنا سعد بن ابى وقاص رضي الله عنه أن حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض ركبته فى غسل سعد وقال (دخل ملك فلم يكن له مكان فأوسعت له).

وقد ذكر الإمام أحمد فى فضائل الصحابة عن عبد الله بن شداد أن النبى صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن معاذ فدعا له، فلما خرج من عنده مرت به ريح طيبة فقال (هذا روح سعد قد مر به) وحين وضع فى قبره قالوا: يا رسول الله إن سعدا كان رجلا بادنا وإنا وجدناه خفيفا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحسبتم أنكم حملتموه وحدكم، أعانتكم عليه الملائكة) وفى رواية ابن سعد قال صلى الله عليه وسلم (والذى نفسى بيده لقد كانت الملائكة تحمل سريره).

وابن سعد فى الطبقات عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال: كنت أنا ممن حفر لسعد قبره بالبقيع وكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا قترة من تراب حتى انتهينا إلى اللحد.

وقد ذكر عبد الرزاق عن ابن جريج عن الشعبى عن رجل أن سعد بن مالك قال: أمر النبى صلى الله عليه وسلم بثوب فستر على القبر حين دفن سعد بن معاذ وإن النبى صلى الله عليه وسلم نزل فى قبر سعد بن معاذ وستر على القبر بثوب فكنت فيمن أمسك الثوب، وكان يفوح من قبره رائحة المسك وأخذ صحابى قبضة من تراب قبره ليتبرك بها فذهب بها إلى بيته ثم نظر إليها بعد ذلك فإذا هى مسك.

ومما رواه أبو نعيم الأصفهانى فى معرفة الصحابة وفى مسند اسحق بن راهوية وكذلك صاحب كنز العمال عن محمد بن شرحبيل قال: اقتبض إنسان من تراب قبر سعد بن معاذ ففتحها فإذا هى مسك، قال صلى الله عليه وسلم (سبحان الله! سبحان الله!) حتى عرف ذلك فى وجهه.

وفيما أخرج البيهقى عن سيدنا عبد الله بن العباس رضي الله عنهما قال: جلل رسول الله قبر سعد بثوبه.

وفيما أخرج البخارى أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب من حرير فجعلوا يعجبون من حسنه ولينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة أفضل من هذا).

فهذا الصحابى الجليل صار على مدار التاريخ رمزا للتضحية والوفاء بالعهد وقد ذاق حلاوة الطاعة فرضى الله تبارك وتعالى عن سيدنا سعد بن معاذ الأنصارى وعن سائر المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين وصدق الإمام فخرالدين رضي الله عنه فى قوله:

يا سعد لقنهم حلاوة طاعة ... كم كل فيها النصح والارشاد
إبراهيم جعفر
========

الصحابى الجليل
سيدنا بلال بن رباح رضي الله عنه
بلال الخير

نشأته رضي الله عنه :

هو رضي الله عنه سيدنا بلال بن رباح .. حبشى .. قرشى .. تيمى .. ويكنى: أبا عبد الله وقيل أبا عبد الكريم وقيل أبا عمرو .. سماه عروة بن الزبير (بلال الخير)، أمه: حمامة .. جارية من جوارى بنى جمح، وهو من مولدى مكة لبنى جمح .. وكان عبدا لأمية بن خلف الجمحى القرشى، ولما أعلن إسلامه عذبه عذابا شديدا.

صفته رضي الله عنه :

شديد السمرة، نحيفاً، خفيف العارضين، كث الشعر .. لم يكن يسمع كلمات المدح والثناء التى توجه إليه إلا يحنى رأسه ويغض طرفه وعبراته على وجنتيه تسيل ويقول: إنما أنا حبشى كنت بالأمس عبدا .. واشتهر بصبره على العذاب كما اشتهر بعذوبة صوته.

إسلامه رضي الله عنه:

كان رضي الله عنه يصغى إلى أحاديث سادته وأضيافهم، ويوم إسلامه كان رسول لله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه معتزلين فى غار، إذ مرّ بهما بلال رضي الله عنه وهو فى غنم (عبد الله بن جُدعان) فأطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الغار وقال: يا راعى هل من لبن؟ فقال بلال رضي الله عنه: ما لى إلا شاة منها قوتى، فإن شئتما آثرتكما بلبنها اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إئتِ بها، فجاء بلال رضي الله عنه بها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقعبه، فاعتقلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلب فى القعب حتى ملأه، فشرب حتى روى، ثم حلب حتى ملأه فسقى أبا بكر، ثم احتلب حتى ملأه فسقى بلالاً حتى روى، ثم أرسلها وهى أحفل ما كانت، ثم قال: يا غلام هل لك فى الإسلام؟ فإنى رسول الله .. فأسلم، وقال له صلى الله عليه وسلم: اكتم إسلامك، ففعل وانصرف بغنمه، وبات بها وقد تضاعف لبنها وازداد كثيرا، فقال له أهل (جدعان): لقد رعيت مرعىً طيباً زاد من لبن غنمنا، فعليك به، فعاد إليه يسقيهما ويتعلّم الإسلام .. فكان من السابقين إلى الإسلام بل ومن أوائل المهاجرين.

ظهور أمره رضي الله عنه:

دخل سيدنا بلال رضي الله عنه يوماً الكعبة وقريش فى ظهرها ولا يعلم، فالتفتَ فلم يرَ أحداً، فأتى الأصنام وبصق عليها وهو يقول "خابَ وخسرَ من عبدكُنّ" فسمعته قريش وطلبته فهرب منها حتى دخل دار سيده عبد الله بن جدعان فاختفى فيها، ونادَوْا فخرج لهم عبد الله بن جدعان فقالوا له: أصبوتَ؟! فقال: ومثلى يُقال له هذا؟! فعلىَّ نحرُ مئة ناقةٍ للاَّتِ والعُزّى، فقالوا له: إنّ أسْوَدَك -أى عبدك الأسود- صنَع بآلاهتنا كذا وكذا، فأتى به وسلمه لأبى جهل وأمية بن خلف ليصنعا به ما يشاءوا، ويقول أمية: إن شمس هذا اليوم لن تغرب إلا ويغرب معها إسلام هذا العبد الآبق!! ويقال: أن الله سبحانه وتعالى قدر لسيدنا بلال رضي الله عنه يوم بدر قتل أمية بن خلف.

عذابه وصبره رضي الله عنه :

بدأت مرحلة عذابه، فقد كانوا يخرجون به فى الظهيرة التى تتحول الصحراء فيها إلى جهنم قاتلة، فيطرحونه على حصاها الملتهب عارى الجسد، ثم يأتون بحجر متسعر كالحميم، ينقله من مكانه بضعة رجال ويلقون به فوق صدره، ويصيح به الجلادون: اذكر آلهتنا فيقول كلمته التى اشتهر بها مدى الدهر: أحد .. أحد.

فإذا حان الأصيل جعلوا فى عنقه حبلا ويأمروا صبيانهم أن يطوفوا به مكة وطرقها، وبلال لا يقول إلا: أحد .. أحد، ومرَّ به ورقة بن نوفل وهو يعذب وسمعه يقول: أحد .. أحد فقال: يا بلال أحد .. أحد، والله لئن متَّ على هذا لأتخذنّ قبرك حَنَاناً- أى لأتبرك بقبرك.

حياته رضي الله عنه ::

شهد رضي الله عنه بدرًا وأُحُدًا والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو مولى الصديق ، قد اشتراه ببضع أواقى وأعتقه لله عز وجل .. وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سيدنا أبى عبيدة بن الجراح ، وهو خازن بيت المال ومؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم وأوَّل مَن أذَّن فى الإسلام، وأذن يوم الفتح على ظهر الكعبة، ولم يؤذن بعد النبى صلى الله عليه وسلم لأحد من الخلفاء إلا أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قدم الشام حين فتحها رفع حينها سيدنا بلال الاذان، فتذكر الناس النبى صلى الله عليه وسلم فلم ير باكيا أكثر منهم يومئذ.

من مواقفه مع الحبيب صلى الله عليه وسلم:

فيما أخرج أبو داود عن عبد الله الهوزنى قال: لَقِيتُ بِلَالًا مُؤَذِّنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحَلَبَ فَقُلْتُ يَا بِلَالُ حَدِّثْنِى كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:

مَا كَانَ لَهُ شَئٌ، كُنْتُ أَنَا الَّذِى أَلِى ذَلِكَ مِنْهُ مُنْذُ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّى، وَكَانَ إِذَا أَتَاهُ الْإِنْسَانُ مُسْلِمًا فَرَآهُ عَارِيًا يَأْمُرُنِى فَأَنْطَلِقُ فَأَسْتَقْرِضُ فَأَشْتَرِى لَهُ الْبُرْدَةَ فَأَكْسُوهُ وَأُطْعِمُهُ، حَتَّى اعْتَرَضَنِى رَجُلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: يَا بِلَالُ إِنَّ عِنْدِى سَعَةً فَلَا تَسْتَقْرِضْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا مِنِّى، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ تَوَضَّأْتُ ثُمَّ قُمْتُ لِأُؤَذِّنَ بِالصَّلَاةِ فَإِذَا الْمُشْرِكُ قَدْ أَقْبَلَ فِى عِصَابَةٍ مِنْ التُّجَّارِ، فَلَمَّا أَنْ رَآنِى قَالَ: يَا حَبَشِى، قُلْتُ: يَا لَبَّاهُ، فَتَجَهَّمَنِى وَقَالَ لِى قَوْلًا غَلِيظًا، وَقَالَ لِى أَتَدْرِى كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّهْرِ؟ قَالَ قُلْتُ: قَرِيبٌ، قَالَ إِنَّمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَرْبَعٌ فَآخُذُكَ بِالَّذِى عَلَيْكَ، فَأَرُدُّكَ تَرْعَى الْغَنَمَ كَمَا كُنْتَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَأَخَذَ فِى نَفْسِى مَا يَأْخُذُ فِى أَنْفُسِ النَّاسِ، حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَتَمَةَ رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِهِ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لِى، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى إِنَّ الْمُشْرِكَ الَّذِى كُنْتُ أَتَدَيَّنُ مِنْهُ قَالَ لِى كَذَا وَكَذَا وَلَيْسَ عِنْدَكَ مَا تَقْضِى عَنِّى وَلَا عِنْدِى، وَهُوَ فَاضِحِى، فَأْذَنْ لِى أَنْ آبَقَ إِلَى بَعْضِ هَؤُلَاءِ الْأَحْيَاءِ الَّذِينَ قَدْ أَسْلَمُوا حَتَّى يَرْزُقَ اللهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم مَا يَقْضِى عَنِّى، فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا أَتَيْتُ مَنْزِلِى فَجَعَلْتُ سَيْفِى وَجِرَابِى وَنَعْلِى وَمِجَنِّى عِنْدَ رَأْسِى، حَتَّى إِذَا انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ الْأَوَّلِ أَرَدْتُ أَنْ أَنْطَلِقَ فَإِذَا إِنْسَانٌ يَسْعَى يَدْعُو: يَا بِلَالُ أَجِبْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ فَإِذَا أَرْبَعُ رَكَائِبَ مُنَاخَاتٌ عَلَيْهِنَّ أَحْمَالُهُنَّ فَاسْتَأْذَنْتُ، فَقَالَ لِى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (أَبْشِرْ فَقَدْ جَاءَكَ اللهُ بِقَضَائِكَ)، ثُمَّ قَالَ (أَلَمْ تَرَ الرَّكَائِبَ الْمُنَاخَاتِ الْأَرْبَعَ؟) فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ (إِنَّ لَكَ رِقَابَهُنَّ وَمَا عَلَيْهِنَّ فَإِنَّ عَلَيْهِنَّ كِسْوَةً وَطَعَامًا أَهْدَاهُنَّ إِلَى عَظِيمُ فَدَكَ، فَاقْبِضْهُنَّ وَاقْضِ دَيْنَكَ)، فَفَعَلْتُ، ...فَذَكَرَ الْحَدِيثَ: ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ فِى الْمَسْجِدِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ (مَا فَعَلَ مَا قِبَلَكَ؟) قُلْتُ: قَدْ قَضَى اللهُ كُلَّ شَئٍ كَانَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمْ يَبْقَ شَئٌ، قَالَ (أَفَضَلَ شَئ؟) قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ (انْظُرْ أَنْ تُرِيحَنِى مِنْهُ، فَإِنِّى لَسْتُ بِدَاخِلٍ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِى حَتَّى تُرِيحَنِى مِنْهُ)، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعَتَمَةَ دَعَانِى فَقَالَ (مَا فَعَلَ الَّذِى قِبَلَكَ؟) قَالَ قُلْتُ: هُوَ مَعِى لَمْ يَأْتِنَا أَحَدٌ، فَبَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِى الْمَسْجِدِ ...وَقَصَّ الْحَدِيثَ: حَتَّى إِذَا صَلَّى الْعَتَمَةَ يَعْنِى مِنْ الْغَدِ، دَعَانِى قَالَ (مَا فَعَلَ الَّذِى قِبَلَكَ؟) قَالَ قُلْتُ قَدْ أَرَاحَكَ اللهُ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اللهَ شَفَقًا مِنْ أَنْ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ وَعِنْدَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَزْوَاجَهُ فَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ امْرَأَةٍ حَتَّى أَتَى مَبِيتَهُ، فَهَذَا الَّذِى سَأَلْتَنِى عَنْهُ.

من فضائله رضي الله عنه:

أول من أظهر الإِسلام سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمَّار وأمه سُميَّة وصهيب وبلال والمقداد رضى الله تبارك وتعالى عنهم أجمعين، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمِّه، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدْرُع الحديد وصهروهم فى الشمس، فما منهم من أحد إلا وقد آتاهم على ما أرادوا إلا بلالاً، فإنه هانت عليه نفسه فى الله، وهان على قومه.

وهو أحد الذين نزل فيهم قوله تعالى ﴿وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ الأنعام 52 وقوله سبحانه ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِى نَفْسَهُ﴾ البقرة 207.

كما قال فيه حضرة النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث عدة منها (بلال منا أهل البيت). و(السباق أربعة: أنا سابق العرب، وصهيب سابق الروم، وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبش). و(اشتاقت الجنة، إلى ثلاثة على وعمار وبلال). و(يحشر بلال على ناقة من نوق الجنة، فينادى بالأذان محضاً، فإذا بلغ أشهد أن محمداً رسول الله، شهد بها جميع الخلائق من المؤمنين الأولين والآخرين، فقبلت ممن قبلت منه، ويؤتى بحلتين من حلل الجنة فيكساهما). و(ما دخلت الجنة قط إلا سمعت حشحشتك أمامى).. والكثير والكثير. كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فى حقه: أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا، يعنى بلالاً.

عندما انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن بلال ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدفن، فلما قال (أشهد أن محمداً رسول الله) انتحب وانتحبت الناس جميعا فى المسجد. فلما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال إلى أبى بكر الصديق فقال له: يا خليفة رسول الله إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول (أفضل عمل المؤمن الجهاد فى سبيل الله) فقال أبو بكر: ماذا تريد يا بلال؟ فقال رضي الله عنه: أردت أن أرابط فى سبيل الله حتى أموت، فقال أبو بكر رضي الله عنه : أنشدك الله يا بلال وحرمتى وحقى، فقد كبرت وضعفت واقترب أجلى، فأقام بلال مع سيدنا أبو بكر حتى توفى الصديق رضي الله عنه .

وقيل أن سيدنا بلال رضي الله عنه قال: يا أبا بكر أعتقتنى لله أو لنفسك؟ فقال الصديق رضي الله عنه: لله، قال: فأذن لى حتى أغزو فى سبيل الله، فأذن له فذهب إلى الشام.

وقيل: إنه رضي الله عنه رفع الأذان فى مدة خلافة أبى بكر الصديق رضي الله عنه، وقيل أذن لعمر مرة حين قدم من الشام، فلم يرى باك أكثر من ذلك اليوم، وقيل أذن حين قدم إلى المدينة لزيارة رسول الله عندما طلبت منه الصحابة، فأذَّن ولم يتم الأذان.

وأخرج الطبرانى فى معجمه أن نجاشى الحبش بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عنزات -والعنزة عصا تشبه العكاز- فأمسك النبى صلى الله عليه وسلم واحدة لنفسه، وأعطى الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه واحدة، وأعطى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه واحدة، فكان سيدنا بلال رضي الله عنه يمشى بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعنزة التى أمسكها لنفسه فى العيدين الفطر والأضحى حتى يأتى المصلى فيركزها بين يديه فيصلى إليها.

ثم كان يمشى رضي الله عنه بها بين يدى سيدنا أبو بكر رضي الله عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم كان سعد القرظ يمشى بها بين يدى سيدنا عمر بن الخطاب وسيدنا عثمان بن عفان فى العيدين فيركزها بين أيديهما ويصليان إليها.

قال عبد الرحمن بن سعد فى الطبقات الكبرى: وهى هذه العنزة التى يمشى بها اليوم بين يدى الولاة.

رواية الحديث:

روى عنه جماعة من الصحابة منهم ساداتنا أبو بكر الصديق وعمر وعلى وابن مسعود وابن عمر وأسامة بن زيد وكعب بن عجرة وجابر وأبو سعيد الخدرى والبراء بن عازب رضى الله تبارك وتعالى عنهم أجمعين، وجماعة من كبار التابعين، وروى له الإمام البخارى والإمام مسلم أكثر من 40 حديثاً وكذلك أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه.

زواجه رضي الله عنه:

أخبرنا وهب بن جرير قال: خطب بلال وأخوه إلى أهل بيت من اليمن فقال: أنا بلال وهذا أخى، عبدان من الحبشة كنا ضالين فهدانا الله وكنا عبدين فأعتقنا الله، إن تنكحونا فالحمد لله وإن تمنعونا فالله أكبر.

تزوج رضي الله عنه من السيدة (هِنْد الخولانية) رضي الله عنها وهى من أهل دارَيَّا من أرض دمشق، وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما حدّثكِ عنّى فقد صدقكِ، بلالُ لا يكذب، لا تُغضبى بلالاً، فلا يُقبلُ منكِ عملٌ ما غضب عليك بلال) وعن هند الخولانية قالت: كان بلال إذا أوى إلى فراشه قال: اللهم اغفر زلاتى وتقبل حسناتى واعذرنى فى علاتى.

الأذان الأخير:

قيل أن آخر آذان له يوم توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندما فتح أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيت المقدس توسل المسلمون إليه أن يحمل بلالا على أن يؤذن لهم صلاة واحدة، ودعا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه سيدنا بلال رضي الله عنه ، وقد حان وقت الصلاة ورجاه أن يؤذن لها، وصعد سيدنا بلال رضي الله عنه وأذن، فبكى الصحابة الذين كانوا أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلال يؤذن، بكوا كما لم يبكوا من قبل أبدا، وكان سيدنا عمر رضي الله عنه أشدهم بكاءً.

وفاته رضي الله عنه :

حينما حان أجل سيدنا بلال رضي الله عنه قالت زوجته: وا حزناه، فكشف الغطاء عن وجهه وهو فى سكرات الموت وقال: لا تقولى واحزناه، وقولى وا فرحاه، ثم قال: غدا نلقى الأحبة .. محمدا وصحبه.

توفى رضي الله عنه عن بضع وستون عاما بأرض الشام مرابطا فى سبيل الله كما أراد، تحت ثرى دمشق سنة عشرين للهجرة، كما يوجد قبر ومدفن ومقام له رضي الله عنه فى أرض دمشق، وفى أرض المملكة الأردنية يوجد ضريح له فى حى الفقراء فى منطقة وادى السير .. ويقول أهل فلسطين إن قبره بعمواس، وقد قيل: إن قبره بداريا، وقيل: دفن بحلب .. رضى الله تبارك وتعالى عن الصحابى الجليل سيدنا بلال بن رباح.

سمير جمال

=======
رابط الموضوعان :- http://almagalla.info/2012/nov7.htm
=======

الاستغفار الحسن وخزائن العلم

ليس بيننا من هو لا يمر بضائقة أو ضائقات من أنواع مختلفة، وعندما نقرأ كتاب الله يستوقفنا قوله تعالى عن الاستغفار فى سورة نوح ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا • يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا • وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ وقد يستغفر المرء منا آلاف المرات ولا يجد تغيير لحاله، ونحن نعلم، بل ولدينا يقين بصدق الحق سبحانه فى كلامه، وأن هذا القرآن حق، وكل قول لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم حق، فهل نحن لا نحسن الاستغفار، أم لا ندرى معنى للآية الشريف، أم أين الخطأ؟!! لنصل سويا إلى ما يشفى صدورنا نتعرض لقصة أعرابى شكى حاله لأمير المؤمنين الإمام على بن أبى طالبكرم الله وجهه من ضائقة لحقته وعكرت صفو حياته، فلما لم يجد حيلة همس فى نفسه بأن يطرق باب العترة النبوية الشريفة ويشكو حاله، لعله يجد ضالته أو تنفرج همومه من خلال باب مدينة العلم.

فبدأ الأعرابى حديثه لأمير المؤمنين كرم الله وجهه عن شدة ألمت به، وضيقاً فى الحال، وقلة فى المال، وكثرة فى العيال.

فقال له كرم الله وجهه: عليك بالاستغفار، فإن الله تعالى يقول ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ ...﴾.

فعاد الأعرابى إليه وقال: يا أمير المؤمنين قد استغفرت كثيراً وما أرى فرجاً مما أنا فيه.

فقال له كرم الله وجهه: لعلك لا تحسن الاستغفار.

فقال الأعرابى: علمنى.

قال كرم الله وجهه: أخلص نيتك، وأطع ربك، وقل: اللهم إنى أستغفرك من كل ذنب، قوى عليه بدنى بعافيتك، أو نالته يدى بفضل نعمتك، أو بسطت إليه يدى بسابغ رزقك، أو اتكلت فيه عند خوفى منه على أناتك، أو وثقت فيه بحلمك، أو عولت فيه على كرم عفوك، اللهم إنى أستغفرك من كل ذنب خنت فيه أمانتى، أو بخست فيه نفسى، أو قدمت فيه لذتى، أو آثرت فيه شهوتى، أو سعيت فيه لغيرى، أو استغويت فيه من تبعنى، أو غُلبت فيه بفضل حيلتى، أو أحلت فيه عليك يا مولاى، فلم تؤاخذنى على فعلى، إذ كنت -سبحانك- كارهاً لمعصيتى، لكن سبق علمك فى باختيارى، واستعمالى مرادى وإيثارى، فحلمت عنى، لم تدخلنى فيه جبراً، ولم تحملنى عليه قهراً، ولم تظلمنى شيئاً، يا أرحم الراحمين، يا صاحبى عند شدتى، يا مؤنسى فى وحدتى، ويا حافظى عند غربتى، يا وليى فى نعمتى، ويا كاشف كربتى، ويا سامع دعوتى، ويا راحم عبرتى، ويا مقيل عثرتى، يا إلهى بالتحقيق، يا ركنى الوثيق، يا رجائى فى الضيق، يا مولاى الشفيق، ويارب البيت العتيق، أخرجنى من حلق المضيق، إلى سعة الطريق، وفرج من عندك قريب وثيق، واكشف عنى كل شدة وضيق، واكفنى ما أطيق وما لا أطيق، اللهم فرج عنى كل هم وكرب، وأخرجنى من كل غم وحزن، يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، ويا منزل القطر، ويا مجيب دعوة المضطر، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها، صل على خيرتك محمد النبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وفرج عنى ما ضاق به صدرى، وعيل معه صبرى، وقلت فيه حيلتى، وضعفت له قوتى، يا كاشف كل ضر وبلية، ويا عالم كل سر وخفية، يا أرحم الراحمين، وأفوض أمرى إلى الله، إن الله بصير بالعباد، وما توفيقى إلا بالله، عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم.

قال الأعرابى: فاستغفرت بذلك مراراً، فكشف الله عز وجل عنى الغم والضيق، ووسع على فى الرزق، وأزال عنى المحنة.

من هذه القصة نتعلم أشياء عدة:

• أن نحسن ما نفعله.

• أن نخلص النية لله فى العمل.

• أن نطلب العلم من أهله.

وطلب العلم من أهله مصداقا لما حكاه سيدنا كميل بن زياد رضي الله عنه فقال: أخذ على بن أبى طالب كرم الله وجهه بيدى فأخرجنى إلى الجبانة فلما أصحر تنفس الصعداء ثم قال:

يا كميل بن زياد إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، فاحفظ ما أقول لك، الناس ثلاثة: عالم ربانى، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق، يا كميل .. العلم خير من المال، والعلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو بالإنفاق، وصنيع المال يزول بزواله، يا كميل .. معرفة العلم زين يزان به، يكتسب به الإنسان الطاعة فى حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته، والعلم حاكم والمال محكوم عليه، مات خُزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقى الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم فى القلوب موجودة.

ثم مضى كرم الله وجهه فى أوصاف العلماء حتى بكى وقال:

وا شوقاه إلى رؤيتهم فهذه كلها أوصاف علماء الآخرة، وهذه نعوت علم الباطن وعلم القلوب لا علم الألسنة، وكذلك وصفهم معاذ بن جبل رضي الله عنه فى وصف العلم بالله تعالى.

وقد أورد لنا هذه القصة الفخر الرازى فى تفسير قوله تعالى ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ كما ذكرها صاحب تاريخ دمشق وصاحب حلية الأولياء وصاحب كنز العمال.

أما حديث سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه فى وصف العلم فيقول:

تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، وهو الأنيس فى الوحدة والصاحب فى الخلوة والدليل على الدين، والمصبر على السراء والضراء، والوزير عند الإخلاء والقريب عند الغرباء ومنار سبيل الجنة، يرفع الله به أقواما فيجعلهم فى الخير قادة سادة هداه، يقتدى بهم أدلة فى الخير، تقتص آثارهم وترمق أفعالهم، وترغب الملائكة فى خلتهم وبأجنحتها تمسحهم، وكل رطب ويابس لهم يستغفر، حتى حيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، والسماء ونجومها، لأن العالم حية القلوب من العمى، ونور الأبصار فى الظلم، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ به العبد منازل الأبرار والدرجات العلى، والتفكر فيه يعدل بالصيام، ومدارسته بالقيام، به يطاع الله عز وجل، وبه يعبد، وبه يوحد، وبه يمجد، وبه يتورع، وبه توصل الأرحام، وبه يعرف الحلال والحرام، وهو إمام والعمل تابعه، يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء.

التلميذ
=======
رابط الموضوع :- http://almagalla.info/2012/nov10.htm

رابط صفحة الصوفية :- http://burhaniya.org/sofism.htm
=======


سكة الندامة و ..

كان احساسى بنفسى عالى قوى، وأنا رايح أقابل صديقى علشان أعرف رأيه فى الكلام اللى قلته المرة اللى فاتت .. يا ترى عجبه .. فقاطعتنى نفسى قائلة: إزاى ماعجبوش؟ دا الكلام اللى انت قلته أفحم أكبر رأس فيهم .. بذمتك حد عرف يرد عليك؟ وابتسمت وقلت لنفسى بشئ من التواضع: بس لولا فضل ربنا علىّ ماكنتش قدرت أغلبهم .. فقالت بسرعة: طبعاً هو فى حد يقدر ينسى فضل ربنا، بس برضُه الواحد ماينساش المجهود اللى انت عملته، انت قعدت تقرأ كتير، وتبحث كتير، وتسأل كتير، فربنا عملك الامتحان ده علشان تشوف فضله عليك، فا انت بعقلك وخبرتك وحكمتك قدرت تنجح فى الامتحان، شفت ربنا أعطاك عقل أحسن من عقولهم، بيفهم ويستوعب.

بعد الكلام ده حسيت إنى مش ماشى على الأرض، وبقول "يا أرض إتهدى ما عليكى أدّى" وصلت إلى بيت صديقى ودخلت، وقبل أن أقعد سألته بطريقة واحد عارف إجابة السؤال مسبقاً، بس بيسأل من باب العلم بالشئ .. فقلت: إيه رأيك فى الكلام اللى قلته المرة اللى فاتت؟ أكيد عجبك بعد ما كتمتهم كلهم و... وقف الكلام على لسانى من نظرته لى، فقلت: مالك فيه إيه؟ هو أنا قلت حاجة غلط؟ فقال: حاجة واحدة بس .. دا كلك غلط، فقلت: على كده أنا لخبطت الدنيا، والناس اللى كانت بتسمعنى دلوقتى بتقول إنى ... فقاطعنى: ناس مين؟ وبيسمعوا مين؟ أم كلثوم ياخى .. الكلام ده مش علشان اللى حصل هناك .. فقلت مبتسماً: يا شيخ خوفتنى أنا افتكرت إنى لخبطت هناك .. طيب زعلان ليه؟ فرد: زعلان من اللى انت قُلته دلوقتى .. ده أول خطوة فى سكة الندامة، فضحكت وقلت: أيوه .. سكة الندامة وسكة السلامة وسكة اللى يروح ما يرجعش .. هأ .. هأ .. هأ، نظر إلىّ نظرة قطعت الضحكة، وقال: الدنيا كده 3 سكك .. سلامة وندامة واللى يروح ما يرجعش، فقلت: ماشى .. فهمنى أنا غلطت فى إيه؟ فرد: حضرتك عجبتك نفسك، وافتكرت إنك قلت وعملت وسويت الهوايل .. يا راجل دا أنا شايفك وانت عمال تدعى ربنا إنه يلهمك الصواب، فقلت: صح، فرد: طيب لما هو صح، بتنسب الفضل لنفسك ليه؟ فقلت بسرعة: الغلط راكبنى من ساسى لراسى، متزعلش .. حقك علىّ، بس أنا معزور، لأنى أول مرة أتكلم واسمع نفسى وأنا بتكلم الكلام ده والرد عجبنى قوى .. فقاطعنى: علشان كده شفت نفسك، وحسيت إن الكلام ده منك انت، مش فضل ربنا عليك، وقعدت حضرتك تشكر فى نفسك، وتمدح فى عقلك .. انت عارف البنى آدم منا يوم ما يمشى ورا دماغه تأكد إنه بيتلعب بيه الكورة، فقلت: الكورة .. مين اللى بيلعب بينا الكورة؟ فقال: النفس والدنيا والهوى والشيطان، دول اللى بيقطعوا السكة اللى بتودى لربنا على العباد اللى هى سكة السلامة، فقلت: واحدة واحدة .. عرفنى إيه حكاية الأربعة دول؟ فقال: طيب نبتدى بمين؟ الشيطان .. لأ .. انت عارفه و... فقاطعته: عارفه منين؟ .. إيه متربين سوا؟ فضحك وقال: مش قصدى .. ولكن عاوز أقول إن الكلام عنه كتير وواضح، ومع ذلك ناس كتير ماشيه وراه .. طيب بما إن موضوع النقاش بينا كان على النفس، نبتدى بيها، فقلت: مش النفس هى ذات الإنسان؟ قال: فيه آراء عن معنى النفس، بتوع اللغة قالوا: إن النفس أو نفس الشئ وجوده .. وفيه ناس غيرهم قالوا: إن الروح لما بتدخل الجسد بينشأ شكل جديد يقال له النفس، فقلت: يعنى إيه؟ قال: يعنى الروح لوحدها لطيفة نورانية لا تُرى، والجسد لوحده أصله التراب لا حركة فيه ولا نَفَس، لما الروح بتدخل الجسد يتحرك الجسد ويتنفس وياكل ويشرب، رغم إنه نفس الجسد اللى شفته قبل ما تدخل فيه الروح، يبقى التوليفة دى أو الخلطة بين الروح والجسد عملت حاجة جديدة لا هى روح فقط ولا جسد فقط لكن هى الاتنين معاً، فأشاروا إليها بالنفس، وفيه ناس غير دول وغير دول قالوا: إن النفس هى أوصاف العبد المذمومة من أخلاقه وأفعاله، وقالوا: إن الكذب والغضب والحقد والحسد وسوء الخلق وقلة الاحتمال وغيرها من الأخلاق المذمومة، مش كده وبس، ده كله كوم وإنك تعمل قدر للنفس كوم تانى، وقالوا: إن ده من الشرك الخفى، واستندوا لحديث سيدنا رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه حين قال (ثلاث مهلكات: شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه) فقلت: مش الشح ده هو البخل؟ فقال: لأ، البخيل هو اللى بيبخل باللى يملكه على غيره، يعنى لا يطلع زكاة أو صدقة أو يساعد حد باللى عنده، خايف من نقصانه، أما الشحيح مش عاوز أى حد عنده يدى اللى ماعندوش، بيوصل به الأمر إنه مش عاوز ربنا يدى أى حد من خزائن نعمه، ببساطة مش عاوز النعم تيجى لأى حد، حتى لو ماعندوش مش مشكلة، المهم عنده إن مافى حد ياخد حاجة، يفضل كده لحد ما يتحول إلى حسود، بدل ما كان كل همه إن لا يعطى لأى حد شئ، أصبح ينظر إلى من عنده من النعم ويحسده، ويتمنى زوال هذه النعم عنه، سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) فقلت: هو فيه ناس كده؟ فنظر إلىّ وهز رأسه وقال: لأ يا حبيبى ده فيه أشد من كده، إنك تعجب بنفسك، وكمان تتكبر على غيرك، وتتفاخر باللى انت فيه، أو اللى انت عملته، أهو ده زى ما بيقولوا (الداء العضال) ليه؟ لأن الشخص بيبص لنفسه بعين العزة والعظمة، وبيبص لغيره بعين المذلة والاحتقار .. بنعرف الشخص ده إزاى؟ معياره الأساسى والأوحد هو العقل .. ومش أى عقل .. عقله وبس، دايماً يقول أنا عملت، أنا سويت، أنا كذا، ولو ماكنتش عملت كذا كانت الدنيا حاتخرب، تلاقى دايماً على لسانه كلمة (أنا) الإبليسية، لإن إبليس اللعين قال ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِى مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ الأعراف 12، ص 76، وتعرفه كمان فى المجالس تلاقيه مترفع على الناس، ودايماً يتقدم عنهم، ويحب قوى إنه يتصدر المجلس، ويستنكف قوى إن حد يرد كلامه عليه، وإن حد ينصحه .. يا خبر انت مين علشان تنصحنى؟ وتلاقيه هو إذا حب ينصح حد ينصحه فى وسط الناس، وبصوت عالى وبطريقة فيها زجر ونهر .. فقلت فى خوف وفزع: طيب نعمل إيه؟ إيه الحل؟ فقال: شوف فى حديث لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جامع للحاجات دى وبيوضح كيفية النجاة من المصائب دى، قلت: طيب وساكت ليه؟ إلحقنى بيه، فقام من على كرسيه وراح للمكتبة وجاب كتاب وقلب صفحاته، ثم بدأ فى القراءة قائلاً: روى ابن المبارك عن رجل أنه قال لمعاذ: يا معاذ حدثنى حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فبكى معاذ حتى ظننت أنه لا يسكت، ثم سكت، ثم قال: وا شوقاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى لقائه، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لى (يا معاذ إنى محدثك بحديث إن أنت حفظته نفعك عند الله، وإن أنت ضيعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند الله تعالى يوم القيامة، يا معاذ إن الله تبارك وتعالى خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السموات والأرض، فجعل لكل سماء من السبع ملكاً بواباً عليها، فتصعد الحفظة بعمل العبد من حين يصبح إلى حين يمسى، له نور كنور الشمس، حتى إذا صعدت به إلى السماء الدنيا زكته وكثرته، فيقول الملك الموكل بها للحفظة: اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، أنا صاحب الغيبة، أمرنى ربى ألا أدع عمل من اغتاب الناس يجاوزنى إلى غيرى.
قال: ثم تأتى الحفظة بعمل صالح من أعمال العبد له نور فتزكيه وتكثره حتى تبلغ به إلى السماء الثانية، فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، إنه أراد بعمله عرض الدنيا، أنا ملك الفخر، أمرنى ربى ألا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى، إنه يفتخر على الناس فى مجالسهم.

قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد يبتهج نوراً من صدقة وصلاة وصيام، قد أعجب الحفظة، فيجاوزن به إلى السماء الثالثة، فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، أنا ملك الكبر، أمرنى ربى ألا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى، إنه كان يتكبر على الناس فى مجالسهم.

قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد يزهو كما يزهو الكوكب الدرى وله دوى من تسبيح وصلاة وصيام وحج وعمرة، حتى يجاوزا به إلى السماء الرابعة، فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه وظهره وبطنه، أنا صاحب العُجب، أمرنى ربى ألا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى، إنه كان إذا عمل عملاً أدخل العُجب فيه.

قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد حتى يجاوزا به إلى السماء الخامسة كأنه العروس المزفوفة إلى بعلها، فيقول الملك الموكل بها: قفوا، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، واحملوه على عاتقه، أنا ملك الحسد، إنه كان يحسد من يتعلم ويعمل بمثل عمله، وكل من كان يأخذ فضلاً من العبادة كان يحسدهم، ويقع فيهم، أمرنى ربى ألا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى.

قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد له ضوء كضوء الشمس من وصلاة وزكاة وحج وعمرة وجهاد وصيام، فيجاوزن به إلى السماء السادسة، فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، إنه كان لا يرحم إنساناً قط من عباد الله أصابه بلاء أو مرض، بل كان ي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alkaswaa.ahlamontada.com
 
المجلة عدد شهر نوفمبر2012
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المجلة عدد فبراير 2012
» المجلة عدد مارس 2013
» المجلة عدد يوليه 2014
» المجلة عدد إبريل 2013
» المجلة عدد أغسطس 2014

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
!¨°o:[[ منتديات القـصـــــــــــــواء]]: o°¨! :: ! الدين الاسلامي القويم ! :: المجلة الاعداد الشهرية - almagalla issue-
انتقل الى: