!¨°o:[[ منتديات القـصـــــــــــــواء]]: o°¨!
أول ما تبدء أي عمل قول بسم الله الرحمن الرحيم وتقول اللهم صل على سيدنا محمد واله وسلم ومرحبا بك في منتديات القصواء لو انت زائر شرفنا مروركم الكريم وتشرفنا بالتسجيل واذا كنت من الاعضاء نرجوا سرعة الدخول ومسموح بالنقل او الاقتباس من المنتدى
!¨°o:[[ منتديات القـصـــــــــــــواء]]: o°¨!
أول ما تبدء أي عمل قول بسم الله الرحمن الرحيم وتقول اللهم صل على سيدنا محمد واله وسلم ومرحبا بك في منتديات القصواء لو انت زائر شرفنا مروركم الكريم وتشرفنا بالتسجيل واذا كنت من الاعضاء نرجوا سرعة الدخول ومسموح بالنقل او الاقتباس من المنتدى
!¨°o:[[ منتديات القـصـــــــــــــواء]]: o°¨!
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


رَفَعَ اللَّهُ لِلْمُتَيَّمِ قَدْراً
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولالطريقة البرهانية الدسوقية الشاذليةموقع رايات العز اول جريدة اسلامية على النتالمجلة البرهانية لنشر فضائل خير البريةشاهد قناة القصواء عالنت قناة البرهانية على اليوتيوبحمل كتب التراث من موقع التراث

==== ========= عن سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله عز وجل وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله إلا بمعرفة حقنا". رواه الطبراني في الأوسط ========= ==== ==== عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي". رواه الطبراني ورجاله ثقات. ========= ==== عن سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل جعل ذرية كل نبي في صلبه، وإن الله تعالى جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب رضي الله عنه". رواه الطبراني ========= ==== عن سيدنا جابر رضي الله عنه أنه سمع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول للناس حين تزوج بنت سيدنا علي رضي الله عنه : ألا تهنئوني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ينقطع يوم القيامة كل سبب ونسب إلا سببي ونسبي". رواه الطبراني في الأوسط والكبير ========= ==== ==== عن سيددنا ابن عمر رضي الله عنهما عن سيدنا أبي بكر - هو الصديق - رضي الله عنه قال ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته. رواه البخارى ==== وفي الصحيح أن الصديق رضي الله عنه قال لعلي رضي الله عنه: والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي . ========= ==== عن سيدنا جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول "يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن اخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي " . رواه الترمذي ========= ==== عن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس عن أبيه عن جده عبدالله بن عباس رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أحبوا الله تعالى لما يغذوكم من نعمه وأحبوني بحب الله وأحبوا أهل بيتي بحبي" . رواه الترمذي ========= ==== عن أبي إسحاق عن حنش قال سمعت أبا ذر رضي الله عنه وهو آخذ بحلقة الباب يقول: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح عليه الصلاة والسلام من دخلها نجا. ومن تخلف عنها هلك". رواه أبويعلى ==== عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا وعلي وفاطمة وحسن وحسين مجتمعون ومن أحبنا يوم القيامة نأكل ونشرب حتى يفرق بين العباد". فبلغ ذلك رجلاً من الناس فسأل عنه فأخبره به فقال: كيف بالعرض والحساب؟ فقلت له: كيف لصاحب ياسين بذلك حين أدخل الجنة من ساعته. رواه الطبراني ========== ==== وعن سلمة بن الأكوىه,±رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"النجوم جعلت أماناً لأهل السماء وإن أهل بيتي أمان لأمتي". رواه الطبراني ======== وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهلي من بعدي". رواه أبو يعلى ورجاله ثقات. ========= ==== ==== الله الله الله الله ====
..
..
..

 

 المجلة عدد أكتوبر 2013

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد أكتوبر 2013 Empty
مُساهمةموضوع: المجلة عدد أكتوبر 2013   المجلة عدد أكتوبر 2013 Icon_minitimeالسبت أكتوبر 19, 2013 9:10 am

تدارس

أهى الشفاعة أم تراها رحمة

يقول السيد فخر الدين رضي الله عنه فى ديوانه شراب الوصل:
رُدُّوا إِلَى الرَّبِّ الرَّحِيمِ وَعَبْدِهِ إِنَّ الْعَطَا مِنْ كَفِّهِ يَنْسَابُ (45/17)
بُثُّوا إِلَيْهِ وَآلِ أَحْمَدَ مَا بِكُمْ هُوَ مَنْ لَدَيْهِ شَفَاعَةٌ وَجَنَابُ (45/18
)

ثم يقول رضي الله عنه فى قصيدة أخرى:
الْحَمْدُللهِ الَّذِى قَدْ خَصَّنِى بِخِصَالِ جَدِّى إِنَّهُ الْعَطَّاءُ (47/1)
أَهِىَ الشَّفَاعَةُ أَمْ تُرَاهَا رَحْمَةً إِن الشَّفِيعَ يَؤُمُّهُ الرُّحَمَاءُ (47/2)


يبشر العبد الصالح والعالم الجليل السيد فخر الدين بشفاعة هى رحمة من رب العالمين فأارجو أن تصيب عصاة هذا الزمان فإن المحسنين لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك فضل من الله كبير.
قد يستغرب البعض هذا الأمر أو يستعظمه على بشر خلَقه الله ولكنها إرادة الله تعالى التى أثبتها لأوليائه بفضله ومنه وكرمه ورحمته فى كتابه الكريم حيث يقول تبارك وتعالى ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا • وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا • لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ مريم 85-87
يقول الامام الطبرى: ﴿لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج، قوله ﴿لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾، قال: المؤمنون يومئذ بعضهم لبعض شفعاء، ﴿إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾، قال: عملاً صالحاً.
حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد عن قتادة قوله ﴿لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾: أى بطاعته، وقال فى آية أخرى ﴿لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِىَ لَهُ قَوْلا﴾ طه 109، ليعلموا أن الله يوم القيامة يشفع المؤمنين بعضهم فى بعض، ذكر لنا أن نبى الله صلى الله عليه وسلم كان يقول (إنَّ فى أُمَّتِى رَجُلاً لَيُدْخِلَنَّ اللهُ بِشَفاعَتِهِ الجَنَّةَ أكْثَرَ مِنْ بنى تَمِيمِ)، وكنا نحدّث أن الشهيد يشفع فى سبعين من أهل بيته.
ويقول الامام ابن عربى: ﴿لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾، هذا العهد هو ما عاهد الله أهل الإيمان من الوفاء بالعهد السابق بالتوبة والإنابة إليه فى الصفاء الثانى بعد الصفاء الأول، وذلك الانسلاخ عن حجب صفات النفس والاتصاف بصفات الرحمن والاتصال بعالم القدس الذى هو حضرة الصفات ولهذا ذكر اسم الرحمن المعطى لأصول النِعَم وجلائلها المشتمل على سائر الصفات اللطيفة، أى: لا يملك أحد أن يشفع له بالأمداد الملكوتية والأنوار القدسية إلا من استعدّ لقبول الرحمة الرحمانية واتصل بالجناب الإلهى بالعهد الحقيقى. أ.هـ، وهذا لا يتحقق الا على يد خبير أو شيخ طريقه ﴿الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ الفرقان 59، ثم يكمل الإمام ابن عربى من باب الشريعة فيقول: وعن ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ذات يوم ( أيعجز أحدكم أن يتخذ عند كل صباح ومساء: اللهمّ فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنى أعهد إليك أنى أشهد أن لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأنّ محمداً عبدك ورسولك، وأنك إن تكلنى إلى نفسى تقرّبنى من الشرّ وتباعدنى من الخير، وإنى لا أثق إلا برحمتك، فاجعل لى عهداً تؤتنيه يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد).
وذكر الامام الألوسى فى تفسيره: عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن الرجل من أمتى ليشفع للفئام من الناس فيدخلون الجنة بشفعاته وأن الرجل ليشفع للرجل وأهل بيته فيدخلون الجنة بشفاعته). أ.ه.
جاء الحديث بمسند الإمام احمد كالتالى: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِى عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ (إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أُمَّتِى لَيَشْفَعُ لِلْفِئَامِ مِنْ النَّاسِ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَشْفَعُ لِلْقَبِيلَةِ مِنْ النَّاسِ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَشْفَعُ لِلرَّجُلِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِه). والفئام:أى المجموعة أو المجموعات.
وقد أجمع جمهور العلماء بأن الشفيع لابد أن يكون موحداً وفى ذلك يقول صاحب كتاب الوجيز الواحدى: ﴿لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ﴾، لكم ﴿عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾، اعتقد التوحيد وقال: لا إله إلا الله، فإنه يملك الشفاعة والمعنى: لا يشفع إلا من شهد أن لا إله إلا الله. أ.هـ.
ويقول الامام القرطبى: قوله تعالى: ﴿لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ﴾، أى هؤلاء الكفار لا يملكون الشفاعة لأحد ﴿إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾، وهم المسلمون فيملكون الشفاعة فهو استثناء الشئ من غير جنسه أى لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا يشفع، وقيل: أى لا يملك أحد عند الله الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا فإنه يملك وعلى هذا يكون الاستثناء متصلاً.
والمجرمين فى قوله ﴿وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا﴾ مريم 86، يعم الكفرة والعصاة ثم أخبر أنهم لا يملكون الشفاعة إلا العصاة المؤمنون فإنهم يملكونها بأن يشفع فيهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا أزال أشفع حتى أقول يارب شفعنى فيمن قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فيقول يامحمد إنها ليست لك ولكنها لى) أخرجه مسلم بمعناه.
وقد تقدم وتظاهرت الأخبار بأن أهل الفضل والعلم والصلاح يشفعون فيُشفعون، وعلى القول الأول يكون الكلام متصلاً بقوله ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا﴾ مريم 81، فلا تقبل غداً شفاعة عبدة الأصنام لأحد، ولا شفاعة الأصنام لأحد، ولا يملكون شفاعة أحد لهم أى لا تنفعهم شفاعة كما قال ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ المدثر 48، وقيل: أى نحشر المتقين والمجرمين ولا يملك أحداً شفاعة ﴿إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ أى إذا أذن له الله فى الشفاعة.
كما قال ﴿مَنْ ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ﴾ البقرة 255، وهذا العهد هو الذى قال ﴿أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ مريم 78، وهو لفظ جامع للإيمان وجميع الأعمال الصالحات التى يصل بها صاحبها إلى حيز من يشفع.
وقال ابن عباس: العهد لا إله إلا الله.
وقال مقاتل وابن عباس أيضاً: لا يشفع إلا من شهد أن لا إله إلا الله وتبرأ من الحول والقوة لله ولا يرجو إلا الله تعالى.
وقال ابن مسعود: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه (أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهداً) قيل: يارسول الله وما ذاك؟ قال (يقول عند كل صباح ومساء اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة إنى أعهد إليك فى هذه الحياة بأنى أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك فلا تكلنى إلى نفسى فإنك إن تكلنى إلى نفسى تباعدنى من الخير وتقربنى من الشر وإنى لا أثق إلا برحمتك فاجعل لى عندك عهداً توفينيه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد فإذا قال ذلك طبع الله عليها طابعاً ووضعها تحت العرش فإذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الذين لهم عند الله عهد فيقوم فيدخل الجنة). أ.هـ.
ونختم بإشارة السيد ابن عجيبة حيث يقول: وقوله تعالى: ﴿لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ﴾، الآية، إعلم أن العهد الذى تكون به الشفاعة يوم القيامة هو الطاعة وتربية اليقين والمعرفة، فتقع الشفاعة لأهل الطاعات على قدر طاعتهم وإخلاصهم، وتقع لأهل اليقين على قدر يقينهم، وهم أعظم من أهل المقام الأول، وتقع لأهل المعرفة على قدر عرفانهم، وهم أعظم من القسمين، حتى إن منهم من يشفع فى أهل عصره كلهم، وقد سَمِعْتُ من الفقيه شيخ الجماعة التاودى بن سودة، أن بعض الأولياء قال عند موته: يارب شفعنى فى أهل زمانى، فقال له الحق تعالى من جهة الهاتف: لم يبلغ قدرك هذا، فقال: يارب إن كان ذلك من جهة عملى واجتهادى فَلَعَمْرِى إنه لم يبلغ ذلك، وإن كان من جهة كرمك وجودك فوعزتك وجلالك لهو أعظم من هذا، فقال له: إنى شفعتك فى أهل عصرك. أ.هـ. بالمعنى. فمن رجع إلى كرم الله وجوده، ودخل من هذا الباب، وجد الإجابة أقرب إليه من كل شىء. وبالله التوفيق. أ.هـ
لذلك نجد من يقول من العارفين:
وَأَشْفَعُ فِى أَهْلِ الزَّمَانِ وَإِنْ بَدَتْ شَقَاوَتُهُمْ إِلا بِحَقِّ الطَّرِيقَةِ (1/37)
لأن الخوض فى حق طريق الله صد عن سبيل الله عز وجل فلا تنفع الخائض شفاعة الشافعين نجانا الله من هذا ونفعنا الله بشفاعة اهل الله تعالى آمين. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحابته أجمعين.
محمد مقبول


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=771

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد أكتوبر 2013 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد أكتوبر 2013   المجلة عدد أكتوبر 2013 Icon_minitimeالسبت أكتوبر 19, 2013 10:02 am

المرأة

السيدة نفيسة العلم

مستهل النور بمولدها الشريف:

السيدة نفيسة ابنة أمير المؤمنين الإمام الحسن الأنور بن زيد الأبلج ابن الإمام الحسن ابن الإمام على بن أبى طالب رضي الله عنهم سبط النبى صلى الله عليه وسلم، المكرمة الصالحة، العلوية الحسنية، ولدت السيدة نفيسة رضي الله عنها بمكه المكرمه فى يوم الأربعاء 11 من شهر ربيع الأول سنه 145 من الهجرة النبوية، وقد فرحت بها أمها زينب بنت الحسن واستبشر بها وفرح بها أبوها أبو محمد الحسن الأنور إذ زفت إليه بشرى مولدها جاريه له وهو يلقى درساً من دروس العلم بالمسجد الحرام: أبشر ياسيدى فقد ولدت لك الليلة مولودة جميلة, لم نرى أحسن منها وجها ولا أضوأ منها جبينا، يتلألأ النور من ثغرها، ويشع من محياها. سجد الحسن الأنور لله سجدة الشكر، وأجزل العطاء للجارية وقال لها: مرى أهل البيت فليسموها نفيسة فسوف تكون إن شاء الله تعالى نفيسة, وقام الأهل والأصدقاء بتهنئة الحسن الأنور بتحقيق أمله فشكر لهم ثم رفع يديه إلى السماء ودعا: اللهم أنبتها نباتاً حسناً وتقبلها قبولاً طيباً، واجعلها من عبادك الصالحين وأولياءك المقربين الذين تحبهم ويحبوك وتصافيهم ويصافونك وتقبل عليهم ويقبلون عليك، اللهم اجعلها معدن الفضل ومنبع الخير، ومصدر البر، ومشرق الهدايه والنور، اللهم اجعلها نفيسة العلم، وعظيمة الحلم، جليلة القدر، قوية الدين، كاملة اليقين.
وعندما دخلت سنتها الخامسة صحبها أبوها مع أمها إلى المدينة المنوّرة ونشأت فى بداية حياتها وأخذ أبوها يلقّنها ما تحتاجه من أُمور دينها ودنياها، فكانت تذهب إلى المسجد النبوى وتسمع إلى شيوخه، وتتلقى الحديث والفقه من علمائه حتى لقبها الناس بلقب نفيسة العلم. وعاشت فى المدينة لا تفارق الحرم النبوى حرم جدّها المصطفى صلى الله عليه وسلم، قارئة ذاكرة باكية، راكعة ساجدة ضارعة داعية، وكانت من الصالحات التقيات العوابد، عالمة بالتفسير والحديث. والدعاء مستجاب عند قبرها، بل وعند قبور الأنبياء والصالحين. وكان العلماء يزورونها ويأخذون عنها. وكانت تحفظ القرآن. ويروى عن الشافعى أنه لما دخل مصر حضر إليها، وسمع منها الحديث. ولما توفى أدخلت جنازته إلى دارها، فصلت عليه فى دارها، ولها فضائل جمة. كانت إمرأة مسلمة، قوية الشخصية، راجحة العقل، ذات علم ومعرفة وأدب جم، ليست عاطلةً من عمل الدنيا؛ لأنها تدير مملكتها الخاصة بها، وليست غافلة عن عمل الآخرة، كأنى بها توجه رسالتها إلينا جميعاً، وإلى بنات جنسها خاصة قائلة: ما أجمل الثبات على الحق وأسعد صاحبه.

حضور السيدة نفيسة الى مصر:

يحكى أن أهالى مصر شُغفوا حبّاً بالسيدة نفيسة، واستعدوا لاستقبالها عندما علموا أنها فى الطريق إلى مصر. فخرج لاستقبالها أهالى الفسطاط -القاهرة- وأعيانها فى العريش بأقصى شمال مصر الشرقى، استقبلها أهل مصر بالتكبير والتهليل وخرجت الهوادج والخيول تحوطها وزوجها. وصلت السيدة نفيسة إلى القاهرة فى العشر الأواخر من رمضان يوم السبت 26 رمضان 193هـ فى عهد هارون الرشيد، وقبل أن يأتى إليها الإمام الشافعى بخمس سنوات، نزلت مصر مع زوجها وأبيها وابنها وبنتها واستقبلها أهل مصر عند العريش أعظم الاستقبال حتى إذا دخلت مصر أنزلها السيد جمال الدين عبد الله الجصاص كبير تجار مصر فى داره الفاخر ثم انتقلت إلى دار سيدة من المصريين تُدعى أم هانىء بجهة المراغه المشهوره الآن بالقرافة وكانت داراً واسعةً، فأخذ يقبل عليها الناس يلتمسون منها العلم، حتى ازدحم وقتها، وكادت تنشغل عما اعتادت عليه من العبادات، فخرجت على الناس قائلة: إنى كنت قد اعتزمت المقام عندكم، غير أنى إمرأة ضعيفة، وقد تكاثر حولى الناس فشغلونى عن أورادى، وجمع زاد معادى، وقد زاد حنينى إلى روضة جدى المصطفى، ففزع الناس لقولها، ورفضوا رحيلها، حتى تدخَّل الوالى السرى بن الحكم وقال لها: يا ابنة رسول الله إنى كفيل بإزالة ما تشكين منه، ووهبها داراً واسعة، ثم حدد يومين فى الأسبوع يزورها الناس فيهما طلباً للعلم والنصيحة، لتتفرغ هى للعبادة بقية الأسبوع، فرضيت وبقيت وكانت تدعو الله قائلة: إلهى يسر لى زيارة قبر خليلك إبراهيم، فاستجاب الله لها، وزارت هى وزوجها إسحاق المؤتمن قبر الخليل.

زواجها الميمون من السيد اسحاق بن جعفر الصادق رضي الله عنهم:

تزوجت السيدة نفيسة فى العشر الأولى من رجب سنة 161 هـ من أحد بنى عمومتها، السيد إسحاق المؤتمن وهو بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام على زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام على كرم الله وجهه ورضي الله عنهم، قبل أن تصل لسن الزواج،ً وحتى بلغت مبالغ النساء تقدم إليها الخطاب من السلالة النبوية الشريفة من بنى الحسن والحسين، كما تقدم إلى خطبتها الكثير من أشراف قريش وغيرهم لما عرفوه من كمالها وصلاحها، فكان أبوها يأبى إجابة طلبهم ويردهم رداً جميلاً حتى جاء إسحاق المؤتمن يخطبها من أبيها، فصمت ولم يرد جواباً، فقام إسحاق من عنده، وتوجه إلى الحجرة النبوية الشريفة، وخاطب جده بعد الصلاة والسلام عليه وشكى إليه همومه ورغبته فى زواج السيدة نفيسة لدينها وعبادتها، ثم خرج. فرأى والدها فى المنام تلك الليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول له (ياحسن !زوّج نفيسة من إسحاق المؤتمن). فزوجه إياها، فى بيت أبيه. ولما ترك الإمام الحسن الأنور والد السيده نفيسة ولايه المدينه خلفه عليها زوجها إسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق والياً للعباسين؛ فهى بنت أمير وزوجه أمير من أهل البيت فكان السيد حسن الأنور يأخذ السيدة نفيسة وهى صغير لزيارة جده المصطفى ويقول: إنى راضى عن ابنتى نفيسة. فجاءه الرسول فى المنام وقال له (إنى راضى عن ابنتك نفيسة برضائك عنها وان الله راضى عنها برضائها عنى)، وكان إسحاق مشهود له بالصلاح، وقد أخذ عن أبيه الكثير من علومه وآدابه وأخلاقه وأنجبت لإسحاق ولداً وبنتاً هما القاسم وأم كلثوم، وكانت من أفضل النساء فى رعاية زوجها وبيتها وأسرتها، ومن أحسنهنَّ إتقاناً لفنِّ إدارة المنزل الذى كانت تعمره بالعبادة والذكر والتربية الحسنة، وحسن التعامل مع زوجها الذى كان يسعد بها كلَّ السعادة ويصرِّح لها بجمال ما أودع الله فيها من صفات حسنة شكلاً ومضموناً، فما تردُّ عليه إلا بوجهٍ بشوش، وكلماتٍ راقيةٍ تدل على أدبها الجم، وكانت صاحباتها يجدن من الأنس بمجلسها ما لا يجدنه عند غيرها، وتجد صدورهنَّ من الانشراح، وقلوبهنَّ من الارتياح ما يجعلهن ينظرن إليها نظر التلميذ بشيخه، وكانت تغمر من يجلس إليها بالمودة، وتُفيض عليهن من التوجيه والعلم. وكانت تحرص على ربط نفسها ومن تجالسهن بالقرآن الكريم، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وبما تحصِّله من العلم النافع والمعرفة المفيدة.

ولاية سيدى حسن الأنور للمدينة المنورة:

وفى يوم مولدها الشريف قدم رسول الخليفة أبو جعفر المنصور، وقد ترجل عن فرسه، ودخل المسجد الحرام حتى وصل إلى الحسن الأنور ثم أخرج كتاباً وقدمه إليه فى احترام وتوقير مع هذا الكتاب هديه الخلافة صرة تحتوى على عشرين ألف دينار, وكان الكتاب يفوح منه رائحة المسك، ففتح الحسن الكتاب فإذا فيه الأمر بتوليته إمارة المدينة دخل الحسن على ابنته الميمونة وقبلها فى حنان وشفقة. وسار سيدى الحسن الأنور نحو المدينة، ودخل موكبه المدينة، وكان يوم جمعة، فعلم أهل المدينه بقدوم الموكب فخف أبناء المهاجرين والأنصار وسلالة الصحابة والتابعين إلى لقاء حفيد الرسول صلى الله عليه وسلم فرحين بولايته عليهم، وتوجه الركب وعلى رأسه الحسن الأنور وعلى كتفه وصدره ابنته الرضيعة نفيسة إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث توجه الحسن لزيارة مقام جده المصطفى صلى الله عليه وسلم قال الذهبى: أن أبيها أقام بالولاية مدة خمس سنين، ثم غضب عليه المنصور فعزله واستصفى كل شىء له وحبسه ببغداد، فلم يزل محبوساً حتى مات المنصور وولى المهدى، فأخرجه من محبسه ورد عليه كل شىء ذهب له، ولم يزل معه. فلما حج المهدى كان فى جملته، فلما انتهى إلى الحاجر مات هناك، وذلك فى سنة 186 هـ، وهو ابن 85 سنة، وصلى عليه على بن المهدى. والحاجر على خمسة أميال من المدينة. وتحولت هى من المدينة إلى مصر وكان أخوها القاسم رجلاً صالحاً زاهداً خيراً، سكن نيسابور، وله بها عقب، منهم السيد العلوى الذى يروى عنه الحافظ البيهقى.

السيدة نفيسة العلوم مع الإمام الشافعى:

قد تلقى عنها الشافعى وفى صحبته عبد الله بن الحكم وكان يصلى بها فى مسجد بيتها وخصوصاً تراويح رمضان وكانت تقدره، وتمده بما يكفيه ويعينه على أداء رسالته العلمية الكبرى وللإمام أحمد بن حنبل نصيب فى الأخذ عن السيدة نفيسة وكان لها دخل كبير فى حضور الإمام الشافعى رضي الله عنه الى مصر ولهذا كان رضي الله عنه يكثر زيارتها، وبهذا تكون السيدة نفيسة ذات أثر علمى فى فقه عالمين كبيرين من أئمة المسلمين، وهما الشافعى وأحمد بن حنبل من أئمة السنة.
ويقال: لمَّا وفد الإمام الشافعى إلى مصر، وتوثقت صلته بالسيدة نفيسة، واعتاد أن يزورها وهو فى طريقه إلى حلقات درسه فى مسجد الفسطاط، وفى طريق عودته إلى داره، وكان يصلى بها التراويح فى مسجدها فى شهر رمضان، ويعتبر الإمام الشافعى أكثر العلماء جلوساً إليها وأخذاً عنها، فى الوقت الذى بلغ فيه من الإمامة فى الفقه مكاناً عظيماً، فقد كان يعتبر مجلسه فى دارها مجلس تعلم عنها، ومجلسه فى مسجد الفسطاط مجلس تعليم الناس وكان الإمام الشافعى فى زمانها إذا مرض يرسل لها ليسألها الدعاء فتقول: شفاك الله ياشافعى فلا يرجع الرسول إلا وقد شفى الشافعى من مرضه، فلما مرض مرضه الذى مات فيه أرسل للسيدة نفيسة يسألها الدعاء كعادته فقالت: متعه الله بالنظر إلى وجهه الكريم، فعلم الشافعى بدنو أجله. كما أوصى الشافعى رضي الله عنه أن تصلى عليه السيدة نفيسة رضي الله عنها فى جنازته، فمرت الجنازة إلى دارها فصلت عليه حين وفاته فى رجب عام 204 هجرية تنفيذاً لوصيته ودعت له وشهدت فيه خير الشهاده وقالت عنه عبارتها العجيبه المشهورة: رحم الله الشافعى فقد كان يحسن الوضوء. وكان هذا رمزا لإحسانه الفقه والشريعة، وقد حزنت على وفاته حزناً كبيراً.

درر وجواهر للسيدة نفيسة رضي الله عنها:

قال الزركلى فى الأعلام: صاحبة المشهد المعروف بمصر، تقيّة صالحة، عالمة بالتفسير للقرآن الكريم والحديث النبوى الشريف.
عندما شكا لها البعض تعسف الولاة قالت (كيفما تكونوا يولى عليكم) أى أصلحوا ذات بينكم يصلح الله لكم ملوككملقد فهمت جيداً ما رمى إليه الحديث القدسى (قلوب الملوك بيدى. أقلبها كيف أشاء. فأصلحوا ذات بينكم. أصلح لكم ملوككم(.
وقالت: من أراد النجاة من الفقر فعليه بقراءة سورة الواقعة، وقد ذكر هذا عبد الله بن مسعود، ومن أراد الثبات على الإسلام فعليه بقراءة سورة تبارك، ومن أراد النجاة من عطش يوم القيامة فعليه بقراءة الفاتحة ومن أراد الشُّرْب من حوض النبى صلى الله عليه وسلم فعليه بقراءة إنا أعطيناك الكوثر. وقالت أيضا:
كم حاربتنى شدة بجيشها وضاق صدرى من لقائها وانزعج
حتى اذا يأست من زواله جاءتنى الألطاف تسعى بالفرج
وروى عن الملك الظاهر برقوق سلطان مصر أنه سار وعليه قرفل بغير أكمام، وكلفته على رأسه، وتحته فرس بعرقية من الصوف سميك إلى باب القرافة، والعساكر قد ملأت الرميلة، فرتب بنفسه أطلاب الأمراء ومر فى صفوفهم غير مرة حتى رتبها أحسن ترتيب، ثم مضى إلى قبر الإمام الشافعى فزاره، وتصدق على الفقراء ثم توجه لزيارة السيدة نفيسة، وفعل كما فعل فى زيارة الشافعى.
نشأت فى المدينة المنورة بالعبادة والزهادة تصوم النهار وتقوم الليل وكانت لاتفارق حرم النبى صلى الله عليه وسلم وحجت أكثر من ثلاثين حجة أكثرها مشياً على الأقدام وكانت تبكى بكاء كثيراً وتتعلق بأستار الكعبة وتقول: إلهى وسيدى ومولاى متعنى وفرحنى برضاك عنى فلا سبب أتسبب به يحجبك عنى، ويحكى أنها كانت تأكل كل ثلاثة أيام أكلة وكانت لها سلة معلقة أمام مصلاها فكانت كلما أشتهت شيئاً وجدته فى السلة وكان يجد عندها ما لا يخطر بخاطر أحد ولا يعلم من يأتى به فتعجبوا من ذلك فقالت لهم: من استقام مع الله كان الكون بيده وفى طاعته.

من كرامات السيدة نفيسة رضي الله عنها:

منها أن النيل توقف فى أوان الفيضان وضج الناس وذهبوا إليها فأعطتهم قناعاً وقالت لهم: ارموه فيه. فوفى النيل وفاض ماؤه.
أنه كان فى حياتها أمير ظالم فطلب إنساناً ليعذبه، فمر ذلك الإنسان بالسيدة نفيسة واستجار بها وهو ممسك به الجنود فطلب منها الدعاء له، فدعت له بالخلاص من ذلك الظالم، وقالت: إمض حجب الله عنك أبصار الظالمين. فمضى ذلك الرجل مع أعوان الأمير الظالم إلى أن وقفوا بين يديه، فقال الأمير لأعوانه: أين الغلام؟ فقالوا: إنه واقف بين يديك. فقال الأمير: والله ما أراه. فقالوا: إنه مرّ بالسيدة نفيسة وسألها الدعاء، فقال الأمير: وبلغ من ظلمى هذا كله أن يحجب الله عنى المظلوم، فقال: ياربّ إنى تائب إليك، فلما تاب ونصح فى توبته رأى الرجل، فقال للرجل: تعال إلى وقبل رأسه وألبسه ثياباً ثمينة وصرفه من عنده.
حكى الأزهرى فى الكواكب السيارة: من غريب مناقب السيدة نفيسة بنت الحسن، أن إمرأة عجوزاً لها أربعة أولاد بنات كن يتقوّتن من غزلهن -يغزلن الصوف- من الجمعة إلى الجمعة. فأخذت أمهن الغزل لتبيعه وتشترى بنصفه كتاناً ونصفه الآخر ما يتقوّتن به على جرى العادة، ولفت الغزل فى قطعة حمراء ومضت إلى نحو السوق، فلما كانت فى بعض الطريق إذا بطائر انقض عليها وخطف منها الرزمة، الغزل ثم ارتفع فى الهواء، فلما رأت العجوز ذلك وقعت مغشياً عليها، فلما أفاقت من غشيتها هذه قالت: كيف أصنع بأيتامى؟ قد أهلكهم الفقر والجوع فبكت فاجتمع الناس عليها وسألوها عن شأنها فأخبرتهم بالقصة فدلوها على السيدة نفيسة، وقالوا لها: اسأليها الدعاء فإن الله سبحانه وتعالى يزيل ما بك، فلما جاءت إلى باب السيدة نفيسة أخبرتها بما جرى لها مع الطائر وسألتها الدعاء فرحمتها السيدة نفيسة، ودعت لها دعاءً أن ييسر لها أمرها فقعدت المرأة تنتظر الفرج وفى قلبها من جوع أولادها شدة وضيق. فلما كان بعد ساعة يسيرة إذا بجماعة قد أقبلوا وسألوا عن السيدة نفيسة وقالوا: إن لنا أمراً عجيباً، نحن قوم مسافرون لنا مدة فى البحر ونحن بحمد الله سالمون فلما وصلنا إلى قرب بلادكم انفتحت المركب التى نحن فيها ودخل فيها الماء وأشرفنا على الغرق وجعلنا نسد الخرق الذى انفتح فلم نقدر على سده، وإذا بطائر ألقى علينا سرة حمراء فيها غزل فسدت الفتحة بإذن الله. وقد جئنا بخمسمائة دينار شكراً على السلامة. فبعد ذلك بكت السيدة نفيسة وقالت: إلهى وسيدى ومولاى ما أرحمك وألطفك بعبادك. ثم طلبت العجوز صاحبة الغزل وقالت لها: بكم تبيعين غزلك؟ فقالت بعشرين درهماً. فناولتها الخمسمائة دينار فأخذتها، وجاءت إلى بناتها فأخبرتهن بما جرى فتركن الغزل وجئن إلى بيت السيدة نفيسة وقبلن يدها وتبركن بها.
ومما اتفق عليه بكتاب نور الأبصار: أن بنتاً كانت تلعب مع الصبيان وعلى رأسها قلنسوة عليها بعض دراهم ودنانير فطمع صبى من الصبيان فى البنت فأخذها وذهب بها إلى مقبرة السيدة نفيسة ونزل بالبنت فى القبور وذبحها وأخذ الطاقية ففقد البنت أهلها وأخذوا يفتشون عليها فلم يروا لها أثراً ولا خبراً ثم ألهموا للقبض على الصبيان الذين جرت عادة البنت باللعب معهم فقبضوا عليهم ورفعوهم إلى الحاكم فهددهم فأقر الصبى بما فعله مع البنت فأخذوه وذهبوا به إلى القبر ونزلوا القبر فوجدوا به البنت وبها حياة مستقرة وقد انقطع خروج الدم من موضع الذبح فخاطوا ذلك الموضع وعاشت البنت وأخبرت أنها لما ذبحها الصبى وانصرف دخلت عليها امرأة حسنة الصورة وقالت لها لا تخافى يابنتى ومسحت على محل الذبح فانقطع الدم وسقتها فقالت لها: من أنت فقالت: أنا السيدة نفيسة.
وأنه حينما قدمت إلى مصر ونزلت فى دار، فأقامت بهذه الدار عدة شهور، كان بجوارها يهود. من جملتهم إمرأة يهودية لها إبنة مشلولة مقعدة لا تقدر على الحركة، فأرادت الأم أن تذهب إلى الحمام، فسألت ابنتها أن تأخذها معها إلى الحمام فامتنعت البنت فقالت لها أمها: تقيمين فى الدار وحدك! فقالت لها: أشتهى أن أكون عند جارتنا الشريفة حتى تعودين فجاءت الأم إلى السيدة نفيسة واستأذنتها فى ذلك فأذنت لها فحملتها ووضعتها فى زاوية من البيت وذهبت. قامت السيدةنفيسة وتوضأت فجرى ماء وضوئها إلى البنت اليهودية، فألهمها الله سبحانه وتعالى أن أخذت من ماء الوضوء شيئاً قليلاً بيدها ومسحت به على رجليها فوقفت فى حينها بإذن الله. شفيت تلك البنت المقعدة من الشلل فى الوقت نفسه وقامت تمشى على قدميها كأن لم يكن بها مرض قط، هذا والسيدة نفيسة مشغولة بصلاتها مستغرقة، لم تعلم ما جرى، ثم إن البنت سمعت مجىء أمها فخرجت من دار السيدة نفيسة حتى أتت إلى دار أمها فطرقت الباب فخرجت الأم تنظر من يطرق الباب فدخلت البنت وعانقت أمها وقبلتها فلم تعرفها أمها لأن ابنتها مقعدة، فقالت لها: من أنت فقالت: أنا ابنتك. قالت: وكيف قضيتك؟ فأخبرتها بقصتها كاملة، فقالت الأم: هذا والله الدين الصحيح وما نحن عليه من الدين قبيح، ثم دخلت فأقبلت تقبل قدم السيدة نفيسة، وقالت لها: امددى يدك أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدك محمداً رسول الله. فشكرت السيدة نفيسة ربها عز وجل وحمدته على هداها وانقاذها من الضلال. ثم مضت المرأة إلى منزلها فلما حضر زوجها أبو البنت وكان اسمه أيوب وكان لقبه أبو السرايا وكان من أعيان قومه ورأى البنت على تلك الحالة ذُهل وطاش عقله من الفرح، قال لامرأته ما قصتها يا امرأة، فأخبرته بقصتها مع السيدة نفيسة، فقال: سبحانك هديت من تشاء وأضللت من تشاء، والله هذا الدين الصحيح، ولا دين صحيح إلا دين الإسلام. ثم أتى إلى باب السيدة نفيسة فمر بخديه على عتبة بابها وأسلم، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدك محمداً رسول الله. ثم شاع خبر البنت وإسلامها وإسلام أبيها وأمها وجماعة من الجيران اليهود.
تزوج رجل من أهل المغافر بامرأة ذمية، فجاء منها بولد فأسر فى بلاد العدو فجعلت المرأة تدخل البيع، وتسأل عن الأسارى وولدها لا يأتى فقالت لزوجها: بلغنى أن بين أظهرنا إمرأة يقال لها: نفيسة بنت الحسن اذهب إليها لعلها تدعو لولدى، فإن جاء آمنت بدينها قال: فجاء الرجل إلى السيدة نفيسة رضي الله عنها وقص عليها القصة فدعت له: أن الله يرده عليه. فلما كان الليل إذا الباب يطرق فخرجت المرأة فوجدت ولدها واقفاً بالباب فقالت له: يابنى أخبرنى بأمرك كيف كان فقال: يا أماه كنت واقفاً بالباب فى الوقت الفلانى-وهو الوقت الذى دعت فيه السيدة نفيسة-وأنا فى خدمتى فلم أشعر إلا ويد وقعت على القيد وسمعت من يقول: اطلقوه فقد شفعت فيه السيدة نفيسة بنت الحسن. فأطلقت من الغل والقيد، ثم لم أشعر بنفسى إلا وأنا أدخل من رأس محلتنا إلى أن وقفت على الباب، ففرحت أمه وشاعت هذه الكرامة، وأسلم فى تلك الليلة أهل سبعين داراً ببركتها، وأسلمت أمه وصارت من خدام السيدة نفيسة رضي الله عنها.
ذكر الشيخ عبد الرحمن الأجهورى فى مشارق الأنوار أن السيدة جوهرة جارية السيدة نفيسة رضي الله عنها أخذت أبريق السيدة نفيسة رضي الله عنها تملؤه فوضعته فجاء ثعبان يتمسح برأسه كأنه يتبرك به. وكان لأخيها يحيى المتوّج بنت واحدة اسمها زينب انقطعت لخدمة عمتها، تقول: لقد خدمت عمتى نفيسة أربعين سنة، فما رأيتها نامت بليل أو أفطرت بنهار، إلا فى العيد وأيام التشريق وتقول: كانت عمتى تحفظ القرآن وتفسّره وتقرأه وتبكى وهكذا عاشت فى مصر معزّزة مكرّمة، ينتهل من نمير علومها أهالى مصر. وكانت مثال الحديث الشريف (عاشروا الناس معاشرة إن عشتم حنّوا إليكم، وإن متّم بكوا عليكم).

انتقالها الى دار الحق الدار الآخرة:

عاشت السيده نفيسة فى مصر 15 سنه مليئه بالعبادات، وبعد وفاة الشافعى بدأت السيده نفيسة تعد نفسها للقاء مولالها، فحفرت قبرها بيدها تباعاً فى حجرتها بمنزلها الذى أهداه إليها والى مصر عبد الله بن السرى بن الحكم بدرب السباع، وهو الذى أصبح فيما بعد مشهدها ومسجدها الحالى، وكانت تصلى فى قبرها الذى حفرته بيدها فى حجرتها، وقرأت فيه عشرات الختمات من القران تبركاً واستشفاعاً وقيل: 190 ختمة أو 1900 ختمة والله أعلم. ولم تكد تدخل سنتها الرابعة والستين حتى أحست بدنو أجلها، فكتبت إلى زوجها تطلب حضوره. وفى يوم الجمعه 15 رمضان سنه 208 هـ اشتد مرضها، وكانت صائمة، فألحوا عليها أن تفطر رفقاً بها فقالت: واعجباه لى ثلاثون سنة أسال الله عز وجل أن يتوفانى وأنا صائمة، أفأفطر معاذ الله، وقالت:
اصرفوا عنّى طبيبى ودعونى وحبيبى
زاد بى شوقى إليه وغرامى فى لهيب
فانصرف الأطباء، وقد شدّهم الإعجاب بقوة يقينها وثبات دينها، فسألوها الدعاء، فقالت لهم خيراً ودعت لهم. وشاءت السيدة نفيسة أن تختم حياتها بتلاوة القرآن وبينما كانت تتلو سورة الأنعام، حتى إذا بلغت قوله تعالى آية ﴿لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾الأنعام 127، غشى عليها وفاضت روحها إلى الرفيق الأعلى راضيه مرضيه، وتقول زينب بنت أخيها فضممتها إلى صدرى، فتشهدت شهادة الحق، وصعدت روحها إلى باريها فى السماء .ولما فاضت روحها عزم زوجها المؤتمن إسحاق بن جعفر الصادق على حملها إلى المدينة المنوّرة ليدفنها وينقلها إلى البقيع هناك عند جدها صلى الله عليه وسلم، فسأله المصريون بقاءها عندهم، وكان أهل مصر تمسكوا بها وطلبوا منه أن يتركها عندهم للتبرّك، وبذلوا مالاً كثيراً، فلم يرضَ، فرأى النبى صلى الله عليه وسلم فقال له (يا إسحاق، لا تعارض أهل مصر فى نفيسة، فإنّ الرحمة تنزل عليهم ببركتها). فدفنها فى قبرها الذى حفرته بنفسها فى مصر. وقبرها معروف بالإجابة. وللمصريين فيها اعتقاد عظيم.
اللهم بجاه السيدة نفيسة العلم كريمة الدارين أكرمنا فى الدنيا والآخرة بكرمهم جميعاً وأرزقنا علوم الأولين والآخرين وأحشرنا معهم وأملئ قلوبنا بحبهم وبحب من يحبهم أمين.
سمير جمال


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=772
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد أكتوبر 2013 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد أكتوبر 2013   المجلة عدد أكتوبر 2013 Icon_minitimeالسبت أكتوبر 19, 2013 10:25 am

التراث

أماجد العلماء
الحمد لله الذى اختص العلماء بوراثه الانبياء والتخلق باخلاقهم وجعلهم القدوة للكافة، فقد ضل كثير من الناس وابتعدوا عن هدى الحبيب صلى الله عليه وسلم عندما تركوا الاخذ عن اكابر علماء هذه الامة وادمنوا الاخذ من الأصاغر ففارقوا ما كان عليه سلفهم الصالح وما استقرت عليه أمة المسلمين عقودا وقرونا.
قال صلى الله عليه وسلم (لازال الناس بخير ما اخذوا العلم عن أكابرهم، فاذا اخذوا العلم عن أصاغرهم هلكوا)، وقال صلى الله عليه وسلم (إن هذا الدين علم، فانظروا عمن تاخذون)، وقال صلى الله عليه وسلم (إذا قبض العلماء اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسُئلوا فافتوا بغير علم فضلوا واضلوا، ولا حول ولا قوه الا بالله).
ويقول الإمام فخر الدين محمد عثمان عبده البرهانى رضي الله عنه:
ولإن سُئلتم ما الكتاب فانه مما رواه أماجد الأعلام
والمجمع عليه عند السادة العلماء ان الواحد منهم لا ينتقص كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يحكم بوضعه ولا يضعفه ولايقدح فيه الا اذا كان فى يده سند من آيات كتاب الله او سنة نبيه عليه افضل الصلاة وأزكى السلام, ومنذ بداية القرن الأول الهجرى والثانى والثالث والرابع وحتى يومنا هذا تولى ساداتنا من اماجد العلماء رضوان الله عليهم الحفاظ على تراث ديننا الحنيف كما احب واراد صلى الله عليه وسلم فكانت الاحاديث الصحيحة والتفاسير الصادقة واحداث التاريخ من بداية الرسالة المحمدية مع تسلسلها التاريخى إلى يومنا هذا محفوظة ومسندة بكل أمانة وصدق، ومن هؤلاء السادة العلماء الأجلاء ومع سيرته الطيبة كان

الإمام أبو مدين الغوث
أستاذ الألف شيخ وإمام الزاهدين


نشأته رضي الله عنه:
شعيب بن حسين الأندلسى الزاهد أبو مدين. شيخ أهل المغرب. جال وساح، واستوطن بجاية مدة، ثم تلمسان. وُلد شعيب بن حسين الأنصارى سنه 515 هـ فى قرية حسن قطنيانة التابعة لأشبيلية فى بلاد الأندلس. توفى والده وتركه طفلاً بين أخوة أكبر منه، فأسندوا إليه مهمة رعى أغنام قليلة ورثوها. وكان فى غدوه ورواحه يمر بمقارئ القرآن، وحلقات الذكر، فيتوقف أمامها متدبراً مسحوراً، وفى نفسه أمل عريض أن ينضم يوماً إلى قافلتهم الرائعة. وهنا قال هو: إذا رأيت من يصلى، أو من يقرأ القرآن، أعجبنى، ودنوت منه، وأجد فى نفسى غماً، لأننى لا أحفظ شيئاً من القرآن، ولا أعرف كيف أصلى. لم يفارق هذا المشهد الطيب الأثير نفس شعيب، فدبر أن يعيشه مهما كان. وذات يوم فرّ من أخوته ومهمته، وراح يسرع إلى حيث أهل الذكر. لكن إخوته فطنوا إلى هروبه، فتعقبه أحدهم حتى لحق به، وزجره وهدده بالقتل إن لم يرجع معه، فعاد كسيف البال، محسوراً، إلا أنه لم يقطع الأمل أبداً فى أن ينال يوماً ما يريد. وذات ليلة، ظل أبو مدين ساهراً، حتى ظن أن إخوته قد غشيهم النوم، ففر هارباً، وسلك طريقاً آخر، ممنياً نفسه بألا يكتشف أحد منهم أمره، وأن يصل فى النهاية إلى مراده. لكن أخاً له تعقبه مرة ثانية، بعد أن اكتشف غيابه عن الدار، وبلغ الغيظ بالأخ حداً مفرطاً، فرفع سيفه ليضرب شعيب، لكن الغلام صد السيف بعصا كانت فى يده فانكسر. وعندها وقف أخوه الأكبر والاندهاش يكاد يعقد لسانه، وهو ينظر إلى العصا السليمة والسيف المكسور. وأدرك فى لحظة أن هناك ما هو أكبر وأعلى من قدرة الأخ الأصغر وعصاه، فأطاع الهاتف الذى هز أعماقه، وقال لأخيه: لك ما تريد. فكانت أولى خطوات أبو مدين فى طريق الله.

البداية إلى طريق النور المبين:
مشى أبو مدين يوماً إلى البحر، فألفى خيمة عامرة بالناس، ووقف عندها ينتظر، وبعد برهة خرج شيخ وسأله عن غايته، فبث له الفتى خواطره، فأمره أن ينصرف إلى تعلم العلم، وقال له ما لم ينسه أبداً: إن الله لا يُعبد إلا بالعلم، وبعدها عبر أبو مدين البحر، بعد أن صار عاملاً على متن إحدى السفن، حتى وصل إلى طنجة، فلم يجد فيها بغيته، فسار إلى سبتة، ومكث فيها فترة عمل خلالها مساعداً لبعض الصيادين، لكن هذه المدينة لم تمنحه ما يريد، فما كان منه إلا أن سار إلى مراكش، وهناك التقى بعض أهل الأندلس فألحقوه للعمل بالجندية، ليجد أناساً غليظى القلوب، لا يستنكفون أن يأكلوا عطاءه، ويهضموا حقه، ويلحوا عليه فى أن يقسو على الناس. وضاقت عليه الأرض بما رحبت، فأسر إلى أحدهم بالسبب الذى أخرجه من داره وأطلقه إلى هنا، فقال له: اذهب إلى فاس وستجد هناك ما تسعى إليه. لما وصل أبو مدين فاس لزم مسجدها، وتعلّم الوضوء والصلاة، ثم اختار لنفسه حلقة ذكر وجلس إليها، وتنقل بين حلقات عدة، لكن عقله لم يلتقط الكثير، وكأن الشيوخ يتحدثون إلى مريديهم بلغة أعجمية. لكن ذلك لم يوهن من عزيمة أبى مدين فاستمر فى تردده على مجالس العلماء، ونهل من معارفهم حتى ارتوى، فاكتمل له ما يجعله واحداً منهم. وكانت فاس آنذاك تعج بأفكار الموحدين التى قامت على علوم الكلام والفقه، وبرز فى هذا المضمار علماء كثر. وساقه القدر أخيراً إلى حلقة الشيخ أبو الحسن بن حرزهم، الذى كان يتحدث بطريقة غير مستغلقة على الأفهام، فى الفقه والتصوف. كذلك تعلم أبو مدين على يد الشيخ صالح أبو عبد الله الدقاق، وهو من كبار المتصوفة. ذات مرة دنا أبو مدين من ابن حرزهم بعد أن فرغ من الدرس، وقال له: حضرت مجالس كثيرة، فلم أثبت على ما يقال، وأنت كلما سمعت منك حفظته. فرد عليه الرجل: هم يتكلمون بأطراف ألسنتهم، فلا يجاوز كلامهم الآذان، وأنا قصدت الله بكلامى، فيخرج من القلب، لكن أبا مدين مال إلى التصوف، وذهب إلى الشيخ أبو يعزى، وكان أحد كبار الزاهدين، وأخذ العهد على يديه، وتدرّج فى درب السالكين، حتى أصبح قطباً كبيراً. وقد كان أبو يعزى يمتحن مريديه امتحاناً عسيراً فى آداب السلوك، ليقف على صدق الإرادة وقوة العزيمة، ويميز بين اللاهى والجاد، ويروى أبو مدين جانباً من هذا فقال: سمعت الناس يتحدثون بكرامات أبى يعزى، فذهبت إليه فى جماعة توجهت لزيارته، فلمّا وصلنا جبل إيروجان، ودخلنا عليه، أقبل على القوم دونى، فلمّا أحضروا الطّعام منعنى من الأكل، فجلست فى ركن الدار، وكلما حضر الطعام وقمت إليه انتهرنى، فأقمت على تلك الحال ثلاثة أيام وقد أجهدنى الجوع، ونالنى الذّل، فلما انقضت ثلاثة أيام، قام أبو يعزى من مكانه، فأتيت إلى ذلك المكان، ومرغت وجهى فيه، فلما رفعت رأسى نظرت فلم أر شيئاً، وصرت أعمى، فبقيت أبكى طول ليلتى. فلما أصبحت استدعانى وقال لى: اقرب ياأندلسىّ! فدنوت منه، فمسح بيده على عينى فأبصرت، ثم مسح بيده على صدرى وقال للحاضرين: هذا سيكون له شأن عظيم، أو قال كلاماً هذا معناه، ثم أذن لى فى الانصراف. وسرد أبو مدين طريقته فى تلقى العلم، التى بيّنت حرصه على أن يتعدى مجرد حفظ الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، إلى تدبر معانيها، وتذوق مراميها، والإلمام بأحكامها: كنت إذا سمعت تفسير آية من كتاب الله تعالى، ومعه أحد أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، قنعت بهما، وانصرفت إلى خارج فاس، لموضع خال من الناس، اتخذته مأوى للعمل بما يفتح على من الآية والحديث، ثم أعود إلى فاس فآخذ آية وحديثاً وأخرج إلى خلوتى وبعدها ساح فى بلاد أفريقية شتى، وزار مكة، والتقى هناك الصوفى الكبير عبد القادر الجيلانى الحسنى، مؤسس الطريقة القادرية، فأخذ عنه فى الحرم الشريف كثيراً من الأحاديث، وألبسه خرقة الصوفية، وأودعه كثيراً من أسراره. وكان أبو مدين يفتخر بهذه الصحبة، ولم ينس الكثير من أوراد القادرية، وكان أول من نقلها إلى المغرب واستقر المقام بأبى مدين فى بجاية التى كانت آنذاك قد بلغت أوج إشعاعها الثقافى والحضارى على عهد الحماديين: 408 - 547 هـ ثم الموحدين. وجاء أبو مدين إلى بجاية يسبقه صيته، فالتف الناس حوله، ونهض المريدون إليه، فتعلّم على يديه أكثر من ألف تلميذ، أضافوا الكثير إلى مسيرة التصوف والفقه. وقد أطلق عليه تلاميذه كثيراً من الألقاب مثل: القطب الغوث، شيخ المشايخ، المفتى، الجامع بين الحقيقة والشريعة، صاحب مقام التوكل، مخرج الألف شيخ، علم العلماء، الحافظ، صاحب الكرامات والخوارق. وكان ما يقول أبو مدين فى بجاية يخالف مذاهب فقهاء الموحدين، فأثار قلقهم، لا سيما بعد أن بلغت شهرته الآفاق، وزاد عدد مريديه إلى حد ملأ الأسماع والأبصار. وأحد الكتب التى كان يطلب من تلامذته مطالعته على الدوام المقصد الأسنى فى شرح أسماء الله الحسنى لحجة الإسلام أبى حامد الغزالى، الذى ينطوى على بعض أسرار علم المكاشفة. حظى أبو مدين بمكانة واسعة فى نفوس كبار المتصوفة، إذ قال عنه محيى الدين ابن عربى: شيخنا أبو مدين من الثمانية عشر نفساً الظاهرين بأمر الله عن أمر الله، لا يرون سوى الله فى الأكوان وهم أهل علانية وجهر، مثبتون للأسباب، وخرق العوائد عندهم عادة. وقال عنه أيضاً: شيخنا أبو مدين ، الغالب على قلبه وبصره مشاهدة الحق فى كل شىء. فكل حال عنده أعمال. فتعلن بالصدقة، كما يذكره فى الملأ، فإن من ذكره فى الملأ، فقد ذكره فى نفسه، فإن ذكر النفس متقدم بلا شك، وما كل من ذكره فى نفسه ذكره فى الملأ، فهذه حالة زائدة على الذكر النفسى لها مرتبة تفوق صاحب ذكر النفس. لا يطلع عليه فى الحالين. فهو سر بكل وجه، فصدقة الإعلان تؤذن بالاقتدار الإلهى، فمن يخفيها أو يسرها، هو الظاهر فى المظاهر الإمكانية، فهذه كانت طريقة شيخنا.

كلام السادة الصالحين عنه رضي الله عنهم:
محيى الدين بن العربى: كان سلطان الوارثين أخاه عبد الحق، وكان إذا دخل عليه وجد حالة حسنة سنية، فيقول: وهذا وارث على الحقيقة! ومن علامات صدق المريد فى بدايته انقطاعه عن الخلق، أو فراره؛ ومن علامات صدق فراره عنهم وجوده للحق؛ ومن علامات صدق وجوده للحق رجوعه للخلق.
فأما قول أبى سليمان الدارانى: لو وصلوا ما رجعوا! فليس بمناقض لهذا. فإن أبا مدين على رجوعهم إلى إرشاد الخلق.
الشيخ عبد الوهاب الشعرانى: هو أحد أعيان مشايخ المغرب، وصدور المربين، وشهرته تغنى عن تعريفه.
صاحب الكواكب الدرية فى تراجم السادة الصوفية فيصفه بأنه الأستاذ الأعظم، العارف الأفخم، عظيم الأكابر، رأس الصوفية فى وقته، ورئيسهم المشهور، علم نعته زاهر، زاهد مراقب مشاهد، يقضد ويزار، من جميع الأقطار، وببنان العرفان إليه يشار.
صاحب شذرات الذهب: كان من أهل العمل والاجتهاد منقطع القرين فى العبادة والنسك، بعيد الصيت.
صاحب طبقات المالكية: فقال فى حقه كلمات مؤثرة، إذ وصفه بأنه شيخ المشايخ، وسيد العارفين، وقدوة السالكين. شيخ الطريقة، جمع الله له علم الشريعة والحقيقة. كان من الفضلاء وأعلام العلماء، ومن حفاظ الحديث، خصوصاً الترمذى، وكان يقوم عليه. وكانت ترد إليه الفتاوى فى مذهب مالك، فيجيب عنها فى الوقت. مناقبه شهيرة، وكراماته كثيرة.
الشيخ أبو الصبر: أبو مدين زاهد فاضل عارف بالله تعالى، خاض بحار الأحوال، ونال أسرار المعارف، خصوصاً مقام التوكل. لا يشق غباره، ولا تجهل آثاره.
وأخيراً يشير الدكتور عبد الحليم محمود إلى أن الآلاف خرجوا من ظلمة المعاصى إلى نور الهداية من خلال أبى مدين‏، ولما انتهت به الحياة‏، كان أثره ضخماً ورصيده فى الخير كبيراً‏‏.

درر وجواهر كلامه الطيب:
الله الحق‏ ‏وكلماته كلها مدارها الحق نسيان العبد للحق طرفة عين خيانة‏
لا تقنط الناس وذكرهم بأنعم الله تعالى من خدم الصالحين ارتفع بخدمته
شاهد مشاهدته لك، ولا تشاهد مشاهدتك له، القريب مسرور بقربه، والمحب معذب بحبه الحضور مع الحق جنة‏،‏ والغيبة عنه نار‏، والقرب منه لذة‏، والبعد عنه حسرة‏، والأنس به حياة‏،‏ والاستيحاش منه موت.
لا يصلح سماع هذا العلم إلا لمن حصلت له أربعة، الزهد، والعلم والتوكل واليقين.
أبناء الدنيا يخدمهم العبيد والإماء، وأبناء الآخرة الأحرار والكرماء.
ليس للقلب إلا وجهة واحدة، متى توجه إليها حجب عن غيرها.
والتقوى عنده أن ترى الله فى أعمالك كافة، والتوكل الاعتماد على الله‏،‏ فلا يغلب على ذكرك إلا الله‏، والتصوف التسليم لله‏،‏ وحقيقته ألا تذكر ولا تشاهد سواه‏‏: ‏الله ربى لا أريد سواه‏،‏ هل فى الوجود الحى إلا الله. حدد أبو مدين الغوث معالم طريق القرب من الله بقوله‏: ‏من اشتغل بطلب الدنيا ابتلى فيها بالذل.‏ وحذّر من الميل إلى غير الله بقوله‏:‏ إياك أن تميل إلى غير الله فيسلبك لذة مناجاته‏. ‏والطريق عند أبى مدين يبدأ بالتوبة‏،‏ ثم الإرادة‏‏: طلب الإرادة قبل تصحيح التوبة غفلة‏.‏ ومع التوبة تكون الطاعات‏،‏ فمن يهمل الفرائض ضيع نفسه‏. وكان أبو مدين فقيهاً مفتياً، يقصده الناس أو يراسلونه من أطراف الأرض للاستفتاء فيفتيهم، وكانت له مواقف ومخاطبات صوفية على شاكلة مواقف البسطامى والنِّفَّرى ومخاطباتهما الصوفية، وكانت له منامات رمزية، وذكر صاحب الكواكب الدرية أن الشيخ قد ترك تصانيف منها كتاب أس التوحيد، لكن معظم تراثه لايزال فى حكم الضياع، وينتظر من ينقب عنه، ويعثر عليه.
وكان قوّالاً للحكمة ناظماً للشعر، من أشهرها القصيدة اللامية فى الاستغاثة والأدعية، وهى تتكون من 25 بيتاً، أبرزها:
لأَِلْطَافِكَ الحُسْنَى مَدَدْتُ يَدَ الرَجَا وَحَالِى كَمَا تَدْرِى، وَأَنْتَ المُؤَمَّلُ
قَصَدتُكَ مَلهُوفًا فُؤَادِى لِمَا طَرَا وَ أَنْتَ رَؤُوفُ مُحسِنُ مُتَفَضـِّلُ
وَأَزْكَى سَــلاَمٍ لاَ يَزَالُ عَبِيرُهُ يَفُوقُ عَلَى المِسْكِ الذَّكِى وَ يَفْضُلُ
وَآلٌ وَأَصْحَابُ، بـُدُورُ وَسَادَةُ تَحَلُّوا فَكُـلُّ فِى حُـلاَّهُ مُكَمَّـلُ
قصيدة النونية الخمرية التى يُقال إن عمر بن الفارض تأثر بها، حين نظم ميميته الشهيرة:
أَدِرْهَا لَنَا صِرْفًا وَ دَعْ مَزْجَهَا عَنَّا فَنَحْنُ أُنَاسٌ لاَ نَعْرِفُ الْمَزْجَ مُذْ كُنَّا
وَغَنِّ لَنَا فَالْوَقْتُ قَدْ طَابَ بِاسْمِهَا لأِنَا إِلَيْهَا قَدْ رُحْنَا بِهَا عَنَّا
وَحَتَى غُصُونُ الْبَانِ مَالَتْ تَرَنُّمًا وَغَنَّتْ عَلَيْهِ كُلُّ صَادِحَةٍ شَجْنَا
أَهَلْ عَائِدٌ لِى وَقْتٌ كَى أَرَى بِهَا خَيَالَ سِوَى زَائِرِ مَضْجَعِى وهَْنَا

وفاته والانتقال إلى الآخرة:
توفى سنة 593 هـ بتلمسان ذكره ابن الآبار، وأثنى عليه، قال: مات فى نحو التسعين وخمسمائة بتلمسان، وكان من أخره كلامه: الله الحى، ثم فاضت نفسه. ولما اشتهر أمره ببجاية وشى به بعض علماء الظاهر عند الخليفة الثالث للدولة الموحدية يعقوب المنصور، الذى امتدت ولايته من 580 إلى 595 هـ، قالوا له فى وشايتهم: إنه خطر على دولتكم، فإن له شبهاً بالإمام المهدى، وأتباعه كثر فى كل بلد، فوقع فى قلبه، وأهمه شأنه، فبعث إليه يطلب منه القدوم عليه ليختبره، وكتب لصاحبه أن يحمله خير محمل. فلما أخذ أبو مدين يستعد للسفر إلى مراكش، عاصمة الدولة الموحّدية، للمثول بين يدى المنصور شق ذلك على أصحابه، فطمأنهم الشيخ وكان مما قاله لهم: شعيب شيخ كبير ضعيف لا قوة له للمشى، ومنيته قدّرت بغير هذا المكان، ولابد من الوصول إلى موضع المنية، فقيض الله لى من يحملنى إلى مكان الدفن برفق، ويسوقنى إلى مرام المقادير أحسن سوق، والقوم لا أراهم ولا يرونى يقصد السّلطان، فرق حالهم لذلك، وطابت نفوسهم، لاعتقادهم أن ذلك من كراماته فلما وصل الموكب به إلى ولاية تلمسان، مرض الشيخ مرضاً شديداً، حتى وافته المنية فى وادى يسر سنة 594 هـ، وحمل الجثمان إلى قرية العباد، مدفن الأولياء، وكانت جنازته يوماً مشهوداً، خرج فيها أهل تلمسان عن بكرة أبيهم، تقديراً منهم للولّى الكبير، ومنذ ذلك الحين، صارت تلمسان مدينة أبى مدين، يعرف بها وتعرف به. وقيل: إن أبا مدين ردد قبيل وفاته: لا بأس من النوم فى هذا المكان. ثم كانت الإغماضة الأخيرة. وقال أبو على الصواف: لما احتضر الشيخ أبو مدين استحييت أن أقول له: أوصنى، فأتيته بغير، وقلت له: هذا فلان فأوصه. فقال: سبحان الله، وهل كان عمرى كله معكم إلا وصية؟ وأى وصية أبلغ من مشاهدة الحال؟ وقال الصواف: سمعته عند النزع الأخير قال: الله الله الله، الله الحق، الله الحى، حتى رق صوته، وصمت إلى الأبد.
سمير جمال


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=773

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد أكتوبر 2013 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد أكتوبر 2013   المجلة عدد أكتوبر 2013 Icon_minitimeالسبت أكتوبر 19, 2013 11:02 am

هل تعلم

كان .. ما .. كان

ذو القرنين 2

تعالوا معا نستكمل الجزء الثانى من قصة ذى القرنين الذى فتح الأرض من أقصاها إلى أقصاها:
فأخرج ابن أبى حاتم عن علباء بن أحمر أن ذا القرنين قدم مكة فوجد إبراهيم وإسماعيل يبنيان البيت فقال ما لكما ولأرضى فقالا نحن عبدان مأموران أمرنا ببناء هذه الكعبة قال فهاتا بالبينة على ما تدعيان فقام خمسة أكبش فقلن نحن نشهد أن إبراهيم وإسماعيل عبدان مأموران أمرا ببناء هذه الكعبة فقال قد رضيت وسلمت وقال لهما صدقتما. قال الفاكهى وأظن أن الأكبش المذكورة أى التى شهدت أحجارا ويحتمل أن تكون غنما.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما لما كان إبراهيم عليه السلام بمكة وأقبل ذو القرنين عليهما فلما كان بالأبطح قيل له فى هذه البلدة إبراهيم خليل الرحمن فقال ذو القرنين فما ينبغى لى أن أركب فى بلدة فيها إبراهيم خليل الرحمن فنزل ذو القرنين ومشى إلى إبراهيم عليه السلام فسلم عليه إبراهيم واعتنقه فكان هو أول من عانق عند السلام.
وأخرج البيهقى عن عقبة بن عامر الجهنى قال جاء رجال من أهل الكتاب معهم مصاحف فاستأذنوا على النبى صلى الله عليه وسلم فدخلت فأخبرته فقال (ما لى ولهم يسألونى عما لا أدرى إنما أنا عبد لا أعلم إلا ما علمنى ربى) ثم توضأ وخرج إلى المسجد فصلى ركعتين ثم انصرف فقال لى وأنا أرى السرور فى وجهه (أدخل القوم على) فدخلوا فقال (إن شئتم أخبرتكم عما جئتم تسألوننى عنه من قبل أن تكلموا) قالوا: بلى، فأخبرنا. قال (جئتم تسألونى عن ذى القرنين أن أول أمره أنه كان غلاما من الروم أعطى ملكا فسار حتى أتى ساحل أرض مصر فأبتنى مدينة يقال لها إسكندرية فلما فرغ من بنائها بعث الله له ملكا فعرج به فاستعلى بين السماء والأرض ثم قال له أنظر ما تحتك قال أرى مدينتين فاستعلى به ثانية فقال له أنظر ما تحتك لست أرى شيئا فقال له المدينتين هو البحر المستدير وقد جعل الله مسلكا تسلك به تعلم الجاهل وتثبت العالم قال ثم جوزه فابتنى السد بين جبلين زلقين لا يستقر عليهما شيء فلما فرغ منه سار فى الأرض فأتى على قوم وجوههم كوجوه الكلاب فلما قطعهم أتى على قوم فسار فلما قطعهم أتى على قوم من الحيات تلتقم الحية منهم الصخرة العظيمة ثم أتى على الغرانيق) فقالوا: هكذا نجد فى كتابنا.
وورد فى الروض الآنف مِنْ خَبَرِ ذِى الْقَرْنَيْنِ أَنّهُ أُوتِى مَا لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ غَيْرُهُ فَمُدّتْ لَهُ الأَسْبَابُ حَتّى انْتَهَى مِنْ الْبِلادِ إلَى مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، لا يَطَأُ أَرْضًا إلا سُلّطَ عَلَى أَهْلِهَا، حَتّى انْتَهَى مِنْ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إلَى مَا لَيْسَ وَرَاءَهُ شَيْءٌ مِنْ الْخَلْقِ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدّثَنِى مَنْ يَسُوقُ الأَحَادِيثَ عَنْ الأَعَاجِمِ، فِيمَا تَوَارَثُوا مِنْ عِلْمِهِ أَنّ ذَا الْقَرْنَيْنِ كَانَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، اسْمُهُ مَرْزُبَانُ بْنُ مَرْذَبَةَ الْيُونَانِى، مِنْ وَلَدِ يُونَانِ بْنِ يافث بْنِ نُوحٍ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ حَدّثَنِى ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ الْكُلاعِى وَكَانَ رَجُلا قَدْ أَدْرَكَ: أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ ذِى الْقَرْنَيْنِ فَقَالَ (مَلِكٌ مَسَحَ الأَرْضَ مِنْ تَحْتِهَا بِالأَسْبَابِ). وعن النبى صلى الله عليه وسلم (سمى ذا القرنين لأنه طاف قرنى الدنيا يعنى شرقها وغربها).
وَكان يشار إليه بالرّجُلِ الطّوّافِ وهناك َالْحَدِيثَ الّذِى جَاءَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنّهُ كَانَ مَلِكًا مَسَحَ الأَرْضَ بِالأَسْبَابِ وَلَمْ يَشْرَحْ مَعْنَى الأَسْبَابِ. وَلأَهْلِ التّفْسِيرِ فِيهِ أَقْوَالٌ مُتَقَارِبَةٌ قَالُوا فِى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سَبَبًا﴾الْكَهْفِ 84، أَى عِلْمًا يَتْبَعُهُ وَفِى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَأَتْبَعَ سَبَبًا﴾ الْكَهْفِ 85، أَى طَرِيقًا مُوَصّلَةً وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِى غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ السّبَبُ حَبْلٌ مِنْ نُورٍ كَانَ مَلَكٌ يَمْشِى بِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدْ قِيلَ فِى اسْمِ ذَلِكَ الْمَلِكِ زياقيل، وَهَذَا يَقْرُبُ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ سَبَبًا أَى طَرِيقًا، وَيَقْرُبُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ النّبِى (مَسَحَ الأَرْضَ بِالأَسْبَابِ)، وَاخْتُلِفَ فِى تَسْمِيَتِهِ بِذِى الْقَرْنَيْنِ كَمَا اُخْتُلِفَ فِى اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ فَأَصَحّ مَا جَاءَ فِى ذَلِكَ مَا رُوِى عَنْ أَبِى الطّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ قَالَ سَأَلَ ابْنُ الْكَوّاءِ عَلِى بْنَ أَبِى طَالِبٍ، فَقَالَ: أَرَأَيْت ذَا الْقَرْنَيْنِ أَنَبِيّا كَانَ أَمْ مَلِكًا؟ لا نَبِيّا كَانَ وَلا مَلِكًا، وَلَكِنْ كَانَ عَبْدًا صَالِحًا دَعَا قَوْمَهُ إلَى عِبَادَةِ اللهِ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنَى رَأْسِهِ ضَرْبَتَيْنِ وَفِيكُمْ مِثْلُهُ. وَقِيلَ كَانَتْ لَهُ ضَفِيرَتَانِ مِنْ شَعَرٍ وَالْعَرَبُ تُسَمّى الْخُصْلَةَ مِنْ الشّعَرِ قَرْنًا، وَقِيلَ إنّهُ رَأَى فِى الْمَنَامِ رُؤْيَا طَوِيلَةً أَنّهُ أَخَذَ بِقَرْنَى الشّمْسِ فَكَانَ التّأْوِيلُ أَنّهُ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ، وَذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ عن عَلِى بْنُ أَبِى طَالِبٍ الْقَيْرَوَانِى الْعَابِدُ فِى كِتَابِ الْبُسْتَانِ لَهُ، قَالَ: وَبِهَذَا سُمّى ذَا الْقَرْنَيْنِ وَأَمّا اسْمُهُ فَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِى هَذَا الْكِتَابِ اسْمُهُ مَرْزَبَى بْنُ مَرْذَبَةَ بِذَالٍ مَفْتُوحَةٍ فِى اسْمِ أَبِيهِ وَزَاى فِى اسْمِهِ وَقِيلَ فِيهِ هَرْمَسَ وَقِيلَ هرديس. وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِى ْكِتَابِ آخر: اسْمُهُ الصّعْبُ بْنُ ذِى مَرَاثِدَ وَهُوَ أَوّلُ التّبَابِعَةِ، وَهُوَ الّذِى حَكَمَ لإِبْرَاهِيمَ عليه السلام فِى بِئْرِ السّبْعِ حِينَ حَاكَمَ إلَيْهِ فِيهَا، وَقِيلَ إنّهُ أفريدون بْنُ أَثَفَيَانِ الّذِى قَتَلَ الضّحّاكَ، وَيُرْوَى فِى خطبة قَيْسِ بْنِ سَاعِدَةَ الّتِى خَطَبَهَا بِسُوقِ عُكَاظٍ، أَنّهُ قَالَ فِيهَا: يَا مَعْشَرَ إبَادٍ أَيْنَ الصّعْبُ ذُو الْقَرْنَيْنِ مَلِكُ الْخَافِقَيْنِ وَأَذَلّ الثّقَلَيْنِ وَعَمّرَ أَلْفَيْنِ ثُمّ كَانَ ذَلِكَ كَلَحْظَةِ عَيْنٍ وَأَنْشَدَ ابْنُ هِشَامٍ لِلأَعْشَى: وَالصّعْبُ ذُو الْقَرْنَيْنِ أَصْبَحَ ثَاوِيًا بِالْحِنْوِ فِى جَدَثٍ أُمَيْمٍ مُقِيمِ
وَقَوْلُهُ بِالْحِنْوِ يُرِيدُ حِنْوَ قَرَاقِرَ الّذِى مَاتَ فِيهِ ذُو الْقَرْنَيْنِ بِالْعِرَاقِ.
وَأما قَوْلُ ابْنِ هِشَامٍ فِى السّيرَةِ إنّهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، وإنّهُ الإِسْكَنْدَرُ الّذِى بَنَى الإسكندرية فَعُرِفَتْ بِهِ، هو قَوْلٌ بَعِيدٌ مِمّا تَقَدّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الإِسْكَنْدَرُ سُمّى ذَا الْقَرْنَيْنِ أَيْضًا تَشْبِيهًا لَهُ بِالأَوّلِ. وَالأَوّلُ كَانَ عَلَى عَهْدِ إبْرَاهِيمَ عليه السلام وَهُوَ صَاحِبُ الْخَضِرِ حِينَ طَلَبَ عَيْنَ الْحَيَاةِ فَوَجَدَهَا الْخَضِرُ وَلَمْ يَجِدْهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ بل حَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا الظّلُمَاتُ الّتِى وَقَعَ فِيهَا هُوَ وَأَجْنَادُهُ فِى خَبَرٍ طَوِيلٍ مَذْكُورٍ فِى بَعْضِ التّفَاسِيرِ مَشْهُورٍ عِنْدَ الأَخْبَارِيّينَ.
ووصف ذى القرنين بالأكبر احترازا من ذى القرنين الأصغر وهو الإسكندر اليونانى فإنه كان قريبا من زمن عيسى عليه السلام وبين عيسى وإبراهيم عليهما السلام أكثر من ألفى سنة وكان كافرا والله أعلم.
وفى الحديث لما أراد ذو القرنين أن يسلك فى الظلمة إلى عين الحياة سأل أى الدواب فى الليل أبصر فقالوا الخيل فقال أى الخيل أبصر فقالوا الإناث قال فأى الإناث أبصر قالوا البكارة فجمع من عسكره ستة آلاف فرس كذلك.
وعن يونس عن عمرو بن ثابت عن سماك بن حرب عن رجل من بنى أسد قال: سأل رجل علياً: أرأيت ذا القرنين كيف استطاع أن يبلغ المشرق والمغرب؟ فقال: سخر له السحاب ومد له فى الأسباب وبسط له النور فكان الليل والنهار عليه سواء.
وقد ذكر ابن كثير قصة هشام بن العاص الاموى، حين بعثه الصديق فى سرية إلى هرقل يدعوه إلى الله عز وجل. فذكر أن هرقل أخرج لهم صور الانبياء فى رقعة من آدم إلى محمد صلوات الله عليه وسلامه عليهم أجمعين، على النعت والشكل الذى كانوا عليه. ثم ذكر أنه لما أخرج صورة رسول الله صلى الله عليه وسلم قام قائما إكراما له. ثم جلس وجعل ينظر إليها ويتأملها. قال: فقلنا له من أين لك هذه الصورة ؟ فقال: إن آدم سأل ربه أن يريه جميع الانبياء من ذريته، فأنزل عليه صورهم، فكان فى خزانة آدم عليه السلام عند مغرب الشمس فاستخرجها ذو القرنين، فدفعها إلى دانيال.
أحمد نور الدين عباس


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=774

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد أكتوبر 2013 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد أكتوبر 2013   المجلة عدد أكتوبر 2013 Icon_minitimeالسبت أكتوبر 19, 2013 11:23 am

الصحابة

عبد الله بن جحش الأسدى

نسبه وكنيته رضي الله عنه:
عبد الله بن جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن علم بن دودان بن أسد بن خزيمة، أبو محمد الأسدى، أمه أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حليف لبنى عبد شمس، وقيل: حليف حرب بن أمية، وإذا كان حلفاً لحرب فهو حليف لعبد شمس، لأنه منهم. وأمه عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى.
وكان عبد الله يقال له: المجدع فى الله لأنه مثل به يوم أحد وقطع أنفه. وعبد الله بن جحش هو المقسم على ربه المشتهر بحبه أول من عقدت له الراية فى الإسلام.

من مناقبه رضي الله عنه:
عن يزيد بن رومان قال: أسلم عبد الله وعبيد الله وأبو أحمد بنو جحش قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم. ذكره الواقدى أيضا.
وأمّره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية، وهو أول أمير أمّره وغنيمته أول غنيمة غنمها المسلمون، وخمّس الغنيمة وقسم الباقى، فكان أول خمس فى الإسلام. ثم شهد بدراً، وقتل يوم أحد. وعن عاصم عن الشعبى قال: أول لواء عقد فى الإسلام لواء عبد الله بن جحش وأول مغنم قسم فى الإسلام مغنم عبد الله بن جحش.
وكان من مهاجرى الحبشة وممن شهد بدراً وصاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخته زينب بنت جحش.
وروى عاصم الأحول عن الشعبى أنه قال: أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعبد الله بن جحش حليف لبنى أمية، وقال ابن إسحاق: بل لواء عبيدة بن الحارث، وقال المدائنى: بل لواء حمزة وعبد الله بن جحش هذا هو أول من سن الخمس من الغنيمة للنبى صلى الله عليه وسلم من قبل أن يفرض الله الخمس فأنزل الله تعالى بعد ذلك آية الخمس، وإنما كان قبل ذلك المرباع، قال الواقدى عن أشياخه: كان فى الجاهلية المرباع فلما رجع عبد الله بن جحش من سريته خمس ما غنم وقسم سائر الغنيمة فكان أول من خمس فى الإسلام ثم أنزل الله تعالى ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ﴾ الأنفال 41، الآية.
عن عبد الله بن مسعود قال: استشار رسول الله فى أسارى بدر: عبد الله بن جحش وأبا بكر وعمر.
روى عن عبد الله بن جحش سعد بن أبى وقاص، وروى عنه سعيد بن المسيب ولم يسمع منه.
قال ابن إسحاق: وبعث فى مغزاه من بدر الأولى فى رجب عبد الله بن جحش بن رئاب فى ثمانية من المهاجرين إلى نخلة -وهى واد من الحجار بينه وبين مكة مسيرة ليلتين مراصد الاطلاع- فمرت به عير لقريش فيها عمرو بن الحضرمى، وأسر عثمان بن عبد الله بن المغيرة، والحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة، وذلك فى آخر رجب، فأقام الحكم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قُتل ببئر معونة، وفدى عثمان بن المغيرة، وقال عبد الله بن جحش: إن لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما غنمتم الخمس، وذلك قبل أن يفرض الله الخمس، فعزل لرسول الله خمس العير وقسم سائرها بين أصحابه.
قال ابن إسحاق: والحديث فى هذا عن الزهرى ويزيد بن رومان عن عروة ابن الزبير، تسمية من استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: من بنى هاشم بن عبد مناف بن قصى: حمزة بن عبد المطلب قتله وحشى غلام جبير بن مطعم، ومن بنى أمية بن عبد شمس: عبد الله بن جحش بن رئاب، حليف لهم من بنى أسد بن خزيمة، ومن بنى عبد الدار: مصعب بن عمير بن هاشم، قتله ابن قمئة الليثى، ومن بنى مخزوم: شماس بن عثمان بن الشريد، ومن الأنصار ثم من بنى عبد الأشهل: عمرو بن معاذ بن النعمان.

مكانته فى الإسلام رضي الله عنه:

عن الحسن بن زيد بن الحسن بن على أنه قال: قاتل الله ابن هشام؟ ما أجرأه على الله، دخلت إليه يوماً مع أبى هذه الدار -يعنى دار مروان- وقد أمره هشام بن عبد الملك بن مروان أن يفرض للناس، فدخل ابن لعبد الله بن المجدّع أنفه فى الله، فانتسب له وسأله الفريضة، فلم يجبه بشىءٍ، ولو كان أحد يرفع إلى السماء لكان ينبغى أن يرفع لمكان أبيه، ثم دخل عليه ابن أبى بجراة وهم أهل بيت من كندة وقفوا بمكة، فقال ابن أبى بجراة: صاحبت عمك عمارة بن الوليد بن المغيرة فى سفره، فقال له: لينفعنك ذلك اليوم ففرض له ولأهل بيته.

هجرته رضي الله عنه:
وهاجر الهجرتين إلى أرض الحبشة هو وأخواه أبو أحمد، وعبيد الله، وأختهم زينب بنت جحش، زوج النبى صلى الله عليه وسلم وأم حبيبة وحمنة بنات جحش، فأما عبيد الله فإنه تنصر بالحبشة ومات بها نصرانياً، وبانت منه زوجه أم حبيبة بنت أبى سفيان، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى بأرض الحبشة، وهاجر عبد الله إلى المدينة بأهله وأخيه أبى أحمد، فنزل على عاصم بن ثابت بن أبى القلح.
عن محمد بن عمر قال: حدثنى عمر بن عثمان الجحشى عن أبيه قال: كان بنو غنم بن دودان أهل إسلام قد أوعبوا فى الهجرة إلى المدينة رجالهم ونساؤهم فخرجوا جميعاً وتركوا دورهم مغلقة، فخرج عبد الله بن جحش وأخوه أبو أحمد بن جحش، واسمه عبد، وعكاشة بن محصن وأبو سنان بن محصن وسنان بن أبى سنان وشجاع بن وهب وأخوه عقبة بن وهب وأربد بن حميرة ومعبد بن نباتة وسعيد بن رقيش ويزيد بن رقيش ومحرز بن نضلة وقيس بن جابر وعمرو بن محصن بن مالك ومالك بن عمرو وصفوان بن عمرو وثقاف بن عمرو وربيعة بن أكثم وزبير بن عبيد، فنزلوا جميعاً على مبشر بن عبد المنذر.
عن محمد بن عمر قال: حدثنى عبد الله بن عثمان بن أبى سليمان بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: كان ممن خرج فى الهجرة إلى المدينة فأوعبوا، رجالهم ونساؤهم، وغلقوا دورهم فلم يبق منهم أحد إلا خرج مهاجراً، دار بنى غنم بن دودان -يعنى عشيرة عبد الله بن جحش- ودار أبى البكير ودار بنى مظعون.
عن محمد بن عمر عن موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الله بن جحش وعاصم بن ثابت بن أبى الأفلح.

أثر الرسول فى تربيته رضي الله عنه:

عن نافع بن جبير قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش فى رجب على رأس سبعة عشر شهراً سرية إلى نخلة وخرج معه نفر من المهاجرين ليس فيهم أنصارى، وأمره عليهم وكتب له كتاباً وقال (إذا سرت يومين فانشره فانظر فيه ثم امض لأمرى الذى أمرتك به).
عن نجيح أبو معشر المدنى قال: فى هذه السرية تَسَمَّى عبد الله بن جحش أمير المؤمنين.
عن سعد بن أبى وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبهم وقال (لأبعثن عليكم رجلاً ليس بخيركم ولكنه أصبركم للجوع والعطش)، فبعث عبد الله بن جحش.

استشهاده رضي الله عنه:

عن سعيد بن المسيب أن رجلاً سمع عبد الله بن جحش يقول قبل يوم أحد بيوم: اللهم إذا لاقوا هؤلاء غداً أقسم عليك لما يقتلونى ويبقروا بطنى ويجدعونى، فإذا قلت لى: لم فعل بك هذا؟ فأقول اللهم فيك. فلما التقوا فعلوا ذلك به، وقال الرجل الذى سمعه: أما هذا فقد استجيب له وأعطاه الله ما سأل فى جسده فى الدنيا، وأنا أرجو أن يعطى ما سأل فى الآخرة.
عن المطلب بن عبد الله بن حنطب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خرج إلى أحد نزل عند الشيخين فأصبح هناك فجاءته أم سلمة بكتف مشوية فأكلها، ثم جاءته بنبيذ فشرب -وهو البلح المنبوذ قى اللبن- ثم أخذه رجل من القوم فشرب منه، ثم أخذه عبد الله بن جحش فعب فيه، فقال له رجل: بعض شرابك، أتدرى أين تغدو؟ قال: نعم، ألقى الله وأنا ريان أحب إلى من أن ألقاه وأنا ظمآن، اللهم إنى أسألك أن أستشهد وأن يمثل بى فتقول: فيم صنع بك هذا؟ فأقول: فيك وفى رسولك، قال عمر: فقُتل عبد الله بن جحش يوم أحد شهيداً، قتله أبو الحكم بن الأخنس بن شريف الثقفى، ودفن عبد الله بن جحش وحمزة بن عبد المطلب، وهو خاله، فى قبر واحد وكان عبد الله يوم قُتل ابن بضع وأربعين سنة، وكان رجلاً ليس بالطويل ولا بالقصير، كثير الشعر، وولى تركته رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشترى لابنه مالاً بخيبر.
روى إسحاق بن سعد بن أبى وقاص، عن أبيه: أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد: ألا تأتى ندعو الله؟ فخليا فى ناحية فدعا سعد فقال: اللهم إذا لقيت العدو غداً فلقّنى رجلاً شديداً بأسه، شديداً حرده فأقتله فيك وآخذ سلبه، فأمن عبد الله بن جحش، ثم قال عبد الله: اللهم ارزقنى غداً رجلاً شديداً بأسه، شديداً حرده، أقاتله فيك ويقاتلنى، ثم يقتلنى ويأخذنى فيجدع أنفى وأذنى، فإذا لقيتك قلت: ياعبد الله، فيم جُدع أنفك وأذناك؟ فأقول: فيك وفى رسولك، فيقول: صدقت. قال سعد: كانت دعوى عبد الله خيراً من دعوتى، فلقد رأيته آخر النهار وإن أنفه وأذنيه معلقان فى خيط.
عن سعيد بن المسيب قال: قال عبد الله بن جحش يوم أحد: اللهم أقسم عليك أن نلقى العدو، وإذا لقينا العدو أن يقتلونى، ثم يبقروا بطنى، ثم يمثلوا بى، فإذا لقيتك سألتنى: فيم هذا؟ فأقول: فيك. فلقى العدو ففعل وفُعل به ذلك، قال ابن المسيب: فإنى أرجو أن يبر الله آخر قسمه كما برّ أوله.
وروى الزبير بن بكار فى "الموفقيات": أن عبد الله بن جحش انقطع سيفه يوم أحد، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرجون نخلة، فصار فى يده سيفاً، فكان يسمى العرجون، ولم يزل يتناول حتى بيع من بغا التركى بمائتى دينار، وكان الذى قتله يوم أحد أبو الحكم بن الأخنس بن شريق الثقفى، وكان عمره حين قتل نيفاً وأربعين سنة ودفن هو وخاله حمزة بن عبد المطلب فى قبر واحد، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما، وولى رسول الله صلى الله عليه وسلم تركته، فاشترى لابنه مالاً بخيبر.
فكان رضي الله عنه مجاب الدعوة، دعا ربه أن يُقتل، وأن يُمثل به، ففعل الكفار به ذلك، ودُفن مع حمزة بأحد رضي الله عنهما.
مدحت عمر


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=775

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد أكتوبر 2013 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد أكتوبر 2013   المجلة عدد أكتوبر 2013 Icon_minitimeالسبت أكتوبر 19, 2013 6:31 pm

أهل الله

الْكَلامِ وَالصَّمْتِ 1

اعْلَمْ أَنَّ الْكَلامَ تَرْجُمَانٌ يُعَبِّرُ عَنْ مُسْتَوْدَعَاتِ الضَّمَائِرِ، وَيُخْبِرُ بِمَكْنُونَاتِ السَّرَائِرِ، لا يُمْكِنُ اسْتِرْجَاعُ بَوَادِرِهِ، وَلا يُقْدَرُ عَلَى رَدِّ شَوَارِدِهِ، فَحَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ زَلَلِهِ بِالإِمْسَاكِ عَنْهُ أَوْ بِالإِقْلالِ مِنْهُ.
رُوِى عَنْ النَّبِى صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ (رَحِمَ اللهُ مَنْ قَالَ خَيْرًا فَغَنِمَ، أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ)، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذٍ (يَامُعَاذُ أَنْتَ سَالِمٌ مَا سَكَتَّ، فَإِذَا تَكَلَّمْتَ فَعَلَيْك أَوْ لَك).
وَقَالَ عَلِى بْنُ أَبِى طَالِبٍ كرم الله وجهه: اللِّسَانُ مِعْيَارٌ أَطَاشَهُ الْجَهْلُ وَأَرْجَحَهُ الْعَقْلُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إلْزَمْ الصَّمْتَ تُعَدُّ حَكِيمًا، جَاهِلا كُنْتَ أَوْ عَالِمًا.
وَقَالَ بَعْضُ الأُدَبَاءِ: سَعِدَ مَنْ لِسَانُهُ صَمُوتٌ، وَكَلامُهُ قُوتٌ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مِنْ أَعْوَذِ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ الْعَاقِلُ أَنْ لا يَتَكَلَّمَ إلا لِحَاجَتِهِ أَوْ مَحَجَّتِهِ، وَلا يُفَكِّرُ إلا فِى عَاقِبَتِهِ أَوْ فِى آخِرَتِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: إلْزَمْ الصَّمْتَ فَإِنَّهُ يُكْسِبُك صَفْوَ الْمَحَبَّةِ، وَيُؤْمِنُك سُوءَ الْمَغَبَّةِ، وَيُلْبِسُك ثَوْبَ الْوَقَارِ، وَيَكْفِيكَ مَئُونَةَ الاعْتِذَارِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْفُصَحَاءِ: اعْقِلْ لِسَانَك إلا عَنْ حَقٍّ تُوَضِّحُهُ، أَوْ بَاطِلٍ تَدْحَضُهُ، أَوْ حِكْمَةٍ تَنْشُرُهَا، أَوْ نِعْمَةٍ تَذْكُرُهَا.
وَقَالَ الشَّاعِرُ فى حسن الكلام:
رَأَيْتُ الْعِزَّ فِى أَدَبٍ وَعَقْلٍ وَفِى الْجَهْلِ الْمَذَلَّةُ وَالْهَوَانُ
وَمَا حُسْنُ الرِّجَالِ لَهُمْ بِحُسْنٍ إذَا لَمْ يُسْعِدْ الْحُسْنَ الْبَيَانُ
كَفَى بِالْمَرْءِ عَيْبًا أَنْ تَرَاهُ لَهُ وَجْهٌ وَلَيْسَ لَهُ لِسَانُ
وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْكَلامِ شُرُوطًا لا يَسْلَمُ الْمُتَكَلِّمُ مِنْ الزَّلَلِ إلا بِهَا، وَلا يَعْرَى مِنْ النَّقْصِ إلا بَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا وَهِى أَرْبَعَةٌ: فَالشَّرْطُ الأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْكَلامُ لِدَاعٍ يَدْعُو إلَيْهِ إمَّا فِى اجْتِلابِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ. وَالشَّرْطُ الثَّانِى: أَنْ يَأْتِى بِهِ فِى مَوْضِعِهِ، وَيَتَوَخَّى بِهِ إصَابَةَ فُرْصَتِهِ. وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقْتَصِرَ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ. وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَتَخَيَّرَ اللَّفْظَ الَّذِى يَتَكَلَّمُ بِهِ. فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ مَتَى أَخَلَّ الْمُتَكَلِّمُ بِشَرْطٍ مِنْهَا فَقَدْ أَوْهَنَ فَضِيلَةَ بَاقِيهَا.
وَسَنَذْكُرُ تَعْلِيلَ كُلِّ شَرْطٍ مِنْهَا بِمَا يُنَبِّئُ عَنْ لُزُومِهِ.
فَأَمَّا الشَّرْطُ الأَوَّلُ: وَهُوَ الدَّاعِى إلَى الْكَلامِ؛ فَلأَنَّ مَا لا دَاعِى لَهُ هَذَيَانٌ، وَمَا لا سَبَبَ لَهُ هَجْرٌ، وَمَنْ سَامَحَ نَفْسَهُ فِى الْكَلامِ، إذَا عَنَّ وَلَمْ يُرَاعِ صِحَّةَ دَوَاعِيهِ، وَإِصَابَةَ مَعَانِيهِ، كَانَ قَوْلُهُ مَرْذُولا، وَرَأْيُهُ مَعْلُولا، كَاَلَّذِى حُكِى عَنْ ابْنِ عَائِشَةَ أَنَّ شَابًّا كَانَ يُجَالِسُ الأَحْنَفَ وَيُطِيلُ الصَّمْتَ، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ الأَحْنَفَ فَخَلَتْ الْحَلْقَةُ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ الأَحْنَفُ: تَكَلَّمْ يَا ابْنَ أَخِى، فَقَالَ: يَاعَمِّ لَوْ أَنَّ رَجُلا سَقَطَ مِنْ شُرَفِ هَذَا الْمَسْجِدِ هَلْ كَانَ يَضُرُّهُ شَىء؟ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِى لَيْتَنَا تَرَكْنَاك مَسْتُورًا، ثُمَّ تَمَثَّلَ الأَحْنَفُ بِقَوْلِ الأَعْوَرِ الشَّنِّى:
وَكَائِنٌ تَرَى مِنْ صَاحِبٍ لَك مُعْجِبٌ زِيَادَتُهُ أَوْ نَقْصُهُ فِى التَّكَلُّمِ
لِسَانُ الْفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُؤَادُهُ فَلَمْ يَبْقَ إلا صُورَةُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ
وَكَاَلَّذِى حُكِى عَنْ أَبِى يُوسُفَ الْفَقِيهِ أَنَّ رَجُلا كَانَ يَجْلِسُ إلَيْهِ فَيُطِيلُ الصَّمْتَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو يُوسُفَ: أَلا تَسْأَلُ؟ قَالَ: بَلَى، مَتَى يُفْطِرُ الصَّائِمُ؟ قَالَ: إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَغْرُبْ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ؟ قَالَ: فَتَبَسَّمَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ وَتَمَثَّلَ بِبَيْتِى الْخَطَفِى جَدِّ جَرِيرٍ:
عَجِبْتُ لإِزْرَاءِ الْعَيِى بِنَفْسِهِ وَصَمْتِ الَّذِى قَدْ كَانَ بِالْعِلْمِ أَعْلَمَا
وَفِى الصَّمْتِ سِتْرٌ لِلْغَبِى وَإِنَّمَا صَحِيفَةُ لُبِّ الْمَرْءِ أَنْ يَتَكَلَّمَا
وحكى رجل من أهل العلم: كُنْتُ يَوْمًا فِى مَجْلِسِى بِالْبَصْرَةِ وَأَنَا مُقْبِلٌ عَلَى تَدْرِيسِ أَصْحَابِى إذْ دَخَلَ عَلَى رَجُلٌ مُسِنٌّ قَدْ نَاهَزَ الثَّمَانِينَ أَوْ جَاوَزَهَا، فَقَالَ لِى: قَدْ قَصَدْتُك بِمَسْأَلَةٍ اخْتَرْتُك لَهَا، فَقُلْت: اسْأَلْ عَافَاك اللهُ وَظَنَنْتُهُ يَسْأَلُ عَنْ حَادِثٍ نَزَلَ بِهِ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِى عَنْ نَجْمِ إبْلِيسَ، وَنَجْمِ آدَمَ، مَا هُوَ؟ فَإِنَّ هَذَيْنِ لِعِظَمِ شَأْنِهِمَا لا يُسْأَلُ عَنْهُمَا إلا عُلَمَاءُ الدِّينِ، فَعَجِبْتُ وَعَجِبَ مَنْ فِى مَجْلِسِى مِنْ سُؤَالِهِ وَبَدَرَ إلَيْهِ قَوْمٌ مِنْهُمْ بِالإِنْكَارِ وَالاسْتِخْفَافِ فَكَفَفْتُهُمْ وَقُلْتُ: هَذَا لا يَقْنَعُ مَعَ مَا ظَهَرَ مِنْ حَالِهِ إلا بِجَوَابٍ مِثْلِهِ، فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: يَاهَذَا إنَّ الْمُنَجِّمِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ نُجُومَ النَّاسِ لا تُعْرَفُ إلا بِمَعْرِفَةِ مَوَالِيدِهِمْ فَإِنْ ظَفَرْتَ بِمَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ فَاسْأَلْهُ، فَحِينَئِذٍ أَقْبَلَ عَلَى وَقَالَ: جَزَاك اللهُ خَيْرًا، ثُمَّ انْصَرَفَ مَسْرُورًا، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ عَادَ وَقَالَ: مَا وَجَدْت إلَى وَقْتِى هَذَا مَنْ يَعْرِفُ مَوْلِدَ هَذَيْنِ.
فَانْظُرْ إلَى هَؤُلاءِ كَيْفَ أَبَانُوا بِالْكَلامِ عَنْ جَهْلِهِمْ، وَأَعْرَبُوا بِالسُّؤَالِ عَنْ نَقْصِهِمْ، إذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ دَاعٍ إلَيْهِ، وَلا رَوِيَّةٌ فِيمَا تَكَلَّمُوا بِهِ، وَلَوْ صَدَرَ عَنْ رَوِيَّةٍ وَدَعَا إلَيْهِ دَاعٍ لَسَلِمُوا مِنْ شَيْنِهِ، وَبَرِئُوا مِنْ عَيْبِهِ.
وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِى صلى الله عليه وسلم (لِسَانُ الْعَاقِلِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ فَإِذَا أَرَادَ الْكَلامَ رَجَعَ إلَى قَلْبِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ تَكَلَّمَ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَمْسَكَ، وَقَلْبُ الْجَاهِلِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ يَتَكَلَّمُ بِكُلِّ مَا عَرَضَ لَهُ).
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنه: مَنْ لَمْ يَعُدَّ كَلامَهُ مِنْ عَمَلِهِ كَثُرَتْ خَطَايَاهُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: عَقْلُ الْمَرْءِ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: احْبِسْ لِسَانَك قَبْلَ أَنْ يُطِيلَ حَبْسَك أَوْ يُتْلِفَ نَفْسَك، فَلا شَىء أَوْلَى بِطُولِ حَبْسٍ مِنْ لِسَانٍ يَقْصُرُ عَنْ الصَّوَابِ، وَيُسْرِعُ إلَى الْجَوَابِ.
وَقَالَ أَبُو تَمَّامٍ الطَّائِى: وَمِمَّا كَانَ الْحُكَمَاءُ يقولون: لِسَانُ الْمَرْءِ مِنْ تَبَعِ الْفُؤَادِ وَكَانَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ يَحْسِمُ الرُّخْصَةَ فِى الْكَلامِ وَيَقُولُ: إذَا جَالَسْت الْجُهَّالَ فَأَنْصِتْ لَهُمْ، وَإِذَا جَالَسْت الْعُلَمَاءَ فَأَنْصِتْ لَهُمْ، فَإِنَّ فِى إنْصَاتِك لِلْجُهَّالِ زِيَادَةً فِى الْحِلْمِ، وَفِى إنْصَاتِك لِلْعُلَمَاءِ زِيَادَةً فِى الْعِلْمِ.
وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِى: فَهُوَ أَنْ يَأْتِى بِالْكَلامِ فِى مَوْضِعِهِ؛ لأَنَّ الْكَلامَ فِى غَيْرِ حِينِهِ لا يَقَعُ مَوْقِعَ الانْتِفَاعِ بِهِ، وَمَا لا يَنْفَعُ مِنْ الْكَلامِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ هَذَيَانٌ وَهَجْرٌ، فَإِنْ قَدَّمَ مَا يَقْتَضِى التَّأْخِيرَ كَانَ عَجَلَةً وَخَرَقًا وَإِنْ أَخَّرَ مَا يَقْتَضِى التَّقْدِيمَ كَانَ تَوَانِيًا وَعَجْزًا؛ لأَنَّ لِكُلِّ مَقَامٍ قَوْلا، وَفِى كُلِّ زَمَانٍ عَمَلا.
وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى مَوَاضِعِهِ وَكَلامُهَا مِنْ بَعْدِهَا نَزْرُ
وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَقْتَصِرَ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ، فَإِنَّ الْكَلامَ إنْ لَمْ يَنْحَصِرْ بِالْحَاجَةِ، وَلَمْ يُقَدَّرْ بِالْكِفَايَةِ، لَمْ يَكُنْ لِحَدِّهِ غَايَةٌ، وَلا لِقَدْرِهِ نِهَايَةٌ، وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْكَلامِ مَحْصُورًا كَانَ حَصْرًا إنْ قَصُرَ، وَهَذْرًا إنْ كَثُرَ.
وَرُوِى أَنَّ أَعْرَابِيًّا تَكَلَّمَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَطَوَّلَ فَقَالَ النَّبِى صلى الله عليه وسلم (كَمْ دُونَ لِسَانِك مِنْ حِجَابٍ؟) قَالَ: شَفَتَاى وَأَسْنَانِى، قَالَ (فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَكْرَهُ الانْبِعَاقَ فِى الْكَلامِ). وفى رواية (أفما كان لك فى ذلك ما يرد كلامك).
فَنَضَّرَ اللهُ وَجْهَ امْرِئٍ أَوْجَزَ فِى كَلامِهِ، فَاقْتَصَرَ عَلَى حَاجَتِهِ.
وَحُكِى أَنَّ بَعْضَ الْحُكَمَاءِ رَأَى رَجُلا يُكْثِرُ الْكَلامَ وَيُقِلُّ السُّكُوتَ فَقَالَ: إنَّ اللهَ تَعَالَى إنَّمَا خَلْقَ لَك أُذُنَيْنِ وَلِسَانًا وَاحِدًا لِيَكُونَ مَا تَسْمَعُهُ ضِعْفَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ كَثُرَ كَلامُهُ كَثُرَتْ آثَامُهُ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أُنْذِرُكُمْ فُضُولَ الْمَنْطِقِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: كَلامُ الْمَرْءِ بَيَانُ فَضْلِهِ، وَتَرْجُمَانُ عَقْلِهِ، فَاقْصُرْهُ عَلَى الْجَمِيلِ وَاقْتَصِرْ مِنْهُ عَلَى الْقَلِيلِ، وَإِيَّاكَ مَا يُسْخِطُ سُلْطَانَك، وَيُوحِشُ إخْوَانَك، فَمَنْ أَسْخَطَ سُلْطَانَهُ تَعَرَّضَ لِلْمَنِيَّةِ، وَمَنْ أَوْحَشَ إخْوَانَهُ تَبَرَّأَ مِنْ الْحُرِّيَّةِ.
عبدالستار الفقي


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=776
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد أكتوبر 2013 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد أكتوبر 2013   المجلة عدد أكتوبر 2013 Icon_minitimeالسبت أكتوبر 19, 2013 7:01 pm

القواطع

تأملات

جلست أتأمل مادار معى حتى وصلت إلى ما أنا فيه، فتعجبت من طريقة ربى سبحانه فى الهداية، كيف إذا أرد ربى هداية أحدا سخر له من الناس من يتلطف معه بالقول، ومن الأحداث ما يجره إلى التعلم، ثم هدى له نفسه حتى تطاوعه، وكيف أن الهداية تأتى بالتدرج حتى لا تضج النفس فيستعين بها الشيطان على صاحبها، ويسخرها لتمنع صاحبها عن الحق وتجره إلى إلى العناد، وكيف أن ما كنت أحزن منه ويضايقنى من حيرتى فى مبدأ بحثى عن الحقيقة هو ما قادنى قودا ودفعنى دفعا إلى ما تعلمته حتى الآن، فلله فى شئونه أمورا نتعجب حين ننظر إليها بعد أن تتم.
تذكرت حينما كنت أحاول القرأة فى كتب الصالحين عن حل لمشكلتى وكيف سألت نفسى أليس لكل داء دواء؟ وبدءت رحلتى فى البحث عن سبب يؤدى إلى الشفاء من أمراض البشرية المستعصية، وبعد جهد وسؤال أطباء الدنيا وفلاسفة العصر، لم أجد مايروى عطشى أو يريح قلبى، وكيف أشار على صديق بأن أذهب إلى علاج الآخرة، أى علماء الآخرة الذين قدموا أُخراهم عن أى شئ واعتنوا بهذا الأمر جيداً، الذين يعرفون الله، لعلى أجد علاجى عندهم، فلم أمانع، وكيف قررت بينى وبين نفسى قبل أن أذهب أو أبحث عن هؤلاء العلماء وأن أقرأ فى كتبهم المتاحة أمامى لأعرف عنهم وعن مرضى وعلاجه، وكيف سارعت إلى كتب أماجد الأعلام، وكيف بدأت أتعثر فى معانى هؤلاء العلماء، على الرغم من بساطته، وكيف وصلت إلى ان مناقشتى مع صديقى على الرغم من أنها كانت تحيرنى فى البداية إلا أنها كانت شديدة الحمة بالنسبة إلى التجول فى كتب الصالحين وكتب الأحكام وكتب العلم، حيث أن هذه الكتب لا ترد عليك فى حيرتك ولا ترشدك بالتدرج إلى ما يصلح لك حالك ويبلغك مرادك.
جلست أقارن بين حالى مع صديقى وحال الجماعات التى تقسم على الطاعة بدون نقاش لمرشدها، الجماعات التى تأخذ الدين بمنطق واحد ولا يسمح لهم بالمناقشة، بل يتم استغلال عدم معرفتهم وكسلهم فى البحث والتعلم، ورغبة نفوسهم الجارفة فى الشعور بالتميز، وبأنهم الهداة المهديين وأن غيرهم ليسوا على شيئ، بل أن غيرهم ليسوا على الدين من أساسه، حتى أن شطحات النفس تدفعهم للشعور بأن غيرهم من المسلمين كافرون! والعياذ بالله. لماذا لم يستغل صديقى حيرتى وبدأ فى تغذيتى بالعلم على أن ما يقوله هو الطريق الوحيد، بل وعلى العكس فإنه كان يدفعنى إلى التفكر والقرأة والمناقشة ويتركتى حتى أستوعب وأراجع نفسى وأرجع إليه بالسؤال والتساؤل، لماذا لم يغسل دماغى كما يفعل هؤلاء، ولماذا لم يستغل ضعف نفسى وسعيها إلى الإيمان بأنى الأفضل والأحسن، بل كان دائما يضعنى فى مقابلة مع نفسى، كلما شطحت وحدثتنى وأثنت على وعلى كبر عقلى واستيعابه العظيم لحل وفهم مشاكل كثيرة قابلتنى فى الماضى، كان دائما ما يوجهنى إلى ما يصلح نفسى ويؤدبها ويضعها فى موضعها ويمنعها من التأثير على، على الرغم من هذا هو الأسهل وكنت سأتبعه بكل الغرور والمطاوعة لنفسى، وعلى الرغم من ان إبليس اللعين لم يكن يتركنى انعم بلحظة صدق مع نفسى أو أذمها، فإننى كثيرا ما كنت أخرج من مناقشتى مع صديقى بالشعور بأنى أقل ما فى المكان قيمة ...
وتوصلت إلى نتيجة خرجت بها من المقارنة بأن الغرض هنا مختلف؛ فلم يكن غرضه أن أتبعه على السمع والطاعة، وإنما كان يسعى لأن يصلح حالى بيدى، وأن أتعرف بنفسى على ما ينفعنى، وأن أتعرف بنفسى على حقائق الدين كما عرفها الأولين وكما عرفها الصالحين، وكما قال سبحانه ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ البلد 10، ثم يترك لنا الله سبحانه اختيار أى السبيلين نتبع، كما قال الرحمن ﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا • قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا • وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ الشمس 8-10، وإذن فالغرض أن أعرف ثم أختار.
ونتيجة أخرى وصلت إليها من المقارنة وهى أن هذه الجماعات تعمل مع أتباعها بالتخويف الشديد فكل شيئ عند مخالفتهم أو مخالفة مبادئهم وحتى مجرد التفكير فى ذلك يؤدى إلى العذاب الشديد أو إلى الكفر والفسوق والعصيان. أما صديقى فكل ما حدثنى عنه هو السماحة فى الدين وكل ما يدفعنى إلى الحب والمودة، وحال المحبين والمقربين إلى الله، وكيف أن المحبة هى السبيل الأقرب إلى الله. محبة الله ومحبة رسول الله ومحبة أهل بيته ومحبة الصالحين.
وسرحت فى التأمل حتى أنى تذكرت كيف ساق الله إلى رجلا عجوزا بسيطا ليخبرنى بأن كل ابن آدم منا لازم تلاقى واحد بيسوقه، دا بيسوقه واحد محترم، ودا بيسوقه إبليس، ودا بيسوقه دماغه ... وكيف كان صديقى يتحدث إلى بكلمات بسيطة وكانت لديه دائما حلول لمشاكلى وكنت لا أجد غضاضة فى الاعتراف له بأنى قد عجزت ولم أفهم، ولم يكن ذلك يزيده إلا تواضعا وتبسطا ...
وخرجت من ذلك بأن الصلاح فى الناس ليس له ما يميزه من مظهر أو شكل أو نسك بل هو عمل قلبى لا يتعلق بالمظاهر ولا يرتبط بها بل يملاء الله به عقلك وقلبك فيضفى على صاحبه به حلة من القبول والمودة والمعاملة الطيبة، ويجعل فى قلبه ما يرشده إلى سواء السبيل.
فالحمد لله على عونه وتوفيقه وأسأله أن يديم علينا نعمته وأن يجعلنا أهلا لها ويجعلنا نفهمها ونستوعبها، وأن نؤدى حقها فى حمدها وشكر الله عليها.
أحمد نور الدين عباس


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=777
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد أكتوبر 2013 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد أكتوبر 2013   المجلة عدد أكتوبر 2013 Icon_minitimeالسبت أكتوبر 19, 2013 7:18 pm

النبي

الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم

اعلم يقينا ان الله تبارك وتعالى خلق الخلق وهو أرأف بهم وأشفق وأجود عليهم وأرحم ولذلك فقد خصهم بالرحمة المرسلة اليهم من عنده كى يسعد الخلق بالسير فى منوالها والاقتباس من أنوارها والتخلق بصفاتها والرحمة المرسلة من الحق الى الخلق هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهو أعظم هدية من رب البرية السراج المنير المبعوث رحمة لكل العالمين قال الله تعالى فى حقه ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ الانبياء 107.
أخرج البيهقى عن ابى اسحاق عن امرأة من همدان قالت: حججت مع النبى صلى الله عليه وسلم قلت لها شبهيه -أى صفيه لنا- قالت كالقمر ليلة البدر لم أر قبله ولا بعده مثله .
وأخرج الدارمى والبيهقى والطبرانى وأبو نعيم عن أبى عبيدة قال قلت للربيع بنت معوذ صفى لى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: لو رأيته لقلت الشمس طالعة .
وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم والطبرانى وابن مردويه والبيهقى فى الدلائل عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما فى قوله ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ قال: من آمن تمت له الرحمة فى الدنيا والآخرة ومن لم يؤمن عوفى مما كان يصيب الأمم فى عاجل الدنيا من العذاب من الخسف والمسخ والقذف .
وأخرج مسلم عن سيدنا أبى هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله ادع الله على المشركين. قال (إنى لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة).
وأخرج الطيالسى وأحمد والطبرانى وأبو نعيم فى الدلائل عن أبى أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله بعثنى رحمة للعالمين وهدى للمتقين).
وأخرج البيهقى فى الدلائل عن سيدنا أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما أنا رحمة مهداة).
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله ألا تلعن قريشا بما أتوا إليك؟ فقال (لم أبعث لعانا إنما بعثت رحمة).
وعن سيدنا أبى هريرة رضي الله عنه: أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعينه فى شيء -قال عِكْرِمة: أراه قال: "فى دم" -فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، ثم قال (أحسنت إليك؟) قال الأعرابى: لا ولا أجملت. فغضب بعض المسلمين، وهموا أن يقوموا إليه، فأشار رسول الله إليهم: أن كفوا. فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغ إلى منزله، دعا الأعرابى إلى البيت، فقال له (إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك، فقلت ما قلت) فزاده رسول الله صل شيئا، وقال: (أحسنت إليك؟) فقال الأعرابى: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا. قال النبى صلى الله عليه وسلم (إنك جئتنا تسألنا فأعطيناك، فقلت ما قلت، وفى أنفس أصحابى عليك من ذلك شيء، فإذا جئت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدى، حتى يذهب عن صدورهم). قال: نعم. فلما جاء الأعرابى. قال (إن صاحبكم كان جاءنا فسألنا فأعطيناه، فقال ما قال، وإنا قد دعوناه فأعطيناه فزعم أنه قد رضى، كذلك يا أعرابى؟) قال الأعرابي: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا. فقال النبى صلى الله عليه وسلم (إن مثلى ومثل هذا الأعرابى كمثل رجل كانت له ناقة، فشردت عليه، فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفورا. فقال لهم صاحب الناقة: خلوا بينى وبين ناقتى، فأنا أرفق بها، وأعلم بها. فتوجه إليها وأخذ لها من قَتَام الأرض، ودعاها حتى جاءت واستجابت، وشد عليها رحْلها وإنه لو أطعتكم حيث قال ما قال لدخل النار). رواه البزار.
وروى الرازى بسنده - عن عبد الله بن أبى أوفى قال: خرجت أريد النبى صلى الله عليه وسلم فإذا أبو بكر وعمر معه فجاء صغير فبكى فقال لعمر (ضم الصبى إليك فإنه ضال) فأخذه عمر، فإذا امرأة تولول كاشفة رأسها جزعاً على ابنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أدرك المرأة) فناداها فجاءت فأخذت ولدها وجعلت تبكى والصبى فى حجرها فالتفتت فرأت النبى صلى الله عليه وسلم فاستحيت فقال صلى الله عليه وسلم عند ذلك (أترون هذه رحيمة بولدها؟) قالوا: يا رسول الله كفى بهذه رحمة. فقال (والذى نفسى بيده إن الله أرحم بالمؤمنين من هذه بولدها).
وروى عن بعض الصحابة أنه قال: لقد أحسن الله إلينا كل الاحسان، كنا مشركين، فلو جاءنا رسول الله بهذا الدين جملة، وبالقرآن دفعة لثقلت هذه التكاليف علينا، فما كنا ندخل فى الاسلام، ولكنه دعانا إلى كلمة واحدة، فلما قبلناها وعرفنا حلاوة الايمان، قبلنا ما وراءها كلمة بعد كلمة على سبيل الرفق إلى أن تم الدين وكملت الشريعة.
وعن سيدنا عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صل (إن الله لم يحرم حُرمة إلا وقد علم أنه سيطلعها منكم مُطَّلَع، ألا وإنى آخذ بحجزكم أن تهافتوا فى النار، كتهافت الفراش، أو الذباب). رواه الامام أحمد
وعن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه ملكان، فيما يرى النائم، فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه. فقال الذى عند رجليه للذى عند رأسه: اضرب مثل هذا ومثل أمته. فقال: إن مثله ومثل أمته كمثل قوم سفر انتهوا إلى رأس مفازة فلم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ولا ما يرجعون به، فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجل فى حُلَّة حِبَرَة فقال: أرأيتم إن ورَدت بكم رياضا معشبة، وحياضا رواء تتبعونى؟ فقالوا: نعم. قال: فانطلق بهم، فأوردهم رياضا معشبة، وحياضا رواء، فأكلوا وشربوا وسمنوا، فقال لهم: ألم ألفكم على تلك الحال، فجعلتم لى إن وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رواء أن تتبعونى؟ فقالوا: بلى. قال: فإن بين أيديكم رياضا هى أعشب من هذه، وحياضا هى أروى من هذه، فاتبعونى. فقالت طائفة: صدق، والله لنتبعنه وقالت طائفة: قد رضينا بهذا نقيم عليه. رواه الامام أحمد.
وأخرج ابن أبى حاتم عن عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (جاء جبريل فقال لى: يا محمد إن ربك يقرئك السلام وهذا ملك الجبال قد أرسله الله إليك وأمره أن لا يفعل شيئا إلا بأمرك - فقال له ملك الجبال: إن الله أمرنى أن لا أفعل شيئا إلا بأمرك إن شئت دمدمت عليهم الجبال وإن شئت رميتهم بالحصباء وإن شئت خسفت بهم الأرض. قال (يا ملك الجبال فإنى آتى بهم لعله أن يخرج منهم ذرية يقولون: لا إله إلا الله) فقال ملك الجبال عليه السلام: أنت كما سماك ربك رؤوف رحيم.

وعن المعنى يقول الامام فخرالدين رضي الله عنه:

هُوَ رَحْمَةٌ وَالأُمَّهَاتُ بِهِ اقْتَدَتْ رَبٌّ رَحِيمٌ رَبُّهُ سَمَّاهُ
ابراهيم جعفر


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=778
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد أكتوبر 2013 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد أكتوبر 2013   المجلة عدد أكتوبر 2013 Icon_minitimeالسبت أكتوبر 19, 2013 7:24 pm

خُدعوا

يحاول بعض الناس إما عمداً أو جهلاً أن يخدعوا أنظار المسلمين عما كان عليه السلف الصالح، ويَدّعون معرفتهم، ويتسببون فى حيرة الناس، حتى أنهم ليتسائلون:

هل كل الناس ليس بينهم وبين الله حجاب أو واسطة؟

هذا ما يقوله أصحاب الفكر المريب مستندين الى الآية الكريمة:
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ البقرة 186، ونحن نقول بفضل الله وعونه: دائماً ما يفسر المغرضون الغافلة قلوبهم عن ذكر الله تعالى نصف الآية ويتركون النصف الآخر منها وذلك لتحميل الآية معنى يخدم أغراضهم الشخصية وهذا هو الهوى بعينه الذى نهانا عنه المولى تبارك وتعالى فقال ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ الكهف 28، ومن أمثلة هذا الآية 186 من سورة البقرة فليتهم فهموا حتى النصف الأول منها بل قالوا: أن أى عبد سأل الله تعالى شيئاً كان مجاب الدعوة إما فى الدنيا حالاً أو أجّلت له بعد فترة من الزمن أو أُدخرت له فى الآخرة، وهذه المعانى إذا نسبت لآية أخرى أو حديث آخر صحت ولا شىء فيها ولكن إذ نسبوها إلى الآية التى نحن بصددها فقد جانبهم الصواب.
ثم نجدهم يتشدقون لابثين ثوب العلماء قائلين: أن سندهم هو بعض الآيات الآتية وأُزيد عنها للاعتبار:
1- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِى مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ البقرة 189.
2- ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ البقرة 215.
3- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ﴾ البقرة 217.
4- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ البقرة 219.
5- ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ﴾ المائدة 4.
6- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّى﴾ الأعراف 187.
7- ﴿يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِى عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ﴾ الأعراف 187.
8- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ﴾ الأنفال 1.
9- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾ البقرة 219.
10- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾ البقرة 220.
11- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾ البقرة 22.
12- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى﴾ الإسراء 17.
13- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِى الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ الكهف 83.
14- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّى نَسْفًا﴾ طه 105.
فماذا يقولون؟ يقولون أن المولى تبارك وتعالى يقول لحبيبه صلى الله عليه وسلم عندما يسألونك قل ... قل ... قل ... ولكن فى الآية التى نحن بصددها يقول تعالى ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾، لم يقل: فقل إنى قريب ولكن تولى تبارك وتعالى الإجابة بنفسه وقال ﴿فإنى قريب﴾، وهذا يفيد بأن العبد ليس بينه وبين الله واسطة مدعّين أن أى عبد هكذا لا واسطة بينه وبين ربه وزادوا على ذلك بأن من توسل بأحد أو جعل بينه وبين الله واسطة حتى ولو كان سيد الخلق حبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فإنما يكون بذلك قد أشرك ونقول لهم هذا محض افتراء وهوى رأس وتحريف لمعانى كتاب الله عز وجل وتجرُّء على القرآن بل تجرُّء على الله تعالى أعاذنا الله من هذا كله.
ولكنا نقول وبالله التوفيق: نرد عليهم من كلامكم ببساطة شديدة ومنطق سليم خال من الهوى، إن كان حذف ﴿قل﴾، من الآية يعنى رفع للواسطة وهذا صحيح ولكن ليس عن كل العباد كمايدعون، فرفع الواسطه هنا عن عباد معينين مخصوصين والذين رفع الله من أجلهم قل ثم أنّ ﴿قل﴾ هنا تقال لحبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فيكون صلى الله عليه وسلم عندما يقول له المولى تبارك وتعالى ﴿قل﴾ هو (الواسطة) وبلا جدال ... أليس كذلك؟ نعم هوكذلك، نقول لهم وأين تذهب الآيات التى فيها ﴿قل﴾ لقد رأينا سابقاً ثمان آيات فيها ﴿َيَسْأَلُونَكَ﴾، ﴿قُل﴾ وست آيات فيها ﴿وَيَسْأَلُونَكَ﴾، ﴿قُل﴾ يعنى ذلك أننا أمام أربعة عشرة آية فيها كلمة﴿قُل﴾ والذى فاتهم ولا يتحدثون عنه لأنه لا يخدم أغراضهم أن مجموع الآيات التى ذكر المولى تبارك وتعالى فيها كلمة ﴿قُل﴾ فى القرآن مائتين وسبعين آية بها كلمة ﴿قُل﴾ فليختاروا مايحلوا لهم منها ليقولوا عنها أنها تفيد الواسطة، ألم يمروا على هذه الآيات أم يؤمنون بالبعض ويكفرون بالبعض أم يأخذون منها مايوافق أغراضهم ليضلوا به الجهلاء من هذه الأمّة. مع الاعتذار لمن فاته مانقول ولم يكن مغرضاً إنما اجتهد وهو من العلماء المرخص لهم فى الاجتهاد فأخطأ عن غير عمد أو قصد وذلك إن صح التعبير، ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ يوسف 76، فلماذا لانستمع ونفاضل بين معانى العلماء ونختار الأفضل منها لنرتقى مع الأرقى.
هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى فنعرض لكم من التفاسير تفسير الإمام القشيرى رضي الله عنه حيث يقول: قوله جلّ ذكره:﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾. سؤال كل أحدٍ يدلُّ على حاله؛ لم يسألوا عن حكم ولا عن مخلوق ولا عن دين ولا عن دنيا ولا عن عقبى بل سألوا عنه فقال تعالى ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى﴾. وليس هؤلاء من جملة من قال ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ﴾، ولا من جملة من قال ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى﴾، ولا من جملة من قال ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾، ولا من جملة من قال ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾، ولا من جملة من قال و﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾، و﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾.
هؤلاء قوم مخصوصون ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى﴾، أى إذا سألك عبادى عنى فبماذا تجيبهم؟ ليس هذا الجواب بلسانك يامحمد، فأنت وإنْ كنتَ السفير بيننا وبين الخلْق فهذا الجواب أنا أتولاه ﴿فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾، رَفَعَ الواسطة من الأغيار عن القربة فلم يَقُل قل لهم إنى قريب بل قال جل شأنه ﴿فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾.
ثم بَيَّن أن تلك القربة ما هى: حيث تقدَّس الحقُّ سبحانه عن كل اقتراب بجهة أو ابتعاد بجهة أو اختصاص ببقعة فقال ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ﴾ البقرة 186، وإن الحق سبحانه قريب -من الجملة والكافة- بالعلم والقدرة والسماع والرؤية، وهو قريب من المؤمنين على وجه التبرية والنصرة وإجابة الدعوة، وجلَّ وتقدَّس عن أن يكون قريباً من أحد بالذات والبقعة؛ فإنه أحدى لا يتجهَ فى الأقطار، وعزيز لا يتصف بالكُنْهِ والمقدار.
قوله جلّ ذكره ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ البقرة 186، لم يَعِدْ إجابة من كان باستحقاق زهد أو فى زمان عبادة بل قال دعوة الداعى متى دعانىوكيفما دعانى وحيثما دعانى ثم قال ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى﴾ هذا تكليف، وقوله ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ﴾ تعريف وتخفيف، فقدَّم التخفيف على التكليف، وكأنه قال: إذا دعوتنى عبدى أَجَبْتُك، فأَجِبنِى أيضاً إذا دَعَوْتُك، أنا لا أرضى بِرَدِّ دعائِك فلا تَرْضَ عبدى بردِّى من نفسك. إجابتى لك بالخير تحملك عبدى على دعائى، ولا دعاؤك يحملنى على إجابتك. ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى﴾: وليثقوا فى، فإنى أجيب من دعانى، قال قائلهم:
يا عَزُّ أُقْسِم بالذى أنا عبده وله الحجيج وما حوت عرفات
لا أبتغى بدلاً سِواكِ خليلة فشقِى بقولى والكرامُ ثِقات
ثم قال فى آخر الآية ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ أى ليس القصد من تكليفك ودعائك إلا وصولك إلى إرشادك أ.ه. بوضوح تام قال الإمام القشيرى: هؤلاء قوم مخصوصون. ونقول: هؤلاء اجابتهم فى الحال ونقول أيضاً: لو فهموا النصف الأول من الآية لأراحوا أنفسهم فلو عرفوا أن الياء فى عبادى تفيد النسبة إلى الله تعالى لعرفوا أن هؤلاء عباد الله المنسوبين إلى الله تعالى ثم أنهم لو لم يذهبوا سائلين الرسول صلوات ربى وسلامه عليه لما كانوا قربين من الله تعالى فهؤلاء عباد لا يسألون ولايبحثون إلا عن الله تعالى لذلك كانت الإجابة ﴿فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾، وليس فقط ولكن أجيب دعوة الداعى اذا دعان وهذا هو النصف الثانى من الآية أو بمعنى آخر تكملة الآية الغافلين عنها أو المتغافلين.
وبذلك يتحقق لنا أن من الناس من هو قريب، ومن الناس من هو بعيد بل البعيدين أكثر ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِى الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ الأنعام 116، فالناس درجات فى القرب حسب تقربهم الى الله تعالى أو اصطفائهم ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى﴾البقرة 132، آل عمران 33، ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ الأعراف 206، وفى الحديث عن عبد الكريم بن رشيد أن داود عليه السلام قال: أى رب أين ألقاك؟ قال: تلقانى عند المنكسرة قلوبهم.
فالذين لا يستكبرون عن عبادته عند ربك، وهو سبحانه عند المنكسرة قلوبهم، والعندية عندية مكانة لا مكان.
جعلنا الله ممن قال لهم ﴿فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ آمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محمد مقبول


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=779
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خادمة الحبيب المصطفى




عدد المساهمات : 937
تاريخ التسجيل : 22/10/2012

المجلة عدد أكتوبر 2013 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلة عدد أكتوبر 2013   المجلة عدد أكتوبر 2013 Icon_minitimeالسبت أكتوبر 19, 2013 7:36 pm

الشريعة

مذهب الإمام مالك
كتاب الصلاة
كِتَابُ الصَّلاةِ (ملخص من المدونة)
(كتاب المدونة يعتبر شرح مفصل للمذهب المالكى)


22- باب ماجاء فى الصَّلاةُ خَلْفَ أَهْلِ الصَّلاحِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ، والرَّجُلِ فِى دَارِهِ وَمَنْ لا يُحْسِنَ الْقُرْآنَ:

211- قَالَ مَالِكٌ: يَتَقَدَّمُ الْقَوْمَ أَعْلَمُهُمْ إذَا كَانَتْ حَالَتُهُ حَسَنَةً قَالَ وَإِنَّ لِلسِّنِّ حَقّاً، قَالَ: قُلْتُ لَهُ فَاقْرَأْهُمْ؟ قَالَ: قَدْ يَقْرَأُ مَنْ لا. قَالَ: يُرِيدُ بِقَوْلِهِ مَنْ لا: مَنْ لا يُرْضَى حَالُهُ.
212- وَقَالَ مَالِكٌ: يُقَالُ أَوْلَى بِمُقَدَّمِ الدَّابَّةِ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَأَوْلَى بِالإِمَامَةِ صَاحِبُ الدَّارِ إذَا صَلَّوْا فِى مَنْزِلِهِ إلا أَنْ يَأْذَنَ فِى ذَلِكَ، وَرَأَيْتُهُ يَرَى ذَلِكَ الشَّأْنَ وَيَسْتَحْسِنُهُ.
213- قُلْتُ لابْنِ الْقَاسِمِ فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ صَلَّى وَهُوَ يُحْسِنُ الْقُرْآنَ خَلْفَ مَنْ لا يُحْسِنُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ مَالِكٌ: إذَا صَلَّى الإِمَامُ بِقَوْمٍ فَتَرَكَ الْقِرَاءَةَ انْتَقَضَتْ صَلاتُهُ وَصَلاةُ مَنْ خَلْفَهُ وَأَعَادُوا، وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ. قَالَ: فَذَلِكَ الَّذِى لا يُحْسِنُ الْقُرْآنَ أَشَدُّ عِنْدِى مِنْ هَذَا لأَنَّهُ لا يَنْبَغِى لأَحَدٍ أَنْ يَأْتَمَّ بِمَنْ لا يُحْسِنُ الْقُرْآنَ.
214- قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكاً عَنْ الصَّلاةِ خَلْفَ الإِمَامِ الْقَدَرِى؟ قَالَ: إنْ اسْتَيْقَنْتَ أَنَّهُ قَدَرِى فَلا تُصَلِّ خَلْفَهُ، قَالَ: قُلْتُ: وَلا الْجُمُعَةَ؟ قَالَ: وَلا الْجُمُعَةَ إنْ اسْتَيْقَنْتَ، قَالَ: وَأَرَى إنْ كُنْتَ تَتَّقِيهِ وَتَخَافَهُ عَلَى نَفْسِكَ أَنْ تُصَلِّى مَعَهُ وَتُعِيدَهَا ظُهْراً. قَالَ مَالِكٌ: فَأَهْلُ الأَهْوَاءِ مِثْلُ أَهْلِ الْقَدَرِ.
215- قَالَ: وَرَأَيْتُ مَالِكاً إذَا قِيلَ لَهُ فِى إعَادَةِ الصَّلاةِ خَلْفَ أَهْلِ الْبِدَعِ يَقِفُ وَلا يُجِيبُ فِى ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى فِى ذَلِكَ الإِعَادَةَ فِى الْوَقْتِ.
216- قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ صَلَّى خَلْفَ رَجُلٍ يَقْرَأُ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ؟ قَالَ: يَخْرُجُ وَيَدَعُهُ وَلا يَأْثَمُ بِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ صَلَّى خَلْفَ رَجُلٍ يَقْرَأُ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَلْيَخْرُجْ وَلْيَتْرُكْهُ.
217- وَقَالَ مَالِكٌ: لا يُنْكَحُ أَهْلُ الْبِدَعِ وَلا يُنْكَحُ إلَيْهِمْ وَلا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ وَلا يُصَلَّى خَلْفَهُمْ وَلا تُشْهَدُ جَنَائِزُهُمْ.
218- قُلْتُ: فَهَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ إذَا صَلَّى خَلْفَهُ فِى قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ قَالَ لَنَا يَخْرُجُ فَأَرَى أَنَّهُ يُعِيدُ فِى الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ.

23- ماجاء فِى الصَّلاةُ خَلْفَ السَّكْرَانِ وَالصَّبِى وَالْعَبْدِ وَالأَعْمَى وَالإِمَامِ يُصَلِّى بِغَيْرِ رِدَاءٍ:

219- قَالَ مَالِكٌ: لا يَؤُمُّ السَّكْرَانُ وَمَنْ صَلَّى خَلْفَهُ أَعَادَ.
220- وَقَالَ مَالِكٌ: لا يَؤُمُّ الصَّبِى فِى النَّافِلَةِ لا الرِّجَالَ وَلا النِّسَاءَ.
221- وَقَالَ مَالِكٌ: لا تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ؟
222- وَقَالَ مَالِكٌ فِى الأَعْرَابِى: لا يَؤُمُّ الْمُسَافِرِينَ وَلا الْحَضَرِيِّينَ وَإِنْ كَانَ أَقْرَأَهُمْ.
223- قَالَ وَكِيعٌ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ صَبِيحٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مَعْمَرٍ وَمَعَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأُنَاسٌ مِنْ وُجُوهِ الْفُقَهَاءِ فَمَرَرْنَا بِأَهْلِ مَاءٍ فَحَضَرَتْ الصَّلاةُ فَأَذَّنَ أَعْرَابِى وَأَقَامَ الصَّلاةَ، قَالَ: فَتَقَدَّمَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: مَنْ كَانَ هَهُنَا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلْيُتْمِمْ الصَّلاةَ وَكَرِهَ أَنْ يُؤَمَّ الأَعْرَابِى.
224- وَقَالَ مَالِكٌ: لا يَكُونُ الْعَبْدُ إمَاماً فِى مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ وَلا مَسَاجِدِ الْعَشَائِرِ وَلا الأَعْيَادِ، قَالَ: وَلا يُصَلِّى الْعَبْدُ بِالْقَوْمِ الْجُمُعَةَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ وَأَعَادُوا لأَنَّ الْعَبِيدَ لا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ وَلا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ الْعَبْدُ فِى السَّفَرِ إذَا كَانَ أَقْرَأَهُمْ أَنْ يُؤَمَّ قَوْماً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُتَّخَذَ إمَاماً رَاتِباً.
225- وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدُ الزِّنَا إمَاماً رَاتِباً، وَقَالَ مَالِكٌ: لا بَأْسَ أَنْ يُؤَمَّ الْعَبْدُ فِى رَمَضَانَ النَّافِلَةَ.
226- قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ أَنْ يُؤَمَّ الْخَصِى بِالنَّاسِ فَيَكُونَ إمَاماً رَاتِباً، قَالَ: وَكَانَ عَلَى طَرَسُوسَ خَصِى فَاسْتَخْلَفَ عَلَى النَّاسِ مِنْ يُصَلِّى بِهِمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ مَالِكاً فَأَعْجَبَهُ.
227- وَقَالَ مَالِكٌ: لا بَأْسَ أَنْ يُتَّخَذَ الأَعْمَى إمَاماً رَاتِباً وَقَدْ أَمَّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْمَى وَهُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ.
228- وَقَالَ مَالِكٌ: أَوْلاهُمْ بِالإِمَامَةِ أَفْضَلُهُمْ فِى أَنْفُسِهِمْ إذَا كَانَ هُوَ أَفْقَهَهُمْ قَالَ: وَلِلسِّنِّ حَقٌّ، فَقِيلَ لَهُ فَأَكْثَرُهُمْ قُرْآناً؟ قَالَ قَدْ يَقْرَأُ مَنْ لا، أَى مَنْ لا يَكُونُ فِيهِ خَيْرٌ.
229- وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ لِلإِمَامِ أَنْ يُصَلِّى بِغَيْرِ رِدَاءٍ إلا أَنْ يَكُونَ إمَامَ قَوْمٍ فِى سَفَرٍ أَوْ رَجُلاً أَمَّ قَوْماً فِى صَلاةِ فِى مَوْضِعٍ اجْتَمَعُوا فِيهِ أَوْ فِى دَارِهِ، فَأَمَّا إمَامُ مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ أَوْ مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ فَأَكْرَهُ ذَلِكَ وَأَحَبُّ إلَى أَنْ لَوْ جَعَلَ عِمَامَةً عَلَى عَاتِقِهِ إذَا كَانَ مُسَافِراً أَوْ صَلَّى فِى دَارِهِ.
230- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَالِحٍ يَذْكُرُ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ النَّبِى صلى الله عليه وسلم قَالَ (فَلْيَؤُمَّهُمْ أَفْقَهُهُمْ)، قَالَ: فَذَلِكَ أَمِيرٌ أَمَرَّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَدْ كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الأَنْصَارِ فِى مَسْجِدِ قُبَاءَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو سَلَمَةَ وَزَيْدٌ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ مَالِكٌ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَهْلُ الصَّلاحِ وَالْفَضْلِ مِنْهُمْ.
231- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَلِى بْنِ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَؤُمَّ الْغُلامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ.
232- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ مَوْلًى لِبَنِى هَاشِمٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عَلِى بْنِ أَبِى طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: لا تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ.
233- وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِى: لا تَؤُمُّ فِى الْفَرِيضَةِ وَقَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنُ شِهَابٍ.
234- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: لا يُؤَمُّ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ، وَقَالَهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ.
235- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: إنَّ رَجُلاً كَانَ لا يَعْرِفُ وَلَدَهُ كَانَ يَؤُمُّ قَوْماً بِالْعَقِيقِ فَنَهَاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
236- قَالَ وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا مُدَبَّرٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ ذَكْوَانُ أَبُو عَمْرٍو.
عبدالستار الفقي


المصدر
http://newdesign.almagalla.info/NewsInfo.aspx?id=780
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المجلة عدد أكتوبر 2013
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المجلة عدد مارس 2013
» المجلة عدد إبريل 2013
» المجلة عدد مايو 2013
» المجلة عدد يونيو 2013
» المجلة عدد يوليو 2013

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
!¨°o:[[ منتديات القـصـــــــــــــواء]]: o°¨! :: ! الدين الاسلامي القويم ! :: المجلة الاعداد الشهرية - almagalla issue-
انتقل الى: